سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 فبراير 1954.. كمال الطويل يكشف سر الدندنة التى حولت عبدالحليم حافظ لمطرب وقصة السائق الذى اختار لحن «يا رايحين الغورية»

الجمعة، 02 فبراير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 فبراير 1954.. كمال الطويل يكشف سر الدندنة التى حولت عبدالحليم حافظ لمطرب وقصة السائق الذى اختار لحن «يا رايحين الغورية» الموسيقار كمال الطويل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الموسيقار كمال الطويل يدندن بكلمات لا معنى لها أمام عبدالحليم حافظ، فأعجب عبد الحليم باللحن وأخذ يغنيه، ثم سأل كمال: لماذا لا تلحن؟ وكان هذا السؤال البذرة الأولى التى جعلت كمال ملحنا بدلا من أن يصارع متاعب الطرب، حسبما يذكر فى حواره لمجلة الكواكب، عدد 131، الصادر فى 2 فبراير، مثل هذا اليوم، 1954، ويكشف فيه بداياته التى وضعته بين كبار الموسيقيين فى تاريخ مصر، مشيرا إلى أنه وكما أغراه عبدالحليم بالتلحين، فإنه أغراه بالغناء، قائلا: «كنت متعجبا كيف يكون صوته جميلا وصالحا للغناء بينما هو قابع فى دراسة الموسيقى فى قسم الآلات، وهكذا انقلب الأمر، فأصبحت أنا ملحنا وعبدالحليم مطربا».
 
يتحدث «الطويل» عن بدايته، قائلا: «حصلت على الابتدائية، وتهيأت للانتقال للمرحلة الثانوية، وكانت هوايتى تبلورت فى رغبتى أن أكون مطربا يشار إليه، وكانت هذه الرغبة تصرفنى عن اتخاذ طريق دراسة العلوم، ولم يحاول أبى أن يستعمل نفوذ الأبوة ليرغمنى على اتخاذ طريق العلم، لكنه أمسك العصا من المنتصف، وأدخلنى مدرسة الصناعات الزخرفية لأرضى نزعتى إلى الفنون، مؤملا أن أخرج منها إلى الفنون التطبيقية، ثم إلى ميدان الأعمال كفنان يختزن فى رأسه نظريات الفن القديم والحديث».
 
يضيف «الطويل»: «أثناء دراستى سمعت عن المطربين الذين يتخرجون فى معهد فؤاد بالقاهرة فصممت على أن ألتحق به، ولم يعارض والدى رغبتي، فهواية الغناء تملكت منى، وأصبحت أصدع رؤوس أفراد العائلة بما أحفظه أو أضع كلماته وألحانه بنفسى من الأغانى، وقبل ذلك حدث أن احتفل بزواج احدى قريباتي، وأرادوا الاتفاق مع المطرب عبده السروجى على الغناء فى الحفلة وطلب مبلغا كبيرا، فطلبوا منى أن أغنى بدلا منه، ولما غنيت تولى بعض أقاربى إقناع أبى بأننى مطرب موهوب وقادر على أن أكون خليفة محمد عبدالوهاب، وهكذا انتقلت إلى القاهرة لالتحق بمعهد فؤاد».
 
يذكر «الطويل»، أنه التحق بقسم الأصوات بالمعهد، بينما التحق زميله عبدالحليم بقسم الآلات، وتغير مسارهما منذ أن كان يدندن بكلمات لا معنى لها من الغناء، فالتقطها عبدالحليم وأخذ يرددها، ونبه بعضهما إلى تبديل أدوارهما ليكون كمال ملحنا، وعبدالحليم مطربا، وبحث كمال عن أغنية يضع فيها أول ألحانه فلم يجد مؤلفا يرضى بالمغامرة معه، حتى وجد المؤلف فى شخص والده زكى الطويل فى أنشودة «دعاء»، وكان كمال وقتئذ فى وظيفة بقسم الموسيقى والأغانى بالإذاعة، فلم يشأ أن يثير حوله شبهة التحيز أوالمنفعة، فرفض أن يتناول أجرا من الإذاعة مقابل تأليف وتلحين أنشودة «دعاء»، ورفض أن يذكر اسمه كملحن إلا بعد أن أقنعه رجال الإذاعة بأن ذكر اسمه ضرورة لإذاعتها.
 
لم يكن نجاح أنشودة «دعاء» كافيا لتثبيت قدمى كمال ملحن، حتى جاءت فرصة أغنية «يا رايحين الغورية» كلمات محمد على أحمد، وغناء محمد قنديل، ويكشف قصتها، قائلا: «كنا مجتمعين فى لجنة الإذاعة لبحث الأغانى الجديدة التى تعهد بها اللجنة لبعض الملحنين، وأعجبنا جميعا بأغنية «الغورية» ولا سيما الأستاذ صالح جودت، وعرضت أن أقوم بتلحينها، لكن صالح جودت، تردد لأننى كنت فى نظره مجرد ملحن مبتدئ لا تتناسب ألحانه مع مستوى كلمات الأغنية الجميلة، لكن اللجنة رأت أن تعهد بها إلى على سبيل التجربة، وأخذت الأغنية إلى البيت، وتضخمت فى رأسى مخاوف صالح جودت».
 
يضيف الطويل: «كنت فى شبه معركة قد أخرج منها إلى الحياة وقد تنتهى بى إلى الموت، وبدأت فى تلحين الأغنية، وبعد بضعة أيام نالنى فيها الأرق والجهد واليأس، ذهبت إلى الأستاذ حافظ عبدالوهاب عضو اللجنة، وسلمته لحن الأغنية، وعدت إلى البيت وعندى شعور بأن عبء ثقيل انزاح عن كاهلى».
 
لم تنته قصة لحن «الغورية» عند تسليمه، ويذكر «الطويل» أنه بعد أن سلمه وبينما هو على فراش نومه طرأت نغمة أعجبته، فنهض إلى البيانو ليعزفها على كلمات الأغنية، وبدأ يضع لحنا آخر احتياطى، واجتهد أن يجعله شعبيا قدر المستطاع، وذهب به إلى الإذاعة واستمعت اللجنة إلى اللحنين، وانقسمت الآراء حولهما.
 
ظل هذا الصراع بين اللحنين قائما حتى حسمته صدفة عجيبة يكشفها «الطويل» قائلا: «ذات ليلة كنت أستقل سيارة أجرة مع أحد أصدقائى، وكنا نتحدث عن اللحنين، وفجأة سأل صديقى سائق السيارة: أنت بتحب تسمع أغانى فى الإذاعة؟ فأجاب السائق بالإيجاب، فعاد صديقى يقول له: «طيب احنا حنسمعك دلوقتى لحنين، واللى يعجبك منهما أكتر قول عليه، وبدأت أغنى «الغورية» على المنوالين، فاختار السائق اللحن الأول، وفى اليوم التالى سجلته فى الإذاعة».
وهكذا ظهر لحن « الغورية» ليثبت أقدام كمال الطويل، ثم جاء بعده لحن «يا غاليين عليا يا أهل اسكندرية» ليضيف إلى عالم الموسيقى العربية اسما جديدا كبيرا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة