2018 عام التحدى الأكبر والأصعب للرئيس الفرنسى ماكرون

الأحد، 31 ديسمبر 2017 07:42 ص
2018 عام التحدى الأكبر والأصعب للرئيس الفرنسى ماكرون إيمانيول ماكرون الرئيس الفرنسى
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع انتهاء عام 2017 ، اهتمت الأوساط الفرنسية بإلقاء الضوء على أهم ما شهدته البلاد خلال هذا العام من أحداث وتطورات بارزة، وكان انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون رئيسا للبلاد فى مايو الماضى هو الحدث الأهم والأبرز على الساحة الفرنسية.

فى هذا السياق، أظهر استطلاع للرأى أجراه معهد "ايفوب فيدوسيال" لحساب مجلة "بارى ماتش" الفرنسية، ونشر فى 27 ديسمبر الماضي، أن 33% من الفرنسيين المستطلعة أرائهم اختاروا الرئيس ماكرون ليكون شخصية العام، واعتبروا أن انتخابه رئيسا للبلاد كان هو الحدث الأهم الذى يميز عام 2017.

واعتبر الفرنسيون أن دخول ماكرون الإليزيه قد أتى برياح تغيير شملت مختلف جوانب الحياة السياسية سواء الوجوه الجديدة التى ضمتها الحكومة أمثال إدوارد فيليب رئيس الوزراء، وجون ميشيل بلونكيه وزير التعليم ، أو التغيير الملحوظ الذى شهده البرلمان بضمه نوابا أكثر شبابا يمثلون اتجاهات سياسية مختلفة وتمثيل أكثر للنساء.

فى السياق ذاته، اختارت مجلة " الإيكونوميست" البريطانية "فرنسا" لتكون "بلد العام" 2017 وذلك لانتخابها الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون الذى نجح فى "الإطاحة بالنظام القديم" وتمكن من مواجهة التيار المتطرف الذى كانت تمثله مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبن.

ويرى ميشيل ديوكوس، الخبير فى معهد مونتيني، أن اختيار المجلة لفرنسا كبلد العام 2017 يعبر عن الصورة المتجددة والمختلفة التى تمثلها البلاد بعد انتخاب ماكرون.. فمن ناحية تمكن الرئيس الجديد من التصدى للتيار الشعبوى الذى كان يمثل تهديدا خطيرا على الصعيدين الداخلى والخارجي، وفى الوقت ذاته نجح فى تبنى إصلاحات ظلت فرنسا تتفادى حدوثها منذ أكثر من ثلاثين عاما.

ويشير ديوكوس أن من بين العوامل التى ساهمت فى سطوع نجم ماكرون هو انشغال القيادات الأخرى فى الدول الكبرى بقضايا داخلية شديدة الأهمية، فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تبذل جهودا مضنية لتشكيل حكومة ائتلاف تحكم ألمانيا، أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فهى منهمكة فى جولات التفاوض الخاصة بالبريكست ، فى حين يواجه رئيس الوزراء الأسبانى ماريانو راخوى التحدى الأكبر له فى مواجهة الانفصاليين فى كاتالونيا.

وسط كل ذلك، يجد ماكرون فرصته الذهبية للظهور على الساحة الأوروبية كقائد شاب مفعم بالحيوية والنشاط، صاحب أفكار جديدة وغير تقليدية، معارض حكيم فهو يعارض سياسات دونالد ترامب لكنه قادر فى الوقت نفسه على فتح حوار بناء معه بدلا من توجيه الانتقادات.

وكانت شعبية الرئيس الفرنسى قد شهدت تصاعدا ملحوظا خلال الأشهر الثلاثة الماضية خاصة خلال شهر ديسمبر الجارى حيث ارتفعت 7 نقاط وفقا لما أظهره آخر استطلاع للرأى أجرته وكالة "هاريس انتراكتيف" وكشف أن 52% من الفرنسيين المستطلعة أراؤهم يضعون ثقتهم فى ماكرون كرئيس للدولة.

ويرجع فريق من المراقبين هذا التصاعد المحلوظ فى شعبية الرئيس ماكرون إلى العديد من العوامل من أهمها غياب معارضة قوية فى المشهد الفرنسى وهو ما مكنه من العمل بحرية على الساحة السياسية. فأقوى معارضة أمام ماكرون فى الفترة الراهنة تتمثل فى حزب اليسار الراديكالى بقيادة جون لوك ميلانشون ولكنه لا يتمتع بالثقل الذى يمكنه من الوقوف أمام طموحات الرئيس الشاب والتصدى له. أما مارين لوبن فقد شهدت تراجعا كبيرا فى شعبيتها وتسعى لاسترداد مكانتها بعد هزيمتها فى الانتخابات الاخيرة.

وبالنسبة لقوى اليمين واليسار التقليديين فقد خرجوا من المعارك الانتخابية هذا العام فى حالة وهن وانقسام وبالتالى لم تعد لديهم القدرة على القيام بدور المعارضة إلا بعد ترميم أوضاعهم الداخلية.

فى ضوء ماسبق، يبدو واضحا ان الفرصة مواتية أمام ماكرون لتنفيذ برنامجه الانتخابى على النحو الذى يريده دون عقبات، وهو ما قد ساهم بشكل رئيسى فى رفع أسهمه على المستوى الشعبي.. فقد نجح ماكرون بدرجة كبيرة فى أن يثبت للمواطنين أنه قادر على تنفيذ وعوده حيث تمكن خلال السبعة أشهر الماضية من تحقيق بعض الانجازات التى أثارات جدلا واسعا فى الشارع الفرنسى وكان أبرزها تعديل قانون العمل، وقوانين الإصلاحات الضريبية التى صدق عليها أمس وكانت محل انتقادات من تيارات اليسار.

وعلى الصعيد الخارجى ، نجح ماكرون فى تحقيق نجاحات دبلوماسية ملحوظة من أهمها استقباله للرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى مايو الماضى لافتتاح معرض فى فرساى بمناسبة حلول الذكرى الـ 300 لزيارة القيصر بطرس الأكبر إلى فرنسا عام 1717، كما استقبل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للمشاركة فى احتفالات العيد الوطنى الفرنسى فى 14 يوليو.

وتمكن ماكرون من تحقيق نجاح دبلوماسى مهم فى ملف القضية الليبية بعد أن نجح فى جمع الغريمين الأساسيين رئيس حكومة الوفاق الوطنى فايز السراج وقائد الجيش الوطنى الليبى خليفة حفتر سويا فى فرنسا فى يوليو الماضي. كما اعتبرت الجولة الأفريقية الأخيرة التى قام بها ماكرون الشهر الماضى أحد أبرز إنجازاته والتى أظهرته رئيسا شابا لا ينتمى إلى العصر الاستعمارى ويسعى لإطلاق حقبة جديدة من العلاقات الفرنسية الأفريقية قائمة على الشراكة الاقتصادية.

ويتفق المراقبون على أن عام 2018 سيمثل التحدى الأبرز والأهم أمام ماكرون ، لأنه العام الذى سيشهد استكمالا لنهج التغيير الذى تعهده الرئيس، ويعد بمثابة المرحلة الثانية من تطبيق برنامجه الانتخابى حيث يرى عدد كبير من الوزراء فى الحكومة أن 90% من البرنامج الرئاسى سيتم تنفيذه خلال هذا العام .

ويتوقع أن يعمل ماكرون على خفض الإنفاق العام، وإصلاح النظام التعليمي، وإرساء أسس أخلاقية نموذجية على صعيد الحياة العامة، قانون الهجرة، وإعادة ربط الضواحى بالجمهورية لتجنيب شبابها التطرّف، والحرص على تلبية متطلبات مواجهة الإرهاب ، فضلا عن دعم المساواة بين الرجل والمرأة.

كما يتوقع المراقبون أن يكون عام 2018 عام التحدى أيضا على المستوى الخارجى حيث يتوقع أن يعمل الرئيس على توطيد علاقاته الخارجية مع مجموعة جديدة من الدول ، وأن يجرى زيارات إلى الصين وإيران وروسيا ، وأن يلعب دورا بارزا فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى وأمن منطقة الساحل، بالإضافة إلى دعم دور فرنسا على الصعيد الأوروبي.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة