بالصور.. طهران وأنقرة.. استفتاء كردستان يجمعهما ونفط كركوك يفرقهما.. 5 أسباب أدت إلى حتمية التنسيق الإيرانى ـ التركى.. والاستقبال المهين لأردوغان فى مهر أباد يكشف حقيقة نوايا روحانى وخامنئى

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017 05:00 ص
بالصور.. طهران وأنقرة.. استفتاء كردستان يجمعهما ونفط كركوك يفرقهما.. 5 أسباب أدت إلى حتمية التنسيق الإيرانى ـ التركى.. والاستقبال المهين لأردوغان فى مهر أباد يكشف حقيقة نوايا روحانى وخامنئى العلاقات التركية ـ الإيرانية فى ضوء استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق
محمد محسن أبو النور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تبدو العلاقات الإيرانية ـ التركية الآن فى حالة من التنسيق والتقارب، ربما لم يسبق لها مثيل فى تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين فى التاريخ المعاصر، وبكل أريحية يمكن القول إن الحركة الكردستانية فى شمالى العراق هى نقطة الالتقاء بين روحانى وأردوغان فى الوقت الذى تقف فيه الدولتان موقفا صلبا من نداءات الانفصال عن الجسد العراقى، لكن حقيقة الوقائع تشير إلى أن ما يفرق الإيرانيين عن الأتراك أكثر بكثير مما يجمعهما.

 

إطلالة على التاريخ

فعلى مر التاريخ تبادل الجانبان العداء والحرب والسجال والصراع، خاصة فى الفترة التى شهدت أوج قوة الدولة العثمانية، فى حين كانت الغريمة الأساسية هى الدولة الصفوية الفارسية الواقعة على الحدود الشرقية لآل عثمان، بينما كان الغرب الممالئ لتركيا يستخدم الصفويين كأداة عقابية على العثمانيين.

مراسم الاستقبال فى قصر سعد أباد
مراسم الاستقبال فى قصر سعد أباد

 

وفى القرن الخامس عشر الميلادى أصبحت الإمبراطوريتان العثمانية والفارسية مجاورتين ووقتها بدأتا تتناحران لفرض سلطة كل منهما على ما أصبح يُعرف الآن بشرق تركيا وغرب إيران، وبعد خوض حروب منهكة وغير حاسمة طوال 166 عاماً (بين عامى 1473 و 1639)، انتهت بإفلاسهما توصّل الأتراك والإيرانيون إلى تعادل تاريخى للقوى، إذ اتفقوا على تجنب أى صراع مستقبلى مهما كان الثمن، وهو ما يراه الباحث التركى فى الشؤون الإيرانية، سونر جاجابتاى.      

 

وتشير الدراسات التاريخية المتعمقة فى العلاقات الإيرانية ـ التركية إلى أن التعادل فى القوى بين أنقرة وطهران لا يزال يوجه دفة العلاقات الثنائية بينهما.

 

وعليه، وباستثناء بعض الحروب التى اندلعت فى جميع أنحاء العراق خلال القرن التاسع عشر بين العثمانيين وسلالة القاجاريين، وبعض مقايضات الأراضى فى القرن العشرين، كانت الحدود التركية - الإيرانية الأكثر استقراراً فى الشرق الأوسط، حيث نها عموماً من الحدود الأصلية التى تمّ ترسيمها عام 1639.

 

حول المسألة الكردستانية

جمّعت المسألة الكردستانية السياستين التركية والإيرانية فى الأشهر الأخيرة، ليس فى العراق فحسب، بل فى سوريا أيضا، بعد أن كانت إيران تعاقب تركيا عن طريق الدعم الخفى غير المعلن لحزب العمال الكردستانى (بى كى كى) المسلح وتمده بالمال والسلاح والتدريب واللوجيستيات ردا من جانبها على مواقف أردوغان تجاه نظام بشار الأسد فى سوريا.

من المؤتمر الصحفى
من المؤتمر الصحفى

 

لكن الأحداث المتسارعة والمتلاحقة جعلت ىإيران تدرك أن وضع يديها فى اليدين التركيتين من الأهمية بمكان لتكوين حائط صلب أمام السلوك الروسى الذى تعاون مع قوات سوريا الديمقراطية الكردية فى شمالى وغربى سوريا ووفر لتلك القوات المظلات الجوية الحمائية.

 

وهنا فى تلك اللحظة أصبحت المسألة الكردستانية هى نقطة الالتقاء بين طهران وأنقرة مع قناعة كل منهما أن أى انفصال لأى من الأقليات الكردية فى العراق أو سوريا أو حتى أرمينيا وجورجيا يعنى أمرا واحدا وهو حدوث نظرية الدومينو التى ستشجع الأقليات الكردية فى تركيا وإيران على الانفصال والانضمام إلى الكرد الآخين تحقيقا لحلم الدولة الكردية الكبرى.

 

وقائع مؤتمر صحفى معلن

بالفعل تبادل الجانبان الزيارات على أعلى مستوى بدءا من وزراء الدفاع والخارجية انتقالا إلى أعلى مستويات فى الدولة، وفى يوم الأربعاء الماضى الرابع من أكتوبر بعد نحو 9 أيام من استفتاء إقليم كردستان العراق، ذهب أردوغان إلى طهران وبعد مباحثات ثنائية اتفق الرئيسان على عدم شرعية استفتاء إقليم كردستان العراق وعلى ضرورة محاربة تنظيمى داعش والنصرة فى سوريا.

أردوغان يتحدث فى المؤتمر الصحفى
أردوغان يتحدث فى المؤتمر الصحفى

 

وفى المؤتمر الصحفى وصف الرئيس حسن روحانى إيران وتركيا بأنهما "جزيرتا الأمن والثبات فى منطقة الشرق الأوسط الحساسة فى العالم". وقال بالحرف الواحد: "ندعم وحدة كل من سوريا والعراق، وهدفنا هو الحفاظ على الأمن فى المنطقة والتعاون بين إيران وتركيا سيؤدى لإحلال السلام فى المنطقة".

 

روحانى خص شمالى العراق ومسألة استفتاء إقليم كردستان العراق، بالحديث وأكد أن إيران وتركيا ترفضان تغيير الحدود الجغرافية فى العراق، وأن القرارات الخاطئة لقادة كردستان العراق اضطرت العراق وتركيا وإيران لاتخاذ إجراءات جديدة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية فى المنطقة، كما نرفض النزعات القومية والمذهبية التى تخطط لها قوى أجنبية من خارج المنطقة ونرفض دعوات التقسيم".

أردوغان لدى وصوله مطار مهر أباد وفى استقباله وزير الصناعة
أردوغان لدى وصوله مطار مهر أباد وفى استقباله وزير الصناعة

 

وتقريبا قال أردوغان عبارات شبه متطابقة، وتشير كلمات روحانى وأردوغان المكثفة عن الحركة الكردستانية إلى القدر البالغ من الأهمية التى حظيت به المسألة فى المباحثات الثنائية، بعبارة أخرى يمكن القول إن تلك المسألة كانت السبب الجوهرى لزيارة أردوغان إلى طهران.

 

النفط الكردستانى والنفط الإيرانى

تعلم إيران كم يقدس أردوغان الاقتصاد، ونظرا لطبيعته البراجماتية؛ فإنه على استعداد للتخلى عن الأمن القومى لبلاده مقابل الحصول على مكاسب تجارية واقتصادية، وقد فعل ذلك مرتين الأولى عندما سهل دخول المقاتلين إلى تنظيم الدولة عبر الحدود مع سوريا مقابل الحصول على النفط الداعى بعشر السعر العالمى والثانية عندما انسحب من تحالف عاصفة الحزم مقابل صفقة غاز مع إيران.

 

ولأن النفط المنقول برا من كردستان العراق إلى ميناء جيهان التركى يدر على أنقرة دخلا كبيرا، فقد أدركت إيران الأمر وعوضت أردوغان بحصص نفطية أكبر فضلا عن زيارة الاستثمار من 10 مليارات دولار إلى 30 مليار دولار.

 

ليس هذا فحسب بل أعلنت إيران أن التجارة بين البلدين ستكون بالعملتين التركية والإيرانية المحليتين للحد من ضغوط العملات الأجنبية، ما سيوفر لأرودغان مكاسب مضاعفة من دون الحاجة إلى التعامل بالنقد الأمريكى أو الأوروبى وبالتالى يحتفظ باحتياطياته المالية.

 

المعاملة بالمثل فى طهران

هبطت طائرة أردوغان فى مطار مهر أباد بالعاصمة الإيرانية طهران، غير أنه لم يجد الرئيس الإيرانى حسن روحانى فى استقباله، وبدلا عن ذلك وجد وزير الصناعة والمعادن والتجارة محمد شريعة مدارى، رجل الإطلاعات (المخابرات) البارز، بالمخالفة لبروتوكولات استقبال الرؤساء فى لقاءات القمم الدولية.

أردوغان لدى استقباله روحانى فى المجمع الرئاسى بتركيا إبريل 2016
أردوغان لدى استقباله روحانى فى المجمع الرئاسى بتركيا إبريل 2016

 

ركزت وسائل الإعلام على أن هذا استقبال مهين لأردوغان، وهو كذلك، لكن ما أبعد من كونه مهينا أن طهران أرادت أن تقول لأنقرة أن المعاملة ستكون بالمثل، لأن روحانى عندما ذهب إلى أنقرة، فى إبريل 2016، لم يستقبله أردوغان فى مطار أنقرة بل استقبله فى المجمع الرئاسى، وهنا إشارة دلالية إلى أن استقبال روحانى لأردوغان فى قصر سعد أباد وليس فى مطار مهر أباد هو ردا على سلوك أردوغان المتعالى ضد نظيره الإيرانى.

 

الرسالة الأوضح أن إيران تفصح ضمنيا عن أنها الطرف الأقوى فى معادلة العلاقات وأيا ما كانت فى أمس الحاجة إلى التنسيق مع أردوغان للعمل معا كمكابح للمغامرة البرزانية إلا إنها فى الوقت ذاته صاحبة اليد الطولى والقول الفصل والكلمة العليا فى الأزمة برمتها.

 

عليه يبدو أن كل المستويات التحليلية تشير بجلاء إلى أن الأزمة الكردستانية جمعت بالفعل الخصمين التاريخيين، لكن ما يرفقهما أكبر بكثير من مجرد عبور أزمة إقليمية يمكن احتواؤها وتفادى أن يكتب لها النجاح.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة