حسن زايد يكتب: "أقف أمامكم اليوم كواحدٍ من أبناء مصر"

السبت، 27 سبتمبر 2014 08:19 ص
حسن زايد يكتب: "أقف أمامكم اليوم كواحدٍ من أبناء مصر" عبد الفتاح السيسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشرقت مصر على العالم من جديد، ولكن هذه المرة، من نيويورك من مقر الأمم المتحدة.. فقد بزغت شمسها هناك، رغم الحملات المستميتة من التنظيم الدولى للإخوان، ولوبياته المنتشرة بطول أمريكا وعرضها، وشركات الدعاية التى تقاضت الملايين، لتشويه سمعة مصر، والنيل منها، ومن رئيسها وشعبها.. ذلك بخلاف ما فعلوه، وما أنفقوه فى الدول الأوروبية، مثلما فعلوا فى أمريكا، لقد تصور التنظيم ولوبياته أنهم قادرون طوال الوقت، إن لم يكن على مزيد من التشويه وتلطيخ السمعة، فعلى الأقل تثبيت المشهد عند النقطة التى وصلوا إليها فى هذا الصدد.. حيث تتخذ الأوساط السياسية والإعلامية والاقتصادية موقفاً سلبياً، إن لم يكن معادياً لمصر شعباً وقيادة.

والرأى العام فى هذه الدول يتأثر أيما تأثر بهذه الدعاية السوداء. لقد سعوا إلى محاصرة مصر دولياً، وضربها بالتفجيرات والقتل داخلياً، بقصد تركيعها، وترويضها، وتقديم كرسى السلطة لهم عن يدٍ وهى صاغرة.. حشدوا الحشود، وجيشوا الجيوش، لغزوة نيويورك الجديدة، والتى قد تفضى فى النهاية إلى القبض على الرئيس المصرى، ومحاكمته كمجرم حرب.. وقد أثَّرت الدعاية الإخوانية على الشارع المصرى، الذى جزع على رئيسه، وأشفق عليه، وطالبه البعض بعدم السفر، بل إن الأمر قد امتد إلى بعض وسائل الإعلام، وقد جاوزت إحدى الصحف الأسبوعية المدى، وذهبت إلى القول بأن جهات سيادية قد حذرت الرئيس من السفر إلى أمريكا.. يا الله هل يمكن أن يحدث ذلك.. الأحاديث الجانبية بين المواطنين والزملاء فى العمل، وصلت عند أقل الناس تشاؤماً، حد إمكانية دس الأمريكان السم له فى الطعام.

وأنا لا يشغلنى الجانب السلبى من هذه الروايات، ومدى دقتها، وصدقها، وقد تكون فى النهاية مجرد إشاعات سوداء يطلقها الإخوان، فتسرى سريان النار فى الهشيم، مشكلة ً رأياً عاماً ضاغطاً، قد يثنى السيسى عن السفر، ويكتفى بتمثيل رمزى لمصر فى هذه الدورة، فتظل مصر رابضة مكانها، تعانى عزلتها.. فتتهيأ لهم الفرصة لمزيد من الضغط، إنما يشغلنى الجانب الإيجابى، حيث شكلت ردود الأفعال الشعبية طوفاناً من الحب الغامر للرجل.. ومن المؤكد أن السيسى فى هذه الأثناء ـ وهذا رأى وليس معلومة ـ كان يعكف مع فريق العمل على إعداد الملفات، وبرنامج الزيارة، وتوزيع الأدوار، بشكل مؤسسى فاعل.. وفى نفس الوقت اتفق عدد من المصريين المقيمين فى الخارج، وكذا عدد من المصريين فى الداخل، على ترك مصالحهم، والسفر إلى نيويورك لمناصرة مصر - السيسى، فى مواجهة حشد اللوبيات الإخوانية.. هذا فضلاً عن أن السيسى لم يغادر مصر بجيوب فارغة، بل ذهب باستحقاقات ثورة يونيه، التى لم يتبق منها سوى الانتخابات البرلمانية، وبانتخابات رئاسية شهد بنزاهتها العالم، وبنسبة تجاوزت الـ 90% من الأصوات الصحيحة.. وبمشروعات قومية عملاقة، واتفاقات شراكة مع الجانب الروسى، و64 مليار جنيه مصرى لمشروع حفر قناة السويس الجديدة، دفعها المصريون عن رضا وطيب خاطر، حتى تكون كلمتهم من رأسهم، ولقمتهم من ضرب فئوسهم، وفى ذات الوقت استفتاء عملى غير مسبوق على ثقتهم فى هذا الرجل وصدقه وإخلاصه لوطنه وشعبه.. كل ذلك جنباً إلى جنب مع محاربة الإرهاب فى الداخل، وتأمين الحدود الملتهبة من مخاطر إرهاب الخارج.


وما أن وطأت أقدام الوفد المصرى الأراضى الأمريكية، حتى بدأت رحلة الشروق للشمس المصرية الذهبية فى سماء نيويورك.. وفُتِحت أجندات العمل المعدة، وبدأت اللقاءات، والمناقشات، وخطفت مصر الأضواء من الجميع.. الكل يسعى للتعرف على هذا الرجل الذى يقود شعب فجر ثورتين فى زمنٍ قياسى، وأصبح السيسى هو النجم الذى تجرى خلفه وسائل الإعلام.. فإذا بالرئيس السيسى الرئيس الإنسان، يقدم نفسه للعالم قائلاً "أقف أمامكم اليوم كواحدٍ من أبناء مصر"، فهو واحد ـ كأى واحد ـ من أبناء هذا الشعب، لم يكن ليتصرف فى أمر من الأمور إلا بمقتضى إرادة هذا الشعب.. وهو شعب ليس كأى شعب، وإنما هو "مهد الحضارة الإنسانية". من أجل ذلك أراد أن يستهل حديثه بـ:"توجيه التحية لهذا الشعب العظيم"، ليس لأنه فقط مهد الحضارة الإنسانية، وإنما لأنه هو "الذى صنعَ التاريخَ مرتين خلال الأعوام القليلة الماضية.. تارة عندما ثار ضد الفساد وسلطة الفرد، وطالب بحقه فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. وتارة أخرى عندما تمسك بهويته، وتحصن بوطنيته، فثارَ ضد الإقصاء، رافضاً الرضوخ لطغيان فئة باسم الدين، وتفضيل مصالحها الضيقة على مصالح الشعب". فقطع الرئيس بذلك الطريق على فريقين، فريق يرى أن ثورة يناير كانت مؤامرة، وأن ثورة يونيه هى الثورة التى أعادت مصر إلى الطريق الصحيح.

وفريق آخر يرى فى ثورة يونيه ثورة مضادة انقلبت على الثورة الحقيقية، وتسعى للقضاء عليها، وعلى رجالاتها.

فحسم الرئيس الأمر فى أكبر محفلٍ دولى.. وقد أوضح الرئيس أن هذا الشعب حين يصنع التاريخ فإنه لا يفعل ذلك على سبيل الاستثناء، وإنما مسيرته فى ذلك ممتدة بطول واتساع آماله وتطلعاته.. وقد بدأ العالم ـ وإن كان متأخراً ـ يدرك "حقيقة ما جرى فى مصر، وطبيعة الأوضاع التى دفعت الشعب المصرى، بوعيه وحضارته، إلى الخروج منتفضاً ضد قوى التطرف والظلام، التى ما لبثت أن وصلت إلى الحكم، حتى قوضت أسس العملية الديمقراطية ودولة المؤسسات، وسعت إلى فرض حالة من الاستقطاب لشق وحدة الشعب وصفه" بتغولها ـ مستغلة سلاح الدين ـ على مقاعد مجلس الشعب، والجمعية التأسيسية، ومحاصرة المحكمة الدستورية، والحديث المفرط عن تطهير القضاء، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، والهيمنة على وسائل الإعلام، والإعلان اللادستورى الذى أصدره مرسى، مانحاً نفسه سلطات شبه إلهية، وفشله غير المسبوق فى الوفاء بعهوده، وفتح الباب على مصراعيه للجماعات الدينية المتطرفة لتشكيل أحزاب سياسية، وسرقة التاريخ من أصحابه وتزويره، والسعى لحرق الكنائس، وتأجيج نار الخطاب الطائفى بين المسلمين والمسيحيين، وقتل الشيعة، وعدم النزول على رغبة الشعب فى تعديل مواد فى الدستور قبل إقراره، وعدم النزول على رغبته فى تشكيل الحكومة، والسعى الحثيث لأخونة مؤسسات الدولة، وتدخل مكتب الإرشاد فى آمال مؤسسة الرئاسة.. وقد ذهب الرئيس للاستدلال على صحة ما ذهب إليه، إلى القول: "ولعل ما تشهده المنطقة حالياً، من تصاعد التطرف والعنف باسم الدين، يمثل دليلاً على الأهداف الحقيقية لتلك الجماعات التى تستغل الدين، وهو ما سبق لنا أن حذرنا منه مراراً وتكراراً"، وليس مع العين أين، فقد رأى العالم بأم عينه ما حذر منه الرئيس، وحذرت منه مصر. وقد سعى الرئيس إلى تبرئة ساحة الديانات السماوية مما تقترفه هذه الجماعات بقوله "إن قيم العدل والمحبة والرحمة التى جاءت فى اليهودية والمسيحية والإسلام قد تحولت على يد تلك الجماعات إلى طائفية مقيتة وحروب أهلية وإقليمية مدمرة يقع ضحيتها أبرياء من أديان مختلفة".. فما وجدت الأديان لتتصارع، وإنما ليعضد بعضها بعضاً.. ثم يقدم السيسى للعالم دولة مصر الجديدة بقوله"دولةٌ تحترم الحقوق والحريات وتؤدى الواجبات، تضمن العيش المشترك لمواطنيها دون إقصاء أو تمييز.. دولةٌ تحترم وتفرض سلطةَ القانون الذى يستوى أمامَهُ الكافة، وتَضْمَنُ حريةَ الرأى للجميع، وتَكْفُلُ حريةَ العقيدةِ والعبادةِ لأبنائها.. دولةٌ تسعى بإصرار لتحقيق النمو والازدهار. فلا هى دولة الاستبداد والفساد والقهر، ولا هى دولة التطرف والإرهاب، وإنما "دولة المؤسسات وسيادة القانون، التى تحترم القضاء، وتضمن استقلاله، وتُفَعِّل مبدأ الفصل بين السلطات، دون تراجع أمام إرهاب يظن أن بمقدروه اختطاف الوطن وإخضاعه".

وأشار فى ذكاء إلى أن مشروع قناة السويس الجديدة هو هدية شعب مصر إلى العالم، لذا فقد بادر بدعوة دول العالم للمشاركة فى المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد فى مصر.. وقد استعرض خبرة مصر فى مكافحة الإرهاب، الذى بذر بذوره فى التربة المصرية منذ عشرينيات القرن الماضى "حين بدأت إرهاصات هذا الفكر البغيض تبث سمومها، مستترة برداء الدين للوصول إلى الحكم وتأسيس دولة الخلافة، اعتماداً على العنف المسلح والإرهاب كسبيل لتحقيق أغراضها، وهو ما أفرز حفنة من المتطرفين ترتكب الفظائع باسم الدين".

والإرهاب ليس مشكلة مصر وحدها، ولا الدول العربية وحدها فـ"الإرهاب وباءٌ لا يفرق فى تفشيه بين مجتمع نام وآخر متقدم.. فالإرهابيون ينتمون إلى مجتمعات متباينة، لا تربطهم أية عقيدة دينية حقيقية، مما يحتم علينا جميعاً تكثيف التعاون والتنسيق لتجفيف منابع الدعم الذى يتيح للتنظيمات الإرهابية مواصلة جرائمها، إعمالاً لمبادئ ميثاق الأمم لمتحدة وتحقيقاً لأهدافها".. وهكذا وضعت مصر الأمور فى نصابها فيما يتعلق بالإرهاب، وطرحت بذلك التصور الأمريكى الانتقائى أرضاً، باعتباره لا يعالج المشكلة بقدر ما يستخدم كأداة ومخلب قط لتحقيق مآرب الدول الممولة والداعمة له فى العالم.. ومن هنا يمكن القول بارتياح "إن شمس مصر الجديدة قد أشرقت على العالم من جديد لتضيئ جوانب المعمورة بإشعاعات موروثاتها الحضارية غير المسبوقة فى التاريخ البشرى".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة