الدبلوماسية المصرية "حوائط صد" متوازية فى مواجهة العدوان على غزة.. ارتكزت على البعد الإنسانى لتحقيق التوازن الدولى.. ودحض محاولات تصفية القضية أضفى زخما إقليميا.. واستحدثت دائرة الجوار لمجابهة مخططات الاحتلال

السبت، 11 نوفمبر 2023 01:29 م
 الدبلوماسية المصرية  "حوائط صد" متوازية فى مواجهة العدوان على غزة.. ارتكزت على البعد الإنسانى لتحقيق التوازن الدولى.. ودحض محاولات تصفية القضية أضفى زخما إقليميا.. واستحدثت دائرة الجوار لمجابهة مخططات الاحتلال البعد الإنساني أحد أهم مرتكزات الدبلوماسية المصرية فى فلسطين
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تغيير يبدو ملموسا في المواقف الدولية تجاه العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، يبدو في العديد من المشاهد الأخيرة، ربما أبرزها دعوات زعماء العالم إلى التهدئة، بالإضافة إلى الضغوط المفروضة على الاحتلال لتمرير المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، ناهيك عن الإدانات التي تبناها عددا منهم تجاه الانتهاكات الكبيرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في القطاع، وعلى رأسها قصف المدنيين والمستشفيات ودور العبادة، والتي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، وهو ما يمثل ثمرة مهمة للجهود التي بذلتها الدبلوماسية المصرية، لتحقيق أكبر قدر من التوافق الدولي، حول العديد من المشتركات، والتي دارت حول مسارين رئيسيين، أولهما سياسي عبر تعزيز حل الدولتين، بينما يعتمد المسار الآخر جانبا إنسانيا.

فلو نظرنا إلى المواقف الدولية، التي تبناها الغرب، في أعقاب العدوان على غزة مباشرة، نجد أن ذريعة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، كانت بمثابة "النمطية" السائدة في الخطاب الدولي، بينما الأمور شهدت تغييرا عميقا جراء الجهود التي بذلتها القاهرة، سواء بشكل فردي، عبر التنسيق مع زعماء العالم الذي أجروا زيارات متواترة للقاهرة، من جانب، أو بصورة جماعية، عبر قمة "القاهرة للسلام"، والتي ارتكزت في الأساس على المسارين سالفي الذكر، لتتمكن الدولة المصرية من خلق "حوائط صد" متوازية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، أولهما ذات سياق عالمي، عبر خلق أرضية مشتركة مع الغرب، من خلال تعزيز المسار الإنساني، بينما حمل الثاني مسارا إقليميا، عبر تعزيز الشرعية الدولية وحق الفلسطينيين في تأسيس دولتهم المستقلة، في حين تجسد الثالث في تعزيز دور دول الجوار.

فلو نظرنا إلى المسار الأول، نجد أن ثمة نجاحا مصريا منقطع النظير في خلق "حائط صد" دولي، على أساس إنساني، عبر التركيز على أولوية دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بينما عملت على حشد المساعدات الإنسانية من دول العالم على أرضيها تمريرا لإدخالها للسكان المحاصرين تحت القصف، عبر معبر رفح، وهو ما وضع سلطات الاحتلال في مأزق، في ظل فشل مخططهم، القائم على حصار أهل غزة بالنار والجوع، حتى يتم إجبارهم على ترك أراضيهم، بينما شددت الدولة المصرية على ضرورة العمل على التوقف عن قصف المستشفيات، وأضفت إلى دعوتها المزيد من "الشرعية" الدولية، عبر اشتراط الالتزام بهذا الأمر مقابل عبور الأجانب ومزدوجي الجنسية إلى أراضيها تمهيدا لنقلهم إلى بلدانهم.

وفي الواقع، حقق ارتكاز الدبلوماسية المصرية على البعد الإنساني، في التعامل مع العالم فيما يتعلق بالعدوان على غزة، نجاعة كبيرة، في ضوء العديد من المعطيات، أبرزها فظاعة الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، واستهدافه المتعمد للمدنيين من النساء والأطفال، مما وضع العالم في حرج أخلاقي أمام الشعوب التي ثارت تنديدا بالعدوان، ناهيك عن القناعة الكبيرة لدى قادة العالم، بقدرة الدولة المصرية على تحقيق اختراقات كبيرة في العديد من الملفات التي ترتبط بهم بصورة مباشرة، فيما يتعلق بالأزمة، أبرزها في ملفي الأسرى، في ظل وجود عددا من مزدوجي الجنسية، وكذلك عبور مواطنيهم العالقين في القطاع المحاصر بالقصف.

بينما حمل المسار الثاني إطارا إقليميا، تجسد بصورة كبيرة في أهمية تعزيز الشرعية الدولية، والتي تقوم في الأساس على حل الدولتين، وحق الفلسطينيين في تأسيس دولتهم المستقلة، وهو ما يمثل أولوية قصوى في ظل مركزية القضية، وهو ما يعكس أحد أهم الأهداف التي وضعتها مصر على عاتقها خلال قمة "القاهرة للسلام"، حيث أكدت رفضها لكافة المحاولات الإسرائيلية لتصفية القضية، عبر استغلال حالة التعاطف الدولي معها في أعقاب "طوفان الأقصى"، حيث تمكنت من خلالها في "تجديد دماء" الشرعية الدولية مجددا، عبر تحقيق حالة من التوافق العابر للثقافات، حول الحق الفلسطيني الأصيل.

حائط الصد الإقليمي الذي تجلى في القاهرة، خلال القمة الدولية التي انعقدت في أراضيها في 21 أكتوبر الماضي، بينما يتعزز في القمة العربية الطارئة، التي تعقد بالرياض، يأتي نتيجة جهود لا تقتصر في نطاقها مع الأزمة الراهنة، وإنما يحمل في طياته جهودا طويلة دامت لسنوات، لتحقيق حالة من "لم الشمل" عبر العمل الجاد على احتواء الخلافات البينية، والسعي إلى تحويل العلاقة بين الخصوم الإقليميين إلى "شراكة" تعتمد مبدأ تعظيم المصالح المشتركة، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المركزية، وفي القلب منها فلسطين، مع تحييد الخلافات.

في حين استحدثت الدولة المصرية "دائرة" الجوار الإقليمي، في التعامل مع الأزمة في غزة، عبر إضفاء غطاء من الحماية، لدول الجوار، في مواجهة الدعوات المشبوهة التي تبنتها سلطات الاحتلال لتصدير، أو بالأحرى "إعادة استنساخ" الفوضى بها، وهو ما يهدف إلى تجريد فلسطين من كافة أركان الدولة، أولهم المواطن عبر التهجير، والأرض عبر التوسع في الأراضي التي يتم إخلائها، في حين يتم تجريدها كذلك من حلفائها.

الارتكاز على "دائرة" الجوار، ليس الأول من نوعه، في أزمة غزة، حيث سبق وأن انتهجته الدولة المصرية في التعامل مع الأزمة في السودان، قبل شهور قليلة، عبر قمة "جوار السودان" والتي تعكس اعتماد منهجية تعزز من دور دول الجوار، باعتبارهم الأقرب جغرافيا من موقع الأزمة، ناهيك عن الروابط التاريخية، والتي تربط بين الشعوب وبعضها.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة