أكرم القصاص - علا الشافعي

عادل السنهورى

فريد الأطرش في ذكرى رحيله.. حكايته مع عبد الناصر.. وسر حبه للزمالك

الإثنين، 26 ديسمبر 2022 09:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يوم 26 ديسمبر تمر ذكرى رحيل الموسيقار فريد الأطرش، والذي رحل عن عالمنا في عام 1974  بعدما أصيب بأزمة قلبية نقل على إثرها للمستشفى في بيروت، ليلقى ربه بعد مسيرة حافلة من الطرب الأصيل وعن عمر 57 عاما.

فريد الأطرش المولود في 21 أبريل 1917 ينتمي إلى آل الأطرش، وهم أمراء وإحدى العائلات العريقة في جبل العرب جنوب سوريا في المنطقة المسماة جبل الدروز نسبة لسكانها. ترك بصمات واضحة في الموسيقى والغناء العربي، ويعد من أعلام الفن، وحاصل على قلادة النيل.

اشترك فريد الأطرش في 31 فيلما سينمائيا في السينما المصرية في الفترة الممتدة من السنة 1941 حتى السنة 1975 وكان بطلها جميعا، ربما  أشهر هذه الأفلام على الإطلاق والذي جنى منها أرباحا طائلة هو فيلم "حبيب العمر" لأنه مثل قصة حب حقيقية.

غنى فريد حوالي 224 أغنية لحنها جميعا إلا أغنية واحدة هي أغنية "من يوم ما حبك فؤادى" كلمات وألحان مدحت عاصم. ويعتبر من المطربين القلائل مع أم كلثوم وعبد حليم وعبد الوهاب الذي كتبت عنه مؤلفات علاوة، على مذكراته، فقد صدر حوالى 17 كتابا ومؤلفا عنه وعن فنه.

بعيدا عن فنه وموسيقاه وإبداعه وتفرده في الغناء والألحان، هناك الكثير من الحكايات المثيرة في حياة الموسيقار فريد الأطرش.. منها حكاية الصداقة بينه وبين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.. وحكاية حبه وتعصبه لنادي الزمالك.

الزعيم جمال عبد الناصر كان معروفا عنه أنه دائما ما يسعى لتكريم الفنانين، وخاصة فى المناسبات القومية، وكان من ضمن الفنانين الذين جمعتهم صداقة قوية بالزعيم هو الفنان الراحل فريد الأطرش. فقد منحه الرئيس عبدالناصر وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، تقديرا لخدماته للموسيقى العربية، الأمر الذي كان أجمل لحظات حياة فريد التي وصفها بـ”فرحة العمر”.

ولا ينسى فريد لحظة أن رن جرس الهاتف في شقته المطلة على النيل ليجد على الطرف الآخر من الهاتف مكتب السيد صلاح الشاهد، كبير الأمناء برئاسة الجمهورية، يبلغه أن الرئيس قرر تكريمه. ويقول فريد  بعد ذلك في حواراته: "كانت المفاجأة أكبر من أن يتحملها قلبي فبكيت من الفرحة، وتم تحديد موعد لاستلام براءة وسام الاستحقاق من صلاح الشاهد كبير الأمناء".

ولم يستطع فريد الأطرش أن ينام ليلة سماعه الخبر، قبل أن يذهب لاستلام الوسام في اليوم التالي، فكانت فرحته وامتنانه بلا حدود لهذا التقدير، ولم يعبر عن هذه المشاعر أي شيء غير البكاء.

وعندما ذهب فريد إلى القصر الجمهوري لاستلام الوسام من صلاح الشاهد تدفقت مشاعره وهو يقرأ نصه:

"من جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة إلى الموسيقار فريد الأطرش، تقديرا لحميد صفاتكم، وجليل خدماتكم للموسيقى، قد منحناكم وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى".

 

أمسك فريد بالقلم وحاول التعبير عما يدور في قلبه والمشاعر التي تعتمل في أعماقه، ليكتب في سجل التشريفات:

"سيدي الرئيس.. إن تقديركم النبيل قد جعلني أشعر بأنني قد ولدت من جديد، وأن هذا اليوم المشهود الذي نلت فيه شرف تقديركم وتقدير وطني، لهو يوم خالد في حياتي سوف أعتز وأفخر به ما بقي لي من عمر في هذه الحياة، فلكم كل شكري وامتناني ولوطني الغالي مصر حياتي وكل قطرة في دمي، ووفقكم الله لنصرة وطننا العزيز لترتفع دائما راية العروبة شامخة عالية."

وبحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة المصرية في عددها الصادر بتاريخ 18 مارس 1970 قال فريد: " لا أدري ما أقول في هذا الموقف المشهود في حياتي، فإنني مهما بذلت من جهد ومهما قدمت من عمل بعد ذلك لن أستطيع التعبير عن امتناني وحبي ومشاعري تجاه الرئيس جمال عبدالناصر، الإنسان العظيم والقائد الحق، وراعي الفنون والثقافة العربية.

حالة الحب والتقدير من الزعيم الراحل لموسيقار الشرق فريد الأطرش، كانت واضحة في العلاقة بينهما، حتى أنه نصره في بعض الأحيان على العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ- مطرب الثورة- ففي إحدى المرات  تدخل عبد الناصر بين فريد وحليم، في حسم واقعة نقل التليفزيون لحفلات شم النسيم، وأمر عبد الناصر وقتها أن ينقل التليفزيون حفلة فريد الأطرش وبثها على الهواء مباشرة، وتسجيل حفلة عبد الحليم وبثها في اليوم التالي.

وفي واقعة أخرى من زعيم تجاه فنان ولم تحدث بعد ذلك في علاقة الرؤساء بالفنانين، عبرت عن عمق العلاقة بين الاثنين.. فقد تعرض فريد لوعكة صحية شديدة بعد الانتهاء من فيلمه "عهد الهوى" بطولته مع مريم فخر الدين وإيمان ويوسف وهبي عام 1955 منعته بأمر الأطباء من مغادرة الفراش، وتقرر عرض الفيلم في إحدى دور العرض بوسط القاهرة يوم 7 فبراير من العام نفسه، وكان من المألوف أن يحضر أبطال العمل الفني حفل الافتتاح، ولم يقدر فريد،

لكن كتب خطابا مذهلا ومدهشا ومفاجئا إلى "صديقه" جمال عبد الناصر جاء فيها: "سيادة الرئيس جمال عبد الناصر.. أنا أصبت بذبحة صدرية تمنعني من الحضور لحفلة افتتاح فيلمي عهد الهوى، كما هي عادتي مع الليلة الأولى فى حضور العرض الاول.

لذا ارجو منك يا سيادة الرئيس أن تتكرم بحضور هذا العرض، وأن تحيى جمهوري الذي يحبك، وهو جميل سيظل في رقبتي طول العمر"...!!

المفاجأة الأكبر كانت في استجابة عبد الناصر لطلب فريد الأطرش. ففي يوم حفلة العرض الأول مساء 7فبراير 1955 يفاجأ الناس مساء بموكب سيارات تصدح بأبواقها، في إشارة  الى حضور شخصية كبيرة، فخرج من في السينما واحتشد من في الشارع ليلتقوا مع من أذهلهم بحضوره..

كان جمال عبد الناصر وبرفقته عبد الحكيم عامر، وقد نزلا من سيارة واحدة وتوجها إلى المقصورة السينمائية، يحييان الناس المكتظة بها الممرات والسلالم، والهتافات تعلو، فيسارع من أرسله فريد إلى الهاتف ليزف البشرى للموسيقار: "لقد حضر الريس والناس غير مصدقة، فيسمع صوت فريد يعبر عن فرحة لا توصف وهو يقول: “أنا أسمع الهتافات الآن.. أشكرك يا رب، الله يحفظك يا ريس“.

وفى إحدى حفلات عيد ثورة 23 يوليو المجيدة، حرص الزعيم جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر على الذهاب إلى نادى ضباط القوات المسلحة، للاستماع إلى فريد الأطرش ومعه سعاد محمد وفايدة كامل، وهم يشدو بأغنية "يا مرحبا يا جمال".

ولاقت الأغنية التى تقول بعض كلماتها: "يا مرحبا بك يا جمال فى عيد ميلاد الثائرين.. ثورة كفاح ثورة جمال تعيش لآلاف السنين"،  إعجاب الحضور وظلوا يصفقون كثيرا لفريد الأطرش

وعند رحيل عبد الناصر  في سبتمبر 1970 كانت الصدمة قوية بشكل خاص لفريد الأطرش وظهر فريد – رغم مرضه- فى العديد من الصور النادرة التى تعبر عن صداقة فريد تجاه الزعيم ومدى حبه له ووفائه له، وهو يقرأ له الفاتحة ويضع أكليلا من الورود على قبره، كما ظهرت صور نادرة لفريد وهو يقبل قبر الزعيم، تعبيرا عن حبه الشديد وفقدانه للصداقة القوية التي جمعتهما.

كانت هذه هي علاقته القوية مع الزعيم جمال عبد الناصر، لكن على عكس ما تردد عن تشجيع ناصر نفسه للنادي الأهلي، فقد أحب فريد الأطرش نادي الزمالك وتعصب له. كان عاشقا لنادي الزمالك، ومن أكثر الناس مشاهدة للمباريات، ومنعه الأطباء من ممارسة هوايته المفضلة خوفا عليه، وجمعته مواقف عديدة مع أصدقائه الفنانين بسبب تعصبه الشديد للقلعة البيضاء فضلا عن دوره الملموس فى إنقاذ الزمالك من الإفلاس، فعندما أتم تأميم أملاك رئيس الزمالك الأسبق عبداللطيف أبو رجيلة في أوائل ستينات القرن الماضي، لم يكن الزمالك قد بنى مبناه الاجتماعي القديم وتوقف العمل لعدم وجود سيولة مادية، ولما علم فريد الأطرش طلب أن يقوم هو بتشييد المبني،

وأعلن المذيع والإعلامي القدير- أطال الله في عمره- فهمي عمر أن فريد الأطرش تبرع بالغناء مجانا في حفلة تقام لصالح الزمالك، ونهض الكابتن حنفي بسطان وشكر فريد باسم النادي، بحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم في 28 يناير 1961.

وكان المذيع الزملكاوي جلال معوض جالسا وهو في حالة رضا كامل عن كل ما يدور، فهو من أدار المسألة برمتها، ونشرت الصحف نبأ الحفلة وتبرع فريد بالغناء مجانا لنادي الزمالك.

أقام فريد حفلا كبيرا في ملعب الزمالك لكرة القدم كانت حصيلته 40 ألف جنيه، وهو مبلغ كبير جدا بحساب تلك الأيام- ويقال أن الحفل حقق دخلا للنادي بلغ نحو 100 ألف جنيه، فى ذلك الوقت، ورفض فريد وفرقته تقاضى أى مبلغ مالي- وقام المسؤولون بتشييد المبنى ثم تبرع فريد بمبلغ عشرة آلاف جنيه من جيبه الخاص لاستكمال المبني، وقام النادي بتكريمه في أكثر من مناسبة. أطلق اسمه على المبنى الاجتماعي القديم.

حينها قالت بعض الصحف إنه انضم إلى نادي الزمالك بعد أن رفض الأهلي قبول عضويته، وروى فريد حكايته مع صالح سليم كابتن الأهلي الذي شن عليه حملة قاسية في إحدى الصحف حين سأله أحد الصحفيين من هو مطربك المفضل؟ فقال صالح سليم: عبد الحليم حافظ.. لكن فريد ده أنا ما أحبوش. وعلق فريد على هذا قائلا: إلى هنا وكل إنسان حر في اختيار مطربه المفضل أما عبارة «فريد ما أحبوش» فقد تبرع بها الكابتن صالح سليم ولم يسأله أحد عن رأيه.

ورغم زملكاويته الشديدة وحضوره الدائم لمباريات الزمالك وتبرعه للنادي إلا انه كان يردد انه لا يريد أن يخسر محبيه من مشجعي النادي الأهلي.

 

ويحكي كابتن نادي الزمالك والمنتخب القومي السابق فاروق جعفر أن أول مرة يحصل فيها على أول 100 جنيه في حياته  كانت من فريد الأطرش بعد هدفه في شباك الأهلي في مباراة مروان كنفاني الشهيرة في عام 71 عندما فاز الزمالك بضربة جزاء أحرزها فاروق جعفر، وحدثت الفوضى واعتداء مروان على الحكم وبعض اللاعبين، ونزول الجماهير لأرض الملعب  وتم إلغاء الدوري في هذا العام.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة