وأكد البنك المركزى الأوروبى أن بيانات التضخم الأخيرة ستلقي بمزيد من الضغوط على البنك للتشدد قليلا إزاء السياسات النقدية "غير المقيدة" التي يتبناها، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع التضخمي قد يدفع البنك إلى زيادة أسعار الفائدة المصرفية بنسبة وصفها بالـ"جريئة" في اجتماعه المقرر الأسبوع المقبل في أمستردام.

وبمقارنة التضخم المسجل بنهاية شهر مايو الجاري بالتضخم المسجل في شهر أبريل المنصرم، تكون معدلات غلاء المعيشة في دول الاتحاد الأوروبي قد قفزت بنسبة 7ر7 في المائة، متجاوزة بذلك تقديرات الخبراء التي رجحت ألا تتجاوز تلك النسبة 4ر7 في المائة، بعد استبعاد بنود أساسية من احتساب التضخم في مقدمتها الطاقة وأسعار المنتجات الغذائية التي سجلت ارتفاعات بلغت 8ر3 في المائة و5ر3 في المائة على التوالي خلال أبريل الماضي.

جاء ذلك وفقا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي الذي كان قد رصد كذلك ارتفاعات حاصلة في قطاعات السلع المعمرة والخدمات خلال أبريل الماضي تنبئ بارتفاعات مستقبلية بنهاية مايو المنتهي اليوم، وهو ما جعل فيليب لان كبير محللي البنك المركزي الأوروبي يتوقع بأن يرفع البنك سعر الفائدة الأساسي بنسبة ربع نقطة مؤية بحلول يوليو المقبل، وكذلك رفع الفائدة بنسبة مماثلة في سبتمبر الذي يليه. 

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي سيكون لزاما عليه التصويت على أية قرارات برفع الفائدة خلال اجتماعه المقرر في امستردام في الحادى والعشرين من شهر يوليو المقبل، غير أن كلاوس فينستيسين كبير خبراء البنك يرى أن مجلس محافظي المركزي الأوروبي قد يفاجئون الأسواق بزيادة نسبتها 0.5 في المائة دفعة واحدة.

وبحسب صحيفة "فايناتشيال تايمز" البريطانية، كشف استطلاع للرأي أجرته ونشرت نتائجه اليوم، عن اتفاق المحللين في آرائهم على أن رفعا في أسعار الفائدة بنسبة 2 في المائة قد يكون قرارا ضروريا لكبح جماح الحالة التضخمية التي تشهدها الأسواق الأوروبية والعمل على الاحتفاظ بالاحتياطيات المالية المودعة في البنوك الأوروبية.

وفي المقابل.. يرى عدد آخر من الخبراء الأوروبيين في شئون المصارف وحركة الأموال أن لجوء البنك المركزي الأوروبي إلى سياسية الرفع المتدرج "وليس الصادم" لأسعار الفائدة المصرفية قد يكون هو القرار الأكثر حكمة؛ للحفاظ على حالة الأسواق وتحفيز المنتجين، وذكروا في هذا الصدد بتجربة الرفع الصادم للفائدة التي أقدم عليها البنك المركزي الأوروبي في عام 2014، وأدت إلى آثار غير إيجابية على مجمل الاقتصاديات الأوروبية في حينه.


وتعد رئيس البنك المركزي الأوروبي كريتسين لاجارد من أصحاب هذا الرأي المنادي بالتدرج في رفع الفائدة، كما أنها دعت محافظي البنوك المركزية الأوروبية إلى الكف اعتبارا من مطلع يوليو المقبل، إلى تنفيذ برنامج شراء السندات.


ويقول المراقبون إن مستويات التضخم في دول الاتحاد الأوروبي قد شهدت ارتفاعات غير متوقعة منذ بدء العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، وهي العمليات التي كان أسعار الحبوب والحاصلات الزراعية أول متضرر منها نتيجة قلة المعروض أو ارتباكات سلاسل الإمداد والتوريد إلى الأسواق، فارتفعت بذلك أسعارها بمعدلات خرافية وغير مسبوقة في وقت يكاد العالم فيه أن يتنفس الصعداء، نتيجة تداعيات حائجة كورونا السالبة على حركة التجارة العالمية والأسواق الأوروبية.


وتشير البيانات الصادرة عن مركز إحصاءات الاتحاد الأوروبي إلى ارتفاع نسبته 2ر39 في المائة في أسعار الطاقة في الأسواق الأوروبية بنهاية شهر مايو الجاري مقارنة بذات الشهر من العام 2021، كذلك ارتفعت أسعار الأغذية والكحوليات والتبغ بنسبة 5ر7 في المئة خلال الفترة ذاتها.


وشهدت الأسواق الألمانية أعلى معدلات تضخمية بنهاية مايو الجاري بلغت 8.7 في المائة مقارنة بذات الشهر من العام 2021، فيما كانت أستونيا هي أسرع بلدان دول التعامل الأوروبي باليورو صعودا في مستوى التضخم وارتفاع الأسعار مسجلة 1ر20 في المائة خلال شهر مايو المنتهي اليوم. 


وفي المقابل سجلت معدلات صعود الأسعار أبطأ مستوياتها في مالطا (6ر5 في المائة) خلال الشهر نفسه، بالنسبة لدول منطقة التعامل باليورو التي تضم 19 دولة.