قيادة من الشعب.. عندما سقط التاج وصار العرش محكوما بالدستور وإرادة الناخبين

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023 04:00 م
قيادة من الشعب.. عندما سقط التاج وصار العرش محكوما بالدستور وإرادة الناخبين الدستور
كتب - عبدالرحمن حبيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قطعت مصر أشواطا طويلة إلى أن صاغت هويتها الوطنية الجامعة، واستخلصت نظاما سياسيا ينبع من إرادة الشعب ويستجيب لطموحاته، كان الخروج من أسر المماليك والعثمانيين مع محمد على، ثم الورشة الوطنية الممتدة داخل الأسرة العلوية ومع النخب المصرية، الأساس الذى بنيت عليه الحقبة الليبرالية قبل 1952، بما فيها من ديمقراطية تمثيلية تضع الشعب فى قلب مشهد الحكم، وبعدها ثورة يوليو والانتقال إلى عصر الجمهورية، وهى صيغة تنبع بكاملها من الشارع وشرعيته، وليس من نسب عائلى ولا سلطة فوق الشعب وقراره.

شهدت مصر تحولات عديدة، عقب إزاحة الحقبة الملكية، أهمها استحداث منصب الرئيس الذى شغله اللواء محمد نجيب فى البداية، انطلاقا من الرتبة والعمر والسمعة الحسنة داخل الجيش وفى الشارع، ثم خلفه جمال عبدالناصر منذ 1954 حتى وفاته فى 1970، لكن ظلت الشرعية موصولة بالثورة وجواز مرور الاستفتاء الشعبى على اسم الرئيس منفردا.

رغم امتداد مرحلة الاستفتاءات لنحو 5 عقود تقريبا من عمر الجمهورية، قبل التحول إلى الانتخابات التعددية فى عام 2005، فإن الملمح البارز أن سلطة الحكم انتقلت من العائلة إلى المؤسسة، ومن شرعية الدم الملكى إلى شرعية الانتماء الشعبى، فصار حاكم مصر للمرة الأولى واحدا من المصريين الخالصين، ومن عوامهم لا من النخبة الأرستقراطية أو ذوى المال والجاه.

اختيار الرئيس

بحسب نص المادة 139 من الدستور، فإن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، يرعى مصالح الشعب ويحافظ على استقلال الوطن ووحدة أراضيه وسلامتها، ويلتزم بأحكام الدستور ويباشر اختصاصاته على النحو المبين به.

ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين، وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يوما على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية المدة بثلاثين يوما على الأقل، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أى منصب حزبى طوال مدة الرئاسة.

كان التحول التعددى قد نقل أصوات الجمهور من خانة القبول أو الرفض لشخص بعينه، إلى الاختيار من متعدد، فنص الدستور على أن ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام السرى المباشر، وذلك بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، وينظم القانون إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية.

اختصاصات الرئيس

يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما على الأكثر، يكلف رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما، عد المجلس منحلا، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوما من تاريخ صدور قرار الحل.

وفى جميع الأحوال، يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها فى هذه المادة على ستين يوما، وفى حالة حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته، وبرنامجها على مجلس النواب الجديد فى أول اجتماع له. وحال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، ولرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.

لرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزارى بعد التشاور مع رئيس الوزراء، وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس، ولرئيس الجمهورية أن يفوض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء، أو لنوابه، أو للوزراء، أو للمحافظين، ولا يجوز لأحد منهم أن يفوض غيره، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.

ولاية الشارع

لم يكن سلسال الباشا الألبانى معنيا برضا الشارع، ولا مطلوبا منه أن يسترضى الناس على أى شرط، إذ كان الحكم مضمونا بالامتداد العائلى والتصعيد الأوتوقراطى، أما الصيغة الجمهورية فإنها رهنت اختيار القائد لتلاقى إرادات بين المراكز الفاعلة مجتمعيا، ثم تطور الأمر إلى الانضباط بالدستور والقانون، وصار واجبا على المتصدى للمهمة أن يقدم برنامجا يخاطب وعى الناخبين وآمالهم، وأن يلتزم بتنفيذ ما تعهد به على أمل أن تتجدد الثقة فيه مستقبلا.

وإلى ذلك، كانت العلاقة مع الجمهور تحت سقف الراعى والرعية، إذ للأول كامل الحقوق وليس للباقين إلا الأمل والمناشدات. لكن التأسيس الجمهورى سمح بأن يكون الناخب حاكما للمشهد السياسى، ووضع المسؤول التنفيذى على طاولة النقد والمساءلة، فنظم الدستور ومواد القانون مسائل الشرعية والاختصاصات والانتقاد والمحاسبة والمسؤولية أمام البرلمان، وأمام الشارع أولا وأخيرا.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة