لغز تراجع إيرادات قناة السويس.. خبراء يقدمون روشتة اقتصادية لتعزيز اقتصاديات المجرى الملاحى.. رئيس البحوث ببنك "فاروس": تباطؤ الاقتصاد العالمى وانكماش الصين وراء تراجع حركة التجارة والملاحة

الإثنين، 02 نوفمبر 2015 03:51 م
لغز تراجع إيرادات قناة السويس.. خبراء يقدمون روشتة اقتصادية لتعزيز اقتصاديات المجرى الملاحى.. رئيس البحوث ببنك "فاروس": تباطؤ الاقتصاد العالمى وانكماش الصين وراء تراجع حركة التجارة والملاحة قناة السويس الجديدة - أرشيفية
كتبت ياسمين سمرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حالة من القلق أصابت جموع المصريين الذين علقوا الآمال على مشروع "قناة السويس الجديدة" لإنعاش اقتصاد البلاد، بعد إعلان هيئة القناة عن تراجع إيرادات قناة السويس فى سبتمبر الماضى بالتزامن مع تفاقم أزمة الدولار وتراجع موارد البلاد من العملة الصعبة فى ظل التعافى البطىء للسياحة وتراجع الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

تراجع الإيرادات بنحو 13.3 مليون دولار



وكشفت بيانات الهيئة تراجع إيرادات البلاد من القناة بنحو 13.3 مليون دولار ليصل إلى 448.8 مليون دولار فى سبتمبر، مقابل 462.1 مليون دولار فى أغسطس، وعزت الهيئة تراجع العوائد إلى انخفاض عدد السفن المارة فى سبتمبر إلى 1515 سفينة من 1585 سفينة فى الشهر السابق، وبمقارنة هذه الحصيلة بالعام الماضى، نجد أن إيرادات قناة السويس تراجعت بمعدل 4,6% فى سبتمبر الماضى مقابل 469.7 مليون دولار فى سبتمبر 2014.

وتعد القناة الجديدة جزءاً من مشروعات أوسع نطاقاً يستهدف تعزيز اقتصاديات قناة السويس، بما فى ذلك تأسيس منطقة اقتصادية للتصنيع والخدمات اللوجستية.

وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع حوالى 8 مليارات دولار، تم جمعها بالكامل من مصادر محلية، من خلال إصدار شهادات استثمار بقيمة 64 مليار جنيه بعائد ربع سنوى 12% لمدة خمس سنوات، ولا يمكن استرداد قيمة الشهادات قبل انتهاء تلك المدة.

تراجع الإيرادات يثير التساؤل حول الجدوى الاقتصادية لقناة السويس الجديدة



وسط حالة الإحباط اتجهت بعض وسائل الإعلام المناهضة للنظام الحالى للتشكيك فى جدوى المشروع القومى الذى تأمل مصر أن يسهم فى زيادة عوائد الممر الملاحى إلى 13.2 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2023، وهو ما يمثل أكثر من ضعف إيرادات القناة التى سجلت 5.4 مليار دولار فى 2014، فيما أكد بعض الخبراء والمحللون أنه من السابق لأوانه الحكم على الجدوى الاقتصادية لمشروع توسيع القناة على المدى القصير.

وأملًا فى تعظيم إيرادات القناة، طالب البعض بزيادة رسوم مرور السفن بعد أن أسهمت توسيعات القناة فى تقليص مدة انتظار السفن عن العبور من 11 ساعة إلى 3 ساعات فقط، وهو حل يواجه عدة تحديات، فى حين أكد الخبراء أن تسريع وتيرة تنمية محور قناة السويس هو الأمل لتعزيز اقتصاديات منطقة القناة.

وعزا الخبراء تراجع إيرادات القناة والمتوقع أن يستمر حتى نهاية 2016 إلى تباطؤ الاقتصاد العالمى نتيجة انكماش الاقتصاد الصينى والأوروبى وهو ما يؤثر مباشرة على حركة التجارة العالمية.

انتقادات للحكومة بسبب تجاهل تباطؤ الاقتصاد العالمى



واجهت الحكومة المصرية انتقادات حادة لإصرارها على تنفيذ مشروع "القناة الجديدة" وافتتاحها خلال عام واحد من بدء الحفر وسط دعاية مبهرة لفتت أنظار العالم إلى القناة التى "ستغير خريطة العالم"، دون مراعاة لدراسات الجدوى وتقارير المنظمات الدولية التى أكدت استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمى، ومنها على سبيل المثال، تقرير صندوق النقد الأخير الذى خفض فيه توقعاته لنمو الاقتصاد العالمى ليصل إلى 3.1% و3.6% خلال 2015 و2015 على التوالى.

وفى تقرير صدر بعد افتتاح القناة الجديدة، قالت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى، أن مضاعفة إيرادات قناة السويس تعتمد على فرضية الانتعاش الحاد فى التجارة العالمية، ومضاعفة عدد السفن التى تعبر القناة إلى 97 يومياً مقابل 50 تقريباً فى الوقت الحالى، الأمر الذى تستبعد الوكالة تحققه بسرعة.

وأكدت "موديز" فى التقرير الذى حصلت اليوم السابع على نسخة منه، أن افتتاح قناة السويس الجديدة سيؤثر بشكل إيجابى على تصنيف مصر الائتمانى، لكن هذا التأثير سيستغرق بعض الوقت.

توقعات سلبية للتجارة والملاحة فى 2016



فى هذا السياق، توقع هانى جنينة، رئيس مركز البحوث فى بنك فاروس للاستثمار، استمرار تراجع إيرادات قناة السويس حتى نهاية 2016، على أقل تقدير.

وأضاف جنينة فى حديثه لـ"اليوم السابع"، أن هناك شبه إجماع بين الاقتصاديين، على أن 2016 سيكون "عامًا صعبًا" نظرا للتباطؤ الاقتصادى العالمى والذى يؤثر على حركة التجارة وبالتالى حركة الملاحة عالميا.

وعزا جنينة تباطؤ حركة التجارة العالمية بنسبة كبيرة إلى انكماش الاقتصاد الصينى، إذ يستحوذ النمر الآسيوى على نسبة كبيرة من حركة الاستيراد والتصدير عالميا، مؤكدا أن نمو الاقتصاد الصينى بمعدلات تحت مستوى 7% فى الربع الثانى يهدد بمزيد من التراجع فى نشاط التجارة عالميا.

وضرب جنينة مثلا بأن انكماش القطاع العقارى فى الصين، أسهم فى زيادة فائض الحديد الصلب التى تنتج 50% تقريبا من الإنتاج العالمى، فيما تستورد 50% من الحديد الخام، هذا الفائض سيزيد حجم صادرات الدولة الآسيوية من المعدن لكنها ستضطر فى الوقت ذاته إلى تقليل معدل استيرادها للخامات الأولية.

واستطرد موضحا أن الفائض يسهم فى نشاط حركة التجارة نسبيا لكن التباطؤ الاقتصادى سيدفع الصين لتقليل استيرادها وهو ما يؤثر على حركة التجارة فى العالم كله.

ولفت رئيس مركز البحوث فى بنك فاروس للاستثمار إلى أن أسعار الشحن العالمية تسجل مستويات قياسية فى الهبوط بلغت 60-70% فى سبتمبر الماضى، نتيجة تباطؤ حركة التجارة العالمية والتى تزامنت مع طفرة فى تصنيع سفن الشحن.

هل يمكن زيادة رسوم القناة؟



ولعل زيادة رسوم قناة السويس التى أصبحت تقدم ميزة تنافسية أفضل للسفن العابرة أحد الحلول لتعويض تراجع إيراداتها نتيجة انخفاض عدد السفن، لكن ثمة مخاوف من لجوء الحاويات إلى طريق رأس الرجاء الصالح بديلًا عن القناة وقطع مسافة أطول وهذا الحل لن يكون مكلفًا بدرجة كبيرة فى ظل تراجع أسعار النفط إذا يمثل وقود السفن العنصر الأكبر تكلفة فى عمليات الشحن.

وهنا علق جنينة قائلا: من دون شك تأمل هيئة قناة السويس فى تعظيم إيراداتها خاصة بعد توسيعات قناة السويس التى تقلل زمن الانتظار وهى بذلك تقدم خدمة أفضل للسفن العابرة، لكن الهيئة يدها مغلولة وسط المخاوف من لجوء سفن الشحن لطريق رأس الرجاء الصالح بديلا عن قناة السويس حتى ولو بتكلفة أعلى هو ما يفسر عدم زيادة الرسوم حتى الآن.

وأضاف أن ما يدعو للتمهل أيضا فى اتخاذ قرار رفع رسوم هو الإعلان عن بدء توسيعات قناة بنما بداية من إبريل المقبل، وتنافس قناة بنما، التى تقع بين أمريكا الشمالية والجنوبية، قناة السويس فى حركة السفن التجارية من وإلى أمريكا وآسيا، بحيث يكون على السفن أن تختار واحدا من بين مسارين، إما أن تمر عبر قناة السويس، وإما أن تعبر قناة بنما من الجهة الأخرى عبر المحيط الهادى مستغلة دائرية الكرة الأرضية.

مطالب بتسريع وتيرة تنمية المحور



على الجانب الآخر، عارض هانى توفيق، الخبير الاقتصادى ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، الدعوات إلى زيادة رسوم القناة والتى وصفها بـ"حل العجزة"، مشددا على أن الحل الأكثر واقعية لزيادة إيرادات القناة هو تسريع وتيرة تنفيذ مشروعات تنمية محور قناة السويس، وإقامة منطقة لوجستية صناعية وسياحية فى محيط القناة.

وقرر مجلس إدارة هيئة قناة السويس فى فبراير الماضى تثبيت رسوم المرور بالمجرى الملاحى لقناة السويس خلال هذا العام الجارى.

وقد أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش فى تصريحات سابقة لـ"اليوم السابع"، أن قرار تثبيت رسوم العبور مازال مستمرًا بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، وأن قرار زيادة الرسوم من عدمها يتوقف على دراسة معدلات النمو فى التجارة العالمية والذى يقوم به متخصصون فى الهيئة وبناء على التقارير الواردة يتم اتخاذ القرار، وغالبًا ما يتم ذلك خلال الشهور الأولى من كل عام.

وانتقد الخبير الاقتصادى التباطؤ فى تنمية محور قناة السويس، مؤكدا أن "تراجع إيرادات القناة يهدد شعبية الرئيس السيسى، لاهتمامه بالخطاب القومى على حساب الجدوى الاقتصادية للمشروعات، فى ظل الدعاية الإعلامية التى بالغت فى حجم المشروع ووصفته بأنه سيغير خريطة العالم مما رفع سقف توقعات المواطنين حول إيرادات المشروع."

وتابع: "حذرت مرارًا من الجدوى الاقتصادية للمشروع فى ظل تباطؤ حركة التجارة العالمية نتيجة انكماش الاقتصاد الصينى والأوروبى، وتم إهدار 100 مليون جنيه، وكان الأجدر أن نبدأ بتنمية المحور، وأطالب الحكومة بالتحقق من دراسات الجدوى للمشروعات الجديدة مثل: استزراع مليون ونصف فدان، والعاصمة الجديدة حتى لا نكرر الخطأ."

وهنا أكد "جنينة" أن الجدوى الاقتصادية لمشروع توسيع قناة السويس أو ما عُرف إعلاميًا بـ"قناة السويس الجديدة" لن تؤتَ ثمارها على المدى القصير أو المتوسط، مشيرا إلى أن مشروع "المطار الجديد" الذى بدأ فى 2002 واجه انتقادات حادة، لكن الوقت أثبت أن الحكومة كانت نظرتها بعيدة المدى إذ تجاوزت أعداد السياح فى 2010 قبل الثورة 14 مليون سائح مقابل 4 ملايين فقط قبل تأسيسه.

وتابع: ما يميز "قناة السويس الجديدة" أو غيرها من المشروعات البحرية رغم تكلفتها الاستثمارية المرتفعة وغالبًا تكون دفعة واحدة هى أن اقتصادياتها مرتفعة وإيراداتها دولارية، ومنها على سبيل المثال: شركة الإسكندرية لتداول الحاويات التى تنمو أرباحها بمعدل 60% على مدار العام، مقابل مصاريف تشغيل محدودة تمثل العمالة والأوناش.

وأظهرت إيرادات قناة السويس ارتباطاً تاريخيًا قويًا بالتجارة العالمية، وبناءً على هذه العلاقة، تؤكد "موديز" أنه يجب على التجارة العالمية أن تنمو بمعدل 10% سنوياً بين 2016-2023 حتى تحقق قناة السويس الإيرادات السنوية المتوقعة (13 مليار دولار).

ووفقاً لأكثر السيناريوهات تحفظاً لنمو التجارة العالمية، وعلى افتراض عدم حدوث تغيير جوهرى فى هيكل حصيلة الإيرادات الحالية، ترى "موديز" أن إيرادات قناة السويس ستنمو بوتيرة أكثر تباطؤا، مما يحد من آثارها الإيجابية على ميزان المدفوعات الخارجية لمصر.

كما أكدت أن عائدات الحكومة المصرية ستشهد دفعة طفيفة، حيث شكلت إيرادات القناة حوالى 7% من إجمالى الإيرادات الحكومية خلال العام المالى 2014/2015.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة