وائل السمري يكتب مسار إجباري..مغامرة مضمونة على الشباب والموهبة..المسلسل استطاع جذب المشاهدين واحتلال الأولوية في المتابعة والإعجاب..أحمد داش يثبت نفسه في مدرسة التشخيص..وعمر عصام يبدع من منطقة الثبات

الإثنين، 18 مارس 2024 02:32 م
وائل السمري يكتب مسار إجباري..مغامرة مضمونة على الشباب والموهبة..المسلسل استطاع جذب المشاهدين واحتلال الأولوية في المتابعة والإعجاب..أحمد داش يثبت نفسه في مدرسة التشخيص..وعمر عصام يبدع من منطقة الثبات أحمد داش وعصام عمر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان من غير المعتاد أن يحجز الشابان "أحمد داش وعصام عمر" مكانهما وسط هذه الكوكبة الحافلة من الأسماء الراسخة في الموسم الرمضاني الذي يعد أهم موسم درامي في العالم العربي، وأكثر ساعات العالم مشاهدة، صحيح أن لكل منهما تجاربه الناحجة، وصحيح أن موهبتهما أعلنت عن نفسها بوضوح، لكن ثقافة المغامرة والرهان على الموهبة كانت إلى وقت قريب بعيدة عن حيز التنفيذ وأسيرة لخانة الأمنيات، حتى تحققت الأمنيات وأصبحت حقيقة والفضل في هذا يعود إلى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي أفسحت لكل موهبة مجالا، وصنعت من كل بذرة شجرة. 
عندما أعلنت الشركة المتحدة عن أسماء المسلسلات في الموسم الرمضاني وجاء من بينها اسم مسلسل "مسار إجباري" اندهش الكثيرون، خاصة ان من تصدر الأفيش هما الفنانان "أحمد داش وعمر عصام" لكني قررت أن أتابع هذا الثنائي الملهم وأن أضع مسلسلهما على رأس اهتماماتي، وزاد من شغفي للمسلسل أن المخرجة الشابة "نادين خان" هي التي أخرجت العمل، وبذلك فقد اكتملت الصورة، فهو مسلسل شاب، أبطاله الرئيسيين "شباب" ومخرجته شابة أيضا، وهو ما كان بالنسبة لي موعدا من الفن الخالص، والجرأة في الفكرة والتنفيذ. 
 
فرضت فكرة المسلسل على المخرجة أن تبحث عن شابين في مقتبل العمر، وكان من حظنا السعيد أن على الساحة الآن من هو خليق بأن يتحمل المسئولية، أحمد داش بموهبته العريضة وعمر عصام الذي أصبح نجما بين يوم وليلة منذ أن أذاعت منصة "واتش أت" مسلسله "بالطو" الذي تلقاه الجميع بالإعجاب والتقدير، ليفتح هذا المسلسل بجانب مسلسل "ريفو" الباب أمام العديد من المواهب الشابة فرأينا مسلسل "على باب العمارة" الذي قام ببطولته الفنان حاتم صلاح وحالة خاصة الذي قام ببطولته الفنان طه الدسوقي، ومن اللافت هنا أن نشير إلى تلك الحالة من المحبة والاحترام المتبادل بين أبناء هذا الجيل، فرأينا الفنان طه الدسوقي يشيد بمسلسل مسار إجباري، كما رأينا من قبل الفنان أحمد أمين يدعم مسلسل طه الدسوقي بالقول والتصريحات الصحفية والاشتراك كضيف شرف في حلقات المسلسل. 
 
نعود إلى قصة مسار إجباري والتي تتناول حكاية شابين هما في الأصل أخوان لأب واحد، غير أن هذا الأب أخفى زواجه من "عنايات أو نعناعة" التي تقوم بدورها الفنان بسمة، كما أخفى إنجابه لابنه "حسين" الذي يقوم بدوره الفنان أحمد داش، عن زوجته "إحسان" التي تقوم ببطولتها الفنان صابرين، وابنه "على" الذي يقوم بدروه الفنان عمر عصام، حتى أجبرته ظروف مرضه على أن يقف في مواجهة مع الأسرتين، وأن يصارحهما بالسر الدفين، غير أن باب الأسرار لم يغلق إلى هذا الحد، بل كان الشابان على موعد مع سر آخر أكثر حساسية، وهو أن أبوهما كان رجلا مرتشيا، استغل عمله في مصلحة الطب الشرعي، وتلاعب في الأدلة حتى أودى هذا التلاعب المدفوع برجل برئ إلى حبل المشنقة، وهو الأمر الذي كان سببا في أن يندم ندما شديدا عازما على أن يكشف السر ويفضح المجرمين الذين قدموا إليه الرشوة، وبحسب ما ذكره لابنيه فإنه يحتفظ بالدليل الذي يكشف تفاصيل هذه العملية، ويزيح بحبل المشنقة من حول رقبة الرجل البرئ، وقبل أن يفعل ما ينوي فعله تقتله العصابة ليقف الشابان اليافعان وحدهما أمام حفنة من المجرمين لا تتورع عن قتل كل من يقف في طريقها.
 
أكثر ما يميز هذا المسلسل من وجهة نظري هو البساطة في كل شيء، والفضل في هذا يعود إلى المخرجة مادين خان، فلا افتعال في أبسط التفاصيل ولا في أعقدها، ولهذا نرى الأماكن العادية والحوارات العادية، والانفعالات العادية، وحتى في بعض الأحيان في زوايا التصوير البسيطة التي لا تفتعل ولا تتحذلق، وهو ما جعل المشاهد يتعايش مع المسلسل وكأنه من نوعية دراما الواقع، وفي الحقيقة فإن هذه الخصيصة تحديدا هي ما زادت ابتهاجي بالعمل، خاصة أنه يجابه مدرسة أخرى في الإخراج استطاعت أن تجذب إليها الكثيرين، وهي مدرسة التكلف في كل شيء بداية من الموسيقى الصارخة وحتى في الأداء والملابس ومواقع التصوير، وهو ما يمنح المشهد تنوعا وثراء كبيرين. 
 
يرسخ أحمد داش في في مسار إجباري أقدامه كأحد البارعين في مدرسة التشخيص، فقد درس "داش" كل جوانب الشخصية وأتقن تجسيدها، بداية من الملابس واللزمات الكلامية ونبرة الصوت والانفعالات وحتى أسلوب الخناق وطريقة الضرب "الشعبي" ليقدم في النهاية شخصية ابن البلد الحنون القوي الذي يغطي وجهه مسحة من الحزن والكبرياء والتشتت في آن، أما عمر عصام فقد احترف الإبداع من منطقة الثبات، وبأقل المجهود يصل إلى ما يريده، يقدم شخصية يبدو من تصرفاتها وانفعلاتها أنها لا تريد أن تتفاعل مع محيطها الخارجي وكأن بها ملل أو زهد، وهو ما يفسره بناء الشخصية الذي نعرف منه أنه غير راض على حياته الحالية ويريد تغييرها بكل وسيلة، حالما بأن يسافر إلى فرنسا ليحصل على منحة لدراسة القانون. 
 
أما الفنانة بسمة التي تقدم شخصية "عنايات" فإني أعد هذا الدور من أهم أدوارها، وكان مفاجئا لي أن أراها وهي تلعب شخصية الأم لشاب كبير نسبيا، لكنها أثبتت أن الفنان الحقيقي لا يعبأ كثيرا بشكليات الدور الذي يؤديه بقدر ما يهتم بما الذي يستطيع أن يقدمه فيه، وقد قدمت "بسمة" دور الأم الشعبية بلا تصنع أو افتعال، ولم تلجأ إلى البحث عن الكلاشيهات المعلبة ولا الانفعالات الكاريكاتورية التي يلجأ إليها الكثير من الفنانات إذا ما أردن تجسيد الأدوار المشابهة، فاقتربت بالشخصية كثيرا من كل بيت، ولا تجاريها في التميز إلا الفنان صابرين التي لا تتوقف أبدا عن إدهاشنا في كل دور تؤديه، مهما يبدو الدور "عاديا" أو مهما تبدو الشخصية بلا ملامح مميزة، وهو ما يؤكد براعتها واحترافيتها، وكذلك الفنان محسن منصور الذي يجسد دور مسعد رجل العصابة القوي بغبائه وميله الفطري إلى العنف، وهو ما أضاف لمحة من الكوميديا السوداء على المسلسل، وأكد أن "منصور" إضافة حقيقية لكل عمل يشارك فيه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة