أيمن محسب

قانون منح التزام المنشآت الصحية.. لا مساس بحق المواطن

الأربعاء، 22 مايو 2024 03:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو أن هناك حالة من التشكك التي تسيطر علي البعض تجاه القطاع الخاص، ففي الوقت الذي تسعي فيه الدولة لتمكين القطاع الخاص باعتباره شريكا في التنمية، نجد البعض لديه حالة من القلق الدائم  تجاه أي مجال تتخارج منه الدولة لإفساح المجال للقطاع الخاص، تعالي الأصوات المشككة، والتي باتت واضحا أنها لا تري غضاضة في استمرار التدهور والتراجع في القطاعات المختلفة ،  علي أن يتم إسنادها للقطاع الخاص لإدارتها بشكل أكثر كفاءة.

ولا يخفي على أحد أنه مع توسع دور القطاع العام في النشاط الاقتصادي في 2011، وما تلاها خلال فترة إعادة بناء البنية التحتية بالبلاد، ثم خلال جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، عانى القطاع الخاص من أثر المزاحمة مع القطاع العام، وقد أدركت الدولة آنذاك أنه لا سبيل لتحقيق التنمية وتعزيز النمو الاقتصادي إلا بالتخارج الكلي أو الجزئي من عدد كبير من القطاعات الاقتصادية بعدما قامت بتهيئة الطريق للقطاع الخاص للقيام بدوره الطبيعي في العملية الإنتاجية، وهو ما يفسر حرص الحكومة علي تشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، وقد جاء قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت  الصحية _ الذي وافق عليه مجلس النواب نهائيا _ متسقا مع هذه الرؤية.

ورغم اللغط الذي يحاول البعض إثارته حول القانون، فوجب علينا كنواب للشعب المصري توضيح دوافع هذا القانون ومستهدفاته ، وقطع الطريق أمام انتشار الشائعات التي لا أساس لها من الصحة، والتي كان أبرزها أن الحكومة تسعي لبيع المستشفيات الحكومية، فقط القانون يستهدف تشجيع للقطاعين الخاص والأهلي على المشاركة في المجال الصحي من خلال إنشاء وتطوير المنشآت الصحية الحكومية، وتشغيلها وإدارتها، وكذلك المشاركة في تقديم خدمات الرعاية الصحية للمواطنين دون المساس أو الانتقاص منها،  بل علي العكس فالقانون يستهدف تحسين جودة الخدمة المقدمة للمواطنين ورفع كفاءتها، لكن بكل تأكيد أن هذه المستشفيات ستظل مملوكة للدولة مع استمرارها في تقديم كافة الخدمات الصحية للمواطنين بشكل طبيعي ومنتظم، ومن أجل خلق حالة من الطمأنة المجتمعية فالقانون يتيح للحكومة إلغاء الالتزام في أي وقت حال ثبوت عدم التزام المستثمر بشروط التعاقد، خاصة ما بتعلق  بجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

وتتضمن القانون عدد من القواعد والشروط للحصول على الالتزام كان من بينها الحفاظ علي المنشآت الصحية وما تشمل عليه من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها، والالتزام في تقديم الخدمة الصحية بأحكام القوانين والقرارات المطبقة علي المنشآت الصحية، وكذا المنظمة لتنظيم الخدمات المكملة الموجودة بها، وأن يتوافر في الملتزم الخبرات اللازمة لتشغيل المنشأة الصحية، بالإضافة إلي عدم التنازل عن الالتزام للغير دون الحصول علي اذن من مجلس الوزراء، وألا تقل مدة الالتزام عن 3 أعوام ولا تزيد علي 15 عاما، مع أيلولة جميع المنشآت الصحية بما فيها من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها إلي الدولة في نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة، وهو ما بُشكل استفادة قوية للدولة التي تسعي لتطوير مستشفياتها الحكومية لكن مع ارتفاع تكلفة تطويرها كان لابد للقطاع الخاص والأهلي أن يلعب دورا مهما في المجال الصحي لتحقيق طفرة حقيقية يشعر بها المواطن، استكمالا لدورهما كشريك أساسي في تنفيذ خطط التنمية التي تتبناها الدولة.

وفيما يتعلق بمشروع التأمين الصحي الشامل، فالقانون لن يخل بحقوق المنتفعين بأحكام قانون التأمين الصحي الشامل، خاصة أنه يُلزم المستثمر بتقديم نسبة من إجمالي الخدمات الصحية التي تقدمها المنشأة الصحية للمنتفعين بخدمات العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحي أو منظومة التأمين الصحي الشامل، بذات الأسعار التي تحددها الدولة لتقديم تلك الخدمات، ومن ثم يحصل المواطن علي أفضل خدمة بنفس السعر المتعارف عليه، كما أن هذا القانون يُعد التزاما دستوريا حيث نصت المادة 18 منه علي حق كل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة، وتشجيع الدولة لمشاركة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقاً للقانون، لذلك يُعد هذا القانون ترجمة للنص الدستوري وإدخاله حيز التنفيذ الفعلي.

كما حاول البعض إثارة مخاوف بشأن مصير الأطقم الطبية داخل المستشفيات في حال منح الالتزام للمستثمر ، وهنا أؤكد أن صياغة نصوص القانون حرصت علي حماية حقوق المصريين العاملين في المستشفيات الحكومية من أطباء وإداريين وخدمات معاونة وإلزام المستثمر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25% كحد أدنى قابل للزيادة، وبشرط موافقتهم، مع مراعاة الحفاظ على الحقوق المالية والوظيفية لهم ولغيرهم من العاملين الذين سيتم نقلهم لجهات أخرى وتقييد حق المنشآت الصحية في الاستعانة بأطباء وأفراد هيئة تمريض وفنيين أجانب بحيث لا يتجاوز 25% كحد أقصى من إجمالي عدد العاملين بالمنشأة، على أن يكون الترخيص بمزاولة المهنة قاصرا على هذه المنشأة فقط، وبذلك يضمن القانون أن استقدام أي أجنبي سيكون قاصرا علي المنشأة التي يعمل بها فقط ولن يكون من حقه العمل في أكثر من مستشفي أو فتح عيادة خاصة، ونعلم جميعا حجم العجز الذي تعاني منه المستشفيات الحكومية في الأطقم الطبية  لذلك أعتقد أن استقدام الأجانب للعمل في المستشفيات الحكومية سيساهم في سد العجز وربما كان ذلك محفزا لعودة الأطباء المصريين المهاجرين، خاصة مع تحسن أجور الأطقم الطبية في ظل إدارة المنظومة من جانب القطاع الخاص.

وختاما.. هذا القانون يحافظ على حق المواطنين في الحصول علي الرعاية الصحية، ولا يمس بأي شكل أو ينتقص من الخدمات الطبية الالزامية والمجانية التى تقدمها الدولة والتي يكون لها بُعداً قوميا، فضلا عن أنه سيكون نقطة تحول حقيقية في المجال الصحي للانطلاق نحو تطوير الخدمة بما يحقق مصلحة المواطن البسيط.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة