وقال السفير زيد الصبان - في حديث خاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /السبت/ - إن قرارات القمم العربية المتتالية طلبت من الدول والصناديق العربية إيلاء هذا الموضوع الأهمية التي يستحقها وإعفاء الصومال من ديونه الخارجية نظراً للظروف الاستثنائية التى واجهت الدولة الصومالية على مدار العقود الماضية والتي تحول دون سدادها للديون المتراكمة عليها، بما يشكل عائقاً أمام حصولها على حزم مالية من الصناديق العربية والدولية المختلفة لمواجهة أعباء التنمية، وطلب الحكومات الصومالية المتعاقبة من الجامعة العربية مساعدتها في تنفيذ هذه القرارات سواء بالإعفاء أو الجدولة.


وأشار إلى أن الصومال نجح في الوصول إلى نقطة اتخاذ القرار في إطار مبادرة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للدول الفقيرة المثقلة بالديون وهناك آفاق لمزيد من التعاون بين الصناديق العربية والدولية والحكومة الصومالية في هذا الشأن .


وقال إن هناك عملاً غير مسبوق بدأته الجامعة العربية منذ عام 2016، بادر به الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط مع الحكومات الصومالية لمعالجة الديون الخارجية للصومال.


وأضاف أن الصناديق العربية القومية والوطنية لديها آلياتها في التعامل مع هذه الموضوعات وأنها استجابت لمبادرات الجامعة العربية وبدأت حواراً مع الحكومة الصومالية.


وقال إن الجامعة العربية عقدت اجتماعاً برئاسة وزير المالية ووزير التخطيط الصوماليين في عام 2018 لمعالجة هذه المسألة، وأن توصيات هذا الاجتماع عرضت على القمة العربية الاقتصادية في بيروت عام 2019، وأنه في عام 2020، ترأس الأمين العام اجتماعاً لمعالجة الديون الخارجية للصومال، دعماً للجهود التي قامت فيها الحكومة الصومالية مع نادي باريس وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعفاء الصومال من ديونه الخارجية.


وأضاف أن القمم العربية وآخرها قمة الجزائر في نوفمبر 2022، اتخذت قرارات في هذا الشأن، وأن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أعلن مؤخراً انفتاحه أمام جهود تطبيع علاقاته مع الصومال واستئناف مساعداته الضخمة.
وأشار الصبان إلى أن الديون الخارجية هي جزء من عمل أوسع تقوم به الجامعة العربية نحو الصومال منوهاً بالمؤتمر المشترك الذي عقد بين الجامعة العربية والأمم المتحدة الشهر الماضي، بمبادرة من الأمين العام للجامعة العربية وتحت رئاسته لتنسيق التعاون العربي الأممي في مجال مواجهة أزمة الجفاف وتعزيز قدرة الصوماليين على الصمود في مواجهة تغيرات المناخ.


وقال إن المؤتمر رفع الوعي بأهمية التنسيق العربي والدولي في مجال التخطيط والتنفيذ لمواجهة أزمة الغذاء في الصومال والحيلولة دون تكرارها من خلال سياسات دائمة تواجه موجات الجفاف الطويلة المتوقعة في السنوات القادمة والفيضانات التي تتخللها خاصة وأن عدد المتأثرين بحالة الجفاف الحالية بلغ نحو نصف عدد سكان الصومال أي حوالي 8 ملايين نسمة.


وأضاف أن هذا المؤتمر بدأ بمبادرة من الأمين العام للجامعة العربية لتنسيق الجهود العربية والدولية على الأرض، وأن المؤتمر الذي شاركت فيه جميع المنظمات الأممية والعربية العاملة في مجال الغذاء والمياه والبيئة والإغاثة وفتح بابا للتعاون حول مجموعة مشروعات محددة.


وقال "لقد نجحنا خلال أربعة أو خمسة أسابيع من عقد هذا المؤتمر في إطلاق مبادرات ملموسة من الصومال، حيث إن المنظمة العربية للتنمية الزراعية التابعة للجامعة العربية على سبيل المثال عقدت مؤخراً اجتماعاً مع الحكومة الصومالية والمنظمات الدولية في مقديشيو لإطلاق مشروعات لمواجهة آثار الجفاف المباشرة وغير المباشرة، كما اتفق المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة على تقديم دعم فني للحكومة الصومالية وينتظر مزيد من التعاون في الأسابيع القليلة القادمة.


وتابع السفير زيد الصبان أن الجامعة العربية تقوم كل عام بدعم المسيرة التعليمية للطلبة الصوماليين الذي يدرسون في الجامعات والمعاهد في مصر، بناء على طلب من الحكومة الصومالية، حيث تتحمل تكاليف تعليم نحو 174 طالبا وطالبة من الصومال بشكل جزئي أو أحياناً بشكل كامل، بينهم 50 طالبا أو طالبة في كليات الطب يقومون بإعداد شهادات الزمالة والدكتوراه في كليات الطب بمصر.


وأضاف أن الجامعة العربية تقوم كذلك بدعم العديد من المؤسسات التعليمية والصحية الصومالية من خلال إنشاء مدارس ومستوصفات صحية داخل الصومال.


وأشاد بجهود العديد من الدول العربية لدعم الصومال، منوهاً في هذا الصدد بجهود مصر على المستوى الإغاثي.
ولفت إلى أن مصر قامت بتخصيص عدد من الطائرات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى الصومال لمواجهة أزمة كورونا وأزمة الجفاف كما تفضلت مشكورة بنقل مساعدات إنسانية مقدمة من الجامعة العربية شملت أجهزة تنفس صناعي وأدوية.


ونوه كذلك بالاتفاق المصري الصومالي على افتتاح فرع لبنك مصر في الصومال، مما يساعد كثيراً على مد أواصر التعاون المالي بين الطرفين.


وقال إن مصر أعلنت في المؤتمر العربي الأممي الأخير حول الصومال عن استعدادها لمساعدة مقديشيو لتعظيم الاستفادة من المزايا الممنوحة للدول الأكثر تضرراً في مؤتمر المناخ 27 الذي عقد بشرم الشيخ من خلال مساندة الجهود الصومالية في تقديم المشروعات التي تحتاج للتمويل من الصناديق وحزم الدعم المخصصة للدول الأكثر تضرراً.


وأكد أن هناك عملاً ضخماً تقوم به كثير من الدول العربية الأعضاء في الجامعة مثل السعودية وقطر والكويت والإمارات وأن هناك دعماً مادياً ومالياً قدمته هذه الدول وصناديقها التنموية لصالح للصومال، ساعد كثيراً على مواجهة بعض التحديات من جفاف وأزمة غذائية ومواجهة تداعيات الحرب ضد الإرهاب التي أثرت كثيراً على ملايين الصوماليين وأدت إلى نزوحهم بعيداً عن قراهم ومساكنهم.


وقال إن جامعة الدول العربية تحاول تعظيم المنفعة من هذه الجهود الثنائية العربية بحيث تكون الجهود الجماعية العربية منسقة إلى أقصى حد فتساعد الصومال على التقدم في هذه المرحلة الشائكة، منوها أيضاً بالمساعدات المقدمة من الصناديق والمنظمات الوطنية العربية مثل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومؤسسة العون المباشر الكويتية، ومنظمة قطر الخيرية، والمؤسسات الإماراتية.


وشدد الصبان على أهمية الصومال بالنسبة للأمن القومي العربي وخاصة الدول العربية المطلة على خليج عدن والبحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج العربي، موضحاً أن قضايا الصومال تظل حاضرة في أجندة التعاون بين الجامعة العربية والمنظمات الدولية والإقليمية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي.


ونوه الصبان بالدور المهم المنتظر من المنظمة العربية للتنمية الزراعية والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة لتعزيز جهود دعم الصومال في مواجهة الجفاف وتنفيذ استراتيجيته المائية التي تم دعمها في القمة العربية الأخيرة في الجزائر.