الكيل بمكيالين..القانون الدولى يدين تهجير أهالى فلسطين والمجتمع الدولى يحمى إسرائيل.. المخطط بدأ 1948 بتهجير 750 ألفا من ديارهم إلى الضفة وغزة واستئنافه فى1967.. وفرض حصار على القطاع منذ 2007 كثف عمليات التهجير

الأربعاء، 08 نوفمبر 2023 02:00 م
الكيل بمكيالين..القانون الدولى يدين تهجير أهالى فلسطين والمجتمع الدولى يحمى إسرائيل.. المخطط بدأ 1948 بتهجير 750 ألفا من ديارهم إلى الضفة وغزة واستئنافه فى1967.. وفرض حصار على القطاع منذ 2007 كثف عمليات التهجير غزة
كتب : علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

** اتفاقية جنيف الرابعة تحظر الإخلاء القسرى للمدنيين وترفض الهجمات العشوائية ضد المناطق السكنية حتى بعد إخلائها 

 
رفضت الدولة المصرية، تهجير الاحتلال الإسرائيلى لسكان غزة، وأكد أساتذة القانون الدولى، أن مطالبة الاحتلال سكان القطاع بالنزوح جنوبا يفضح إسرائيل، حيث تعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولى الإنسانى، وسيعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطينى وأسرهم لمخاطر البقاء فى العراء دون مأوى فى مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية.  
 
ويقول الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام، والخبير فى النزاعات الدولية، إن ممارسات الاحتلال الإسرائيلى تنتهك القانون الدولى الإنسانى وترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. 
 
نبذة عن قضية التهجير القسرى للفلسطينيين منذ نكبة 1948.. خلال حرب 1948 تم تهجير 750 ألف فلسطينى قسريا إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، واستمرت سياسة التهجير بعد ذلك خلال حرب 1967، ويتعرض سكان غزة بشكل خاص مجددا لحملات ممنهجة من التهجير القسرى عبر هدم المنازل ومصادرة الأراضى وفرض حصار شامل على القطاع منذ عام 2007، بحسب دكتور «مهران».  
 
تعريف التهجير القسرى.. يعرف دكتور مهران، التهجير القسرى، بأنه ممارسة ممنهجة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية، بهدف إخلاء أراض معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها، ويكون التهجير القسرى إما مباشرا أى ترحيل السكان من مناطق سكنهم بالقوة، أو غير مباشر عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد، وهو يختلف عن الإبعاد أو النزوح الاضطرارى أو الإرادى، باعتبار أن التهجير يكون عادة داخل حدود الإقليم، بهدف تغيير التركيبة السكانية لإقليم أو مدينة معينة، وفقا لـ«مهران».
 
موقف القانون الدولى.. وأضاف مهران: يعد إجبار المدنيين على إخلاء منازلهم تحت تهديد القصف انتهاكا صارخا للقانون الدولى، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر الإخلاء القسرى للمدنيين، كما أن المادة 51 تحظر الهجمات العشوائية ضد المناطق المدنية حتى بعد إخلائها، لذلك فإن إصرار إسرائيل على قصف المنازل والمبانى السكنية فى غزة يشكل جريمة حرب بغض النظر عن إصدار تحذيرات مسبقة. 
 
كما تنص المادة 51 من البروتوكول الإضافى الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 على حظر الهجمات العشوائية وغير المميزة، بما فى ذلك الهجمات التى تستهدف المناطق المدنية، وتنص المادة 57 من ذات البروتوكول على أنه يجب على أطراف النزاع اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، والفقرة 5 من ذات المادة تنص على عدم جواز تفسير أى من أحكام هذه المادة بأنه يجيز شن أى هجوم ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية.   
 
ومن ذلك يتضح أن المادة 57 الفقرة الثانية «ج» التى تدعى على أساسها إسرائيل أحقيتها فى قصف المدنيين بعد توجيه إنذارات للمدنيين لا تمنحها الحق فى ذلك، حيث أكدت الفقرة 5 من ذات المادة أنه لا يجوز تفسير هذا الأحكام بأى شكل لإجازة شن هجوم على المدنيين، ويتعين بذلك على المجتمع الدولى تحمل مسؤولياته بتوثيق هذه الجرائم ورفعها للمحكمة الجنائية الدولية، كما يجب فرض عقوبات اقتصادية وسياسية رادعة على إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطينى. 
 
ممارسات إسرائيل تنتهك القانون الدولى.. وتابع «مهران»: بلا شك يُعد التهجير القسرى انتهاكا صارخا للقانون الدولى الإنسانى وقانون حقوق الإنسان، حيث تنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة على حظر التهجير القسرى، وقد جاء نص الفقرة الأولى كالتالى: يحظر النقل الجبرى الجماعى أو الفردى للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضى المحتلة إلى أراضى دولة الاحتلال أو إلى أراضى أى دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيا كانت دواعيه، وأضف إلى ذلك أن المادة 147 من الاتفاقية ذاتها تعتبر الإخلاء القسرى للسكان المدنيين جريمة حرب، خاصة إذا تم بشكل غير مبرر، كما أن المادة 17 من البروتوكول الإضافى الثانى تعتبره «انتهاكا جسيما»، حيث تنص على أنه لا يجوز الأمر بترحيل السكان المدنيين، لأسباب تتصل بالنزاع، ما لم يتطلب ذلك أمن الأشخاص المدنيين المعنيين أو أسباب عسكرية ملحة.
 
وإذا ما اقتضت الظروف إجراء مثل هذا الترحيل، يجب اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لاستقبال السكان المدنيين فى ظروف مرضية من حيث المأوى والأوضاع الصحية الوقائية والعلاجية والسلامة والتغذية، فلا يجوز إرغام الأفراد المدنيين على النزوح عن أراضيهم لأسباب تتصل بالنزاع، وقد أكد أيضا نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية أن التهجير القسرى يعد جريمة حرب وفقا للمادة الثامنة. 
 
الدور المصرى تجاه التهجير القسرى للفلسطينيين.. يمكن لمصر أن تلعب دورا فاعلا فى مواجهة سياسات التهجير القسرى الإسرائيلية، من خلال الضغط الدبلوماسى وتسخير علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل لحماية المدنيين، ولقد أعلنت مصر رفضها القاطع لهذا المخطط الإسرائيلى، مؤكدة على سيادتها الكاملة على أراضى سيناء، فالأراضى المصرية ليست أرضا بديلة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، كما أكدت مصر أنها لن تقبل المساومة على حق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة إلى ديارهم وفقا للقرار 194، وأن أى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب حقوق الشعب الفلسطينى ستقابل بالرفض المطلق.  
 
المقترح الأمريكى بشأن تدخل مصر فى إدارة غزة.. أما عن المقترح الأمريكى بشأن تدخل مصر فى إدارة القطاع، وهل يتوافق ذلك مع القانون الدولى؟ يُجيب «مهران»: مصر دولة عربية تحترم حرية واستقلالية الشعب الفلسطينى وحقه فى تقرير مصيره وفقا لمبادئ القانون الدولى، وهى المدافع الأول عن القضايا العربية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، ويجب أن يلتزم المجتمع الدولى باحترام استقلال وسيادة الشعب الفلسطينى، ودعم جهوده من أجل إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فهذا المتقرح مرفوض شكلا وموضوعا، وستظل مصر ترفض أى مقترح يمس حق الشعب الفلسطينى فى إدارة شؤونه الداخلية.
 
وهناك تأكيد دائم ومستمر لأى محاولات لفرض الهيمنة الخارجية على غزة، حيث تمثل انتهاكا للقانون الدولى وللمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التى تنص على مبدأ تساوى الشعوب فى تقرير مصيرها، فضلا عن تعارض ذلك مع قرار الجمعية العامة رقم 1514 لعام 1960 بشأن منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، كما أن أى تدخل خارجى فى إدارة غزة ينتهك أيضا المادة 2 / 7 من ميثاق الأمم المتحدة التى تحظر التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، ومصر دولة لها سيادتها، والحل الأمثل يكمن فى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى والسماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم داخل فلسطين بموجب قرار 194.  
 
هل تطرق مجلس الأمن لقضية التهجير القسرى؟.. يؤكد «مهران»: مجلس الأمن أصدر العديد من القرارات السابقة التى تؤكد أن التهجير القسرى يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، لكن فى الوقت الحالى نرى موقف مجلس الأمن متخاذلا، ولم يتحمل مسؤوليته الكاملة تجاه القضية الفلطسنية بسبب دعم الولايات المتحدة الأمريكية واستخدام حق الفيتو لمنع تمرير أى مشروع قرار يهدف إلى وقف إطلاق النار فى غزة بدافع إنسانى، رغم أنه كان عليه أن يصدر قرارا بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين فى غزة وإحالة كل الجرائم المرتكبة إلى المحكمة الجنائية الدولية لتقوم بدورها، وللأسف لم يتخذ مجلس الأمن أى خطوات جادة لردع إسرائيل عن سياسة التهجير القسرى بحق الفلسطينيين، وغالبا ما تستخدم الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» كما أشرنا لحماية إسرائيل من أى قرارات تدين ممارساتها. 
 
وسبق وأصدر مجلس الأمن عدة قرارات تدين هذه الممارسة، فى حالات غير فلسطين منها:  
القرار 787 الصادر عام 1992 الذى اعتبر التهجير القسرى للمسلمين البوسنيين جريمة حرب.
القرار 1208 الصادر عام 1998 الذى أدان التهجير القسرى للأقلية الألبانية فى كوسوفو. 
القرار 1244 الصادر عام 1999 الذى طالب بالسماح للاجئين والمشردين بالعودة الطوعية الآمنة إلى كوسوفو. 
 
هل سبق واتخذ المجتمع الدولى إجراءات لمحاسبة إسرائيل؟.. نادرا ما اتخذ المجتمع الدولى إجراءات ذات مغزى ضد إسرائيل، فعلى سبيل المثال، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة العديد من القرارات التى تدين الاحتلال الإسرائيلى، لكنها غير ملزمة للأسف، ولم تفرض أى عقوبات اقتصادية أو سياسية على إسرائيل، سوى قلة من العقوبات شاهدناها الأيام السابقة نأمل أن تزيد.
 
 دور المجتمع الدولى وجامعة الدول العربية.. يذكر أستاذ القانون الدولى: على صعيد المجتمع الدولى فقد لعبت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين دورا مهما فى توفير الحماية والمساعدة الإنسانية لضحايا التهجير القسرى فى عدة بلدان كدارفور وسوريا وميانمار، وتكتفى بعض الدول بإصدار بيانات شجب وإدانة كما لاحظنا فى الفترة الأخيرة، وللأسف لم تتخذ الجامعة العربية موقفا حازما تجاه سياسة التهجير الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى، فعلى المستوى الخطابى تدين القرارات الصادرة عن الجامعة العربية انتهاكات الاحتلال بما فيها التهجير القسرى، لكن للأسف عمليا لم تتخذ أى إجراءات ملموسة لمحاسبة إسرائيل أو حماية الفلسطينيين من التهجير. 
 
آليات الضغط لمواجهة سياسات التهجير.. واستطرد: يمتلك المجتمع المدنى عدة آليات منها التوثيق الدقيق لحالات التهجير وتقديم التقارير أمام المحاكم الدولية، وكذلك حشد الدعم الدولى من خلال المنظمات الحقوقية العالمية لممارسة الضغط على إسرائيل، كما يمكن اللجوء إلى حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة فى انتهاكات إسرائيل.
 
ويتمتع الفلسطينيون بحق اللجوء لعدة آليات دولية منها: تقديم بلاغات أمام محكمة العدل الدولية، أو الانضمام للبلاغ الذى كان يتم التحقيق فيه منذ عام 2020 / 2021 بمعرفة المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، قبل انتهاء ولايتها، والذى تقدمت به السلطة الفلسطينية فى 22 مايو 2018  للتحقيق فى الجرائم التى ارتكبت فى حق الفلسطينيين وما زالت ترتكب فى نطاق الأراضى الفلسطينية المحتلة، ويمكن أيضا الادعاء بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن تلك الانتهاكات، كما يمكن تقديم بلاغات للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات إسرائيل.  
 
أسباب استمرار إسرائيل فى انتهاك القانون الدولى.. هناك عدة أسباب رئيسية لذلك: 
أولا: الإفلات من العقاب، حيث إن إسرائيل لم تواجه أى عواقب جدية على المستوى الدولى حتى الآن على انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولى.
ثانيا: سكوت المجتمع الدولى وعدم اتخاذ قرارات حاسمة مثل فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية.
ثالثا: الدعم اللامحدود من بعض القوى العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. 
رابعا: غياب آليات فاعلة لتنفيذ القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.  
خامسا: محاولة إسرائيل فرض وقائع جديدة على الأرض من خلال التهجير القسرى لتغيير التركيبة السكانية. 
سادسا: الانقسام الفلسطينى وغياب استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة الاحتلال. 
 
 العقبات التى تحول دون ملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية .. أبرز العقبات تتمثل فى عدم وجود رغبة دولية فى ذلك، بالإضافة إلى عدم انضمام إسرائيل لنظام روما الأساسى الخاص بالمحكمة، غير أن الدعم الأمريكى والغربى لإسرائيل يحول دون إحالة ملفاتها للمحكمة، أما السبل التى يجب اتخاذها لوضع حد لهذه الانتهاكات بحق الشعب الفلسطينى فتحتاج جهدا دوليا منسقا على عدة مستويات، مثل ممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على إسرائيل من قبل المجتمع الدولى لوقف انتهاكاتها، وتفعيل آليات المساءلة القانونية الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مرتكبى جرائم الحرب، ودعم مقاومة الشعب الفلسطينى بالوسائل السلمية لنيل حقوقه غير القابلة للتصرف، بالإضافة إلى إنهاء الانقسام الفلسطينى ووضع استراتيجية وطنية موحدة، وتفعيل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والتى تؤكد على حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم. 
 
أهمية زيارة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية معبر رفح.. زيارة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لمعبر رفح، خطوة إيجابية تعكس اهتمام المحكمة الجنائية الدولية بالوضع الإنسانى الكارثى فى غزة، وتصريحاته بأن الحصار الإسرائيلى قد يرقى إلى جرائم حرب تعزز المساءلة، وقد تشكل رادعا أمام استمرار الانتهاكات، كما أن مطالبته بضرورة مرور المساعدات الإنسانية تصب فى مصلحة إنهاء معاناة الشعب الفلسطينى. 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة