المحكمة ترد اعتبار لاعب متهم بالتزوير.. وعودة من الشطب بالقانون
المدير الفني للجبلاية يعترف بالأزمة.. واكتشاف حالات فى المقاولون
أبو الناشئين: التسنين أخطر من التزوير لأنه يغطى بشرعية قانونية
الطب النفسي: الانتحار والاكتئاب مصير الأطفال ضحايا التزوير
كابيتانو مصر ملاذ آمن.. ولجان تفتيش على الأندية ومراكز الشباب
إنبي يئن من الظاهرة.. ومطالبات بتفعيل دور لجنة فض المنازعات
وكلاء اللاعبين يتبرأون: الثغرات فى سيستم الناشئين سبب التلاعب
قاعدة البيانات والرنين المغناطيسي تُجهض محاولات التزوير في أوروبا
طبيب عظام: "أشعة الكف والرسغ" تكشف وقائع التلاعب فى دقائق
والإعلام الرياضي يندد بالرشوة ويدين فلسفة التعامل مع الناشئين
على ناصية أحد الشوارع القريبة من مكتب الأحوال المدينة فى حي الخليفة يقف "م. أ" ليبيع أعمارا جديدة للراغبين فيها، من خلال شهادات ميلاد مضروبة، وهي نوع من الخدمات العديدة التي يقدمها، بجانب استخراج شهادات وفاة، ووثائق زواج وطلاق، وتوفير شهود زور أيضا، وكل خدمة لها مقابل محدد من المال، لا يقبل النقاش أو التفاوض، حتى إن شهادات الميلاد نفسها لها ثلاثة أنواع، منها ما يقتصر على تغيير تاريخ الميلاد، أو تغيير فى محل الإقامة، أو استحداث بيانات جديدة كاملة لشخص غير موجود فى الواقع على الأرجح.
الحقيقة أننا كنا نبحث عن الطريقة التي يتم بها تزوير شهادات ميلاد الأطفال والشباب فى أندية كرة القدم، لبناء تحقيق صحفي رياضي، يفضح ظاهرة التزوير فى الملاعب المصرية، وقادتنا رحلة البحث من وسيط إلى وسيط إلى وسيط ثالث، إلى هذا الشاب الذي تركت الأسلحة البيضاء بعض العلامات الواضحة على وجهه، وعرفنا منه أن تكلفة تغيير تاريخ الميلاد بالتزوير 1500 جنيه.
هذا المشهد العبثي في سهولة تزوير شهادات الميلاد قد يفسر لك المشهد الأكثر عبثية، حينما احتفل فريقا الأهلي وإنبي بدوري 2003 في نهاية الموسم الجاري معا في نفس التوقيت، بسبب ادعاء كل منهما أحقيته في الحصول 3 نقاط بالبطولة، بعد طعن تقدما به ضد ناديين آخرين في نفس المسابقة، نتيجة إشراك لاعب أكبر من السن، بالمخالفة للوائح، وهنا كانت النقطة التي انطلق منها هذا التحقيق لكشف أسباب وكيفية التزوير وتأثيراته السلبية على مستقبل كرة القدم المصرية، ووضع روشتة للتعافي من هذا المرض المزمن.
اتحاد الكرة يعترف ويترصد
بدأنا رحلة التحقيق مع علاء نبيل المدير الفني لاتحاد الكرة، الذى فجر مفاجأة من العيار الثقيل بتأكيده اكتشاف 3 حالات تزوير أثناء وجوده فى قطاع الناشئين بنادي المقاولون العرب، قائلا، "نحن بصدد كارثة خطيرة أتابع تفاصيلها منذ عام 2018، وتمكنت من اكتشاف ثلاث حالات تزوير فى أعمار سنية بقطاع الناشئين بنادي المقاولون العرب".
وقال علاء نبيل لـ"اليوم السابع"، اكتشفت أيضا واقعة غريبة أثناء وجودي في نادى زد إف سي.. لاعب اسمه سعيد مواليد 93 ويلعب مع فريق 99 بتزوير 6 سنوات كاملة، واجتاز الاختبارات وقبل قدومه للانضمام للنادي جاءتني معلومة أنه لاعب مزور في سنه، فطلبت منه الحضور للتوقيع وواجهته واعترف أنه قام باستخراج شهادة وفاة لنفسه ثم استخرج شهادة ميلاد، ثم قام بعمل باسبور ثم سافر خارج البلاد، واكتشفت أن كل الأوراق التي في حوزته سليمة تماما، ولن يتم اكتشافها سوى باعترافه".
وأضاف علاء نبيل، "أعلم أماكن محترفة لتسنين اللاعبين مقابل رشاوى من أولياء الأمور، وهذا يستوجب تدخل كل الجهات المسؤولة في الدولة.. كنت في ورشة عمل منذ أيام لمناقشة هذه الأزمة وقلت لن أحارب بمفردي، نحتاج مساندة الكاف والفيفا، وعلمت أن دولة السنغال بدأت التخلص من هذه الأزمة ".
وأكمل المدير الفني للاتحاد،"وضعنا عقوبات رادعة تصل للشطب، لن نصل للنتيجة الكاملة لذلك نعمل بشكل تدريجي، الناس تنبهت للأزمة بعد مشكلة الأهلي وإنبي في دوري الجمهورية ولكني بصدد إصدار برزنتيشن ودعوة كل المسئولين لمنع التزوير والرشاوي وإجراء تحاليل طبية علي أعلى مستوى سواء في الدم أو الأسنان أو العظم لمنع هذا التلاعب الخطير.. وسوف أعلن كل التفاصيل لوسائل الإعلام قبل تطبيق كل القرارات".
وزارة الرياضة تحدد مسارين للمواجهة
فيما أكد محمد الشاذلي، المتحدث الرسمي لوزارة الشباب والرياضة، أن الوزارة لديها مسارين لمواجهة وقائع التزوير فى الأعمار السنية بقطاعات الناشئين قائلا، "المسار الأول هو المبادرة بغلق كل الأكاديميات وأي منشأة رياضية يثبت تورطها في تزوير الأعمار السنية للناشئين بينما المسار الثاني مشروع كابيتانو مصر الذي يحظى بثقة قطاع كبير من المصريين".
وأضاف محمد الشاذلي لـ"اليوم السابع"، "لدينا دوري مراكز الشباب الذي يشارك فيه 60 ألف لاعب كما أن الوزارة تدعم الأكاديميات التي تعمل في النور بدعم مباشر لاختيار الموهوبين وافادة الكرة المصرية، لو حدث تزوير يجب إحالة الأمر بصفة رسمية للوزارة لبدء التحقيق فيه كما أن الوزارة تختار عينات عشوائية من الناشئين للتأكد من عدم وجود تزوير في الأعمار السنية".
ويضيف المتحدث الرسمي لوزارة الشباب والرياضة، "نسبة التزوير ضئيلة للغاية لدينا 1200 نادى و4500 مركز شباب بما يعني 6000 منشأة رياضية ونرسل لجان تفتيش على هذه الهيئات بصفة دورية علي مدار العام لعدم الوقوع في فخ التزوير بما يخدم مصلحة الكرة المصرية".
متهم بالتزوير: شطبوني بدون تحقيق والمحكمة ردت اعتباري
قبل أن نستفيض في آراء المسئولين، أردنا أن نشرك المتهمين والضحايا في التحقيق أيضا، تواصلنا مع أشهر ناشئ اُتهم بالتزوير في السنوات العشر الأخيرة، وهو حسن سعد مواليد 1999، والذي تم منعه من السفر للإمارات مع منتخب مصر للشباب مع الجهاز الفني الذى كان يقوده حمادة صدقي في 2018 بداعي التزوير، بعد شكوى مقدمة من علاء نبيل رئيس قطاع الناشئين في المقاولون العرب وقتها، ما أشعل أزمة مع الزمالك الذى كان يلعب له حسن سعد في ذلك التوقيت.
وكشف حسن سعد تفاصيل هذه الواقعة في تصريحاته لليوم السابع قائلا: "كنت لاعبا في الزمالك، وكان أقرب أصدقائي يلعب في المقاولون العرب، و فوجئت بصديقي يبلغني أن علاء نبيل يترصدني ويحاول إنهاء مسيرتي مع كرة القدم التي لم تبدأ بعد، لم اهتم بالكلام وركزت مع الزمالك ومنتخب الشباب، وقبل ساعات من سفري مع منتخب الشباب للإمارات تم اخطاري بالشطب بداعي التزوير، دون التحقيق معي، أو حتى إبلاغي بالشكوى المقدمة ضدي".
وختم اللاعب تصريحاته: "طالبت مسؤولي الزمالك برد اعتباري وتبرئتي، ولكن العلاقة المتوترة وقتها بين الزمالك واتحاد الكرة حالت دون ذلك، ولم أجد اهتمام بقضيتي من مسئولي النادي الأبيض، تحركت في الاتجاه القضائي، وفوجئت أيضا بقضية تحركت ضدي في قسم شرطة الوايلي، ولجأت لمحكمة السودان في إمبابة لإثبات براءتي، وبالفعل بعد التحقيقات والتحريات مع السجل المدني والمستشفى حصلت على حكم بأني غير مزور، وسني الذي لعبت به هو السن الحقيقي، وبناء عليه ألعب منذ 3 سنوات لفريق دايموند والذى أعارني الموسم الحالي لفريق جولدن، ولولا ظروفي المعيشية الصعبة وعنايتي بوالدي وباقي أسرتي لرفعت قضية تعويض على اتحاد الكرة وكل من اتهمني بالتزوير".
بينما يقول لاعب آخر - تحفظ على ذكر أسمه - تم طرده من الأهلي بعد موسم ونصف، بسبب اكتشاف تزويره، أنه لعب بشهادة ميلاد شقيقه الأصغر، لكن صديق له في القطاع وشى به وتسبب في إنهاء مسيرته.
التسنين أخطر من التزوير
لم يتوانى إمام محمدين الملقب بـ "أبو الناشئين"، ورئيس قطاع الناشئين السابق في إنبي وفيوتشر والاتحاد السكندري، عن المشاركة برأيه في القضية، مؤكدا أن التزوير تزايد في مصر بعد ثورة يناير، وما صاحبها من حرق أقسام الشرطة ومكاتب الصحة والمستشفيات، موضحا أن هناك مناطق معروفة للغاية بالتزوير في أعمار الشباب مثل منطقتي كرداسة وناهيا بالجيزة، وكذلك محافظات تنتشر فيها هذه الظاهرة مثل البحيرة والشرقية، خاصة منطقة بلبيس التي يتواجد فيها أكبر منظمة لتزوير شهادات الميلاد والوفاة.
وأوضح إمام محمدين في تصريحات لليوم السابع: "التزوير ظاهرة يمكن دحضها بقليل من التنسيق والإجراءات، لأننا نواجه جريمة محرمة شرعا وقانونا، ببعض الاجتماعات والمؤتمرات التوعوية والإجراءات القانونية والتنظيمية تستطيع أن تنهى على التزوير تماما، لكن هناك ظاهرة مرتبطة بالتزوير وأخطر منه وهي التسنين، التي يمنحها القانون شرعية غير مبررة، فأي طفل يدعى أنه ساقط قيد، يتم تسنينه بعمر تقريبي وهنا تكمن الكارثة".
وحكى أبو الناشئين في مصر موقف للتزوير قائلا: "في بعض الوقائع التي أثارت جدلا واسعا، وصلتنا معلومة أن هناك شاب يلعب باسم شقيقه الأصغر، فامتثل للتحقيق وطالبناه بإحضار بشقيقه الأكبر ظنا منا أنه هو ولا يوجد شقيق أكبر، لكن الشاب أدعى أن شقيقه سافر لليبيا، وحينما طلبنا الاتصال به بأي وسيلة، أبلغنا أن هذا الشقيق الأكبر انضم لمنظمة داعش الإرهابية، حتى يضع حدا للاستفسار عن شقيقه الأكبر كما يدعي".
الإسورة المعدنية سلاح الزمالك للمواجهة
الزمالك ممثلا في رئيس قطاع الناشئين الجديد بدر حامد، يرى أنه مهما تعددت سبل وطرق محاربة التزوير، تبقى الأخلاق هي الفيصل، ولا تقتصر على فرد بعينه، فيجب أن يتسم رئيس القطاع والمدرب والإداري والناشئ وولي أمره بالأخلاق، حتى نرتقى بالمنظومة ونمنع الظلم.
وبادر رئيس قطاع الناشئين في الزمالك في تصريحاته لليوم السابع بأنه سيكون أول نادي يشترى الإسورة المعدنية التي من شأنها الكشف عن الأعمار الحقيقية للاعبين، موضحا أن هذه الأسورة موجودة في اتحاد الكرة فقط، وكان يجب خضوع أي لاعب للاختبار عن طريقها قبل قيده، لكن هذا لم يحدث، كما يجب على الجانب الإداري الاهتمام بالطفل والحصول على شهادات القيد والدراسة وعدم ترك أي ثغرة للسماح بالتزوير.
انتحال الصفة في ملاعب الناشئين
بينما يرى حمادة صدقي رئيس قطاع الناشئين بنادي زد، أن تزوير أعمار اللاعبين وانتحال الصفة من أخطر المشاكل التي تهدد مستقبل الكرة المصرية، موضحا أن هذه الظاهرة تقضى على مواهب كثيرة في نفس الفئة السنية ومطالبا بتحري الدقة في قيد اللاعبين.
وقال صدقي لليوم السابع: "في اختبارات زد الأخير جاءني طفل للاختبار يدعي أنه مواليد 2013 وكتان حارس مرمى، لكنه عمره الحقيقي -من وجهة نظري- يقترب من العشرين، بمجرد الشك رفضت اختباره، رغم أنه يملك أوراق سليمة وقيد عائلي سليم تماما، ودائما أؤكد أن العبء يقع على الأندية أكثر من اتحاد الكرة".
إنبي يتهم مافيا بالوقوف خلف الظاهرة
بينما يؤمن محمد إسماعيل مدير الكرة بنادي إنبي والمشرف على قطاع الناشئين بالنادي، أن التزوير ينمو في مصر عن طريق مافيا متعددة الأطراف، سواء من وكلاء اللاعبين الغير معتمدين، أو أولياء الأمور الذين تستهويهم فكرة النجومية لأبنائهم فيقعون في الفخ دون وعي بأن ما يقومون به جريمة تزوير تستوجب الحبس، موضحا أن وقائع التزوير التي تحدث في مصر لا تتحملها الأندية بشكل مباشر.
وطالب إسماعيل بتكاتف الأندية مع وزارة الرياضة واتحاد الكرة لوضع مسالك شرعية يستطيع بها الإداريون من الكشف عن أعمار اللاعبين الحقيقية، لمنع أو تقليل ظاهرة التزوير التي دائما ما تنعكس بالسلب على الندية، ويتضرر منها بعض اللاعبين الموهوبين بالفعل.
وقال إسماعيل لليوم السابع: "قضية التزوير خطيرة للغاية، وأنا أحارب من موقعي منذ 5 سنوات، واكتشفنا بالفعل بعض حالات التزوير في النادي، وأستطيع أن أجزم بأن كل الأندية تمتلك لاعبين مزورين، فكيف نكون في القرن الحادي والعشرين ولا نملك أدوات للكشف عن أعمار اللاعبين عند التعاقد معهم؟ هذه كارثة.. وأيضا لماذا لا تعطي وزارة الرياضة للأندية شرعية البحث والاستفسار عن عمر اللاعب؟".
وختم المشرف على قطاع الناشئين بـ إنبي تصريحاته قائلا: "بعض الإداريون يتكاسلون بالفعل وهذه مسئولية تقع عليهم، لكن ايضا بعضهم يصطدم بـ العراقيل والقيود التي تمنعه من مهمة البحث والتأكد من عمر المواهب الكروية، هنا يجب أن تعقد اجتماعات دورية بين جميع رؤساء قطاعات الناشئين لتحديد آلية محددة يمكن الكشف بها عن عمر الناشئ الحقيقي".
بروتوكول بين الرياضة والعدل لمنع التزوير
نصر عزام، المحاضر المتخصص في لوائح الفيفا، يؤكد أن هناك عدة طرق لمواجهة أزمة التزوير فى الأعمار السنية بقطاعات الناشئين المختلفة، موضحا: "لازم اتحاد الكرة يفعل سرعة الفصل فى الشكاوى الخاصة بالتزوير فى الأعمار السنية للحد من هذه الأزمة، لأن تأخير العقاب يؤدي لتكرار الظاهرة، ولو كان الورق رسمي يصعب الأزمة ووقتها يحدث تحقيق وشق جنائي، وفى حالة تورط النادي يتم عقابه بخسارة مباراة وقد تصل العقوبات لمنع التسجيل مثلما حدث فى أزمة برشلونة وريال مدريد وتعاقدهم مع لاعبين قصر تحت 18 سنة مما تسبب فى إيقاف قيدهم فترتين".
ويضيف نصر عزام في تصريحات خاصة :"اتحاد الكرة لابد أن يضع قوانين لمواجهة هذه الأزمة ويضعها ضمن اللائحة ويعلنها قبل بداية الموسم ، فلابد أن تكون هناك عقوبات التلاعب فى أعمار اللاعبين ويجب وجود تنسيق مع الجهات القضائية كما يجب وضع بروتوكول مع وزارة الرياضة ووزارة العدل للحد من أزمة التزوير فى مختلف قطاعات الرياضة وليس كرة القدم فقط، ويجب أن يشكل اتحاد الكرة قوام هيئة لجنة فض المنازعات وفقاً للائحة الاتحاد الدولي لكرة القدم حتى تمارس دورها وتحسم هذه النزاعات بشكل أسرع ".
وكيل لاعبين يتهم الأندية في خلق الثغرات
وكلاء اللاعبين دائما متهم رئيسي في أزمات التزوير باعتبارها وسيلتهم لتسويق اللاعبين، وفي هذا الصدد قال حازم فتوح وكيل اللاعبين أن الثغرات المتواجدة فى سيستم قطاع الناشئين هو سبب التلاعب والتزوير فى الاعمار السنية موضحا أنه أمر فى غاية الخطورة نحن بصدد أهم قطاع فى الكرة هو الذى يفرز لنا نجوم الصف الاول".
وأضاف حازم فتوح لـ"اليوم السابع": "فى الدول الاوربية يتم اخضاع اللاعبين لتحليل عظام للتأكد من مطابقة سن اللاعب مع أوراقه الرسمية وقبل أى بطولة يتم تكرار الأمر ، ولكن فى مصر نطبق هذا النظام قبل خوض اللاعب البطولة الرسمية فقط، وهذا يعنى أن الطفل قد يشارك خمسة سنوات أو أكثر دون اكتشاف تزوير أوراقه بما يلحق الضرر بالمنتخب الذى وضع أمالا على هذا اللاعب وتفاجأ قبل البطولة بأيام بتزوير سنه".
ويضيف وكيل اللاعبين: "التحليل مكلف ولكنه مهم للغاية ويجب إقراره بصورة رسمية مثلما فعلنا مع تحليل كورونا وكان شرط أساسي لخوض البطولات فهذا التحليل لا يقل أهمية عن تحليل كورونا لان تطبيقه يعنى ارساء مبدأ العدالة وإفراز مواهب حقيقية ومنع ظلم مواهب تستحقها الكرة المصرية لصالح أخرون مزورون، وبإمكان الاندية أو اتحاد الكرة التعاقد مع شركات راعية تحصل على نسب من احتراف هؤلاء اللاعبون مستقبلا مقابل إجراء كل هذه التحاليل بصفة دورية فلن نتحكم فى العقليات ولكن النظام يطبق على الكل ، ويمكن وضع هذا البند ضمن الميزانية ".
لماذا تُجهض محاولات التزوير فى أوروبا؟
هذا التساؤل رد عليه إسلام سامى محلل الكرة العالمية موضحا أن وقائع التزوير فى الأعمار السنية بقطاعات الناشئين فى أوروبا غير موجودة بفضل قاعدة البيانات واشعة الرنين المغناطيسي، موضحا أن معظم وقائع التزوير فى أوروبا للاعبين أفارقة قادمين للاحتراف فى الدوريات الاوروبية بخلاف ذلك فإن الأندية الأوروبية تملك قاعدة بيانات لكل لاعب ويخضع الناشئ لأشعة رنين مغناطيسي بشكل يستحيل معه فكرة التزوير فى الأعمار السنية، كما يرى أن فكرة تصريح العمل بمثابة ورقة رسمية لو ثبت التلاعب فيها ستعرض صاحبها للمسائلة القانونية.
يشاركه في الرأي محمد علاء محلل الكرة العالمية أيضا موضحا أن جميع لاعبي منتخب نيجيريا كبار في السن أكبر من عمرهم الذي في السجلات، أتذكر فى بطولة كأس أمم إفريقيا احتلت نيجيريا المركز الثالث لكن ما حدث خلال البطولة غير طبيعي المنتخب النيجيري لم يستطع مجاراة اللعب ضد منتخب بنين ومنتخب زامبيا كان نسور نيجيريا مثل رجل عجوز يلعب ضد أحفاده، هل لك أن تفسر لي كيف يعتزل اللاعب النيجيري في سن الـ 40 ويكون جد لأطفال".
ويضيف محلل الكرة العالمية:" في عام 2018 وخلال التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا دون 17 عاما، اتضح أن عشرة من لاعبي المنتخب البنيني قاموا بتزوير أعمارهم تتراوح أعمارهم الحقيقية بين 20 لـ25 عاما، طبيعي تم توجيه تهمة الاحتيال لهؤلاء اللاعبين من جانب محكمة في بنين وتم الحكم عليهم بالسجن لمدة 6 أشهر بالإضافة للجهاز الإداري للمنتخب لكن تم تخفيض العقوبة بعد ذلك لشهر واحد بعد تدخل رئيس الحكومة في بنين".
أشعة الرسغ تكشف التزوير فى دقائق
يعتقد البعض أن الآلية الطبية هي الحل، وفي هذا الصدد يرى الدكتور أشرف محرم طبيب العظام وإصابات الملاعب أن وقائع التزوير فى الأعمار السنية بقطاعات الناشئين لكرة القدم يمكن اكتشافها من خلال أشعة تكلفتها 100 جنيه، موضحا أننا في عصر الرقمنة ويستحيل تزوير شهادات الميلاد فى العصر الرقمي الذى نعيشه ولكن حتى لو حدث ذلك فهناك طرق طبية سهلة يمكن أن تكشف وقائع التزوير الذى تتم فى بعض الأحيان بالدول الافريقية".
وقال أشرف محرم لـ"اليوم السابع": "هناك أشعة على "الكف والرسغ" تحدد مراكز النمو فى الجسم بدقة 6 شهور وثمنها 100 جنيه ويمكن إخضاع الطفل لها بسهولة ووقتها سيتحدد عمره بدقة كبيرة، وفكرة وجود استشاري عظام فى اختبارات قطاع الناشئين صعبة لأن إخضاع الطفل للأشعة التي ذكرتها أفضل مليون مرة وهى غير مكلفة إطلاقاً".
وعن الآثار السلبية لوقائع التزوير فى قطاع الناشئين يقول:" فكرة وجود طفل أكبر يلعب مع زملاء أصغر يعرضهم للأذى نتيجة التدخلات الصعبة بطبيعة اللعبة الأمر الذى قد ينتج عنه إصابات بالغة للأطفال الأصغر".
الطب النفسي يحذر من الآثار السلبية للظاهرة
الأثار السلبية للتزوير لها أبعاد نفسية خطيرة وهذا ما يقره الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، والذى يؤكد أن الاكتئاب واضطراب الشخصية أمراض تصيب الشخص الذى يتعرض للظلم وقد يصل الأمر للانتحار، والتخلص من الحياة، موضحا أن التزوير فى الأعمار السنية بقطاعات الناشئين تعد مسؤولية مشتركة بين أولياء الأمور والمشرفين على الاختبارات هدفها الوحيد اللهث وراء المكاسب المادية".
وقال جمال فرويز لـ"اليوم السابع": "بعض أولياء الامور يبحثون عن المدربين والاداريين أصحاب النفوس الضعيفة لتمرير واقعة التزوير، والطفل يكون ضحية فى النهاية، خاصة أن بعض أولياء الأمور حالياً يرون أن الأموال هى الهدف الأساسي من الحياة وأن لاعبى الكرة و اليوتيوبرز هما الأكثر حصداً للأموال".
وأضاف استشاري الطب النفسي:" الآثار النفسية الناتجة عن وقائع التزوير تمتد آثارها للجانبين الاول الطفل الذى تعرض للظلم وخسر مكانه لصالح بطل واقعة التزوير فهذا الطفل يشعر بظلم شديد والإحساس بالظلم هو أسوأ شعور يصيب الإنسان وقد يدفعه فى بعض الأحيان للتخلص من حياته بالانتحار أو قد يصيبه شعور الكراهية للبلد واللعبة ولكل الأشخاص وهذا شعور مدمر لو لم يتخلص منه".
ويتابع:" الجانب الآخر هو الطفل صاحب واقعة التزوير وهو لو شخصية ناضجة مثلا 14 سنة قد لا يقبل بالتزوير لأنه سوف يعيش فى صراع داخلي باستمرار، بينما لو الطفل شخصية مضطربة غير سوية سوف يقبل التزوير ويتعايش معه ويكمل مسيرته، ونصيحتى لأولياء الأمور بلاش ندوس على القيم عشان الفلوس، التدليس والتزوير نهايتها معروفة مهما طال الزمان وهو الفشل الذريع".
الإعلام الرياضي يفند تداعيات الأزمة
ولأن الإعلام الرياضي هو المنصة التي نثمن فيها القيم ونحارب فيها الباطل، فكان إشراكه في التحقيق أمر ملحًا، حيث يرى محمد الليثي الإعلامي الرياضي أن غياب الضمير سبب أزمة التزوير فى الاعمار السنية بقطاعات الناشئين فى كرة القدم، قائلا: " المؤسف أن من يفتعل هذه الوقائع هما "الكبار" أولياء الأمور مش الأطفال ، والمفروض أن الكبار يعلموا الصغار الصح موليس الغلط".
وقال محمد الليثى لـ"اليوم السابع": "في مصر بنعمل حفلة لتكريم فرق الناشئين المتوجة ببطولات ونفتخر بصور الأطفال التي تبكي لضياع الفوز والبطولة مع أن الهدف مش كدا خالص أنت مطلوب منك تطلع نجوم الكرة المصرية ، لازم السياسة كلها تتغير ووقتها هنشتغل صح ونطلع نجوم كبار زى محمد صلاح".
فيما يرى الكاتب الصحفي ياسر أيوب أن ظاهرة التزوير فى قطاعات الناشئين سوف تستمر لان الازمة نابعة من غياب الإمكانيات المادية التى تكشف هذه الوقائع بسهولة، معترفا: ""سمعت عن وقائع تزوير حقيقية أبطالها مدربين ليسوا أمناء هدفهم الوحيد المصلحة الشخصية بعيداً عن أمانة المنصب، الرشوة فى قطاع الناشئين زيها مثل الرشوة فى أي مجال، ويمكن اكتشاف التزوير فى الأعمار بوجود استشاريين عظام فى الاختبارات، ولكن فى مصر مفيش امكانيات وتكلفة مادية تتيح للأندية الاستعانة بمثل هؤلاء الاستشاريين".
شهادات وفاة لتمرير التزوير وتأكيده
أغرب تعليق على هذه الأزمة أفادنا به أحمد رضوان نجم الأهلى الأسبق ورئيس قطاع البراعم بنادى المصرية للاتصالات حاليا، حيث شدد على أن قطاعات الناشئين بالأندية المختلفة بها فساد وتزوير، وهناك أولياء أمور يبتكرون حيلا للتلاعب على الجميع، من أجل تسهيل قيد أبنائهم بالأندية والقبول في الاختبارات المختلفة".
وقال أحمد رضوان لـ"اليوم السابع": "هناك أولياء أمور يستخرجون شهادات وفاة لأبنائهم وهم على قيد الحياة من أجل قيدهم بالأندية، والبعض يقومون بمشاركة أبنائهم مع الأندية بشهادات أقاربهم أو أشقائهم، حتى لا يكتشف أحد تزويرهم، وهناك نجمين شهيران اتحفظ على ذكر أسمائهم ضحايا واقعة التزوير فلقد قام أولياء أمور بتزوير أعمارهم وقيدهم فى نادى معروف بتألق ناشئيه، ولكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح، أصبح الثنائي حديث الصباح والمساء فى الوسط الكروي بعد انتهاء مسيرتهم مع الأهلي لأسباب مجهولة رغم انهم انضما للقلعة الحمراء وهما فى شدة التألق".
