قضت الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا الراحلة عن عمر يناهز 96 عامًا، 7 عقود على عرش المملكة المتحدة، شهدت خلالها الكثير من الأحداث الهامة، والتقت خلال هذه السنوات الطويلة بالعديد من رؤساء وملوك الدول الأخرى، كما مر عليها 14 رئيسًا لوزراء بريطانيا قضوا فترات رئاستهم للحكومة خلال فترة حكمها، وصولًا إلى رئيس الوزراء الـ15 والأخير الذى عين فى حياة الملكة، وهى ليز تراس، زعيم حزب المحافظين خلفًا لزعيمه السابق بوريس جونسون.
ويقول تقرير نشرته هيئة الإذاعة الأمريكية "abc"، إنه خلال 70 عامًا على العرش، عقدت الملكة إليزابيث الثانية، لقاءات خاصة أسبوعية مع رؤساء وزرائها، ونادرًا ما تم الإعلان عن ما قيل فى تلك الاجتماعات، حيث إن دور السيادة كرئيس للدولة هو أن تظل محايدة سياسياً.
وفى ظل النظام الملكى الدستورى فى بريطانيا، الملكة هى رأس الدولة، ولكن ليس لها سلطة مباشرة تذكر، ومع ذلك، لم يكن لها تأثير، وغالبًا ما كانت آراء الملكة فى تلك الاجتماعات الخاصة ومدى التأثير السياسى للملك موضوعًا لتكهنات مكثفة.
ونستعرض من خلال السطور التالية أسماء 15 رئيس وزراء خدموا خلال فترة حكم الملكة إليزابيث الثانية، وأهم اللحظات فى علاقاتهم مع الملكة، وهم كالتالى:
1. ونستون تشرشل 1951-1955
كانت إليزابيث تبلغ من العمر 25 عامًا فقط عندما توفى والدها الملك جورج السادس وأصبحت ملكة فى 6 فبراير 1952، كان أول رد فعل لرئيس الوزراء ونستون تشرشل، على وفاة الملك، هو الشكوى من أن الملكة الجديدة كانت "مجرد طفلة"، ولكن تم كسبه فى غضون أيام وأصبح فى النهاية معجبًا ومتحمسا لها.
قال تشرشل ذات مرة، وفقًا لما ذكره كاتب سيرته الذاتية، اللورد موران: "إن جميع الأشخاص الذين يعملون فى مجال التصوير فى العالم، إذا جابوا الكرة الأرضية، ما كان بإمكانهم العثور على أى شخص مناسب جدًا لهذا الجزء".
وعندما أصيب تشرشل بجلطة دماغية واستقال فى نهاية المطاف فى عام 1955، كتبت له الملكة رسالة تقول: "لن يتمكن أحد من شغل منصب رئيس وزرائى الأول، الذى ندين له أنا وزوجى بالكثير، والذى من أجل توجيهه الحكيم خلال السنوات الأولى من حكمى، أنا سأكون دائما ممتنة للغاية".
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق وينستون تشرشل
2. أنتونى إيدن 1955-1957
قضى أنتونى إيدن، العديد من اجتماعاته مع الملكة فى مناقشات حول الزواج المحتمل للأميرة مارجريت من قائد المجموعة المطلق، ضابط سلاح الجو الملكى، بيتر تاونسند، حيث أنه قبل عام 2002، لم تسمح الكنيسة الإنجليزية للمطلقات بالزواج مرة أخرى فى الكنيسة، مما جعل الزواج "غير مناسب" وقضية خلاف سياسى.
حينها، اكتسبت مارجريت، تعاطفًا عالميًا، فى عام 1955، عندما تخلت علنًا عن خططها للزواج، لكن فترة إيدن كرئيس للوزراء شابتها إخفاقات مثل أزمة قناة السويس، وهى إحدى فترات الحرب الباردة التى سعت فيها إسرائيل وفرنسا والمملكة المتحدة لاستعادة السيطرة الغربية على قناة السويس من خلال غزو مصر، لكن فشل الغزو فى أكثر من أسبوع بقليل، واستقال إيدن بعد ذلك بوقت قصير، إيذانًا بنهاية حقبة بريطانيا العظمى كقوة عالمية كبيرة.
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق أنتونى إيدن
3. هارولد ماكميلان 1957-1963
فى عام 1957، تم استدعاء الملكة لتعيين رئيس وزراء بريطانى جديد بعد استقالة إيدن المفاجئة، وقبل السياسى المحافظ هارولد ماكميلان، دعوتها، ولاحظ ماكميلان ذات مرة أن إليزابيث الثانية "تعنى أن تكون ملكة وليست دمية"، وأن لديها قلب رجل.
وأشاد رئيس الوزراء الجديد بمعرفة الملكة بالشؤون الخارجية، وكتب: "لقد أظهرت، كما كان والدها، معرفة خارقة بالتفاصيل والشخصيات".
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق هارولد ماكميلان
4. أليك دوجلاس هوم 1963-1964
بعد مرض ماكميلان واستقالته، تم اختيار أليك دوجلاس هوم، لخلافته، وكان دوجلاس هوم، معروف جيدًا للملكة، حيث كان صديق طفولة لوالدتها، لكنه خدم لمدة أقل من عام بقليل.
بعد هزيمة فى الانتخابات العامة لعام 1964، استقال دوجلاس هوم، من قيادة حزبه، وكانت رئاسته للوزراء ثانى أقصر فترة فى القرن العشرين.
رئيس الحكومة البريطانية السابق أليك دوجلاس
5. هارولد ويلسون 1964-1970 و 1974-1976
كان هارولد ويلسون أول رئيس وزراء للملكة من حزب العمال، وشهدت فترة ولايته تخفيف العديد من الأمور المحافظة اجتماعيًا فى المملكة المتحدة، بما فى ذلك إلغاء عقوبة الإعدام، وإلغاء تجريم المثلية الجنسية للذكور فى إنجلترا وويلز، وكذلك تخفيف قوانين الطلاق وتحرير قانون تحديد النسل والإجهاض.
ورداً على اندلاع الاضطرابات فى أيرلندا الشمالية، نشر ويلسون، القوات البريطانية فى عملية بانر، والتى استمرت فى تأجيج العنف الطائفى فى أيرلندا الشمالية لأكثر من ثلاثة عقود.
أصبح ويلسون معروفًا كواحد من رؤساء الوزراء المفضلين للملكة، وهُزم فى انتخابات 1970 على يد إدوارد هيث، لكنه عاد إلى السلطة فى عام 1974 لولاية ثانية.
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق هارولد ويلسون
6. إدوارد هيث 1970-1974
تذكر حكومة هيث، كونها جعلت المملكة المتحدة فى علاقات اقتصادية أوثق مع أوروبا، وانضمت فى النهاية إلى المجتمعات الأوروبية، وهى مجموعة من المنظمات التى أصبحت فيما بعد الاتحاد الأوروبى، وورد أن هيث كان على علاقة صعبة مع الملكة.
توفى هيث، عام 2005 عن عمر يناهز 89 عامًا، فيما ظهرت مزاعم تورطه فى الاعتداء الجنسى على الأطفال فى عام 2018 خلال تحقيق واسع النطاق فى الاعتداء التاريخى على الأطفال.
رئيس الحكومة البريطانية السابق إدوارد هيث
7. جيمس كالاهان 1976-1979
هيمن الركود الاقتصادى والمتاعب مع النقابات على سنوات جيمس كالاهان فى الحكومة، وبحلول عام 1976، وصل التضخم إلى ما يقرب من 17 فى المائة، وأدى قراره المثير للجدل بالسعى للحصول على قرض طارئ من صندوق النقد الدولى إلى توترات كبيرة داخل مجلس الوزراء فى ذلك الوقت.
كان كالاهان معروفًا بكونه ملكًا مخلصًا وأقام علاقة جيدة مع الملكة، كما كان رئيس الوزراء الوحيد الذى شغل أيضًا المناصب الثلاثة الكبرى الأخرى فى الدولة، وهى: وزير الخزانة، ووزير الداخلية، ووزير الخارجية.
رئيس الحكومة البريطانية السابق جيمس كالاهان
8. مارجريت تاتشر 1979-1990
مارجريت تاتشر كانت أول رئيسة وزراء تعينها الملكة إليزابيث الثانية، وكثيراً ما تم فحص العلاقة بين الثنائى، وكتبت تاتشر لاحقًا عن اتهامات علاقتهما المشحونة، بأن "قصص الاشتباكات بين "امرأتين قويتين" كانت رائعة جدًا بحيث لا يمكن اختلاقها".
أُعطيت تاتشر لقب "السيدة الحديدية"، وتُذكرت كرئيسة وزراء محافظ داهية ألغى التنظيم الاقتصادى، وخصخصت الشركات الوطنية، وأتلفت النقابات العمالية، وشهدت بريطانيا خلال حرب فوكلاند، ونجت من محاولة اغتيال للجيش الجمهورى الأيرلندى فى عام 1984 عن طريق تفجير فندق برايتون.
كانت تاتشر، رئيسة الوزراء الأطول خدمة للملكة، وفى عام 1995، منحت إليزابيث الثانية، تاتشر، وسام الرباط، وهو أعلى رتبة فى الفروسية فى المملكة المتحدة.
الملكة إليزابيث ورئيسة الحكومة البريطانية السابقة مارجريت تاتشر
9. جون ميجور 1990-1997
جون ميجور، أول رئيس وزراء تعينه الملكة إليزابيث الثانية، وكان أصغر منها سنًا، فبعد هزيمة "تاتشر" كزعيم محافظ، استمر ميجور فى دعم سياسات المحافظين الاجتماعية والمالية لسلفه، ومنها، دخول حرب الخليج، وتوجيه البلاد خلال الركود، وخصخصة الصناعات المختلفة.
كان ميجور هو الذى أعلن لمجلس الوزراء أن الأمير تشارلز والأميرة ديانا سينفصلان فى عام 1992، وفى ذلك العام، شهدت الملكة انهيار زواج ثلاثة من أطفالها وحريق مدمر فى قلعة وندسور.
وقال ميجور، ذات مرة: "يمكن للمرء أن يقول للملكة أى شيء على الإطلاق.. حتى الأفكار التى ربما لا تريد مشاركتها مع حكومتك"، وخلال فترة إدارته، بدأت الملكة طواعية فى دفع ضريبة الدخل.
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق جون ميجور
10. تونى بلير 1997-2007
كان تونى بلير أول رئيس وزراء يولد فى عهد الملكة، وهى حقيقة أثارتها الملكة فى أول اجتماع لهما، ويتذكر أنها قالت له: "أنت رئيس وزرائى العاشر.. الأول كان وينستون.. كان ذلك قبل ولادتك".
تونر بلير، كان لاعبًا رئيسيًا فى الحرب العالمية على الإرهاب، حيث قام بحملته على وعد "حزب العمال الجديد"، ونأى بنفسه وحزبه عن سياسات العمل التقليدية والقيم الاشتراكية.
فى الوقت الذى يُنظر فيه إلى سياساته الاجتماعية التقدمية - بما فى ذلك الشراكة المدنية للأزواج من نفس الجنس، والحد الأدنى للأجور الوطنى، وحرية المعلومات، وقانون حقوق الإنسان فى المملكة المتحدة - أثبت غزو أفغانستان فى عام 2001، وغزو العراق عام 2003، أنه لا يحظى بشعبية بين الناخبين.
رئيس الحكومة البريطانية السابق تونى بلير
11. جوردون براون 2007-2010
كرئيس للوزراء، أشرف "جوردون براون" على المملكة المتحدة خلال الانهيار المالى العالمى، وبينما كان قادرًا على إنقاذ البنوك فى محاولة لفرز الاقتصاد، أدت عمليات الاستحواذ إلى زيادة الدين الوطنى للمملكة المتحدة بشكل كبير.
كان "براون" يتشاجر بانتظام مع المنافذ المملوكة لـ"مردوخ"، وبينما كانت حكومته قادرة على تمرير أول قانون بشأن تغير المناخ فى العالم، أدت خسارة كبيرة للمقاعد إلى برلمان معلق وتحالف بقيادة المحافظين فى نهاية المطاف، مما مهد الطريق أمام ديفيد كاميرون، وفى سابقة ملكية، سمحت الملكة إليزابيث، لزوجة براون وأطفالها بحضور اجتماعه الأخير معها.
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق جوردون براون
12. ديفيد كاميرون 2010-2016
تميزت فترة ديفيد كاميرون، كرئيس للوزراء بالصعوبات المستمرة للركود العظيم، والتى سعت حكومته المحافظة إلى إصلاحها من خلال تدابير التقشف والتغييرات واسعة النطاق فى الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية فى المملكة المتحدة.
خصخص كاميرون، البريد الملكى، وأشرف على أولمبياد لندن 2012، بينما أدت سياسته الخارجية إلى تدخلات عسكرية فى ليبيا، فقد خسر التصويت فى السياسة الخارجية بسبب العمل العسكرى المقترح ضد بشار الأسد فى سوريا.
كان كاميرون أصغر رئيس وزراء يخدم فى عهد إليزابيث، والتحق بمدرسة هيذرداون مع الأمير إدوارد.
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق ديفيد كاميرون
13. تيريزا ماى 2016-2019
استهلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فترة ولاية تيريزا ماى، ثانى امرأة رئيسة وزراء فى بريطانيا، التى دامت ثلاث سنوات، حاولت "ماى" ثلاث مرات إقناع البرلمان بدعم اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، واستقالت بعد أن فشلت مرارًا وتكرارًا.
تمتعت ماى والملكة، وكلاهما مسيحيان متدينان، بعلاقة لطيفة، وفى تكريم مؤثر بعد وفاتها، وصفت تيريزا ماى، الملكة، بأنها "رأس الدولة الأكثر إثارة للإعجاب، مع الدفء الكبير وروح الدعابة"، وقالت "كان شرف حياتى أن أخدمها كرئيسة للوزراء".
الملكة إليزابيث ورئيسة الحكومة البريطانية السابقة تيريزا ماى
14.بوريس جونسون 2019-2022
سيسجل بوريس جونسون، فى التاريخ، كرئيس الوزراء الذى أنهى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، لكن فترة ولايته تم تحديدها من خلال تعامله مع جائحة فيروس كورونا والفضائح المتعلقة بالأحزاب الحكومية التى تنتهك القواعد وسقوط الحكم الأخلاقى.
بعد بضعة أشهر من توليه منصب رئيس الوزراء، اعتذر جونسون، للملكة، بعد أن قضت المحكمة العليا بأن نصيحته بتعليق عمل البرلمان لمدة خمسة أسابيع كانت "غير قانونية".
فى يوليو 2022، بدأ أعضاء حكومته فى الاستقالة جماعيًا، مما أجبره على إعلان استقالته، وبعد وفاة الملكة، قال جونسون، إن "وفاة الملك الوحيد الذى عرفه معظم البريطانيين من شأنه أن يثير إحساسًا عميقًا وشخصيًا بالخسارة، ربما يكون أكثر حدة مما توقعنا".
الملكة إليزابيث ورئيس الحكومة البريطانية السابق بوريس جونسون
15. ليز تروس 2022 حتى الآن
عينت الملكة إليزابيث الثانية، رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، قبل 48 ساعة فقط من وفاتها، وفازت "تراس" فى مسابقة قيادة حزب المحافظين لتحل محل جونسون كزعيم للحزب الحاكم يوم الاثنين.
وفى خرق للتقاليد، سافرت "تراس" إلى قلعة بالمورال فى اسكتلندا للقاء الملكة، التى عينتها رسميًا رئيسة للوزراء فى حفل أقيم يوم الثلاثاء، وكان من المقرر أن يكون هذا الإجراء الدستورى الأخير للملكة.
وفى خطاب للأمة، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، أن البلد "مدمر"، ووصفت إليزابيث بأنها "الصخرة التى بنيت عليها بريطانيا الحديثة".
الملكة إليزابيث ورئيسة الحكومة البريطانية السابقة ليز تراس
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة