اللجان تتزين بملايين المصريين فى الانتخابات الرئاسية.. الدولة تجنى ثمار عملية "بناء الإنسان".. والمشهد يعكس الخروج من دائرة الصراع السياسى إلى الشراكة.. والأحزاب تثرى تجربتها بالتواصل مع الشارع

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023 10:30 م
اللجان تتزين بملايين المصريين فى الانتخابات الرئاسية.. الدولة تجنى ثمار عملية "بناء الإنسان".. والمشهد يعكس الخروج من دائرة الصراع السياسى إلى الشراكة.. والأحزاب تثرى تجربتها بالتواصل مع الشارع الانتخابات الرئاسية
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أغلقت اللجان أبوابها، لتعلن نهاية اليوم الثالث، والأخير من انتخابات الرئاسة في مصر، شهدت إقبالا كبيرا من المواطنين، لتضرب الرقم القياسي في حجم المشاركة، متجاوزة كافة المناسبات السابقة، بدءً من 2005، وهو العام الذي يمثل نقطة الانطلاق نحو تدشين حقبة جديدة من العمل الديمقراطي عبر إرساء الانتخابات الرئاسية التعددية، لأول مرة، وهو ما يعكس العديد من الأبعاد، ربما أبرزها تنامي الحس الوطني لدى المواطنين، بالإضافة إلى الشعور بالخطر جراء المستجدات الدولية والإقليمية، وأحدثها العدوان على قطاع غزة، بينما يبقى رهان الدولة على وعي المواطن، منذ ما يقرب من 10 سنوات، كان بمثابة المكسب الحقيقي الذي تجلى بوضوح في المشهد الانتخابي.

ولعل مشاركة ملايين المصريين في الانتخابات الرئاسية تمثل تجسيدا للعديد من الحقائق، ربما أبرزها إحساس المواطن بالجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة لدعم مختلف الفئات بالمجتمع، سواء المرأة التي كانت في مقدمة الصفوف، أو ذوى الهمم، وهو القطاع الذي مثل أحد أهم بؤر اهتمام الدولة خلال سنوات، بينما كان الإقبال متساويا نسبيا في كل المحافظات تقريبا (بحسب الكثافة السكانية لكل محافظة)، وهو ما يعكس ما يمكننا تسميته بـ"العدالة التنموية" في ظل الامتداد الجغرافي لعملية التنمية، وهو ما بدا في الاهتمام الكبير بكافة المناطق التي عانت تهميشا صريحا لعقود طويلة من الزمن، ناهيك عن الحضور الحزبي، وهو ما بدا في خوض المعترك الرئاسي من قبل 3 أحزاب، وهي حزب الوفد، وحزب الشعب الجمهوري، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.

وبالنظر إلى المعطيات سالفة الذكر، نجد أن ثمة حقيقة أخرى، تتجلى في تدرجية العملية الإصلاحية، وإن كانت بوتيرة سريعة، كما يبدو في المشهد المصري، عبر العديد من الخطوات التراكمية التي اتخذتها الدولة، اتسمت بتزامنها، على البعد الاقتصادي، عبر التركيز على التنمية، والاجتماعي، من خلال تقديم الدعم للفئات الأكثر ضعفا، والسياسي عبر تعزيز دور الأحزاب، وتفعيله من خلال توفير المنصات لها من أجل التعبير عن رؤيتها تجاه مختلف القضايا، والتحديات، بينما كان البعد الأهم هو الإنسان المصري نفسه، عبر بناء وعيه، فيما يتعلق بأهمية القيام بدور إيجابي تجاه وطنه، وهو ما تجلى في المشاركة الكبيرة من قبل مختلف قطاعات المجتمع في العملية الانتخابية.

فلو نظرنا إلى كل فئة من الفئات المشاركة، نجد أن كل منها خاض صراعا، من نوع خاص، في المجتمع المصري، خلال سنوات ما قبل "الجمهورية الجديدة"، فالأحزاب مثلا لم تكن تمارس دورا سياسيا مؤثرا، إلى حد عدم الإحساس بها تماما من قبل الشارع، إلا أن دورها تصاعد تدريجيا، منذ عام 2013، وتحديدا منذ 3 يوليو، عندما شاركت في الاجتماع مع القوات المسلحة، في صياغة بيان "الخلاص" من تلك الجماعة التي هددت بالقضاء على الأخضر واليابس، بينما شهد دورها صعودا أخر مع انطلاق الحوار الوطني، والذي عكس حرصا منقطع النظير على تفعيل مبدأ الشراكة بين الدولة وكل القوى الفاعلة، لتكون مشاركة الأحزاب الثلاثة بمثابة إثراء مهمة لخبراتهم السياسية، في ظل التلامس المباشر مع الشارع ومتطلباته، والتفاعل معه من خلال تقديم برامج انتخابية، بينما تبقى ملهمة لغيرهم من الأحزاب الساعية لدور أكبر في المستقبل.

وأما المرأة، فقد عانت صراعات طويلة الأمد مع أفكار رجعية هيمنت على المجتمع لسنوات، لتجد نفسها أحد أهم مراكز الاهتمام للدولة المصرية في السنوات الأخيرة، وترتقي إلى أعلى المناصب، وتلقى الدعم والتشجيع، باعتبارها عضو فاعل في المجتمع، لتجد نفسها مشاركا إلى جانب الرجل، في إطار حواري للإعراب عن رأيها، وهو ما يتجسد في جزء منه خلال الانتخابات الرئاسية.

الأمر نفسه امتد إلى الفئات المجتمعية الضعيفة، مرورا بذوي الهمم، وحتى المصريين في الخارج، ليجد الجميع نفسه داخل بوتقة وطنية واحدة، تقوم في الأساس على الحوار بين كافة أطياف المجتمع، سواء سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا في انعكاس صريح لقدرة كبيرة على مواكبة تغييرات ومستجدات تشهدها الحالة الديمقراطية في العالم.

وهنا يمكننا القول بأن المشهد الحضاري الذي تزينت به اللجان الانتخابية خلال الأيام الثلاثة الماضية، ومن قبلهم في الأسبوع الماضي خلال تصويت المصريين بالخارج، هو بمثابة ثمرة الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة لتفعيل دور كافة الفئات، عبر صناعة حالة من الوعي العام بأهمية الدور الذي يلعبه كل فرد داخل المجتمع، وكذلك كل فئة مجتمعية وكل مؤسسة حزبية، لتتحول تلك الجهود إلى حوار عام وشامل بين كل المصريين ترجمته المشاركة الفعالة للجميع، باختلاف توجهاتهم واختياراتهم التي عبروا عنها في الصناديق، إلا أنها كانت تحمل انسجاما غير مسبوق في إطار من الشراكة بين الجميع ووحدة الهدف الذي يسعى الجميع لتحقيقه، وهو مصلحة هذا البلد وحمايته مما يحيط به من مخاطر حقيقية، ودعم مواطنيه.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة