عصام محمد عبد القادر

مخاطر الشائعات الرقمية على الدولة المصرية

السبت، 07 أكتوبر 2023 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعددت مزايا التقنية الرقمية في الحياة العلمية والعملية والاجتماعية؛ حيث بات التعارف والتقارب والخصوصية والتشاركية التي تقوم على الاهتمامات وتبادل الأفكار، بل والخبرات في العديد من المجالات متاحًا وسهلًا، قد يرجع ذلك لبساطة الاستخدام والتداول وتنوع مواقع التواصل الاجتماعي وتباين اللغات التي يستخدمها الفرد وفق ثقافته ومستوى تعليمه؛ إلا أن هناك العديد من السلبيات التي ظهرت جراء سوء الاستخدام والتوظيف لتلك التقنية، وأضحت مؤشرًا لأخطارٍ قد تصيب المجتمع وأفراده وتؤثر بصورةٍ مباشرة ٍعلى استقراره وتماسكه ونسقه القيمي.
وأخطر سلبيات التقنية الرقمية انتشار الشائعات في شتى مجالات الحياة العلمية والعملية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والصحية والتعليمية والبيئية؛ إذ تحمل الشائعة الأخبار المكذوبة أو المفبركة أو المضاف إليها أو المحذوف منها بغرض إثارة البلبلة والتشكيك وإضعاف الثقة بين طرفين أو أكثر، وقد يصل الأمر لإحداث فتنٍ بتنوعاتها أو صراعاتٍ لا حدود لها على المستوى الفردي والجماعي، وبالطبع انتشار الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبح سريع الانتشار في أزمنةٍ قصيرةٍ للغاية حول العالم بأسره.
والمحزن أن بعضًا من فئات الشباب على وجه الخصوص له دورٌ فاعلٌ في نشر الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يتداولون المعلومات بصورةٍ غير صحيحةٍ، أو يطلعون على أخبار يجترون منها جزءًا منقوصًا يسهم في بث الفرقة أو إحداث زعزعة السِلم والأمن داخل المجتمع، وقد يرجع ذلك لوعيٍ غير صحيحٍ لخطورة الشائعة أو لجسامة ومخاطر المعلومات غير الصحيحة على الاستقرار المجتمعي، كما قد يرجع لغياب الوازع القيمي الذي يحث الفرد للالتزام بصحيح العقيدة؛ فمن المعلوم أن العقائد السماوية جميعها تجرم الكذب والافتراء في القول وتنبذه، وتحث على الصدق وأمانة الكلمة.
ويشهد الواقع بأن مخاطر الشائعات لا تتوقف عند حدٍ معينٍ؛ لكنها تؤثر بشكلٍ مباشرٍ على الروح المعنوية للفرد والمجتمع ومن ثم ينتقل الأثر للقيادة، كما ينتقل إضعاف الأثر المعنوي لمؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية؛ لذا يمكن القول بأن للشائعة تأثيرٌ نفسيٌ عميقٌ يوازي ما قد تحدثه الحروب في النفوس، كونها تستهدف هدم وانهيار المؤسسات الوطنية بالدولة والعمل المتواصل على تعطيل أو إضعاف إنتاجيتها نتيجةً لنشر الطاقة السلبية بين الأفراد والمجتمعات والتجمعات.
ومن المخاطر التي قد تنتج جراء شائعات التواصل الاجتماعي تبرير صور الفساد بكل السُبل داخل المؤسسات وفي المجتمع نفسه، مما يؤثر حتمًا على النمو الاقتصادي للدولة ويضير بمقدراتها ويضعف نشاطها في المجالات والقطاعات المختلفة وبخاصةٍ المنتجة منها، بما يضير بالدولة ويؤدي بالضرورة إلى انهيارها بعد تكرار الفشل جراء الانهزامية التي تتعرض لها المجتمعات، وهنا توصف الشائعات الرقمية بمعول الإفساد والهدم.
إن ما يتطلع له الفرد والمجتمع من رفاهيةٍ تتأتى جراء عملٍ حقيقيٍ نابعٍ من جدٍ واجتهادٍ وعزيمة ٍقويةٍ قائمةٍ على إرادة النهضة والرقي تحتم على الجميع أن يقف صامدًا أمام ما يثار من شائعاتٍ رقميةٍ مغرضةٍ، في ضوء وعيٍ صحيحٍ قائمٍ على تحرى الصدق ومعرفة الأخبار من مصادر الدولة الموثوقة، وبدون شكٍ تعمل الشائعات المغرضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على دحر ما يساعد في التنمية المستدامة بكافة أنماطها، وتشوه كل إنجاز بحرفيةٍ عاليةٍ لتحقق مآربها الفاسدة وفق ما تتبناه من أجنداتٍ ممولةٍ.
وأثر الشائعات الرقمية ينال من الوحدة الشعبية؛ إذ تؤدي إلى تغيير الاتجاهات في مسارها السلبي لدى الفرد وتسيطر عل خواطره بصورةٍ سلبيةٍ لتُحدث المرض الاجتماعي الفتاك والمتمثل في التشكيك، وهذا الأمر قد يسارع بالفرد إلى هاوية التلوث الفكري برغم ما يمتلكه من ثقافةٍ وعمق معرفةٍ؛ إلا أن البلبلة الفكرية تصيبه بالعديد من الفهم المغلوط في كثير من القضايا التي تعمل عليها الشائعات بشكلٍ متواصلٍ وحرفيٍ. 
إن ما تحدثه الشائعات الرقمية المغرضة من حالة إحباطٍ وتشرذمٍ وضعفٍ معنويٍ والعزوف عن العمل الجاد الذي يبني الأوطان، وخلق مناخٍ سلبيٍ يوصف بالمربك، يقوم على نوايا غير سليمةٍ، وفكرٍ مخططٍ له من قبل أصحاب الغايات الفاسدة في شتى أرجاء المعمورة في الداخل والخارج؛ حيث تستهدف تأجيج الخصومة وتشويه السمعة وإثارة الأحقاد وتوسيع دائرة الخلاف وإثارة الغضب خاصةً بين الشعب وقيادته السياسية.
ومن ثم ينبغي تزويد أفراد المجتمع بالمعلومات الصحيحة وتصويب الأفكار الخطأ التي ترد من قبل الشائعات الرقمية المغرضة، ويعد ذلك نقطة البداية في مواجهتها، كما يتوجب على كافة مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية العمل على تنمية الوعي الصحيح بإمداد منتسبيها بكافة البيانات والمعلومات التي تجعلهم على درايةٍ تامةٍ بما يدور حولهم من أحداثٍ وما تبذله الدولة من إنجازاتٍ على أرض الواقع، ولا ينفك ذلك عن تعريف المجتمع بصور الشائعات الرقمية المغرضة التي تناول من وحدة الوطن عبر وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة بصفةٍ دوريةٍ.
ولا غنى عن تعزيز النسق القيمي الذي يؤمن به المجتمع المصري وتقره الأديان السمحة من تحري الصدق والأمانة في القول والنقل عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث إن غياب النسق القيمي يؤدي لغياب الضمير والمحاسبية أو الرقابة الذاتية، ومن ثم تجد شياطين الأنس مُدخلًا واسعًا لضخ المزيد من الشائعات التي يتلقفها أصحاب القلوب الضعيفة.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة