سعيد الشحات يكتب: ذات يوم ..5 ديسمبر 1798 «الجبرتى» يسجل معجزات يوم للفرنسيين فى القاهرة.. و«حقى» يعتبره «من أهم أيام مصر الحديثة»

الثلاثاء، 05 ديسمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم ..5 ديسمبر 1798 «الجبرتى» يسجل معجزات يوم للفرنسيين فى القاهرة.. و«حقى» يعتبره «من أهم أيام مصر الحديثة» يحيى حقى ونابليون بونابرت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خرج «الجبرتى» ليشاهد ما يفعله الفرنسيون بالقاهرة يوم 5 ديسمبر «مثل هذا اليوم»، 1798، وسجل ما رآه فى مؤلفه «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، فرأى الكاتب الروائى يحيى حقى هذا اليوم «من أهم أيام مصر الحديثة»، حسب كتابه «صفحات من تاريخ مصر»، إعداد ومراجعة فؤاد داورة عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة».  
 
وصلت الحملة الفرنسية إلى الإسكندرية يوم 2 يوليو 1798 لاحتلالنا، إلا أن «حقى» يرى وجهها الآخر «صدمة عنيفة لمصر، فقائدها نابليون جاء بفكرة مبتكرة بسيطة فى فن الحرب.. جنود منتظمون تحت قيادة ضباط مدربين يصطفون على هيئة مربعات، والمدافع مقامة على الزوايا، فإذا بهذه الفكرة تحرق فرسان الشرق كالهشيم.. لم تطل معركة شبراخيت أكثر من ربع ساعة، وموقعة الأهرام أكثر من ثلاثة أرباع الساعة، وانهزمت شجاعة الشجعان أمام تفوق الآلة والتكنيك الحربى الحديث، فطويت إلى الأبد صفحة فنون الشرق فى الحرب».
 
يؤكد «حقى» أن نابليون جاء أيضًا بعلماء فى الرياضة والفلك، والميكانيكا والطبيعة والكيمياء، وطبقات الأرض والمعادن، والنبات والحيوان، والطب والجراحة والصيدلة، والاقتصاد السياسى، والعاديات والآثار، وهندسة المعمار، والتصوير والرسم، وهندسة الرى والقناطر والطرق، والهندسة الجغرافية والبحرية، وهندسة الآلات الرياضية وصناعة الساعات، والنقش والحفر، والآداب والموسيقى والترجمة والطباعة، ويقطع: «كان لا مفر من أن تستيقظ مصر، وتتأمل هذا العلم الحديث الذى جاء به هذا الغاصب»، ويضيف: «من حسن الحظ كان يعيش الجبرتى، مؤرخ مصر العظيم، فنقل مشاهداته اليومية ومنها 5 ديسمبر، وكان هدم المبانى لشق طرق حديثة فى قلب العاصمة أولها»، وعنه يكتب «الجبرتى»: «فعلوا هذا الشغل الكبير والفعل العظيم فى أقرب زمن، كانوا يصرفون الرجال من بعد الظهيرة، ويستعينون فى الأشغال وسرعة العمل بالآلات القريبة المأخذ، السهلة التناول، المساعدة فى العمل وقلة الكلفة، كانوا يجعلون بدل الغلقان والقصاع عربات صغيرة، يداها ممتدتان من خلف، يملؤها الفاعل ترابًا أو طينًا أو حجارة من مقدمها بسهولة، بحيث تسع مقدار خمسة غلقان، ثم يقبض بيديه على خشبتيها المذكورتين ويدفعها أمامه فتجرى على عجلتها بأدنى مساعدة إلى محل العمل، فيميلها بإحدى يديه، ويفرغ ما فيها من غير تعب ولا مشقة، وكذلك لهم فؤوس وقزم محكمة الصنعة، متقنة الوضع، وغالبًا الصناع من جنسهم، ولا يقطعون الأحجار والأخشاب إلا بالطرق الهندسية على الزوايا القائمة والخطوط المستقيمة»، ويعلق «حقى»: «هكذا كانت تعيش مصر فى عالمها المقفل إلى حد أن عربة نقل صغيرة بعجلة أمامية واحدة بدت للجبرتى وكأنها معجزة شيطانية».
 
وذهب «الجبرتى» إلى المجمع العلمى الفرنسى، وحسب «حقى»: «شاهد مكتبته ووسائل تيسيره للعلم على طلابه، وحضر بعض التجارب الكيميائية والطبيعية التى هى أشبه بألعاب السحرة، ثم عاد لداره ووصف ما شاهده بدهشة طفل ساذج»، يقول «الجبرتى»: «من أغرب ما رأيته فى ذلك المكان أن بعض المقيمين به أخذ زجاجة من الزجاجات الموضوع فيها بعض المياه المستخرجة، صب منها شيئًا فى كأس، ثم صب عليها شيئًا من زجاجة أخرى، فغلى الماءان وصعد منهما دخان ملون، حتى انقطع وجف ما فى الكأس، وصار حجرًا أصفر فقلبه على البرجات حجرًا يابسًا أخذناه بأيدينا ونظرناه، ثم فعل كذلك بمياه أخرى فجمد حجرًا أزرق، وبأخرى فجمد حجرًا أحمر ياقوتيًا، وأخذ مرة شيئا قليلًا جدًا من غبار أبيض ووضعه على السندان وضربه بمطرقة بلطف، فخرج له صوت هائل كصوت القرابانة «البندقية».
 
يواصل «الجبرتى»: «أخذ منا زجاجة فارغة مستطيلة فى مقدار الشبر، ضيقة الفم، فغمسها فى ماء قراح موضوع فى صندوق من الخشب مصفح الداخل بالرصاص، وأدخل معها أخرى على غير هيئتها وأنزلهما فى الماء وصعدهما بحركة انحبس بها الهواء فى إحداهما، وأتى آخر بفتيلة مشتعلة، وأبرز ذلك فم الزجاجة من الماء، وقرب الآخر الشعلة إليها فى الحال، فخرج ما فيها من الهواء المحبوس وفرقع بصوت هائل أيضًا، وغير ذلك أمور كثيرة وبراهين حكيمة تتولد من اجتماع العناصر وملاقاة الطبائع، ومثل الفلكة المستديرة التى يديرون بها الزجاجة فيتولد من حركتها شرر يطير لملاقاة أدنى شىء كثيف، ويظهر له صوت وطقطقة، ولو لمس علاقتها شخص ولو خيطًا لطيفًا متصلًا بها ولمس آخر الزجاجة الدائرة أو ما قرب منها بيده الأخرى ارتد بدنه، وارتعد جسده، وطقطقت عظام أكتافه وسواعده فى الحال برجة سريعة، ومن لمس هذا اللامس أو شيئًا من ثيابه أو شيئًا متصلًا به حصل له فى ذلك ولو كانوا ألفًا أو أكثر».   

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة