محمد المتيم كاتب فيلم أحمد برين: مدين لـ شيخ المداحين بالكثير

الأحد، 02 يونيو 2024 04:00 م
محمد المتيم كاتب فيلم أحمد برين: مدين لـ شيخ المداحين بالكثير محمد المتيم مؤلف فيلم أحمد برين
حاوره أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أطل علينا الشيخ أحمد برين "شيخ المداحين" في فيلم وثائقي أنتجته قناة الوثائقية، بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، والفيلم كتبه الشاعر محمد المتيم، بمحبة واضحة نابعة من روحه المعترفة  بأهل الفضل.

يعترف محمد المتيم بدور أحمد برين وفضله عليه، وعلى كل مثقفي الصعيد وعشاقه، يراه صوتا خاصا يستطيع بالحديث عنه أن يعبر عن فترة صاخبة بالحياة ومحبة الحياة في بلاد الصعيد، كما أنه رغبة محمومة في النبش خلف جذور الهوية المصرية
وقد تحدثنا مع محمد المتيم فكان لنا هذا الحوار:

الكاتب محمد المتيم
الكاتب محمد المتيم

 

• لكل شيء هدف وغاية .. فما غايتك من فيلم "أحمد برين"؟


قبل كل شيء، لا يخفاك أن صناعة فيلم وثائقي أو درامي هي عمل جماعي، تتشابك فيه عشرات الأيادي.. فقبل كل شيء أحب أن أعبر عن امتناني لكل يدٍ تبني بمحبة وإتقان. أما الزاوية التي سأتحدث من خلالها، فهي رؤيتي الشخصية التي تضافرت معها رؤى فنانين آخرين، لكي يخرج هذا العمل للنور.

أنا مدين لأحمد برين بعدة ديون .. أحمد برين هو المنشد الأول الذي استمعت له طفلًا، ربما لم أدرك قيمة تجربته الفنية وقتها، لكن أول أثر لمسته له لم يظهر مع عملي كصحفي أو كصانع أفلام وثائقية، لكنه ظهر مع أول جملة شعرية كتبتها قبل خمسة عشر عاماً.. فأحمد برين بالنسبة لي هو شاعر في المقام الأول، هو أب مهم من آبائي الشعريين، فأول جملة مجازية اقتحمت أذني كانت من خلاله، هذا هو الدَّين الأول.

الدَّين الثاني، أن ثلاثة أجيال من أسرتي عاصرت أحمد برين وتعاطت معه، جدي عاصر شباب برين، وعمومتي عاصروا فحولة تجربته، وأنا في طفولتي ومراهقتي عاصرت ذروته واعتزاله، هذا التتابع عندما أنظر له أجد أحمد برين خزانة خاصة لمشاعر السلالة، أجد الرجل بمثابة حافِظة وجدانية لميراث أسرة بسيطة في أقصى جنوب مصر، وهذا هو الدَّين الثاني.

الدَّين الثالث، وليس الأخير.. هو الإلهام المكتنز في تجربة هذا الرجل اليتيم الكفيف رقيق الحال، النائي في القرية النائية، كيف استطاع بإرادة فولاذية أن ينتصر على جبال المرارات، ليخرج لنا هذه الحالة الفنية الإشراقية السمحة الصافية النبيلة! كل هذا يجعلني مدينًا للإلهام في تجربته.

وفقًا لهذه الديون وغيرها الكثير، يكون الوفاء هو الباعث الأعظم والغاية المأمولة لكتابة عمل وثائقي عن الشيخ أحمد برين، خصوصـًا أن مادة الفيلم هي العمود الفقري لكتاب نوعي أُعِدُّه عن الشيخ برين منذ أربع سنوات، ويخرج قريبًا للنور بإذن الله.

• من الواضح أنك والفريق كله بذلتم مجهودا كبيرا، ظهر ذلك من التفاصيل الصغيرة في الفيلم.. هل لك أن تحدثنا عن التحديات والصعوبات؟


عندما تقدمت بفكرة فيلم برين لقطاع الإنتاج الوثائقي إبان تدشينه، كانت الفكرة محل ترحيب كبير، كانت لديهم رغبة محمومة في النبش خلف جذور الهوية المصرية. إن هذه الكلمة الفاتنة (الهوية) هي كلمة السر في أي عمل يتمتع بالأصالة.

لا أستطيع النظر إلى ساحة الفعل الإبداعي غير الرسمي في مصر إلا كـ(صُرّة الخضر)، فيها ألوان من العجائب والمدهشات، تتجلى فقط لمن يحترمها ويحسن التعامل معها، ولا يسطو عليها سطو الهجّامين والمستشرقين ونبّاشي القبور.

عودًا على بدء، لاقت فكرة فيلم (برين) القبول لدى إدارة قطاع الإنتاج الوثائقي، لكن التحدي الأكبر كان في ندرة حضور الرجل في أرشيف الصحافة المصرية، والتحدي الثاني كان في جودة الصوت والصورة في الحفلات التي سُجِّلت له!.. لك أن تتخيل أن رمزًا مصريًا شعبيًا كهذا الرجل، احتفى به التلفزيون الفرنسي قبل أكثر من ثلاثين عاماً، ولم نعثر على حوار صحفي واحد له في جريدة مصرية، أو لقاء تلفزيوني واحد!.

تغلبنا على هذا الأمر بمقدرة ضيوف الفيلم الكرام على التغطية الشاملة لمراحل حياة برين وتجربته كافة، ونجح الزملاء في إدارات الإخراج والتصوير والمونتاج باقتدار في تقديم رؤية بصرية ملائمة لطبيعة الفيلم.

• كشف الفيلم عن غنى الصعيد وثقافته فقد طاف بنا في أزمن وأمكنة وحياة معيشة .. هل يغريك ذلك بكتابات أخرى عن هذه البيئة؟


الحقيقة أنا لا أكتب إلا عمّا أعرف، هذا الفيلم عملت على مادته أربع سنوات، بالطبع تخللتها فترات توقف، لكن القصد أن احترام القيمة يستدعي المزيد من الجهد، بالطبع بيئة الصعيد هي منجم إبداع خام، ومثلها الدلتا والبيئة السواحلية ولا تقل عنهم البيئة البدوية، وقد قدم الإعلامي أحمد عطالله على شاشة التلفزيون المصري برنامجًا مهمًا في هذا الصدد اسمه (مصر تغنّي)، يجب أن نشدّ على يده بخصوصه.

عن نفسي، أطمح لا شك لتقديم المزيد، لكنني ممن يقدمون الجودة على الكثرة، إذا استطعت في السنوات العشر القادمة كتابة ثلاثة أو أربعة أفلام بقيمة ما وفقني الله لتقديمه في فيلم (برين.. شيخ المداحين) فسأكون في ختام التجربة شديد الرضا وأنا أبعث تلويحة محبة للسادة بُناة الوجدان الشعبي في مصر.

• المدح النبوي  في الصعيد له خصوصية لا ينكرها أحد .. هل تتراجع هذه الخصوصية الآن؟


هذه الخصوصية تتراجع فنيًا رغم صمودها دينيًا، الإنشاد الديني في الصعيد له رافدان، رافد منوط بالفنانين المستقلين أمثال برين والشيخ عبد النبي الرنان ومحمد العجوز في بداياته والثنائي أمين وعبد السلام وغيرهم، وهذا رافد آخذ في الانحسار لأن فنهم لم يجد ورثة أو حملة يحملونه عنهم بعد رحيلهم، باستثناء أبناء الشيخ عبد الرنان، إضافةً إلى الغزو التكنولوجي (الشائه) للقرية المصرية، فالأعراس التي كانت ساحات للتباري الفني والرقصات الموروثة والمواويل الشجية، صارت نهبًا للدي چي وخلافه من أسلحة التمدن البيضاء.

أما الرافد الآخر للإنشاد الديني فمرتبط بالطرق الصوفية المنتشرة بامتداد الوادي، والتي تعتبر بمثابة مدارس روحية يتخرج فيها المنشدون الدينيون، وهذا رافد لم ينضب، ولن ينضب، بناءً على التوارث الذي يتم من جيل لجيل، ورسوخ المواويل والأهازيج في الذاكرة عبر السنين إذ تنتقل من جيل إلى جيل بدقة تصل إلى حدّ التواتر!.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة