نورا عبد الفتاح تكتب : انظر.. إنهم حتى فى ثلاجاتهم !

الثلاثاء، 16 يناير 2018 08:00 م
نورا عبد الفتاح تكتب : انظر.. إنهم حتى فى ثلاجاتهم ! أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جميعنا يمر بفترات ضغط نفسى، تمثل نقطة تحول فى حياته، يغير على أثرها أفكار ثابتة  كما يغير ترتيب الأولويات، وتُعرفه أماكن كثير من الناس عنده وتُعرفه مكانه عند كثير من الناس، ومثل هذه الفترات يحتاج الواحد منا إلى الإنفراد بنفسه لأوقات غير قليلة، لوضع كل أمر مضطرب داخله فى نصابه ويرتب الشتات والتيه الذى يعانيه، حتى يواصل العيش فى نفس الظروف ومع نفس الأشخاص ولكن بشكل أكثر نضجٱ وأرحب صدرٱ، وأقوى تحملٱ .
ولكن هل يتمكن الجميع من فترة الخلوة التى يتمناها والتى من المفترض أن تعينه على اعادة حساباته وترتيب دفاتره ؟
هل يتركه الجميع يمر بسلام فى هذه المرحلة ويعود بعدها أفضل مما كان وأصلب وأكثر تقبلٱ
؟
كيف سيتأتى ذلك والناس تحيطه فى كل مكان، فى العمل والشارع والبيت وفى جيبه وأدراج مكتبه، فهم بالفعل يسألونه عما فى جيبه وفى أدراج مكتبه  ! 
وقع كلمة " الناس "، غير لطيف وغير مريح ، غالبٱ ما يأتى فى سياق مريب أو سلبى ، مثل ، الناس هتقول ايه ؟ ، كلام الناس، الناس مبترحمش ، الناس هتاكل وشنا .
من أقل الناس ذكاء الذى يضيع وقته وطاقته فى الخوف من الناس ومن كلام الناس ، فأغلب الناس الفضوليين الذين يدخلون أنوفهم فى كبار وصغار الأمور، لايستحقوا أن يقام لهم وزنٱ أو أن نفكر فى صورتنا أمامهم أو ماذا سيقولون.
ولكننا فى ذات الوقت مضطرون للتأثر بهم وبما يقولون ، لأنهم حولنا وبجانبنا أينما كنا ، فهم يجبروننا على عمل حسابهم ، بسبب انتشارهم الرهيب فى كل مكان .
منذ عدة سنوات مررت بمرحلة مشابهة وكنت أتحين الفرص للجلوس بمفردى فى أى مكان فلا أستطيع ولا سيما ، أن صغر سن أطفالى حينها كان سببٱ أصيلا من عدم تمكنى من الانفراد بنفسى مطلقٱ، ولم أكن أرى جدوى من الفضفضة و"الرغى " . 
فقررت الذهاب إلى أقرب مسجد حتى أشكو بثى وحزنى إلى الله وأترك هذه القاذورات فى الخارج المليئة بالأحقاد والصغائن والقهر والافتراء والمزايدة والتشفى.
وبالفعل دخلت المسجد وبدأت فى الصلاة فانفجرت عيناى بالبكاء بشكل تعجبن منه المصليات وحتى أنا تفاجأت به، ولكنى تصورت أن الجميع سيعتقد أن شدة بكائى بسبب الخشوع والخشية من الله، ولكن لم يبدو الأمر كذلك، فلقد بدأت وصلتى مع سورة الفاتحة وليس فيها ما يدعو إلى الخشية والخوف بصورة كبيرة.
فشعرت بتعجب الجميع الذى اختلط بالفضول مع الشفقة مع فرض الاحتمالات، ولكن الخلاصة أنهم أفسدوا على جلستى ، وأنا التى ذهبت هناك باحثة عن الهدوء ، متصورة أننى سأجد هناك المهرب منهم، وكنت أكاد أقول ، لقد جئت إلى هنا فرارٱ من أمثالكم فى الخارج ، فاذا بى أجد أمثال منكم فى الداخل، أين أهدأ اذٱ ؟
أين يهدأ أولئك الفارون الذين لا يتماسكون ولا يتجددون إلا بعزلة من حين إلى حين ؟
أين يهدأون والناس يتدخلون فى كل مكان فى بيوتهم وطعامهم وعملهم ، انظر ، انهم حتى فى ثلاجاتهم  !









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة