الليبراليون فى خدمة الإخوان.. أبناء حسن مالك يتخذون ستارا من رجال أعمال لاستثمار أموالهم.. معارض وملتقيات اقتصادية بدعم "قطب" فى بيزنس تنظيم المعارض.. وهل تتحول الأموال رصاصا فى صدر مصر؟

الخميس، 06 أبريل 2017 05:00 م
الليبراليون فى خدمة الإخوان.. أبناء حسن مالك يتخذون ستارا من رجال أعمال لاستثمار أموالهم.. معارض وملتقيات اقتصادية بدعم "قطب" فى بيزنس تنظيم المعارض.. وهل تتحول الأموال رصاصا فى صدر مصر؟ الليبراليون فى خدمة الإخوان
كتب محمد عطية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قبل 89 سنة انطلق حسن البنا نحو حلمه الشخصى، مستعينا بالأفكار الدينية كمظلة، وبالدعم الاستخباراتى والمالى من الأجهزة الأمنية البريطانية وشركة قناة السويس "الفرنسية وقتها"، كساقين حاملتين للجماعة الوليدة، ومن اللحظة الأولى آمن الرجل الثعلب، تاجر الدين والدنيا، أن مفتاح البقاء والتأثير والصعود يتمثل فى الاقتصاد، فأسس منظومة قوية لجمع التبرعات وزكاة الأموال واشتراكات الأعضاء، إلى جانب المساعدات المالية والعينية التى وفرتها له أجهزة ودول عديدة، لتبدأ الرحلة الأخطر والأكثر تأثيرا ضمن رحلات الإخوان المسلمين، رحلة الإمبراطورية المالية والاقتصادية.

 

خلفاء "البنا" فى قيادة الجماعة وعوا الدرس خلال سنوات الثلاثينيات والأربعينيات وما تلاها، فعملوا على ترسيخ الإمبراطورية الاقتصادية وتنميتها وتوسيع مداها، مستغلين الاشتراكات، والمشروعات الاقتصادية والتجارية المملوكة لأفراد الجماعة، وجمع زكاة الأموال من المواطنين عبر جمعيات ومؤسسات خيرية تابعة لهم، مع تعميق الروابط بالدول والحكومات الداعمة، وتدشين فروع للجماعة بالخارج، لتكون سياجا ماليا واقتصاديا، وقناة مهمة للتدفق المالى، وخلال هذه الرحلة طرقت الجماعة أبواب التعاون مع وجوه اقتصادية وشركات وكيانات تابعة لآخرين، من خارج الجماعة بالطبع، واستفادت من الوجوه الليبرالية واليسارية الشريكة لها، ما وفر فى كثير من الأوقات فرصا أوسع للعمل والاستثمار وتنمية الأصول والعوائد، والهروب من الرقابة وعين القانون والفحص الدقيق للإيرادات والنفقات بطبيعة الحال.

 

 

حسن مالك.. "ماريونيت" الجماعة الاقتصادى
 

بعد سنوات التأسيس الأولى وتورط جماعة الإخوان فى جرائم تفجير واغتيالات، ما قاد إلى استصدار حكومة ما قبل ثورة يوليو قرارا بحل الجمعية الخيرية التابعة لها، حرصت الجماعة منذ هذا التاريخ على أن تكون كيانا خارج إطار القانون، لا يخضع لأى رقابة أو متابعة، لهذا لم يكن أمامها إلا اللجوء لأفرادها المخلصين والموثوق فيهم ليكونوا أمناء الخزائن والواجهة الاقتصادية التى تدير أموال الجماعة، وعلى مدى العقود الماضية ضم سجل الجماعة عشرات الوجوه فى هذا الإطار، قديما وحديثا، لعل أبرزها خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، الذى احتل واجهة الصورة وبقعة الضوء، بينما كان فى الخلفية وعلى بُعد خطوات منه يقف حسن مالك، الذى صبت الجماعة جانبا كبيرا من ثرواتها فى حساباته والشركات التى أسستها له، ليكون ذراعا اقتصادية ضاربة، وبعيدة عن الأضواء، ويحمل ألقاب "بنكنوت التنظيم"، و"الخزنة السرية للتنظيم"، و"وزير مالية الإخوان"، وظل الأمر على هذه الصورة حتى قادت تفاصيل المرحلة السياسية إلى كشف اسم حسن مالك وتفاصيله وثرواته وحدود دوره فى إفلات أموال الجماعة من الرقابة.

رحلة حسن مالك مثيرة للأسئلة والملاحظات، بدءا من نشأته فى أسرة إخوانية لأب "عز الدين مالك" عضو بالجماعة وصديق شخصى لحسن البنا، ثم علاقاته الاقتصادية بأجنحة اقتصادية تركية لنظام نجم الدين أربكان "أستاذ رجب طيب أردوغان" فى تركيا، ورئاسته لجمعية رجال الأعمال الأتراك فى مصر فى وقت لاحق، ثم اعتقاله ومصادرة أمواله فى قضية "سلسبيل" سنة 1992، وهو الأمر الذى تعرض له مرات أخرى، ولكنه كان فى كل مرة يخرج مستعيدا إمبراطوريته الاقتصادية والمالية بشكل سريع وغير مفهوم، وكأنه يضع عيده على ماكينة لطباعة البنكنوت، أو يغرف من بحر، أو كأنه مجرد واجهة لأموال ضخمة لا تفنى ولا تقل، وكلما ضرب القانون تلا منها، منحته الجماعة تلالا أخرى.

 

أسرار حسن مالك "المشينة"
 

قامت فلسفة "الإخوان" على الاتجاه للاقتصاد الريعى والاستهلاكى، لهذا لم تهتم باقتصاد البناء والتنمية، عبر المصانع والمزارع والمشروعات الإنتاجية، وركزت أنشطتها بشكل أكبر على الاقتصاد الريعى، وعلى بعض الجوانب سريعة الربح والمشبوهة أحيانا، وفى مقدمتها تجارة العملة، وحسبما يقول رجل الأعمال وقطب توظيف الأموال السابق أشرف السعد، الذى كان مقربا للغاية من الجماعة فى وقت من الأوقات: "أنا اللى معلم حسن مالك تجارة العملة، وأول مرة اشتغل فيها كان معايا"، ومن تعلمه على يد "السعد" إلى تركيزه وتبحره فى هذه التجارة، بتعاون مع شركات خيرت الشاطر وعدد من أقطاب الجامعة العاملين فى مجالات تجارة السيارات وتجارة التجزئة والسلع الغذائية والملابس والمستشفيات والمراكز الصحية، منهم مدحت الحداد وسعد الحسينى وعبد المجيد المشالى وحسام أبو بكر وصادق الشرقاوى وأسعد الشيخة وخالد عبد القادر عودة ونبيل مقبل وعبد الرحمن سعودى وآخرون، إلى جانب تعميق علاقاته بنظام أردوغان فى تركيا، ورجال الأعمال التابعين لحزب العدالة والتنمية، وعلاقاته بالمعارض السودانى حسن الترابى ورجاله والموالين له، واتساع حجم العمل والتبادل المالى والاقتصادى والنشاط والتحويلات مع مؤسسات حركة حماس الفلسطينية وواجهاتها المالية، وعلاقته بقناة الجزيرة والإدارة القطرية، وكشفتها وثيقة تحويل مالى من حسن مالك لصالح مذيع القناة أحمد منصور بـ300 ألف جنيه، واتصالاته بتنظيم القاعدة عبر أيمن الظواهرى وصولا إلى أسامة بن لادن، وما أسفر عنه من تعاون اقتصادى مع بعض أجنحة مجموعة "بن لادن" الاقتصادية الضخمة، وأيضا علاقاته بالدكتور عمر عبد الرحمن، القطب الجهادى الراحل مؤخرا، وتنفيذ تحويلات مالية واسعة باسم يوسف القرضاوى وعدد كبير من أقطاب وقيادات الجماعة، عبر بنكى التقوى و"أكيدا" وغيرهما من بنوك "الأوف شور" فى جزر الباهاما، وذلك بحسب تقرير مطول نشرته "واشنطن بوست" عن تاريخ وأموال جماعة الإخوان.

 

مع صعود نجم الجماعة سياسيا، باستغلال ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث، بدأ مالك رحلة تمكين الجماعة اقتصاديا بالتوازى مع التمكين السياسى، فدشن جمعية "ابدأ" فى 2012، لتضم مع بدايتها 120 رجل أعمال، منهم أعضاء سابقون بالحزب الوطنى، ورموز من الليبراليين واليسار، مع سعى 600 رجل أعمال آخرين للانضمام، وهو ما دفع "مالك" وواجهات الجماعة الاقتصادية لتعميق التعاون مع رجال الأعمال من التيارات السياسية الأخرى، للاستفادة بمساحة حضورهم فى السوقين الداخلية والخارجية، وكان يبدو للوهلة الأولى أن الجماعة تسعى لاكتساب مشروعية أكبر فى سوق "البيزنس" والتوغل بدرجة أكثر انتشارا وسيطرة فى عالم المال والأعمال، لإحكام قبضتها على اقتصاد مصر، بينما سعى رجال الأعمال المتعاونون إلى الاقتراب من الصاعدين الجدد فى عالم السياسة، والتعامل مع النظام الحاكم الجديد بهدف تحقيق استفادة أكبر، ولكن الغريب أن التعاون لم ينته بانتهاء وجود الجماعة فى السلطة، واستمر التعاون والتواصل والشراكة والعمل المتبادل بين رجال أعمال محسوبين على اليسار والليبراليين، وحسن مالك وشركاته وأبنائه ورجاله من داخل الجماعة، حتى بعد ثورة 30 يونيو 2013.

 

الليبراليون فى خدمة الإخوان
 

عقب القبض على حسن مالك فى الشهور الأخيرة من 2015، وعرض الجهات الأمنية معلومات عديدة عن تورطه فى المضاربة على الدولار وإشعال الأزمة فى سوق العملات الأجنبية، كان البديل لدى الجماعة، ولدى أسرة الإمبراطور الاقتصادى الإخوانى، البحث عن بدلاء من خارج الجماعة، ووجوه مقبولة من المتعاونين المحسوبين على معسكرات ليبرالية أو يسارية، وهو ما تم التواصل إلى اتفاقات واضحة وصريحة بشأنه سريعا، عبر الدخول فى شراكات غير مباشرة، عبر وسطاء ومن خلال صفقات كبيرة ومتداخلة، إلى جانب المشاركة فى معارض داخلية ودولية بدعم ومساندة متبادلين، ومن هذه الاتفاقات تنفس توكل "استقبال" التركى للأثاث، المملوك لحسن مالك وأبنه أسامة مالك، والذى يشارك فى معارض كبيرة للأثاث فى مصر، بجانب مجموعات معارض المالبس "الفريدة" و"سوار"، و"رواج كابيتال"، و"نقاء" و"حياة"، و"دار الطباعة والنشر الإسلامية" و"مالك لتجارة الملابس الجاهزة"، وغيرها من شركات ومعارض حسن مالك التى استفادت من "الستارة" التى وفرها لها الحلفاء من رجال الأعمال المحسوبين على التيار الليبرالى، وفى القلب منهم قطب كبير فى عالم بيزنس المعارض، وصاحب الواجهة الليبرالية والحرية ودعم الدولة الوطنية والوقوف فى صف التنوير وفى مواجهة التطرف والإرهاب وتهديد أمن مصر ومصالحها.

المناورة الاقتصادية الكبيرة التى نفذتها أسرة حسن مالك، تتشابه مع مناورة سابقة نفذها الإمبراطور اللغز بنفسه، حينما تبرأ من جماعة الإخوان عقب القبض عليه، واتهامه بالتلاعب بالعملة وسوق الصرف من خلال شركات صرافة إخوانية، مستغلا شركات "التوحيد"، و"النوران"، و"الغربية"، وهى شركات مملوكة لأعضاء الجماعة، وكانت المفاجأة أن يقول "مالك" أمام المحكمة: "لست قياديًا فى الإخوان أو عضوًا فى التنظيم، أنا مجرد تاجر"، متحدثا عن تعاونه مع الأجهزة الأمنية عقب ثورة 30 يونيو، ومع الوضوح الشديد للمناورة وسببها، وكونها محاولة للهروب بالنفس وبأموال الجماعة من قبضة القانون، يبدو أن رجال الأعمال الليبراليين اقتنعوا بالمعلومات الواهية والمضحكة التى أدلى بها حسن مالك، فمدّوا أيديهم للجماعة وشركاتها وأموالها، وساعدوها على العمل والنمو والزيادة وتوفير مزيد من الموارد للتنظيم، يبدو أنهم اقتنعوا فعلا، حتى الليبرالى المتنور الناشط فى سوق بيزنس المعارض، فإن لم يكن وراء الأمر اقتناع وقبول، فلا سبب مقنع فى الحقيقة إلا أن يكون بعض الليبراليين قد "تأخونوا"، أو أنهم يضعون أيديهم فى أيدى الجماعة "مع سبق الإصرار والترصد".

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة