"فُتات" قصة قصيرة لـ شيماء بن عمر

السبت، 17 فبراير 2024 05:00 ص
"فُتات" قصة قصيرة لـ شيماء بن عمر شيماء بن عمر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يعلم أن لذلك السلوك اسماً.. ولكنه غير قادر على الاهتداء إليه.. ما كان ذلك؟؟

إنه شىء غريب ويبعث على الاضطراب.. شيء يشبه السعادة إذا ما ظننا أن السعادة قادرة على التنكر فى ثوب أنيقٍ للإساءة، التلاعب ، والسُمِيّة ...

يعلم جيدا أن السعادة أتت يوما على شكل أسوأ أعدائه...

حسنا ، ما كان ذلك مرة أخرى؟!

آها... إنه ..الفُتات .. !!

أخبث أنواع السعادة تأتى على خِوانٍ كبيرة، أنيقة، لا تليق إلا بك وحدك من دون كل الوجوه.. حيث يتم تقديم أجود أنواع النبيذ الإيطالى المعتق وأشهى الخبز الفرنسى ...

نعم إنها أفخم أصناف الفتات ...

فتات لا يسمن ولا يغنى من جوع...

قد يبقيك على قيد الحياة.. أو قيد النسيان.. أو أى قيد بإمكانه أن يجعلك تحت السيطرة...

ولكنك وسط حلقة مفرغة وتريد التخلص أخيرا وبعد سنوات عقيمة من متلازمة الفتات ...

أنت صامد ... أو هكذا تظن ....

بدأ الجوع يأخذ مأخذه منك الآن أكثر من أى وقت مضى.. جسمك منهك وعلى حافة الانهيار... أنت مشوش... غير قادر على التركيز وبدأت دفاعاتك فى الانهيار...

أنت تتضور قلقا وحزنا وخيبة.. أتكون فقط أعراض انسحاب شرسة ليعود كل شىء على صورته الأولى ؟ أم أن هذا ما ستبدو عليه حياتك إلى الأبد؟؟؟

كان وقع التساؤل الأخير عليه شديدا لدرجة أنه اعتذر عن البقاء لاحتساء القهوة... اضطرابه وانصرافه المفاجئين لفت انتباه الجميع على غير العادة.. ربما لأنه صامت معظم الوقت.. قانع بما مضى وزاهد فى كل ما سيأتى ...

يقولون دائما أنه يتحلى بالكياسة والهدوء والسكينة.. يعلم أن تلك هى مجرد تسميات منمقة يستعملونها فى حضوره عوض المصطلحات الحقيقية مثل غير مثيرٍ للاهتمام.... ممل.. وربما كئيب ..

لنقل إنها فقط بعض المحاولات الروتنية لدس السم فى العسل ..

ولكنه الآن أمام قرار مصيرى.. إما أن يعود ليرضى بالفتات الذى يُرمى إليه من حين لآخر والذى سيبقيه أسير المنتصف وإما.... بدر إلى ذهنه ذلك المكان الذى ذكره دانتى فى الكوميديا الإلهية.. ما كان ذلك؟؟

إنه ذلك الدهليز الذى تُحتجز فيه الأرواح حتى تصبح قيد النسيان... فلا هى من سكان الجحيم ولا هى تنعم بالفردوس.... آآه ..... إنه الليمبو!

لقد حسم أمره... لن يكون ضحية الليمبو ولن يرضى بالفتات من اليوم فصاعدا !!!

لن يقبل بأقل ما يستحق حتى لو عنى ذلك أن يموت قهرا... ليس سيئا مطلقا أن يموت أحدهم بشموخ...

لمعت كفكرة مشرقة فى ثنايا رأسه وهو يرفع ذراعه نحو الطريق مرددا بحماس : تاااكسي!










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة