فى حديثه الأسبوعى على الفضائية المصرية..

شيخ الأزهر: ينبغى إبعاد أصحاب الفتاوى الشاذة حفاظًا على استقرار المجتمعات

الجمعة، 07 أبريل 2017 01:50 م
شيخ الأزهر: ينبغى إبعاد أصحاب الفتاوى الشاذة حفاظًا على استقرار المجتمعات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن العودة للحديث عن موضوع "الطلاق الشفهي" بعد أن هدأت الزوبعات والتقولات، ربما يكون من المناسب الآن ليعرف الناس بهدوء الموضوع من جُلِّ جوانبه، وأُؤكد ابتداء أن أمانة التبليغ عن الحكم الشرعى فى هذا الموضوع هى من أولى أولويات هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بعد أن ظهرت بعض الفتاوى الشاذة بين الناس، ومن هذا المنطلق حذرت الهيئة فى بيانها من هذه الفتاوى، لتؤكد أنه ليس كل من انتمى إلى الأزهر الشريف له الحق فى الإفتاء.

 

وأضاف شيخ الأزهر فى حديثه الأسبوعى على الفضائية المصرية: إن الفقهاء قالوا بوجوب الحجر على السفيه الذى يبدد ماله ولا يصرفه فى مساراته الصحيحة، وكذلك الحال بالنسبة لمدعى الإفتاء يجب الحجر عليه، لأنه مستهين بالعلم متبع للهوى، غير ملتزم بما ورد فى القرآن الكريم وفى السنة المطهرة وبما أجمع عليه المسلمون، ولم يراع أصول الاستنباط السليم، مشيرًا إلى أن التقدم التقنى وشيوع وسائل التواصل الاجتماعى شكَّل صعوبة بالغة فى إمكانية السيطرة على ضبط الفتوى، وصعَّب على طالب الفتوى القدرة على فرز الغث من السمين من بين ما يقال، وأصبح هذا الوضع يشكل عبئًا كبيرًا على العلماء الذين يؤدون رسالتهم بإخلاص وخشية من الله –سبحانه- لا يخافون أحدًا سواه، ولا يبيعون دينهم ولا يتاجرون بعلمهم، هذا هو الذى حدَا بالأزهر الشريف وبهيئة كبار العلماء فى أن تبلغ الرسالة كما تعتقدها وتبرئ ذمتها أمام الله، وتبيِّن للناس طريق الحق وتحذرهم من سلوك طريق الباطل، وليس على الهيئة إلا البلاغ.

 

وأكد الإمام الأكبر أن هيئة كبار العلماء انتدبت لجنة قبل أن يُثَار هذا الموضوع بسبعة أو ثمانية أشهر، وقد تحدثنا فى حلقات سابقة عن أن هناك لجنة تكونت من علماء كلية الشريعة فى الأزهر، وكلية دار العلوم من خارج الأزهر، ضممنا إليها -بعد الاتصال بالسيد وزير العدل- أحد القضاة المشتغلين بقضايا الزواج والطلاق والأحوال الشخصية بصفته أقدر الناس على تقييم الواقع الأليم الذى تشهده محاكم الأسرة، مبينًا أن بعض العلماء الذين درسوا وسكنوا المدن الكبرى حدث لهم انفصال بينهم وبين مشكلات المجتمع أو بين ما يحدث على أرض الواقع فى القرى والكفور من قضايا تتعلق بالشريعة، والتى قد تنعكس سلبًا على الأسرة أو قد تسبب إرهاقًا للزوجة، فواجبنا كان هو أن ننقل تلك المشكلات على طاولة اللجنة، لأننا نعتقد أن الواقع والعرف لا بد أن يُراعى فى فقه الأحكام الشرعية، لكى لا يحدث انفصال بين الواقع وبين الشرع.

 

وأوضح الدكتور أحمد الطيب أنه حدث بالفعل انفصال بين مقاصد الشريعة الإسلامية خاصةً فى مفهوم الطلاق وفى مفهوم تعدد الزوجات، وبين ما نعيشه على أرض الواقع، ولذلك أردنا أن تكون نظرة الهيئة نظرة شاملة تراعى الأحكام الكلية والمقاصد الشرعية وإجماع علماء الأمة، فكانت هذه اللجنة مكونة من فقهاء الشريعة فى الأزهر وعلماء دار العلوم مع قضاة من محاكم الأسرة والأحوال الشخصية، وانتهينا بعد ذلك لهذا الرأي.

 

وتابع: كل هذا كان قبل أن تثار مسألة الإشهاد على الطلاق، وليس الأمر كما قيل: إن هيئة كبار العلماء ركبت رأسها، أو كما قيل: إن الهيئة ضد الدولة، بل قيل: إن هذا فُرض على هيئة كبار العلماء وأنه ليس إجماعًا، فهذا كلام ما كان ينبغى أن يصدر من صحف تحترم القارئ أو من قنوات تحترم المشاهد، فهيئة كبار العلماء تنصح المسلمين وهى تستشعر مسئوليتها أمام الله -سبحانه وتعالى- ولا تغريها ولا تفتنها الأضواء والإعلانات، مشددًا على أنه ليس كل المنتسبين للأزهر يعبرون عن صوته، فبعض ممن ينتسبون إلى الأزهر الشريف يحيدون عن منهجه العلمى المنضبط، ونحن نقول للمسلمين: إن الأزهر الشريف ليس مسئولًا عن هؤلاء الشاردين عنه.

 

وأشار الإمام الأكبر إلى أن الهيئات المخولة بتبليغ الأحكام للناس أو بيان الحكم الشرعى فيما يُثار من قضايا أو مشكلات تواجه المجتمع على أساس شرعى هى: الهيئة الكبرى هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء، ولا يكون ذلك لفرد أو أفراد، وليس للمسلم أن يختار الحكم الشرعى "بمزاجه" مستفتيًا قلبه، لأنه من المعلوم أن الإنسان يميل قلبه إلى ما يحقق له رغباته ومصالحه الشخصية، وهنا ضلت الأفهام فى مسالة استفتاء القلب، مؤكدًا أن مسألة الإشهاد على الطلاق ليست أمر معلومًا حتى يقال استفتِ قلبك فيه، وإذا كان كل شيء سيستفتى فيه المسلم نفسه، فماذا نصنع بقول الله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)؟! وأين نضعه؟!

 وذكر أن هناك دعوات هذه الأيام إلى عدم الالتزام بفتاوى الأزهر والمجامع الفقهية، وهذه دعوات خطيرة تُشيع الفوضى، فهل يستطيع عامة الناس أن يقرأوا ويفهموا فى مصادر الفقه ويستنبطوا الأحكام الفقهية ويستخرجوا الفتاوى المختلفة، مؤكدًا أن هذه الدعوات هى تخريب للعلم واستهانة بالعلماء الذين قال عنهم المولى سبحانه: (هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وقال تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).

 ومن هنا ندرك ضرورة الحَجْر على أصحاب الفتاوى الشاذة، لأنها تضر المجتمعات، منوهًا إلى أن الدستور والقانون خَوَّلَ لهيئة كبار العلماء الاختصاص بالبت فى مثل هذه القضايا الشرعية وفيما قد تختلف فيه دار الإفتاء مع مجمع البحوث من أحكام شرعية، وهذا موجود فى كل العالم الذى يحترم العلم والدين والفقه، ولا يَعرِض أحكام الدين كسلعة تعرض فى البرامج والسهرات التلفزيونية.

 

 ولفت الإمام الأكبر إلى أن هيئة كبار العلماء كانت مهمومة بموضوع "الطلاق الشفوي" قبل أن يثار، وقد انتهت فيه الهيئة إلى أن وقوع الطلاق الشفوى المستوفى أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية –أى ليس واقعًا تحت ضغط نفسى أو غضب شديد- وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق - مثل لفظ "أنتِ طالق"- وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبى - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق، فلم يثبت فى عصر النبى -صلى الله عليه وسلم- أن أحدًا من الصحابة حين كان يطلق زوجته يقال له وثِّقْ هذا الطلاق بالكتابة أو أشهد عليه، لم يحدث هذا على الإطلاق، وحين يقال إن الطلاق بدون إشهاد لا يقع فهذا حكم على أمة كاملة بتاريخ كامل بأن كل حالات الطلاق -وهى بالملايين- التى حدثت لا تقع.

 

واختتم حديثه بأن هيئة كبار العلماء احتاطت لهذا الموضوع لمعرفتها بالأضرار التى تقع عند التسرع فى الطلاق، فألزمت المطلِّق أن يُبادر فى توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه، حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، كما احتاطت أكثر حين أكدت أن من حق ولى الأمر أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه، لأنَّ فى ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة، وبهذا تكون هيئة كبار العلماء بينت الحكم الشرعى وفى نفس الوقت قالت: إن من حق ولى الأمر أن يقول مَن لم يوثق طلاقه وقت وقوعه يعاقب تعزيرًا.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة