مها عبد القادر

ضحايا حجاج الزيارة.. المسئولية والمواجهة

السبت، 22 يونيو 2024 08:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هناك العديد من الطرائق والأساليب المشروعة والمقننة التي نحارب بها من يستغل الإنسان بأي صورةٍ كانت وتحت أي ظرفٍ من الظروف وبأي حيلةٍ، وأولى الآليات الرئيسة لمنع الاستغلال يقع على عاتق الحكومات والجهات التنفيذية، وثانيها يؤسس على الوعي الصحيح تجاه القضية محل الاستغلال، وثالثها تفعيل ماهية القيم التي تتسق مع صحيح العقيدة وممارساتها السليمة؛ حيث إن المستغل دومًا ما يلعب على وجدان الآخرين ويوهمهم بالرعاية الشاملة والمتكاملة، التي لن تحدث ولا تمت للواقع بصلةٍ، وهذا مكمن الخطورة التي يتوجب الكشف عنها.

إن ما حدث بموسم الحج هذا العام يُعد جريمةً متكاملة الأركان بكل ما تحمل الكلمة من معني، اتجاه أشخاصٍ أرادوا تأدية الفريضة بموجب وعودٍ كاذبةٍ وممارساتٍ غير سليمةٍ ومن ثم تعرضوا للإهمال والهلكة في صورتها المحزنة لكل من طالع المشهد ورأى بعض تفاصيله واستمع لمفرداته؛ فلا إجراءاتٌ وقائيةٌ، ولا أدوارٌ حقيقية من شأنها أن تحافظ على أرواح الناس وتنظم تحركاتهم وتقدم لهم الإعانة والمعونة حال الاحتياج إليها، وانتفاء هذا في حد ذاته يتنافى مع معايير الإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.


والسؤال المشروع في ضوء هذا الحدث الجلل، من المسؤول عما يحدث؟، وما الضمانة التي تمنع تكرار ما حدث؟، وهنا نشير إلى الأدوار المنوطة بالقائمين على الأمر؛ فمن يسمح بمبدأ السفر بغرض الزيارة في أيام الحج تحديدًا كان لابد أن يدرك نوايا المنظمين لهذا الأمر؛ فهو واضح لا لبس فيه؛ حيث أخذ الوعد باستغلال أيام الزيارة واستكمال مراحل الشعيرة المقدسة؛ فهناك من سهل ويسر الإجراء تحت هذا المسمى.


وهنا نحتاج لوقفةٍ مع النفس لنوقن فداحة الأمر؛ فقد عم الحزن والأسي والفقد العديد من البيوت لا حصر لها جراء هذا الحادث الأليم وتحول العيد لديهم لمأتم، ولا نغالي إذا ما قلنا أنه قد تأثر المصريون لما جرى بالأراضي المقدسة؛ ففرحة عودة الحاج سالمًا من الأراضي المقدسة التي تملئ القلوب سعادة وتغمر الوجدان بهجة، تحولت لأوقاتٍ من الألم والترقب والحزن العميق.


إن حقوق الإنسان التي ندركها جميعًا تؤكد علينا أن نتحرى سلامة الفرد كركنٍ أصيلٍ ومعيارٍ شاملٍ، وأن نوفر له احتياجاته التي تضمن بقاؤه، وتمكنه من ممارسة مهامه بشكل آمنٍ وطبيعيٍ، ووضع عددٍ من التدابير الاحترازية مما يقيه شر النوازل، وعطفًا على موسم الحج الذي تتجمع فيه الملايين من مشارق الأرض ومغاربها ينبغي أن تؤخذ كافة الاحتياطات، بل ويكون هناك خطط للطوارئ التي تواجه بسرعةٍ وبمهارةٍ عاليةٍ لتحقيق ماهية الأمن واستقرار الأمور في صورتها الطبيعية مع حجاج بيت الله الحرام وضيوفه.


وحينما تبث مشاهد من موقع الحدث تدل على صورة الإهمال الجسيم للحجاج الزيارة؛ فإن محاسبة المتسببين باتت واجبةً؛ فلا قيمة للحياة ولشعارات حقوق البشر تحت وطأة الاستغلال والاتجار بهم واستغلال الدين وأداء شعائر الله من أشخاصٍ وشركاتٍ ما رغبوا إلا التربح وجني الأموال التي تعد غير مشروعةٍ في جملتها، مهما بلغت المبررات وتعددت المسببات من قبيل الدفاع بهدف تضليل الآخرين أو طمس الحقيقة.


ودعونا نواجه الأمر بشجاعة؛ فقد أضحت الأسباب بينةً، ومن ثم لا مناص عن الالتزام بالقوانين المنظمة التي تسنها الدول بغرض فرض الحماية عبر تنظيمٍ مدروسٍ يقوم على علمٍ ودرايةٍ، وليس على تكهنٍ وعشوائيةٍ؛ فنحن ندرك أن نجاح تحقيق الغاية يقوم على تخطيط يؤسس على معاييرٍ وضوابطٍ تضمن التنفيذ في مساراته الصحيحة ومن ثم نحقق النتيجة المرتقبة، وفي هذا الإطار الحاكم لا مجال لدغدغة المشاعر بأي طريقةٍ من أجل خرق القواعد والضوابط، وهنا تمثل القوانين المنظمة العمود الفقري التي تضمن سلامة الجميع وضمان وحفظ الحقوق.


وفي ضوء ما تقدم نؤكد على أن تتحمل الجهات المعنية على كافة المستويات والجهات القيام بأدوارها ومسؤولياتها ومنع أيًا كان من انتهاك حقوق الشعب وقيام البعض بإفساد فرحة الشعوب من خلال القضاء علي الممارسات التي تخالف القواعد والقوانين المنظمة، ونشير إلى ما أكدته المؤسسات الدينية العريقة استنادًا على الكتاب والسنة الطاهرة بأن الحج فريضةٌ على ما استطاع إليه سبيلا وامتلك نفقته، وليس هناك ما يدعو للمخاطرة أو المجازفة من أجل نيل الأجر؛ فحماية وصيانة النفس من مقاصد الشريعة ومقدم عما سواه.


حفظ الله بلادنا وشعبنا ورحم الله موتانا وربط الله علي قلوب ذويهم وألهمهم الصبر وعظم أجرهم


 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة