أحمد جمال الدين

أكاديمية الفنون.. هرم مصر الثقافى ونغمها الأصيل

السبت، 01 أبريل 2023 04:45 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الفن هو صانع الحضارة وهو الأساس الذى تقوم عليه المجتمعات المدنية الحديثة، وإذا أردت أن تعرف مدنية شعب أو التعرف على سلوكه  وتقدمه فعليك بالنظر أولا إلى ما يقدمه من فنون وتراث ثقافى، فهو ليس فقط  آلية للتعبير عن الهوية وأداة للتواصل بين الشعوب وبعضها، تتغلب من خلالها على كل الحواجز سواء طبيعية أو لغة ولا يمكن أن تجد شعبا ذا ذوق رفيع أو حضارة نمت إلا لو كان هناك إنتاج مميز لها بالفنون، تصفو الأنفس وتسمو الروح  ويولد الإبداع، لذلك فيمكن النظر إلى الحضارة والفن والإبداع على أنهما وجهان لعملة واحدة أو قاسم مشترك لا يفترقان، فهما كالشىء وظله. والأدلة كثيرة، فالعديد من الشواهد الحضارية المختلفة ومنها الحضارة الفرعونية كانت صاحبة رسالة فنية عظيمة، وتخبرنا المعابد عبر الرسومات والكتابة بما وصل إليه المصريون القدماء من تقدم راق فى الفنون، وهو الأمر الذى تم السير عليه ولم يتم إغفاله، فكانت الدولة المصرية باختلاف مراحلها حريصة على تنمية الحس الإبداعى ورعاية الموهوبين، فعملت على إنشاء دار الأوبرا وأكاديمية الفنون، والأخيرة هى عمل متفرد بمعنى الكلمة، عمل على على نشر الثقافة والإبداع على مدار سنوات عديدة من خلال أقسامها المختلفة "المعهد العالى للفنون المسرحية، المعهد العالى للكونسرفتوار، المعهد العالى للباليه، المعهد العالى للسينما، معهد الموسيقى العربية، المعهد العالى للسينما، المعهد العالى للموسيقى".
  
والحقيقة أنه إذا كانت مصر تعتبر أرضا خصبة لنمو المواهب فإن "أكاديمية الفنون" هى الحاضنة لها ومصدر آمن لرعايتها، ومصدر إشعاع ثقافى وتنويرى ليس لمصر فقط بل لمحيطها الإقليمي ككل، ومصدر فخر لكل مصرى بصفة خاصة وعربي بصفة عامة تواجد هذا الصرح العظيم فى عالمنا العربي الذى ظل لا يضن عبر سنوات عديده بالموهوبين الذين عملوا على نشر إبداعاتهم الفنية المختلفة، وإتاحتها لكل من يبتغى الفن الأصيل والباحث عن السمو الروحى، الذى يعد بحق أساس متين فى قوة مصر الناعمة  ومصدر مهم لتأثيرها وأساس متين تستند عليه فى علاقاتها الدولية والأقليمية عبر خريجيها وفنانيها الذين يشار إليهم بالبنان، فأصبحوا خير سفراء للدولة المصرية ومصدر قوتها الناعمة، والتى بدأت تأخذ المرتبة الأولى فى معيار أهمية الدول فلم تعد القوى العسكرية وحدها معيارا  لقياس لقوى الدولة، بل ظهر أيضا القوى الناعمة التى تستطيع من خلالها الدول بعيدا عن التدخل العسكرى أو التهديد باستخدام السلاح أو فيما  يعرف باللغة الخشنة "التفاوض، والإقناع، وكسب المؤيدين لها فى مواقفها المختلفة".
 
 وتقوم القوى الناعمة على عدد من الأسس يعرفها جوزيف ناى أستاذ العلاقات  الدولية بجامعة هارفاد بأنها "القدرة على الحصول على ما تريد عبر الإقناع وليس الإكراه من خلال أدوات الدول الثقافية، والإعلامية ومقدار ما تنقفه فى المجال الثقافى" وبالنظر إلى ما تملكه الدولة فنحن نملك رصيدا كبيرا من هذه القوى من خلال أكاديمية الفنون قائم على عشرات من السنوات من التراث الثقافى والفنى الذى لا يمكن تقليده أو مجاراته أو مقارنته بأى أعمال أخرى، مهما كان حجم الأموال التى تنفق عليه والذى من الممكن أن يكون مبهرا، ولكن يظل الفن المصرى بفضل مؤسسات مثل أكاديمية الفنون محتفظا بأصالته وهويته الخالصة القائمة على الإبداع  الذى لا يمكن استنساخه، لذلك لم يكن من من قبيل الدهشة أن مطربة بحجم "أنغام"،  ذلك الصوت المصرى الفريد القائم على مفردات الأصالة تعود بالفضل فيما وصلت إليه من مكانة فى قلوب محبيها من خلال ما قدمته من فن عذب عبر سنوات ظلت محتفظة برونقها وجماهيريتها إلى الأساس الذى نشأت عليه وما تعملته فى المؤسسات الفنية المصرية، وذلك من خلال قولها على هامش تكريمها فى حفلها الذى أقيم مؤخر ليشكف عن معدنها الأصيل، لتقول: "أنا محظوظة ببلدى مصرى ولو ماكنش فى مصر بلدى معهد كونسرفتوار ومعهد موسيقى ومعهد باليه ومعهد سينما وأكاديمية فنون، يمكن ماكونتش ظهرت أصلاً، ولا كنا ظهرنا كلنا كفرقة موسيقية وكهندسة صوت وكل تجهيزات الحفلة اللى شايفينها النهارده عشان نبقى بالمستوى الفنى العالى ده".
 
وتابعت: "عشان كده أنا محظوظة ببلدى مصر اللى قدمت لكم الفن ده النهارده، واللى بفضلها عليا ظهرت ودعمتنى من صغرى من أيام الإذاعة المصرية والحفلات.. مصر هى اللى قالت لى كونى كده".
 
انتهى حديث أنغام.. ولكن لا يمكن اختزال دور أكاديمية الفنون فى بضع كلمات فهى بحق أحد أذرع الدولة المصرية وأساس متين فى قوتها الناعمة وهرم مصر الرابع فى الثقافة والفنون.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة