سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 سبتمبر 1882.. عبدالله نديم يودع والده فى ساحل بولاق ويوصيه بالدعاء له.. ويبدأ سنوات اختفائه من دار صديقه

الأحد، 16 سبتمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 سبتمبر 1882.. عبدالله نديم يودع والده فى ساحل بولاق ويوصيه بالدعاء له.. ويبدأ سنوات اختفائه من دار صديقه عبدالله نديم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حمل الوفد المسافر إلى الإسكندرية عريضة خضوع قادة الثورة العرابية لتقديمها للخديو توفيق «راجع- ذات يوم 15 سبتمبر 2018»، وحسب كتاب «الثورة العرابية بعد خمسين عاما» بقلم «داود بركات»، وكتاب «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى» لعبدالرحمن الرافعى، فإن عبدالله نديم هو من بدأ مشروع كتابتها، وملأها بالطعن والسباب فى الإنجليز، وشرح ما وقع، ولم يذكر كلمة عن عرابى وإخوانه وأخطائهم، فلم تعجب المجلس العمومى، وقام بطرس باشا غالى وكيل الحقانية بإملائها، وكلفه المجلس بحملها للخديو.
 
فى كفر الدوار تلقى الوفد المسافر تلغرافا بانتظار نديم، الذى حمل إليهم عريضة جديدة لا تحتوى على ضعف العريضة الأولى، لكنهم لم يأخذوا بها، وأمر الخديو بالقبض على عضوى الوفد «على باشا الروبى»، و«يعقوب باشا سامى»، حسب تأكيد الرافعى، مضيفا: «عاد النديم واختفى عن الأنظار»، ويؤكد الدكتور على الحديدى فى كتابه «عبدالله النديم خطيب الوطنية»: «عاد ليبدأ صفحة جديدة، تدل على نبوغ آخر وعبقرية جديدة.. قررالاختفاء أملا فى أن يسافر إلى دمياط، لينضم إلى قائد حاميتها عبدالعال حلمى الذى لم يستسلم بل أعلن المقاومة».
 
يذكر «أحمد أفندى سمير» صديق «نديم»«الحميم فى الجزء الأول من «سلافة النديم»: «لما أصبح الصباح» 16 سبتمبر 1882 «بكرت إلى دار نديم فوجدتها مقفرة من ساكنيها، أمست خلاء وأمسى أهلها، فسألت عن الخبر، فقيل لى إنه عاد من كفر الدوار فى الساعة الرابعة بعد نصف الليل «16 سبتمبر، مثل هذا اليوم 1882» ثم اختفى ووالده مصباح وخادمه، ولم أعد أسمع عنه شيئا بالمرة مدة عشر سنين متوالية، أمضيت بعضها فى مصر، وبعضها فى القسطنطنية وأوروبا، ونقل إلى كثير من الناس أنه قبض عليه، عقب اختفائه وقتل خنقا بسجن دمنهور، وأكد لى ذلك اعتقادى أنه لو كان حيا لراسلنى، وأنا بعيد عن القطر المصرى، حيث لاخوف من رقيب، إلا أننى تبينت بعد ظهوره أننى كنت مخطئا».
 
يكشف «سمير»: «سمعت من لفظه أنه لما عاد من كفر الدوار خرج هو وأبوه «مصباح» وخادمه «حسين محمد» إلى ساحل بولاق ثم ودعه أبوه، بعد أن أوصاه أن يدعو الله كلما وقع فى خطر، واستقل مصباح مركبا إلى الإسكندرية هربا من الاضطهاد، وكر نديم راجعا هو وخادمه إلى دار صديق له يسمى الشيخ مصطفى ببولاق، وظل بها مختفيا عشرة أيام، تمكن خلالها من استحضار ثوب من الصوف المصرى الأحمر المعروف بالزعبوط فلبسه، وتعمم بعمامة حمراء ووضع على عينيه غطاء، وأمسك بيده عكازة طويلة وخرج، وكانت لحيته قد طالت فأرسلها إلى صدره حتى صار لا يعرفه أدنى الناس إليه، ومشى هو وخادمه ليلا إلى الساحل، فوجدا سفينة مقلعة إلى بنها فركباها، وتظاهر بأنه من مشايخ الطرق الريفيين، فاستضافه ملاحوها تبركا به فركبها هو وخادمه، وقبل أن تصل السفينة إلى بنها علم أن الكوبرى بها مغلق على غير العادة، وفكر وأعمل بديهيته فأدرك بإحساسه الداخلى أن إغلاقه فى غير موعده إنما قصد به حجز المراكب حتى يتسنى لرجال البوليس تفتيشها، فأخذ يتمتم على حبات المسبحة، ويذكر الله بصوت مرتفع زيادة فى التنكر، ونزل رجال البوليس إلى السفينة وفتشوها، وسألوا ملاحيها عن عبدالله النديم، فنفوا علمهم به أو رؤيتهم له، ولم يتعرفوا عليه وهو على بعد خطوات منهم».
 
بعد انصرافهم، انتقل إلى سفينة أخرى فى الجانب الآخر من الكوبرى متجهة إلى دمياط، حسبما يذكر «الحديدى»، مضيفا: «فى طريقه علم من الصحف أن حامية دمياط سلمت، فنزل إلى «ميت النصارى»، وفى الصباح ركب مركبا آخر إلى المنصورة، ومكث مع خادمه فى مسجدها ثلاثة أيام، يستضيفهما الناس ويرسلون إليهما الطعام تبركا بشيخ الطريقة الصوفى، ثم واصلا السفر برا حتى وصلا إلى «منية الغرقى»، ولم يكن ينوى الإقامة طويلا، ونزل عند صديق له عالم أزهرى ذى مكانة فى القرية فآواه وخبأه، وكان بالقرية الشيخ شحاتة القصبى من مشايخ الطريقة الصوفية الصاوية، وكان ذا نفوذ واسع فى المنطقة، وكان النديم أخذ عليه أيام طوافه بالبلاد عهدا من مريديه، وأرسل نديم إليه يخبره بمخبئه وعزمه على الهرب إلى الشام، فمنعه من الخروج وأمره بالتستر حتى يقضى الله بالفرج، وأشرف الشيخ القصبى وصديق العالم الأزهرى على إخفاء نديم».
 
كان خادمه أول مشكلاته، ويصفه «أحمد أفندى سمير»: «كان أميا أجهل من دابة»، ويؤكد: «بكى وانتحب عقب اختفائهما بأيام قلائل، وطلب الرجوع إلى أهله، فخشى نديم أن يفتضح به أمره، فجاء بالجريدة الرسمية ونظر فيها، فأظهر الجزع والتأسف، وضرب كفا بكف، فسأله الخادم عن السبب، فقال إن الحكومة جعلت لمن يرشد عنى ألف جنيه، ولمن أتاها برأسك خمسة آلاف، فخاف الخادم، وأخذ يبالغ فى التنكر زيادة عن سيده، وكان ذلك سببا فى ملازمته مدة اختفائه».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة