قرأت لك.. المسلمون بين الخطاب الدينى والخطاب الإلهى.. من هنا تأتى الطائفية

الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017 07:00 ص
قرأت لك.. المسلمون بين الخطاب الدينى والخطاب الإلهى.. من هنا تأتى الطائفية غلاف الكتاب
كتب كامل كامل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صدر حديثا كتاب مهم للشأن للعام فى الأوطان الإسلامية، لأنه يناقش قضية مهمة جدا تمثل إشكالية نعانى منها فى واقعنا الراهن، والكتاب عنوانه "المسلمون بين الخطاب الدينى والخطاب الإلهى" للباحث الإماراتى على محمد الشرفاء الحمادى، والقضية التى يناقشها هى الخلط بين الدينى والإلهى.

 

وفى قراءته للكتاب الصادر عن "النخبة" للنشر والطباعة، يقول الدكتور حسن حماد، أستاذ الفلسفة والعميد الأسبق لكلية آداب الزقازيق، وتحت عنوان "الخطاب الدينى والخطاب الإلهى" يقول: تشهد الساحة العربية والدولية فى الآونة الآخيرة أحداثاً إرهابية ودموية مروعة تُمارس باسم الإسلام، وصراعات طائفية وإسلامية بين السنة والشيعة، وربما بين السنة والسنة، فسلاح المسلمين لم يعد موجهاً لصدور الأعداء، وإنما أصبح مصوباً لقلوب المسلمين أنفسهم!.

 

وقد أدت هذه الأحداث المروعة إلى ضرورة مراجعة التراث الدينى الإسلامى، والتنقيب عن الأسباب الخفية التى تدفع بجماعة مارقة مثل داعش إلى ممارسة كل هذا الكم من القتل والإرهاب والإرعاب وترويع الآمنين وقتل النساء والأطفال الأبرياء تحت راية الإله. تُرى ما الذى يدفع إرهابيا موتوراً إلى تفجير نفسه فى حافلة تمتلئ بالركاب المدنيين، أو يقوم بذبح أطفال صغار لا حول لهم ولا قوة ولا ذنب لهم سوى أنهم ينتمون للمسيحية أو للطائفة الشيعية!.

 

إن هذه الأحداث وغيرها أدت بالكثير من الباحثين إلى القول بضرورة مراجعة الخطاب الدينى وتغييره وتجديده وتحريره من النصوص والروايات والتفاسير الفقهية التى تبرر كل هذا الكم من فائض العنف والإرهاب الذى أصبح عنواناً للخطاب الإسلامى المعاصر، وفى هذا السياق تجىء محاولة الباحث "على محمد الشرفاء الحمادى" فى كتابه "المسلمون بين الخطاب الدينى والخطاب الإلهى" والصادر هذا العام عن دار النخبة للنشر والتوزيع.

 

وبداية يفرق الباحث بين نوعين من الخطاب: الخطاب الدينى، ويقصد به كل النصوص التى أضيفت للسردية المقدسة الأصلية، ونعنى بها القرآن الكريم، أو بعبارة أكثر بساطة يقصد من الخطاب الدينى: التراث الدينى المتراكم بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حتى الآن، وهذا التراث فى حقيقة الأمر تراثاً إنسانياً تم أسطرته، أو تحويله إلى أسطورة، ومن ثمَّ إلى مقدس، أما ما يقصده الباحث بالخطاب الإلهى، فهو النص المؤسس للدين الإسلامى وهو القرآن الكريم.

 

ويبذل الباحث فى هذه الدراسة جهداً كبيراً من أجل الدفاع عن هذا النص المؤسس وتبرئته من كل ما نُسب إليه من اتهامات باطلة مثل: معاداة العلم، التعصب، العنف، الجمود، كراهية الآخر، النزعة القتالية، اضطهاد المرأة.. إلخ.

 

وفى سبيل الوصول إلى هذا الهدف يقدم الباحث قراءة منفتحة ومتحررة من الأطر التقليدية ذات النزعة الأحادية، مؤكداً فى كل صفحة من صفحات كتابه أن القرآن لم يكن أبداً لاهوتياً، ولم يؤسس لأى نزعة لاهوتية، وإنما هو رسالة، رسالة هدفها تحرير الإنسان من الظلم والجهل والعبودية والأنانية، رسالة تؤكد وتؤسس لمعانى سامية ونبيلة مثل: الحب والتسامح والعدل والعقلانية وقبول الآخر ونشر السلام والسعى للمعرفة والعلم والإبداع والنزعة الإنسانية أو احترام الإنسان لذاته بوصفه خليفة الله فى الأرض.

 

ويرى الباحث أن الرجوع إلى النص القرآنى بوصفه المرجعية الأساسية والوحيدة للمسلمين هو الحل للخروج من المأزق الذى وضعتنا فيه المرجعيات والتفسيرات التى وضعها علماء الحديث والفقهاء، والتى كانت سبباً فى طمس الوجه المشرق للإسلام وتشويه صورته السمحاء، وفى هذا الصدد يرى الباحث أن المسلمين اليوم ليس أمامهم سوى طريقين لا ثالث لهما: إما أن نؤمن بالله الواحد الأحد وبكتابه القرآن الكريم هادياً ومرشداً لنا.. وإما أن نتبع الروايات التى روج لها ممن يسمون أنفسهم بعلماء الدين، وعلماء الحديث، وشيوخ الإسلام وأقحموها فى قناعات المسلمين وفى معتقداتهم، فكانت سبباً فى تفرقهم وتشرذمهم فرقاً وشيعاً وأحزاباً يكفر بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم البعض الآخر.

 

ويستدل الباحث بآيات من القرآن الكريم تؤكد رؤيته فى أن النص القرآنى هو المرجعية التى ينبغى للمسلمين أن يحتكموا لها فى حياتهم، وفى معاشهم كما فى قوله تعالى: "تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون" (الجاثية 6)، بل إن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - يشتكى المسلمين إلى الله لأنهم هجروا القرآن وابتعدوا عن الطريق القويم.. يقول تعالى: "وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا" (لفرقان 30).

 

وينتهى على محمد الشرفاء الحمادى فى كتابه إلى نتيجة مهمة، وهى أن الخطاب الإلهى هو المقدس الأوحد، هو خطاب للأحياء وليس للأموات أو للماضى، وهذا معناه أنه خطاب متجدد ومتفاعل مع واقع الحياة الإنسانية المتغيرة المتجددة، أو كما يقول فى خاتمة دراسته: "وبهذا يكون الخطاب ليس خطاباً للأموات، ولا هو للأمم السابقة، بل هو خطاب للأحياء الذين يتلون كتاب الله، ويستمعون إليه ويتفاعلون مع نصوصه، كى تتحقق الصلة بين الله وعباده بحبل من الله يمتد من الأرض إلى السماء، ولن يحدث ذلك الاتصال إلا من خلال الالتزام بتعاليم القرآن الكريم ".

 

إن القراءة التى يقدمها على محمد الشرفاء للقرآن الكريم هى محاولة جريئة، وجديدة، وجديرة بالتأمل والدراسة، وأهميتها تنبع من أنها تفتح الباب أمام المزيد من القراءات، والتأويلات التى تحرر النص من هيمنة التفسيرات الأحادية والشكلانية التى صادرت النص لحسابها، وساعدت على اختطافه وسرقته من قبل التيارات التكفيرية، والإرهابية الظلامية.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة