تزامنا مع استضافة مصر لقمة المناخ بشرم الشيخ.. كيف يمكن للبلدان النامية أن تصل بصافى الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بطريقة ميسورة التكلفة قابلة للتمويل؟..خبيرة دولية: التمويل المبتكر يمكن أن يتيح للحكومات وقفها

الأحد، 27 فبراير 2022 05:00 م
تزامنا مع استضافة مصر لقمة المناخ بشرم الشيخ.. كيف يمكن للبلدان النامية أن تصل بصافى الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بطريقة ميسورة التكلفة قابلة للتمويل؟..خبيرة دولية: التمويل المبتكر يمكن أن يتيح للحكومات وقفها كوارث مناخية
كتب ـ عبد الحليم سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يواجه العالم تحديات كثيرة تتطلب التحرك الجاد والفعال لمواجهة تحديات المناخ، ولا سيما الحد بشكل كاف من الغازات الدفيئة على رأسها الكربون، وهذا الأمر يتطلب جهودا كبيرة بجانب أهمية توفير حزم استثمارية ضخمة للدول النامية ومتوسطة الدخل لتمكينها من التحول إلى الطاقة الجديدة والمتجددة وهو ما يحتاج لدفعة قوية تزامنا مع انعقاد قمة المناخ فى شرم الشيخ نوفمبر المقبل cop 27.

وبالرغم من إعلان الدولة المتقدمة على تقديم 100مليار دولا سنويا للدول الفقيرة لدعم جهودها للتحول للطاقة النظيفة، إلا أن هذا الأمر ما يزال مجرد حلم لم يتحقق وسط آمال كبيرة على دفع قمة المناخ فى شرم الشيخ العمل المناخى قدما لتحقيق المستهدف وتلبية طموحات الشعب خاصة النامية والفقيرة منها التى تدفع ثمن لا ناقة لها فيه ولا جمل جدراء استنزاف الدول المتقدمة لموارد الطبيعة والمساهمة بتلويثها.

ومن جانبها أشارت الخبيرة الدولية شيبنيم إيرول مادان، مدير ممارسة الممارسات العالمية لتمويل البنية التحتية والضمانات (IPG)، بالبنك الدولى فى تقرير منشور على مدونات البنك، أنها قرأت فى صحيفة واشنطن بوست أن أراضى الخث فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، التى تعادل مساحتها مساحة ولاية أيوا، منعت كميات من الكربون لا تقل عما ينبعث حاليا من العالم خلال ثلاث سنوات من حرق الوقود الأحفوري.

ولو قامت جمهورية الكونغو الديمقراطية بتجفيف أراضيها الخثية للتحول إلى أراض زراعية، كما حدث فى العديد من البلدان المتقدمة فى القرون الماضية، فسينبعث منها مئات الملايين، بل حتى المليارات، من الأطنان من ثانى أكسيد الكربون.

وقالت إنه يعيش 73% من الكونغوليين تحت خط الفقر، ويأتى 70% من الكوبالت، الضرورى لإعادة شحن البطاريات، من هذا البلد، ووفقا لدراسة هولندية حديثة، تحتل جمهورية الكونغو الديمقراطية المرتبة الثانية عشرة بين أكثر البلدان تعرضا لمخاطر تغير المناخ، وتحتل المرتبة الخامسة بين البلدان الأقل استعدادا لمواجهة تغير المناخ.

وهذا يوضح مدى تعقيد التحول منخفض الانبعاثات الكربونية، ويجب على البلدان المنخفضة الدخل أن تضع نصب أعينها دائما أهدافا أساسية مثل تحسين القدرة على الحصول على الطاقة، وتوفير خدمات نقل آمنة وجيدة، والمياه، والأمن الغذائى، والتعليم، مع مواصلة إتاحة الفرص، والتعامل مع المخاطر الإضافية، وإعطاء الأولوية للاستثمارات المراعية للمناخ.

وكما التزم العديد من البلدان فى أهدافها المتعلقة بالمساهمات الوطنية لمكافحة تغير المناخ وهدف وقف الانبعاثات الكربونية، يجب أن يكون النمو الاقتصادى محوره النُهج المراعية للمناخ، مثل إنتاج واستهلاك الطاقة النظيفة، والتحوّل إلى شبكات للنقل تتسم بكفاءة استخدام الوقود، والتعدين المستدام، والزراعة المراعية للمناخ، وشبكات المياه، وغير ذلك. 

وبالنسبة للعديد من البلدان متوسطة الدخل، يتعلق الأمر أيضا بالإلغاء التدريجى للفحم واستبداله بوسائل توليد مراعية للبيئة بما يتكامل مع شبكاتها وتكون عادلة للجميع. وفى جميع الأحوال، ينطوى الأمر على تغيير كبير فى كيفية قيام الحكومات والقطاع الخاص بالتخطيط وتحديد الأولويات والاستثمارات، وقد يعنى ذلك معالجة المصالح المكتسبة وهز الاقتصاد بأكمله.

وتشير تقديرات البنك الدولى إلى ضرورة أن تستثمر البلدان النامية حوالى 4.5% من إجمالى الناتج المحلى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالبنية التحتية، وأن تظل على المسار الصحيح للحد من تغير المناخ بما لا يزيد على درجتين مئويتين، وتؤكد دراسات من المركز العالمى للبنية التحتية التابع لمجموعة العشرين والأمم المتحدة ومؤسسة ماكينزى وشركاه أن فجوة تمويل البنية التحتية ضخمة، حيث تبلغ عدة تريليونات سنويا.

لكن المستوى الحالى من جميع مبالغ تمويل التنمية المرتبط بالمناخ (من مصادر ثنائية والبنوك المتعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية) يقل عن 1.5% من الاحتياجات المتوقعة. وسيتيح التجديد القياسى الأخير البالغ حجمه 93 مليار دولار لموارد المؤسسة الدولية للتنمية، صندوق البنك الدولى لمساعدة أشد بلدان العالم فقرا، المساندة التى تشتد الحاجة إليها.

كما يتعين على البلدان المتوسطة الدخل، التى تعانى من محدودية القدرة على الحصول على أموال ميسرة أو ما يكفى من أموال المانحين، أن تقوم على وجه السرعة بتنفيذ الإجراءات التدخلية الرئيسية - لا سيما فى مجال خفض الانبعاثات الكربونية فى قطاعى الطاقة والنقل وإشراك التكنولوجيات الجديدة.

وفى ضوء ذلك، من الضرورى إعداد مشروعات مراعية للمناخ قابلة للتمويل وتعبئة رأس المال الخاص بتكلفة ميسورة، ويمكن توجيه الأموال العامة النادرة إلى المجالات التى تشتد الحاجة إليها؛ فى حين أن رأس المال الخاص، إلى جانب أوجه الكفاءة التى يمكن أن يحققها، يضطلع بدوره الصحيح مما يحفز الاقتصاد والنمو.

وعلى الرغم من وجود مبررات واضحة لرأس المال الخاص، وفقا لمرصد البنية التحتية 2021 الصادر مؤخرا عن المركز العالمى للبنية التحتية، فإن حوالى ثلاثة أرباع الاستثمارات الخاصة العالمية فى البنية التحتية يجرى ضخها فى البلدان المرتفعة الدخل، ولا تجتذب البلدان النامية سوى ربع الاستثمارات العالمية. وعلاوة على ذلك، يتركز ثلثا الاستثمارات فى البلدان النامية فى خمسة بلدان فقط.

ومما يزيد من تعقيد التمويل اللازم للتحول منخفض الانبعاثات الكربونية فى الاقتصادات النامية انخفاض الجدارة الائتمانية، وحداثة العديد من القطاعات، وتدنى قدرات التنفيذ، والافتقار إلى المشروعات القابلة للتمويل، والمسائل المتعلقة بالقدرة على تحمل التكاليف والقدرة على تحمل أعباء الديون.

الوقف الصافى للانبعاثات سيتطلب إدخال تحسينات على البيئة المواتية، فضلا عن الإعداد الدقيق للمشروع والاستفادة من مصادر التمويل المختلفة بطريقة منسقة، مع مراعاة سياق كل بلد.

وسيتعين على الحكومات المعنية أن تفكر من خلال الإجراءات اللازمة للوفاء بمساهماتها الوطنية لمكافحة تغير المناخ على نحو شامل يقوم على أساس برامج محددة لكل عملية تحول رئيسية - بدءا بمسارات الحد من الانبعاثات الكربونية، وتدابير السياسات والقطاعات، وتُتوج بخطة عمل للتنفيذ والتمويل بتكلفة ميسورة.

وستستفيد خطة العمل هذه من إشراك القطاع الخاص، ودمج نهج التمويل المبتكرة، وكذلك خطة الاستخدام الأمثل لموارد شديدة المحدودية من القطاعين العام والمانحين ومن مصادر التمويل الميسر.

ويتراوح هذا التمويل المبتكر من الضمانات إلى تعبئة استثمارات القطاع الخاص، وتسهيلات التمويل المختلط للاستثمارات الحيوية لمؤسسات الأعمال المملوكة للدولة، والمنصات الإقليمية لتمويل المبادرات المناخية الجديدة، وتقاسم المخاطر لتطوير أنظمة إيكولوجية للتمويل بالعملات المحلية.

ومن الأخبار الجيدة التى صدرت عن مؤتمر الأطراف السادس والعشرين الاتفاق الذى تم التوصل إليه بشأن المادة 6 الخاصة بإطار السياسات وقواعد أسواق الكربون الدولية، وربما تُتاح الآن فرصة للاستفادة من هذه السوق كمصدر آخر للتمويل، ويبشر هذا بحلول قائمة على الطبيعة (كما فى حالة الأراضى الخثية فى جمهورية الكونغو الديمقراطية) وكذلك الخفض التدريجى لاستخدام الفحم وغير ذلك من التحولات.

وعند الجمع بين هذه النهج التمويلية على نحو مدروس، يمكن للحكومات أن تشرع بثقة فى السير على الطريق نحو بلوغ الوقف الصافى للانبعاثات بشكل قابل للتمويل ميسور التكلفة.

ويعمل البنك الدولى بالفعل على مشروعات إيضاحية فى كل من هذه المجالات، وسيبنى على هذه المشروعات بينما نواجه تحديات مماثلة فى بلدان أخرى - تبادل خبراتنا والدعوة إلى المزيد من التعاون والفكر والأدوات على طول الطريق.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة