هل حاولت مرة أن تنظر إلى فريق من الكلاب وأن تتعرف على لغتهم؟ وكيف يتعاملون سويا؟ أو فكرت من قبل إن كان للحيوانات لغة للحديث أم لا ؟ عالم الحيوان كما الإنسان، له طبيعته وقواعده ولغته التى قد لا يفهمها الكثير منا، لذا حاول "اليوم السابع" فى هذا التقرير التعرف على بعض وسائل تواصل الحيوانات، ولغتها فى التعبير .
الدكتور مصطفى فايز، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين، أستاذ الطب البيطرى، بجامعة قناة السويس، قال إنه للتواصل بين الحيوانات لغة مميزة، وخاصة فى الحيوانات "الراقية"، مثل الخيول والكلاب، ودائما ما تكون الأساس فيها الصوت خاصة أنهم يملكون حاسة سمع تفوق الإنسان، بالإضافة إلى لغة الجسد، كما أنهم يفضلون التواصل بالروائح، فعندما يترك الكلب مثلا "بوله" فى منطقة ما، فهو بذلك يرسل رسالة أن تلك المنطقة خاصة به ويُحرم على كلب أخر أن يأتى اليها ، كما أن اختلاف صوت الكلب أحيانا يدل على الألم، وتارة الحب، وأخرى للغزل، ويصدرها بشكل راقى تفهمها الأنثى، ويبدعوا فيها، ولكل منها اسم، مثل صوت الخيل يعرف أحيانا بالصهيل، وأوقات أخرى حمحمة، وصوت القطط مواء وهرير.
وأضاف فايز، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"،: الحيوانات تتفاهم بالإشارات أيضا، ولغة الجسد، فحين يحرك الحيوان جسمه كاملا يكون لها معنى، وجزء منه معنى أخر، وتلك الأمور يعتمد عليها القطط والأسود والكلاب وتلك الفصائل، وقديما كان يفضل العرب "الفرس" أكثر من ذكر الحصان، لأنها لا تفضل إصدار أصوات كثيرة، مما يؤهلها لتكون أفضل فى الحروب والهجوم على القبائل، واختبائهم عن أعدائهم.
وللبقر أيضا لغة، والدليل على ذلك أنه قد تقع مشكلة فى كميات الحليب فى أحد المزارع، إذا تم إدخال بقرة قبل أخرى من شخص لا يدرك ترتيب كل بقرة ورُتبتها، فإن البقر يتخذ موقف ضد ذلك ويعبر عن غضبه بالامتناع عن الحلب، لأن البقرة التى دخلت قبلها أقل فى الرتبة عنها، وكما قال تعالى "وعلمناهم منطق الطير"، فإذا نظرنا إلى الطيور سنجد أنها تطير فى شكل رقم 7، حيث يقودهم الأقوى من بينهم، وأفضل من فيهم، وأثناء الطيران فأن القائد يبدل مع من يتبعونه لمنحه فترة من الراحة، وكل مجموعة من الكلاب لهم قائد أيضا، ويتبعه ترتيب لكل عضو بتلك المجموعة لا يمكن لأحد أن يتجاوزها.
أما لغة النمل ، فهى من أشهر وأفضل اللغات، فقال تعالى: قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، تلك الآية الكريمة ، تؤكد أن النمل يتفاهم بفصاحة، فعادة نراهم يقابلون بعضهم ويضعون رؤوسهم فى رأس بعض، وذلك لتقريب قرون الاستشعار الخاصة بهم والتى تصدر مواد كيمائية يتواصلون من خلالها، والجدير بالذكر هنا أن مخ النمل، يعد الأكبر بين الحيوانات من حيث الحجم بالنسبة لوزن الجسم، وذلك لاستيعاب لغة الكيمياء.
والحيوانات ترسل لبعضها رسائل تحذيرية، فمثلا: يقف القط أمام الكلب فى بعض المواقف يعبر عن نفسه بالصوت العالى، ويتبادلون الأصوات، وحال شعورهم أنهما سيخسرا تلك المعركة يتراجعان عنها، سواء الدب والدب، أو الأسد مع الأسد، يستعرض كل منهما امكانياتهم، وفى حال شعور وتأكد طرف أن الأخر أضعف منه قد يتخذ قرار بالبدء فى معركته، كالحرب الباردة تماما، والمُحرك الأساسى لكل هذه الحروب هو "الجنس"، أى هرومونات الذكورة أو الأنوثة، أو هرمونات الذكر مع الذكر لصالح الأنثى، وهنا الأقوى هو من سيفوز، وسيصبح هو المُسيطر والأبقى، مما يؤكد أن حياة الحيوانات يُسيطر عليها مبدأ "البقاء للأقوى".
ويضيف الدكتور مصطفى:، إن الجمل الذكر فى كل قطيع من الجمال، له من 30 إلى 50 ناقة، ولكى يسيطر ويصبح "الفحل" والقائد لهم لابد أن يكسب كل الذكور الموجودين فى المنطقة، بعدما يخوض ضدهم سلسلة من المعارك ، مستخدمين رقابهم الطويلة، وذلك الأمر نفسه مع الزراف، والأسد له مجموعة من الإناث "القسورة"، ويعيشون فى مجاميع وتسمى بمملكة الأسود، وهم أكثر الفصائل فهما لبعض بلغة الجسد، ويسيطر ملك الغابة على مساحات حسب قوة زئيره التى تصل إلى حوالى 8 كيلومتر، أى إلى الحد الذى يمكن لصوته أن يصل إليه زئيره، ولا يمكن لأسد ، أخر أن يسيطر على منطقة تدخل فى نطاق صوته، وإلا فسيحتاج لخوض معركة دامية للتغلب عليه، وإثبات قوته ونفوذه، وفى حال خسارته يُصبح مجبرا على ترك تلك المنطقة.
وتابع الدكتور مصطفى فايز، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين، أستاذ الطب البيطرى، بجامعة قناة السويس قائلا : أن الحمام يعبرعن عدم رغبته فى البقاء مع آليفه بضربه حتى ينفصلوا، ويبحث عن آخر، وعندما يشعر بالألفة معه والحب يستمروا للأبد، وفى "غية" الحمام يظهر نوع من الحمام "البلطجى"، وهو الذى لا يجد لنفسه حمامة أنثى، يرتبط بها فيظل يمارس بلطجته على باقى أفراد الغية، ويؤدى ذلك إلى تعرضه للضرب من الغية، أما الحيوانات غير الراقية مثل الديدان، والسمك، الذى يحظى بذاكرة ضعيفة، فهو يسمع بشكل جيد جدا، لوجود خطوط حس على جانبيه، أما الدولفين فهو من أكثر الحيوانات تفاهما بالأصوات فى المياه، لدرجة أنهم يتفاهموا على مسافات تصل إلى عدة كيلوات، لذا فهو الأفضل فى المهرجانات المائية.
وفى عالم الدواجن، يُصبح لكل دجاجة رُتبة، وترتيب فى الأولويات، ولا يمكن لدجاجة حديثة أن تتناول غذائها قبل الدجاجة الأعلى منها، ولكل ديك 10 دجاجات، وكل منهم تعلم مكانها جيدا، وفى حال خطأ دجاجة منهم "تنقرها" باقى الدواجن، ويساعدهم فى تأديبها الديك، وفى عنبر الدواجن الرومى، فى حال دخول رجل غريب عادة ما تتولد لديه الرغبة فى "نقره"، وذلك لشعوره أنه تعدى على منطقته، وهو الأمر نفسه فى حال دخول منطقة مخصصة للبط، ولاتقاء شر الجمال لابد من البدء فى التعامل مع قائدهم والسلام والتعامل معه و"الطبطبة عليه"، وذلك للحفاظ على نفسه من باقى القطيع، كما يتعامل الغرباء فى أى منطقة، ويتجهون إلى شيخ القبيلة.
ويشير مصطفى ، إلى أن الأرانب أحيانا يقال أنه عند دخول شخص مُحدد " نفقوا " ، وغالبا ما يتم اتهامه بأن عينه سيئه، وهو أمر يخالف الواقع تماما، نظرا لأن ذلك يعنى أن الشخص الذى دخل عليهم فقط رائحته بالنسبة لهم سيئة، أو أنه يضع رائحة قوية لم يتحملوها، لأنهم لا يفضلون الروائح.
كما أن الذئب ، يدرك أن فى الاتحاد قوة، فلا يمكن أن يصطاد إلا فى فريق، فهو يخرج فى قطيع منظم وكل واحد فى الفريق يعرف مهمته، ويضحى الفرد بنفسه فى مصلحة المجموع، وعندما يكون وحيدا يغلب عليه الحرص، ويخشى مهاجمة حيوان أكبر منه، ولكن وسط القطيع يعمل بخطط جماعية ، وإلا فسيدفع ثمن ذلك باهظا، إذ يتصدى للعراك فرد، وعند إصابته يتصدى أخر للعراك، وهكذا حتى تغلب الفريسة، ويسترشد القطيع عادة بحاسة الشم إلى مواقع الفريسة، وأحيانا يلجئون إلى مناورة حربية طريفة، فيضعون أنفسهم فى مواقع لتحمل الريح رائحتهم إلى الفريسة فتنزعج وتفر مُسرعة، دون أن تدرك أن أفرادا أخرين من القطيع اختبئوا فى انتظارها.
ويعد الوطواط "جهاز لاسلكى" ربانيا، فهو يعتمد فى تقدير المسافة بينه وبين السطح، الذى ينعكس منه الصوت على الزمن الذى يستغرقه ذلك الصوت فى ذهابه وإيابه، كل ذلك يؤكد أن عالم الحيوان أكثر تنظيما ودقة.
