بيشوى رمزى

أوكرانيا والمناخ.. واستثنائية "كوب 27" فى شرم الشيخ

الثلاثاء، 16 أغسطس 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع اندلاع الأزمة الأوكرانية، وما تحمله من تداعيات كبيرة على قطاعات بعينها، والمرتبطة بأمن الغذاء والطاقة، فى العديد من مناطق العالم، تحول الاهتمام العالمى فعليا عن العديد من القضايا الأخرى، التى كانت على رأس الأجندة العالمية، خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها ظاهرة التغيرات المناخية، فى ظل حقيقة مفادها أن عودة الصراع الدولى، بين الولايات المتحدة وروسيا، على الأراضى الأوكرانية، يحمل تأثيرات فورية ووقتية، خاصة وأن العالم مازال لم يتعافى حتى الآن من صدمة الوباء، وما تركه من تداعيات نتيجة سياسات الإغلاق وغيرا من الإجراءات الاحترازية التى حرصت كافة الدول على الالتزام بها، وبالتالى فينبغى أن تكون الأولوية للتعامل مع أولوياته، وهى الرؤية التى تبدو تقليدية إلى حد بعيد فى إدارة الأزمات، عبر التعامل أولا مع الأزمات ذات التأثير القريب، بينما تصبح الأزمات الأخرى، متوسطة أو بعيدة الأثر بمثابة "أولوية" مؤجلة.

ولعل الحديث عن أزمة المناخ كـ"أولوية" مؤجلة، قد شهد العديد من المراحل، منذ بداية الألفية، بدءً من حالة الصراع بين دول العالم، حول فكرة الالتزام بتقليل الانبعاثات، مرورا بالتحول فى مواقف بعض القوى الدولية الكبرى تجاه القضية برمتها، على غرار الولايات المتحدة التى آثرت الانسحاب من اتفاقية باريس، إبان عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، فى إشارة دامغة لأولوية "التنمية" على حساب المناخ، وإن كانت الأمور قد عادت إلى نصابها، على الأقل شكليا، مع صعود خليفته جو بايدن إلى سدة "البيت الأبيض"، بالعودة إلى الاتفاق صبيحة تنصيبه، وتعيين مبعوث خاص للمناخ، وهو الدبلوماسى المخضرم جون كيرى، والذى سبق وأن تولى حقيبة وزارة الخارجية الأمريكية، خلال الفترة الثانية من حقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وتعد الأزمة الأوكرانية، وما ورائها من صراع بين الشرق والغرب، بمثابة ذريعة أخرى منطقية، وملحة، إلى تأجيل، أو بالأحرى تجميد جديد لملف المناخ، فى ظل تقاطعهما المباشر فى العديد من القضايا المثارة حاليا على الساحة الدولية، على غرار نقص إمدادات الغاز الروسى، لدول أوروبا الغربية، والتى دفعت بعض الدول إلى اللجوء إلى الفحم، خاصة مع اقتراب الشتاء، وهو ما يساهم فى التراجع لخطوات أخرى إلى الوراء، ناهيك عن أزمة عامة فى قطاع الطاقة العالمى، بالإضافة إلى مخاوف مرتبطة بالأمن الغذائى، وكذلك التراجع الاقتصادى العالمى، وهى الأمور التى من شأنها دفع كافة دول العالم إلى التركيز على البعد التنموى، ومنحه الأولوية مجددا على حساب الجانب البيئى، ولو مرحليا، حتى تجاوز الأزمة.

إلا أن الواقع الدولى، ربما لم يتعاطى مع تلك الرؤية، فى ظل معطيات أخرى تزامنت مع الأزمة الأوكرانية، فوضعت قضية المناخ، على نفس الدرجة من الخطر، جراء حرائق، ضربت دول أوروبا، جراء ارتفاعات استثنائية فى درجات الحرارة، تجاوزت فى تداعياتها تأثير القصف المتبادل بين موسكو كييف، بينما بات انحسار مياه الأنهار، فى عدد من دول القارة بمثابة "جرس إنذار" خطير، حول نشوب موجة من الجفاف، ربما يدفع دول العالم المتقدم إلى تقديم المزيد من التنازلات، من أجل البقاء، قبلما تلتهمهم الطبيعة "الغاضبة"، إثر إهمال بشرى دام لسنوات، تزامنا مع أزمات أخرى باتت مواجهتها حتمية، إثر الصراع الذى انطلق فى أوكرانيا، وربما يمتد إلى مناطق أخرى، وما سوف يحمله من تداعيات كبيرة، فى حالة أشبه بـ"التحالف" بين الأزمات فى مواجهة عالم يبدو متفككا!

وهنا تتجلى استثنائية الأزمة الأوكرانية، فى كونها أضافت المزيد من الزخم إلى قضية المناخ، وليس كما كان عليه الحال من قبل، عندما كانت الأزمات، أو حتى الطموحات التنموية، تطغى فى معظم الأحيان على الالتزامات المرتبطة بمسألة تقليل الانبعاثات الحرارية، وهو ما اتضح فى موقف الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، عندما انسحب من اتفاقية باريس، قبل سنوات قليلة، من أجل مواصلة النمو الاقتصادى، لتحقيق المزيد من المكاسب، فى معاركه السياسية.

الزخم الذى أضافته الأزمة الأوكرانية على قضية المناخ، فى هذا التوقيت، يحمل انعكاسات كبيرة على القمة المرتقبة فى شرم الشيخ فى شهر نوفمبر المقبل، والتى تمثل خطوة مهمة على طريق الحرب التى يخوضها العالم، فى مواجهة "الطبيعة"، فى ظل تداعيات كبيرة قد تأكل الأخضر واليابس حال الفشل الدولى فى احتوائها.

وهنا يمكننا القول بأن قمة المناخ فى شرم الشيخ، تبدو مفصلية وحاسمة، ليس فقط فيما يتعلق بتضييق فجوة الخلاف بين الدول، وإنما الأهم من ذلك فى تحقيق اختراق كبير فى مواجهة ما يمكننا تسميته "فك تحالف" الأزمات، التى باتت تواجه العالم، عبر تبنى مواقف موحدة، لا تعتمد نهجا أنانيا، بينما تعطى الأولوية للمصلحة العامة لكافة أطراف المعادلة الدولية، بعيدا عن موازين القوى التقليدية، خاصة وأن الدول ذات الثقل، كما يبدو فى الآونة الأخيرة، أصبحت فى مواقف أكثر خطورة، سواء بسبب اقترابها من دائرة الصراع التقليدى (الأزمة الأوكرانية)، أو تأثرها المباشر من أثار الصراع مع الطبيعة (التغيرات المناخية).










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة