ليه معندناش فيلم استعراضى غنائى زى "لالا لاند"؟

الثلاثاء، 10 يناير 2017 06:34 ص
ليه معندناش فيلم استعراضى غنائى زى "لالا لاند"؟ فيلم لالا لاند
جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعدما اكتسح الفيلم الاستعراضى "لالا لاند" أو أرض الأحلام حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب فى هوليوود بحصوله على 7 جوائز يتبادر إلى الذهن السؤال الذى يُعتقد أنه مر على أذهان كل مهتم ومحب للسينما المصرية وهو "ليه معندناش فيلم زى لالا لاند"، وأين الفيلم الاستعراضى الغنائى من السينما المصرية ؟ ولماذا اختفى هذا النوع لدينا؟.

 

والإجابة بكل بساطة هى أن هذا النوع من الأفلام يحتاج تكاليف باهظة حتى يقدم المستوى الفنى اللائق به لأنه يحتاج مجموعة من العناصر الفنية مثل الموسيقى والحركة الأدائية والصوت والرقص والديكور والإكسسوارات والأزياء، ولا يوجد منتج حاليا يتفهم لعناصر العملية الفنية الخاصة بالفيلم الاستعراضى الغنائى وإضافة لما سبق سنجد أن الممثل الاستعراضى الآن فلا يوجد من يجيد التمثيل والرقص والغناء كما كان يحدث فى فترات سابقة فى السينما المصرية.

 

وفى تاريخ السينما المصرية منذ بدايتها إلى الآن لا يوجد ما يسمى بالفيلم الاستعراضى الغنائى الكامل، لكن يمكن القول أن هناك سينما غنائية لبعض المشاهير، أمثال عبدالوهاب، وأم كلثوم، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، وشادية، وصباح وغيرهم، كما توجد استعراضات داخل الأفلام أحياناً ترتبط بالموضوع، وأحياناً لا ترتبط، بل تكون منفصلة عن السياق الدرامى للفيلم، ومع ذلك أنتجت السينما المصرية أفلاماً قليلة ذات علامة بارزة فى هذا المجال مثل «إجازة نصف السنة» سنة 1962، و»غرام فى الكرنك» سنة 1967، و»مولد يا دنيا» سنة 1975 وتعد هذه الأفلام الأكثر تقديماً للاستعراضات إلا أنها عبارة عن اسكتشات استعراضية متلاحقة حول سياق العمل الفنى، ولا تعد أفلاماً استعراضية بالمفهوم الصحيح، كما توجد محاولات أخرى لبعض نوعيات من هذه الأفلام، مثل «أبى فوق الشجرة» سنة 1968، ويرى النقاد أن أكثر المحاولات قرباً من مفهوم الفيلم الاستعراضى فيلم «سمع هس» سنة 1991، و»يا مهلبية يا» عام 1992.

 

من أسباب قلة وندرة الفيلم الاستعراضى أيضا عدم وجود مؤلفين متخصصين فى كتابة الأفلام الاستعراضية فمعظم كتاب السيناريو يتجهون لكتابة الدراما والكوميديا، كما أن السينما الاستعراضية تحتاج تكنولوجيا عالية فى التصوير والمونتاج لمواكبة أحداث التقنيات العالمية".

 

ونضيف لذلك أيضا قلة الكفاءات الفنية المتخصصة والتى تتعامل مع السينما كفن وليس كتجارة وعدم تحقيق الأفلام الاستعراضية لإيرادات تذكر، وهو ما تسبب فى تغيير بعض المخرجين لمسارهم الفنى رغبة منهم فى الحفاظ على تواجدهم فى الحقل السينمائى مثلما حدث مع المخرج خالد الحجر فى فيلم " مفيش غير كده " وشريف عرفه فى فيلم "سمع هس" و" يا مهلبية يا".

 

وخلاصة القول أن الأفلام الاستعراضية تتحول إلى ما يشبه المغامرة الفنية وبنظرة تاريخية سريعة جدا على السينما المصرية سنجدها خلت من الفيلم الاستعراضى الغنائى الكامل المتكامل وحتى التجارب التى كانت مكتملة كانت تتحمس لانتاجها مؤسسات ثقافية وإنتاجية تدعم ذلك النوع مثلما كانت تفعل الهيئة العامة للسينما التى قدمت أفلام "إجازة نصف السنة" و"غرام فى الكرنك".

 

مع بداية السينما المصرية سنجد أن عناصر الفيلم المصرى كانت تتشكل من المطرب والراقصة وعدد من الأصوات المساعدة، بالإضافة إلى مجموعة "الكومبارس " وهى تتكون عادة من الراقصين والراقصات ويقومون أحياناً بترديد بعض الكوبليهات، حيث يبدو هذا التعريف للمشاهد المتمرس أقرب إلى فكرة الكبارية المبتذل، وهو ما يظهر لنا من خلال العديد من الأعمال فى السينما المصرية مثل فيلم "حب وجنون" بطولة "محمد فوزى وتحية كاريوكا " وفيلم "عفريته هانم " بطولة فريد الأطرش وسامية جمال وإذا كان الاهتمام بالاستعراض يظهر داخل بعض التجارب السينمائية التى أنجزها المخرج والممثل الراحل أنور وجدى مثل فيلمى "دهب" و" ياسمين" فإن المتأمل لهذه الأعمال سيلاحظ حرص المخرج على إعطاء الاستعراضات حساً فكاهياً.

 

المخرج حسن الامام كان أحد اهم المخرجين المهتمين بالغناء والاستعراض فى أفلامه وخاض تجربة الفيلم الاستعراضى من خلال فيلم "إضراب الشحاتين" الذى تم إنتاجه عام 1967 ويعرض صورة لتناقضات المجتمع المصرى عام 1923، حيث تم تحويل المواقف الحوارية إلى جمل غنائية.

 

ومن الأفلام الاستعراضية الغنائية فى السينما المصرية التى لا تنسى فيلم "أبى فوق الشجرة" للمخرج حسين كمال الذى احتوى على أكثر من استعراض وهناك فيلم " مولد يا دنيا " للمخرج حسين كمال أيضا الذى احتوى على عدد من الاستعراضات مثل "شبيك لبيك والحلو والنبى" كما كان للاستعراض نصيب من أفلام المخرج يوسف شاهين ففى فيلم "عودة الإبن الضال " استعراضين قام بكتابتهما الشاعر ‘صلاح جاهين’ هما "الساعة والشارع لمين" وفى عام 1986 تجدد التعاون بين هذين العملاقين فى استعراض "حدوته حتتنا " والذى قام بأدائه الممثل محسن محيى الدين فى فيلم "اليوم السادس " ويشهد عام 1990 عرض فيلم " إسكندرية كمان وكمان" والذى احتوى على عدة استعراضات ارتدى الراقصين خلالها ملابس تنتمى إلى عصور سابقة مثل ‘الفرعونى ـ اليونانى ـ الرومانى".

 

كما قدم المخرج شريف عرفة تجربتين فى هذا المجال هما ‘سمع هس ـ يا مهلبية يا’، وامتازت هذه الأعمال بطابعها الفانتازى الذى يصيغه ببراعة السيناريست ماهر عواد، وإذا كان عام 2004 قد شهد استعراض قام به راقص البالية أحمد يحيى فى فيلم إسكندرية نيويورك، فإن المخرج خالد الحجر قد خاض تجربة إخراج عمل سينمائى يحتوى على عدة مواقف غنائية عام 2007، وذلك من خلال فيلم "مفيش غير كدة ".

 

والحق أننا جميعا باستثناء المتخصصين نخلط بى الفيلم الموسيقى والفيلم الغنائى والفيلم الإستعراضى فالفيلم الموسيقى هو نوعية من الأفلام المسلية الخفيفة، يحتوى على قدر كبير من الرقصات والأغانى، ويجمع بين سمات الأوبرا كوميك أو الفودفيل فى المسرح.

 

أما الفيلم الغنائى فهو الفيلم الذى به أغنيات أياً كان الشكل الذى قدمت فيه الأغنية سواء كانت فردية، أو فى إطار دويتو ( ثنائى غنائى )، أو استعراضات متباينة الضخامة. أما الفيلم الاستعراضى هو عبارة عن مجموعة من المنوعات تشتمل على أغان ورقصات يربطها موضوع بسيط للغاية لا يحتمل أى أبعاد أو أعماق فكرية، وغالباً ما يكون موضوعاً كوميدياً أو رومانسياً فى قالب هزلى وأهم شروط الفيلم الاستعراضى أن يكون البناء الدرامى كله قائماً على الاستعراض بحيث لا يقفز الناس ويغنون فجأة بدون مناسبة وبدون ضرورة درامية، ولمجرد أن يبدو الفيلم كوميدياً استعراضياً ظريفاً ويتميز الفيلم الاستعراضى عن الفيلم الغنائى فى احتوائه على أكثر من مشهد استعراضى، ويعتمد على الرقص الفردى أو الجماعى، ويتوازن فيه أحياناً الغناء والرقص.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة