بيشوى رمزى

دراما "المتحدة" فى رمضان.. أبعاد جديدة لمفهوم "الإصلاح"

الأربعاء، 13 مارس 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حالة التنوع في الأعمال الدرامية، التي قدمتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، في السنوات الماضية، بين طبيعة الأعمال المعروضة، من جانب، وتوقيت العرض من جانب آخر، وحتى القطاعات المستهدفة من جمهور المتابعين، بين المهتمين بالأبعاد الثقافية والتاريخية، ومحبي الكوميديا الهادفة، مرورا بعشاق الدراما المجتمعية وحتى الأطفال، من جانب ثالث، وحتى التفاوت في عدد الحلقات بين الأعمال المختلفة، بدت واضحة عبر متابعة متأنية لما يعرض على الشاشة خلال السنوات القليلة الماضية، هو ما ساهم بقدر كبير في تخفيف حدة التنافس والتحول نحو مزيد من التكامل، لتكون الوجبة الدرامية المقدمة للمشاهد متكاملة، وتفى بكافة جوانب اهتمامه، فيما يساهم في استعادة الدور الذي تلعبه الدراما، سواء في المجتمع، أو تصدير الصورة الصحيحة له في الداخل.
 
إلا أن دراما "المتحدة"، ربما باتت تلعب دورا إضافيا لا يمكننا إغفاله، في اللحظة الراهنة، يتجسد في إضفاء أبعاد جديدة لمفهوم "الإصلاح"، والذي يمثل لب اهتمام الدولة المصرية في السنوات العشر الأخيرة، وهو ما يتجلى في العديد من المسارات، أولها يتعلق بالصناعة نفسها، والتي وإن كان الربح هو أحد أهم أهدافها، فيبقى الدور الذي تقوم به في المجتمع بعدا محوريا، وبالتالي كان التركيز على تحقيق أكبر قدر ممكن من المشاهدات، مازال أولوية كبيرة، ولكن في اللحظة نفسها كان هناك حرصا أكبر على أن يكون الالتفاف حول الشاشات نتيجة مباشرة لما تتناوله الأعمال من قضايا يومية تواجه الإنسان المصري (الأعمال الاجتماعية)، أو التحديات التي تواجه دولته (الأعمال الوطنية)، ومدى ارتباطها بالتاريخ والذي شهد أحداثا مماثلة وإن كانت الأدوات مختلفة نوعا ما (الدراما التاريخية)، وحتى أعمال الكوميديا، فاتسمت بكونها هادفة، ترتبط في معظم الأحوال بالموقف، بعيدا عن الخروج عن التقاليد.
 
بينما يبقى المسار الإصلاحي الآخر، والذي تبنته دراما "المتحدة"، مرتبطا بما يمكننا تسميته بـ"الإصلاح المجتمعي"، وهو ما يمثل بعدا مكملا للجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، بدءً من تمكين المرأة والمهمشين، مرورا بالشباب ووصولا إلى ذوي الهمم، لنجد أن جزءً كبيرا من الأعمال الدرامية، التي قدمتها الشباب كانت بمثابة انعكاس لأهمية تلك الخطوات التي اتخذتها الدولة في السنوات الماضية، وهو الأمر الذي من شأنه بناء حالة من الوعي لدى المواطن، فيما يتعلق بضرورة احترام الدور الذي تلعبه كافة الفئات المجتمعية، وتقويم السلوك الذي ساده التنمر تارة، وتهميش الآخر تارة أخرى، وهو ما يعني أن الدراما باتت تقدم نفسها باعتبارها ليس فقط قوى ناعمة ذات تأثير، وإنما أصبحت أداة ناعمة أيضا لتحقيق الإصلاح، عبر ترجمة القرارات "الجامدة"، والقوانين الصادرة في هذا الصدد، في إطار درامي سلس، من شأنه إضفاء قناعة لدى المواطن العادي بأهمية هذه القرارات وتلك القوانين.
 
وبالنظر إلى الأعمال الدرامية، المقدمة مع بداية موسم رمضان الحالي، نجد أن الحلقات الأولى من المسلسلات تتناول قضايا مهمة، تبدو مرتبطة باللحظة الراهنة، منها ظاهرة التحرش، والتي تمثل خطرا كبيرا على المجتمع، بينما تعكس احتقارا للمرأة، بينما يتناول في طياته قضية أخرى، تمثل سمة العصر الحالي، وهي تقديم المحتوى عبر الإنترنت، والكيفية التي يمكن من خلالها استخدامها إيجابيا، عبر تقديم رسائل إيجابية للمتابعين، من شأنها تعزيز الوعي لديهم، بخطورة السلبيات التي قد تتفشى في المجتمع وتداعياتها على مستقبل الأجيال الجديدة، حال عدم احتوائها.
 
قضية تنظيم النسل، هي الأخرى تمثل المحور الذي يدور حوله مسلسل "امبراطورية ميم"، في التداعيات الكبيرة المترتبة على إنجاب أعداد كبيرة من الأطفال، وما يشكله من ضغوط على كاهل الوطن، في ضوء الضغط الكبير على الموارد، جراء الزيادة الكبيرة في السكان، من جانب، بل وكاهل المواطن، في ظل عدم قدرته على تلبية احتياجات أسرته، ناهيك عن تأثيره ذلك على صحة الوالدين، والأبناء، وهو ما يتم تناوله في إطار خفيف، من شأنه جذب أنظار الفئة العريضة من المجتمع، حتى يتسنى لهم الاستفادة من الرسالة التي يقدمها العمل، بعيدا عن تعقيدات المفاهيم الاقتصادية والعلمية المرتبطة بالقضية، والتي تدور غالبا في نمط التصريحات الرسمية التي تتناولها البرامج التلفزيونية أو بيانات المسؤولين.
 
الأمور امتدت إلى قضايا أخرى تناولتها الدراما الرمضانية، في الموسم الحالي، بين الحديث عن القضايا الزوجية (لحظة غضب)، وما قد يطرأ على الأسر من أحداث طارئة وكيفية التعامل معها (بدون سابق إنذار)، وتعزيز المبادئ والقيم لدى الأطفال، في عدة أعمال مخصصة لهم، وحتى التاريخ (الحشاشين) وغيرهم.
 
وهنا تبدو الأعمال الدرامية في الشهر الفضيل أكثر احتراما لعقول المشاهدين، عبر التلامس مع حياتهم اليومية، وتقديم رؤى مختلفة للتعامل مع ما يطرأ عليها من تحديات، مع جانب آخر من شأنه تقويم السلوك، سواء في نطاق العائلة الكبيرة أو الأسرة الصغيرة أو المجتمع بأسره، وهو ما يساهم في توسيع دائرة "الإصلاح" لتصبح أكثر شمولا نحو مختلف مناحي الحياة.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة