د. يسرا محمد سلامة تكتب: الكنز المفقود

الثلاثاء، 09 ديسمبر 2014 04:07 ص
د. يسرا محمد سلامة تكتب: الكنز المفقود مسابقة أمير الشعراء - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
برامج المسابقات للهواة على مستوى العالم العربى، والتى تَلقى متابعة كبيرة من مُحبى هذا النوع من المسابقات، مواهب مميزة من كل البلدان العربية، نأخذ مصر مثالاً ففى الثلاثة أعوام الماضية، أفرزت هذه البرامج عددًا لا بأس به من المواهب المصرية، أصبح لهم ثِقل على الساحة الفنية وانتشار كبير فى وقتٍ قصير، استوقفنى ما يحدث معهم فهذا دليل على صدق الموهبة وقوتها، وإلا ما كانوا استطاعوا نيل كل هذه الشهرة ومحبة الناس، وجعلنى أتساءل، لماذا لا يكون لدينا مؤسسة أو هيئة مستقلة لاكتشاف هذه المواهب دون لجوئهم لتلك المسابقات من أجل الشهرة ولفت الأنظار؟ فهم لا يلجئون إلى مثل هذه البرامج إلا بعد أن تضيق بهم السبل هنا فى بلدهم، وتُقفل فى وجوههم كل الأبواب، ولا يهتم أحد أن يتابعهم ويسمعهم، ويُدرك حجم الموهبة الحقيقية الموجودة لديهم.

قِس على هذا فى كل المجالات، مواهب فى العلم، فى الأدب، فى الشعر، فى الرياضة، يعيشون مُهمشين ومُهملين فى بلدهم، وعندما يُقدمون فى مسابقات عالمية أو عربية، يصلون بالطبع إلى المراكز الأولى، ووقتها فقط يحظون بالاهتمام الكافى فى بلدهم، لكن بعد أن يكون الأوان قد فات، لأنهم سيدينون لنجاحهم وحصولهم على الفرصة المناسبة للبلد التى قدمت لهم الدعم ووقفت بجانبهم، حتى وإن رجعوا لمصر، ستكون عودة مؤقتة، فهذه الدول تعرف جيدًا كيفية الاعتناء بموهبة فى مجالٍ ما، ففى الشعر مثلا من منّا كان يعلم أن هناك شاعرًا يحمل موهبة فذة اسمه هشام الجخ، إلا بعد أن شارك فى مسابقة أمير الشعراء التى نظمتها دولة الإمارات، ومن منّا كان يعلم أن هناك صوتا مصريا أصيلا قابعا فى إحدى محافظات الأقاليم اسمه كارمن سليمان، إلا بعد أن اشتركت فى برنامج أراب أيدول، ومن منّا كان يسمع مجرد سماعٍ فقط عن عبقرية علمية اسمها هيثم دسوقى إلا بعد أن شارك فى برنامج المسابقات على mbc نجوم العلوم.

يقولون مصر هوليوود الشرق، وأكثر البلاد العربية تمتعًا بشباب لديه قدرات ذهنية ومواهب استثنائية، بل وبنسبة ذكاء للأطفال، تفوق فى معدلاتها نسب الذكاء العالمية، هل كل ذلك على الورق فقط؟!، لأنه لو كان حقيقيا فأين المؤسسات والهيئات "المصرية" التى تتابع كل هذه الاستثناءات والعباقرة؟.

الحقيقة أن هذا البلد لديه مخزون إستراتيجى حيوى لا مثيل له من الطاقات البشرية، مجهول مكانه حتى الآن، فلا أحد لديه الرؤية ولا السياسة ولا الخطط التى تسمح بالسيطرة على هذا المخزون واكتشافه، القليل فقط من استطاع توصيل موهبته للعالم الخارجى، الكثير هو من تم وأد مهارته فى مهدها، واكتفى بالعيش مثله مثل غيره إلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولا، إلى متى سنظل ننسب الفضل لغيرنا فى اكتشاف ما لدينا من كنوز؟، أما آن الأوان لكى نبحث عن الكنز المفقود، الإنسان المصرى بكل طاقاته التى أبهرت العالم ومازالت تُبهره، ونستغلها الاستغلال الأمثل الذى يجعلنا ننهض بهذا البلد علميًا وثقافيًا وحضاريًا، نحن من نساعد غيرنا بإمداده بكنوزنا، نريد أن تظل كنوزنا لنا، فهل هذا مطلب مستحيل؟، أم أنه ببعض التبصر يمكننا تحقيق المستحيل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة