سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 يناير 1969.. أم كلثوم تستمع إلى لحن «أصبح عندى الآن بندقية» من محمد عبدالوهاب كلمات الشاعر نزار قبانى استعداد لتسجيله تأييدا للمقاومة الفلسطينية

السبت، 20 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 يناير 1969.. أم كلثوم تستمع إلى لحن «أصبح عندى الآن بندقية» من محمد عبدالوهاب كلمات الشاعر نزار قبانى استعداد لتسجيله تأييدا للمقاومة الفلسطينية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توقف الشاعر نزار قبانى فى القاهرة، وهو فى طريقه إلى السودان تلبية لدعوة من وزارة الإصلاح فى يناير 1969، وخلال إقامته القصيرة خطر له أن يتواصل مع سيدة الغناء العربى أم كلثوم، معبرا لها عن تقديره لمشروعها فى دعم المجهود الحربى، ومحاولا إحداث تقارب بينهما ربما يؤدى إلى مشروع غنائى يجمعهما، وهو ما حدث بالفعل، حسبما يذكر الكاتب الباحث كريم جمال فى كتابه «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربى».
 
ينقل «جمال» عن حوار مع نزار نشرته مجلة «الموعد، 27 فبراير 1969»، قال فيه إنه طلب بيت أم كلثوم فردت هى بنفسها، إذ قال لها: «سيدتى، لقد وجدت أن زيارة القاهرة دون تحيتك لا تعتبر زيارة»، فردت عليه: «ولكن التحية يا عزيزى الشاعر لا تتم بواسطة الهاتف، فهل تقبل الدعوة على الشاى؟»، وفى الموعد المحدد ذهب نزار إلى فيلا أم كلثوم، وبعد كلام عن السودان التى قدمت حفلتين فيه فى ديسمبر 1968، طلبت منه أن يسمعها بعضا من شعره، فأسمعها قصيدة عاطفية قديمة، وعندما طلبت منه أن يسمعها قصيدة جديدة، اعتدل فى جلسته وأخرج من جيبه ورقة صغيرة، وبدأ فى إسماعها قصيدة عن الفدائيين يقول مطلعها: «أصبح عندى الآن بندقية».
 
حرك كلام القصيدة أم كلثوم وبدأت تردد خلف نزار: «أصبح عندى الآن بندقية إلى فلسطين خدونى معكم إلى ربيَ حزينة كوجه مجدلية  إلى القباب الخضر والحجارة النبيِة عشرون عاما وأنا أبحث عن أرض وعن هوية أبحث عن بيتى الذى هناك وعن وطنى المحاط بالأسلاك أبحث عن طفولتى عن رفاق حارتى عن كتبى عن صورى عن كل ركن دافئ وكل مزهرية إلى فلسطين، خذونى معكم يا أيها الرجال أريد أن أعيش أو أموت كالرجال».
 
توقفت أم كلثوم أثناء إلقاء نزار للقصيدة وأبدت إعجابها بالتعابير الجديدة التى يطلقها فى شعره، وقالت: «تعبير الحجارة النبيِة فى منتهى الجمال»، وبعد أن استمعت إلى القصيدة كلها علقت: «أنا أرى فى هذه الأيام أن الدعم النفسى والمعنوى لحركة الفدائيين واجب على كل عربى وعربية، لأنهم طرحوا القضية الفلسطينية كما يجب أن تطرح، وكنت دائما أرى أن على الشعب الفلسطينى أن يتولى قضيته، وأن الفدائيين هم الذين رفعوا القضية إلى مستواها».
 
ابتهج نزار وهو يسمع إطراء أم كلثوم على قصيدته، وينقل كريم جمال عنه أنه طلب إليها إذا أعجبت بالقصيدة أن ينقلها لها بخط كبير، فهو يكتب قصائده بخط صغير جدا، فقالت له: «قبل كل شىء.. من تعتقد أنه يستطيع تلحين مثل هذه القصيدة؟»، فرد: «سيدتى، كما ترين أنت، أنت التى تديرين مثل هذه الأمور، ولا رأى لنا قبل رأيك»، فقالت له أم كلثوم: أعتقد أن عبدالوهاب عشق تلحين الشعر والقصائد الطويلة»، وأجاب نزار: «لا شك فى هذا، إن رأيك هو الصواب، محمد عبدالوهاب يلحن الشعر ويفهمه»، وفى الحال أمسكت أم كلثوم الهاتف، وطلبت عبدالوهاب، وقالت له: «الأستاذ نزار قبانى موجود، ومعانا حاجة حلوة، فهل تأتى إلينا أم نذهب إليك؟»، أجاب عبدالوهاب: «بل أكون عندك خلال دقائق».
 
كان بين نزار وعبدالوهاب تعاون سابق ومهم فى قصيدتى «أيظن» و«ماذا أقول له؟»، وغنتهما نجاة الصغيرة، ويذكر «جمال»، أنه ما إن وصل عبدالوهاب إلى فيلا أم كلثوم تعانق مع نزار، وصفيت غيوم كانت بينهما قبل الحديث عن «أصبح عندى الآن بندقية» التى قرأتها أم كلثوم القصيدة عليه، فأعجب بها، وسرعان ما أجريت بعض التعديلات فى كلماتها لتساعده فى التلحين.
 
استمرت الجلسة بين نزار وعبدالوهاب وأم كلثوم فى هذا اليوم ساعات وتحولت إلى ورشة عمل، ثم سافر نزار إلى السودان، وفى أثناء زيارته جُهزت القصيدة وسجلت لتكون هدية أم كلثوم إلى حركة المقاومة الفلسطينية، وتذكر الأهرام بصفحتها الأخيرة، عدد 20 يناير، مثل هذا اليوم، 1969 خبرا يقول: «أم كلثوم ستغنى لرجال المقاومة، وقع اختيارها على الشاعر نزار قبانى، أنها أول مرة تغنى قصيدة له يقوم الموسيقار محمد عبدالوهاب بتلحينها الآن، وكاد ينتهى من اللحن وستسمع إليه كوكب الشرق اليوم 20 يناير 1969».
 
يذكر «جمال» أن أم كلثوم سجلت هذه القصيدة فى فبراير 1969 بمصاحبة 60 عازفا من أوركسترا القاهرة السيمفونى، وهو ما ينفى ربط البعض لها بحادثة حريق المسجد الأقصى فى 21 أغسطس 1969، وهو الحادث الذى وقع بعد تسجيل الأغنية بنحو ستة شهور.
 
يرى «جمال» أن «أصبح عندى الآن بندقية» هى الأكثر ثورية بين مجموع المنجز الغنائى الوطنى فى مسيرة أم كلثوم، فالطبيعة الشعرية جاءت متوافقة تماما مع الروح الثورية النابعة من قاعدة الهرم السياسى، وليست الصادرة من قمته وزعامته».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة