سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 1 إبريل 1907..إعفاء اللورد كرومر «المعتمد البريطانى» بسبب جريمة دنشواى بعد 24 عاما من حكمه المطلق لمصر.. ومصطفى كامل على لسان الفلاحين فى القرى

الخميس، 01 أبريل 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 1 إبريل 1907..إعفاء اللورد كرومر «المعتمد البريطانى» بسبب جريمة دنشواى بعد 24 عاما من حكمه المطلق لمصر.. ومصطفى كامل على لسان الفلاحين فى القرى كرومر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الحركة الوطنية المصرية، بعد هزيمة الثورة العرابية عام 1882، التى أسفرت عن الاحتلال الإنجليزى لمصر، تحتاج إلى انتصار يقربها من أمل استقلال البلاد، حتى جاء يوم 1 إبريل، مثل هذا اليوم، 1907 فشعر المصريون بأنهم يحققون نصرا يقوده زعيمهم مصطفى كامل، وذلك بإجبار الحكومة البريطانية على إعفاء اللورد كرومر معتمدها فى حكم مصر، بسبب جريمة دنشواى «13 يونيو 1906» التى شهدت شنق أربعة فلاحين وسجن 12 آخرين مع الأشغال الشاقة، وجلد آخرين، وتم تنفيذ الشنق والجلد وسط القرية أمام أهلها إمعانا فى الإذلال، وبعد محاكمة ظالمة بسبب مقتل ضابط إنجليزى، وجرح آخرين عند اصطيادهم الحمام فى قرية دنشواى بالمنوفية.
 
استثمر مصطفى كامل، كرمز للحركة الوطنية المصرية، هذه الجريمة لفضح سياسة الاحتلال، يذكر فتحى رضوان، فى كتابه «مصطفى كامل»: «أن الزعيم الوطنى استطاع بأسلوبه ومثابرته ونشاطه، أن يظهر هذا العمل بصورة أفزعت الرأى العام العالمى، وأربكت الرأى العام البريطانى، وأشعرت المصريين بأن زعيمهم وضع الاحتلال البريطانى فى قفص الاتهام، ووقف أمامه يندد به، ويكيل له الضربات، ويصفه بأقبح النعوت».
 
 يضيف «رضوان»: «كان الأثر الأول لهذه الحملة الناجحة، أن ما كان يقال عن انفصال الريف عن القاهرة، واقتصار حركة مصطفى كامل على المدن الكبرى وحدها سقط نهائيا، فاسم مصطفى كامل كان على لسان الفلاحين فى قراهم وعلى مصاطبهم قبل حادثة دنشواى، وجاءت هذه الحادثة مجرد تأكيد للعلاقة والارتباط بين الزعيم الشاب وأهله فى القرى، وعلى شطوط الترع والمساقى، وفوق النوارج والمحاريث، وانطلق الشعر الشعبى ينظم أزجالا ومواويل يبكى فيها ضحايا دنشواى ويشيد بمصطفى باشا وبوقفاته». 
 
يؤكد عبدالرحمن الرافعى، فى كتابه «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية»: «كان استعفاء اللورد كرومر انتصار كبيرا للحركة الوطنية فى مصر منذ تعيينه سنة 1883، وظل يشغل هذا المركز 24 سنة، كان خلالها الحاكم المطلق لمصر»، يضيف «الرافعى»: «كان الاحتلال قبل هذه الحادثة مطمئنا إلى ثقة السواد الأعظم من المزارعين والأعيان فى عدله وإنصافه، حتى أن كرومر كان يعتز بأنه مؤيد من أصحاب الجلاليب الزرقاء، يقصد الفلاحين، ولكن حادثة دنشواى كشفت عن حقيقة نيات الاحتلال، وهى أنه لا يرضيه من المصرى سوى الخضوع والاستسلام، ولا يرضى منه أن يشعر يوما بالعزة والكرامة، وإذا تحرك فيه هذا الشعور كان جزاؤه الظلم والتنكيل، فالحادثة إذن حببت الاستقلال إلى نفوس المصريين، وجعلتهم يعتقدون أن لا كرامة للأمة ولا لأى فرد منها إلا فى ظل الاستقلال».
فى جريدة «اللواء» كتب مصطفى كامل يوم 12 أبريل 1907، مقالا أبرز فيه خلاصة تاريخ كرومر فى مصر، قائلا: «ماذا نذكر من سياسة اللورد كرومر وخطته فى مصر؟ نذكر أنه الضارب لعرش الخديوية بيد من حديد، نذكر أنه الذى فتح السودان برجالنا وأموالنا ثم جردنا من كل حق، نذكر أنه الذى سلب الحكومة المصرية والوزارة الأهلية كل وجود ونفوذ وحياة، نذكر أنه الذى حرم الفقراء من التعليم فى مدارس الحكومة، وحارب اللغة العربية، نذكر أنه الذى قرب الذين يضحون بأشرف العواطف لخدمة المطامع الذاتية، نذكر أنه الذى رمى المصريين بكل جهل وتقصير، وأعلن للملأ وجوب سيادة الإنجليزى على المصرى، نذكر أنه الذى عمل ما فى وسعه لمقاومة المطالب الوطنية، وإنكار كفاءة الأمة واستعدادها لنيل الحقوق النيابية، نذكر أنه الذى سعى لقتل العواطف الوطنية بالمال، وظن أن الثروة وحدها كافية لإرضاء وشراء ضمائر شعب».
 
لم ينهِ إعفاء «كرومر» احتلال مصر، وبدا كأنه امتصاص للغضب من جريمة دنشواى، لكنه كان جولة فتحت الأفق أمام جولات أخرى راكمت غضب المصريين وزادتهم إصرارا على الاستقلال، وحسب أحمد شفيق باشا، رئيس ديوان الخديو عباس الثانى، الذى جرت هذه الأحداث فى عهده: «عرف الإنجليز أن نفوذهم الذى عمل اللورد كرومر على تقويته وتدعيمه، منذ تعيينه ممثلا لإنجلترا خلفا للسير إدوارد مالت، سنة 1883، بدأ يتضاءل، ويضعف على يد كرومر نفسه بسبب أخطائه الأخيرة، لا سيما فى ما يختص بحادثة دنشواى التى صدعت من هيبتهم فى نظر أوروبا كلها، ولما أحدثته هذه السياسة الغاشمة من رد الفعل وتقوية النزعة الوطنية، وتنبه الأفكار بين عامة الشعب، عندئذ رأت إنجلترا أن تضحى بفرد هو كرومر، على أن تضحى بمصالحها العامة، فقررت تعيين السير الدون معتمدا بريطانيا خلفا له، ووضعت سياسة جديدة تقوم على اجتذاب الخديو  عباس حلمى الثانى إلى جانب إنجلترا، واستمالة الأحزاب الوطنية التى كانت تتمخض عن الظهور».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة