فى الذكرى الخامسة لمشاركتهن فى 25 يناير.. إحصائيات تشير لقدوم ثورة "الستات": نصف سيدات مصر يتعرضن للعنف.. الختان جريمة مستمرة باسم "العفة".. 97% منهن تعرضن للتحرش.. وقوانين حماية المرأة "حبر على ورق"

الإثنين، 25 يناير 2016 04:41 م
فى الذكرى الخامسة لمشاركتهن فى 25 يناير.. إحصائيات تشير لقدوم ثورة "الستات": نصف سيدات مصر يتعرضن للعنف.. الختان جريمة مستمرة باسم "العفة".. 97% منهن تعرضن للتحرش.. وقوانين حماية المرأة "حبر على ورق" مشاركة السيدات بثورة يناير 2011 –أرشيفية
كتبت إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

• 3 من كل 10 سيدات فى مصر يتعرضن لعنف الزوج


• 92% من بنات مصر تعرضن للختان


• عامان و5 آلاف جنيه عقوبة الختان.. ومن ستة أشهر لعامين وغرامة 3 آلاف جنيه عقوبة التحرش.. "قوانين ينقصها التفعيل"



"هى".. يتردد اسمها فى الأخبار الصادمة التى تشير لمقتلها أحياناً، أو ضربها بعنف وقسوة أحياناً أخرى، يلحق اسمها بكلمة "حقوق" لمرات لا يمكن إحصاؤها بدقة، ويتبع ذكر ما يشير إليها من ضمائر لغوية وتاء للتأنيث مصطلحات من نوعية "تمييز، عنف، قهر" ثم تحرش واغتصاب وحقوق مسلوبة بين صفحات الجرائد، هى من تتابع قصصاً تسرد ما تتعرض له من عنف يومياً، وهى من تقرأ يوماً بعد الآخر ما تعيشه من قهر اجتماعى تلمسه فى نظرات الجميع بداية من مديرها فى العمل وحتى سائق الميكروباص الذى تصعد إليه يومياً متجاوزة أيادى المتحرشين ونظرات الركاب، هى الرقم الذى يضاف بين الحين والآخر إلى الإحصائيات التى تعدها الدولة ومنظمات المجتمع المدنى عن حالها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية وتصنيفاتها فى ملفات الدولة كقاصر، امرأة، زوجة، ثم أم.

"هى" من تترقب فى صمت زيادة النسب المئوية المشيرة لما وصل إليه حالها من وضع مزرٍ فى مجتمع لا يحترمها، يتحرش بها، ينتهك حرمة جسدها، يصنفها، لا يضعها على رأس مناصب قيادية، لا يعطيها ما يكفى من أماكن فى برلمان الدولة، ويصفها بالمطلقة والأرملة والعانس و"الحريم" بل وفتاة الليل والعاهرة أحياناً، هى من أكد المجتمع المتدين بطبعه أن "صوتها عورة" على الرغم من ارتفاعه فى مظاهرات أشعلت الثورة منذ 5 أعوام مضت على القهر والظلم والفساد، وهى من سترفع صوتها مرة أخرى بنبرة أكثر خشونة وقسوة للثورة على واقع المرأة المصرية التى تنذر أوضاعها بثورة نسائية قادمة لا محالة.

ثورة على العنف ضدها سواء من الزوج، الأب والأخ، أو من المجتمع بشكل عام، وثورة أخرى على القهر، الختان وتشويه حياتها بدافع الفضيلة، ثورة على تصنيفها ووضعها فى خانة الأحكام المسبقة وثورة أخرى على ما تحمله من مسئوليات وما تراقبه فى صمت.. ثورة نسائية قادمة لا محالة تشير إليها الإحصائيات والدراسات التى خرجت لتضع إطار واضح حول ما تعيشه المرأة المصرية من ظروف قاسية بداية من العنف الجسدى ضدها، مرورًا بالتمييز والتصنيف لكونها "امرأة" ناقصة عقل ودين بالضرورة، ولديها خاصية مميزة ابتكرها الرجال فى هذا المجتمع بأنها إذا انكسرت أحد ضلوعها نما لها على الفور "24 ضلعاً" أخرى.

العنف ضد المرأة.. "جبنا أخرنا"


كسر الضلوع التى لا تنمو كما يظن الرجال، لم يعد مثالاً على التحكم فى "البنت" وقهرها "عشان تمشى عدل" عملاً بالمبدأ القائل "اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24"، بل أصبح أمراً واقعاً تشير إليه معدلات العنف المرصودة فى عشرات الإحصائيات عن المرأة المصرية، ولعل أحدثها وأكثرها دقة على الإطلاق، هى الإحصائيات التى خرجت كنتائج للمسح السكانى المصرى الذى أجرته وزارة الصحة والسكان عام 2014 كجزء من برنامج المسوح السكانية الصحية بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى مقرها بالقاهرة.

وتم إجراء المسح على 6693 سيدة مصرية فى الفئة العمرية من 15 إلى 49 عاماً، للتأكد من تعرضهن للعنف الأسرى، وخلصت الدراسة لأن ثلاثة من بين كل عشرة سيدات فى هذه الفئة العمرية تعرضن لبعض صور العنف من قبل الزوج، 25 % منهن تعرضن للعنف الجسدى، 19% منهن تعرضن للعنف النفسى، و4% منهن تعرضن للعنف الجنسى.

كما أكدت الدراسة أن أكثر من واحدة من كل ثلاث سيدات ممن تعرضن للعنف من قبل الزوج فى مصر، تعرضن لأذى بالغ نتيجة للعنف، و7% منهن تعرضن لإصابات وجروح خطيرة.

كما تؤكد دراسة أخرى أعدتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 6 من كل 10 ناجيات من العنف يفضلن الصمت عن طلب الحماية والمساعدة، وهو ما يؤكد ما يصاحب هذا العنف من قهر وعجز عن مقاومته حتى الآن فى معظم الأوساط الاجتماعية التى تعيش بها المرأة المصرية.

ختان الإناث.. جرح غائر فى قلوب الفتيات


صوت احتكاك الأمواس بين يدين غليظتين، سيدة ضخمة تقترب، وثلاث سيدات أخيرات يمسكن بفتاة صغيرة تنتفض فزعاً وقد فتحت ساقيها كاشفة عن منطقة عفتها التى تنتظر جرحاً غائراً سينفذ لقلبها خلال لحظات، حماية الشرف، وصيانة فتياتنا الشريفات من خطر "الصرع الجنسى" والحفاظ عليهن أكثر عفة واحتراماً، هى المبررات الثابتة خلف "ختان الإناث" أكبر مشاهد العنف التى تعيشها الفتاة وتظل حاضرة فى خيالها مهما امتد بها العمر، بحجة العفة بتر المجتمع كرامتها، وبحجة الشرف استلوا السيوف لقطع أهم أجزاء الأنوثة لأكثر من 92% من بنات مصر وفقاً للدراسة الصادرة عن المسح السكانى الموسع الذى أجرته وزارة الصحة عام 2014، وهى الإحصائية الأخيرة التى رصدت ما وصل إليه حال "ختان الإناث" فى مصر على الرغم من تشريع قوانين تجرم هذه الكارثة.

92% من السيدات اللاتى سبق لهن الزواج فى الفئة العمرية من 19 إلى 49 عاماً من حجم العينة البحثية تم ختانهن، وأكثر من نصف السيدات المختنات فى مصر تم ختانهن فى سن من 7 إلى 10 سنوات وكل السيدات تقريباً تم ختانهن قبل سن 15 سنة، وأكدت الدراسة أن ممارسة الختان فى مصر تنخفض تدريجياً، وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة "الخمس" من بنات مصر منذ الولادة وحتى سن 19 عاماً تعرضن للختان.

مصر الأولى عالمياً فى معدلات الختان، هى الإحصائية التى رصدت فيها منظمة اليونسيف وضع مصر من ممارسة هذا الظاهرة فى حق الفتيات، وأشارت إلى أن الظاهرة منتشرة فى مصر بنسبة 97%، وأن مصر والسودان يعدان من أكثر الدول عملاً بختان الفتيات وإن كانت الظاهرة قد بدأت فى التراجع وخاصة فى المدن الكبرى.

جزء آخر بنفس القدر من الأهمية فى المسح السكانى الذى أعدته وزارة الصحة والسكان عام 2014، ركز على توقع استمرار الظاهرة وفقاً للأسئلة المطروحة على العينة البحثية من الأمهات، وخلصت الدراسة لأن اعتباراً للوضع الحالى لختان البنات، ونية الأمهات لختان بناتهن اللاتى لم تجر لهن عملية الختان، فقد تم تقدير أن أكثر من نصف البنات فى الفئة العمرية من 1 إلى 19 سنة سيتم ختانهن فى المستقبل.

كما أكدت الدراسة على أن أكثر من نصف سيدات مصر يعتقدن أن ختان الإناث مطلوب وفقاً لتعاليم الدين، وحوالى 6 من بين كل 10 سيدات يعتقدن أن ممارسة الختان لابد وأن تستمر، وحوالى نصف السيدات يعتقدن أن الرجال يفضلون استمرار ممارسة الختان.

التحرش الجنسى .. قنبلة تنتظر الانفجار


المركز الثانى.. هو المكان الذى لم تتنازل عنه مصر منذ عدة أعوام فيما يتعلق بوضعها فى التحرش الجنسى بالفتيات والسيدات، فمنذ عدة أعوام تم تصنيف مصر من قبل الأمم المتحدة كثانى دولة على العالم فى نسب التحرش الجنسى، ومنذ ذلك الحين وهى ثابتة لا تتزحزح عن المكان الذى وضع سيدات مصر فى فخ التحرش والانتهاك الجسدى فى الشوارع والمواصلات العامة، العمل، وحتى الفنادق والمولات وغيرها من الأماكن التى لم يعد تصنيفها كأماكن عامة يؤثر فى المتحرشين، أو يهز ما وصلت إليه الظاهرة من عمق فى المجتمع المصرى.

وعلى الرغم من تعديل القوانين التى جرمت التحرش الجنسى مؤخراً، إلا أن هذه التحولات لم تغير النسبة التى صدرت مؤخراً لرصد ما وصلت إليه الظاهرة والتى أصدرتها مبادرة خريطة التحرش الجنسى وكشفت أن 97% من السيدات والفتيات فى مصر تعرضن للتحرش خلال فترة من فترات حياتهن، أو بمعنى آخر لا يوجد فتاة أو سيدة مصرية مهما كان عمرها، لم تتعرض للتحرش والانتهاك الجسدى على يد رجل.

الاغتصاب فى مصر لا يصيب الأطفال فقط


الدكتورة "سهير عبد المنعم" رئيس قسم المعاملة الجنائية بالمركز المصرى للبحوث الاجتماعية والجنائية، خلصت فى دراسة بعنوان "الأبعاد القانونية والاجتماعية لجريمة الاغتصاب"، أن المرأة المصرية هى الضحية الأولى لجرائم الاغتصاب أكثر منها جانية، حيث أثبتت الدراسة التى تم إعدادها على 1000 شخص أن المرأة تعرضت لجرائم الاغتصاب بنسبة 66.3% مقابل الذكور بنسبة 33.7%، كما بلغت نسبة من تعرضن لجرائم جنسية فى الحياة العامة "خدش الحياء، هتك العرض، الاغتصاب" 20.7%، ولم تقم بالتبليغ عن هذه الجرائم سوى 18%، وهى النسبة التى تتطابق مع من تعرضن للاغتصاب فى هذه العينة البحثية، وكذلك من تعرضن لهتك العرض بنسبة 18%، فى حين بلغت نسبة من تعرضن للشروع فى الاغتصاب من مجموع عينة البحث، 4.9% أما معظم من تعرضن لتلك الجرائم بنسبة 91.9% فكانت خدش الحياء "أو السلوك غير اللائق".

وعلى الرغم من المحاولات المبذولة لإصدار إحصائيات وافية حول الجرائم الجنسية، وخاصة الاغتصاب والتحرش، إلا أن الدراسة التى أعدها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية خلصت فى نهاية الأمر لأن الجرائم الجنسية تعتبر من "جرائم الرقم المجهول" وذلك نظراً لقلة نسبة التبليغ عنها إلى أقصى حد مقارنة بالجرائم الأخرى، وهو ما يمثل شكلا آخر من أشكال العنف الذى يمارسه المجتمع ضد المرأة حيث يتم فى الغالب معاملة الضحية باعتبارها المذنبة فى الجريمة، ولا يقع اللوم فى معظم الحالات على المتحرش أو المغتصب.

"من عانس لمطلقة.. لبنت شمال" .. فى مصر كل بنت ليها لقب


أن تكونى "بنت فى مصر"، لقب حصلتى عليه رغماً عن أنفك يتطلب منك ضريبة حتمية لابد من دفعها، التصنيف المصاحب لنوعك فى مجتمع يجب أن يضعك فى إطار ويصفك بما يراه مناسباً، هو الضريبة الواجب عليك احتمالها لمجرد كونك أنثى ولدت فى مصر، فانتى "بكر" فى عمر الطفولة، "مراهقة يجب كبح جماحها" فى عمر الشباب، "حريم" فى عنفوان أنوثتك، وعانس إن تأخر ابن الحلال فى طرق بابك، مطلقة أن رغب ابن الحلال نفسه فى الزواج بأخرى أو فى حياة أخرى أنت لست جزءاً منها، وأرملة إن استرد الله أمانته، وامرأة بنصف عقل ونصف دين، ومكسورة الجناح، وماشية على حل شعرها فى أوقات أخرى إن لم يجد لك تصنيفاً ملائماً لحالتك الاجتماعية.

لا توجد إحصائيات يمكنها وصف ما تشعر به الفتاة الخاضعة لفك الأحكام المسبقة والألقاب الثابتة مهما حاولت جاهدة لإرضاء المجتمع، هى محجبة بس شيك، بشعرها بس محترمة، حلوة بس "قليلة الأدب"، مؤدية بس "لسانها طويل" ، وغيرها من التصنيفات التى تفنن المجتمع فى ابتكارها، وتفننت الفتاة والمرأة المصرية فى تقبلها وابتلاعها كما تبتلع باق هموم يومها.

الطريق إلى الثورة يبدأ بتفعيل القوانين


الهتافات والمظاهرات التى تجتاح الشوارع وتهدم أوضاع قائمة بالفعل، لن تكون هى المرحلة الأولى للثورة النسائية المتوقعة، فتمهيداً لقيام ثورة حقيقة على هذه الأوضاع يجب أن يمر نساء مصر على مرحلة تفعيل القوانين المشرعة بالفعل، مثل قانون التحرش الجنسى المثبت فى قانون العقوبات المصرى فى المادتين 306 مكرر أ، و306 مكرر ب، وينصان فى مجملهما على العقوبة بمدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثة ألف جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه لكل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان إيحاءات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل.

أما عن الختان، فهى الممارسة التى جرمها قانون العقوبات المصرى منذ عام 2008، ومازالت قائمة بقوة على الرغم من اعتبارها جريمة بموجب القانون الذى أقره مجلس الشعب المصرى فى يونيو عام 2008 والذى يعرف بقانون حظر ختان الإناث، ويعاقب من يقوم بالختان بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين وغرامة قد تصل من ألف جنيه إلى 5 آلاف جنيه، قوانين أخرى جرمت العنف بكل أشكاله وأنواعه فى حالة إثبات حدوثه، وحقوق نادت بها منظمات المجتمع المدنى سواء المحلية أو العالمية للحصول على حقوق المرأة المصرية التى مازالت مطروحة على طاولات المفاوضات فى هيئات الأمم المتحدة والمنظمات العالمية للحصول على قوانين تحدد أوضاعها أو على الأقل لتنفيذ القوانين التى تم تشريعها بالفعل.

أما عن التمييز والأحكام الاجتماعية والقهر الذى تتنفسه السيدات فى الهواء دون الحاجة لوصفه أو رصده، فهى المعاناة الخلفية التى لن تتوقف بتشريع قانون أو تغيير أخر، فهى المعاناة التى تحتاج لاحترام المرأة والتوقف عن اعتبارها كائناً مضافاً للمجتمع، هى الأوضاع التى تحتاج لتغيير ثقافة المجتمع الذكورى الذى يستغل المرأة دون ان يعطيها أبسط حقوقها، ثورة المعتقدات البالية والحقوق الضائعة والثورة على الفكر الذكورى والنظرة الدنيا للسيدات والتاريخ الذى يكتبه رجل لم يشعر من قبل بمشاعر أنثى قهرها المجتمع، هى مقدمة الثورة الحقيقة التى تحتاجها النساء فى مصر.



موضوعات متعلقة..



الثلاثاء المقبل.. السفير البريطانى فى محكمة شمال لمواجهة العنف ضد المرأة

تدريب الرائدات الريفيات لرفع الوعى القانونى فى الأحوال الشخصية ومناهضة العنف








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة