أكرم القصاص - علا الشافعي

دراسة تجيب على السؤال المهم: كيف يستخدم الإخوان ولجانهم الإلكترونية منصات التواصل فى نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأى العام؟.. لجان إلكترونية لصنع هاشتاجات وهمية.. والسخرية من المشروعات وتضليل المواطنين

الإثنين، 24 يناير 2022 10:00 ص
دراسة تجيب على السؤال المهم: كيف يستخدم الإخوان ولجانهم الإلكترونية منصات التواصل فى نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأى العام؟.. لجان إلكترونية لصنع هاشتاجات وهمية.. والسخرية من المشروعات وتضليل المواطنين قنوات إخوانية
محمود العمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"كيف يستخدم الإخوان ولجانهم الإلكترونية منصات التواصل الاجتماعى فى نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأى العام؟".. سؤال مهم يحتاج إلى الكثير من البحث والتنقيب خلف الأجندة والأدوات التى تعمل بها جماعة الإخوان الإرهابية لتحقيق هدفهم الخبيث الساعى إلى إثارة الفتن بين المصريين.
هذا السؤال وضعه المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية فى تقرير كبير، حاول من خلاله الإجابة عليه، برصد دقيق وشامل لكل تحركات وتكتيكات جماعة الإخوان الإرهابية.
 
من خلال الرصد يتضح أن منصات التواصل الاجتماعى تعد الأداة الأهم والأكثر فاعلية لدى تنظيم الإخوان الإرهابى وعناصره فى الداخل والخارج لتأليب الرأى العام ضد القيادة السياسية منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى الآن؛ كون هذه المنصات تمثل قناة اتصال وتواصل مع فئات واسعة من الشعب المصرى وخاصة فئة الشباب الأكثر تأثًرا بما يتم ترويجه من قبل هذه العناصر واللجان الإلكترونية، كما أنها الأكثر قابلية للاستثارة لإحداث ما يصبو إليه تنظيم الإخوان من تغيير سياسى واجتماعى.
 
ويضاف إلى ذلك استغلال الجماعة لمنصات التواصل الاجتماعى فى تصدير صور زائفة خارجًيا توحى بوجود حالة من الغضب والسخط الشعبى العارم داخل مصر ضد القيادة السياسية، وأن الدولة المصرية بكافة أركانها على صفيح ساخن طوال الوقت جراء هذا السخط –المتنامى حسب ادعائهم- من جهة، واستمرار القيادة السياسية والحكومة فى مشروعها –لسحق المصريين على كافة المستويات حسب ادعائهم- من جهة أخرى.
 
ولكى نعرف كيف تعمل الجماعة الإرهابية ضمن هذا المخطط، قسم المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية تقريره إلى ثلاثة عناوين رئيسية، تناولت الأساليب التى يتم استغلالها من قبل عناصرها ولجانها الإلكترونية، والأفكار الأساسية التى يجرى ترويجها والضخ المكثف باتجاهها، وأخيراً، الأدوات والشخصيات والمنصات الرئيسية التى يجرى الاعتماد عليها فى هذا الإطار.

الترند والسخرية واقتطاع التصريحات من سياقها أول الخيط

فى تناول الأساليب التى تلجأ لها دوماً الجماعة الإرهابية، يتصدر "الهاشتاجات والترند"، القائمة، حيث تعمد عناصر الجماعة الإرهابية من خلال تكوينها لجاًنا وخلايا إلكترونية عديدة إلى خلق "تريندات" وهمية على مواقع التواصل الاجتماعى وخاصة موقع تويتر، إما للترويج لفكرة ما غالًبا ما تكون رافضة لقرار أو لتصريح من الرئيس مثل هاشتاج "مش من جيبك"، أو للإيهام للمواطنين أن هناك حالة من الغضب العارم التى يجب أن ينضم المواطنون إليها، وأن هناك حشًدا غاضًبا متحقًقا بالفعل، ومن ثم إذا ما قرر المواطنون النزول إلى الشوارع استجابة لهذا الحشد الإلكترونى سيمثلون كتلة شعبية كبيرة. ومن أمثلة هذه الهاشتاجات هاشتاج يظهر بين حين وآخر هو "ارحل يا سيسي" بجانب هاشتاجات أخرى تستجد مثل "حشد 25 يناير 2022.
 
كما تمثل السخرية أداة مهمة ومحورية من أدوات عمل جماعة الإخوان، إذ تعمد اللجان الإلكترونية التابعة لها وكذا المنصات التلفزيونية والرقمية إلى السخرية من كل شيء يتعلق بإدارة الدولة أو بأى إنجاز يتحقق، ومن ثم التسفيه منه ومن أهميته. وهو ما يصل فى النهاية إلى نتيجة لدى المواطنين مفادها أن الدولة لا تفعل شيئا من أجلهم، وأن كل ما تقوم به أشياء تافهة وسفيهة لا ترقى إلى معالجة أوضاعهم المعيشية والاجتماعية البائسة والصعبة، بجانب هدم هيبة مؤسسات الدولة ورجالات الدولة عبر السخرية والنكات وكسر الكرامة ونشر ثقافة الإعدام المعنوى والترهيب النفسى والاغتيال الثقافى. ويمثل برنامج "جو شو" الذى يذاع على "التلفزيون العربي" أحد أهم الأدوات التلفزيونية فى هذا الإطار، وما يحققه من مشاهدات مرتفعة كذلك على المنصات الرقمية، بجانب منصات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعى مثل صفحة "خمسة بالمصري".
 
ومن ضمن الأساليب التى يتم استغلالها من قبل عناصر الإخوان الإرهابية ولجانها الإلكترونية، يأتى أسلوب "اقتطاع التصريحات من سياقها"، فالمتابع للصفحات والمنصات واللجان الإلكترونية التابعة لها تتعمد الجماعة دائما اقتطاع أجزاء معينة من تصريحات المسؤولين الرسميين، وفى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسى لإيصال رسائل مضللة للمواطنين تسهم فى زيادة غضبهم تجاه شخص المسؤول أو إزاء قضية معينة، وهو ما يظهر دائما على سبيل المثال مع كل حادثة أو أزمة يتعرض لها مرفق السكك الحديدية من خلال إذاعة تصريح مقتطع للرئيس السيسى وهو يتحدث عن أن تطوير سكك حديد مصر ستتكلف 10 مليارات جنيه، وأن هذا المبلغ إذا ما وضع فى البنك بفائدة 10% فقط سيدر مليار جنيه إضافية، وتعتمد الجماعة الإرهابية على هذا الأمر للإيهام للمواطنين بأن الرئيس فضل وضع الأموال فى البنوك لتدر عوائد وفوائد على أن يتم إنفاقها فى تطوير السكك الحديدية وإنقاذ أرواح المواطنين أو توفير سبل الراحة لهم.
 
بالإضافة إلى ذلك رصد تقرير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أسلوب أخر للجماعة الإرهابية، وهو "استغلال الملفات التى تمس المواطنين"، فدائًما ما تعمل جماعة الإخوان على استغلال الملفات التى تمس حياة المواطنين والتضخيم منها على مواقع التواصل الاجتماعى لتأليب الرأى العام وخلق حالة من الزخم الرافض لبعض القرارات أو السياسات، وهو ما يظهر فى قضايا مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وكذلك ارتفاع أسعار الكهرباء والخدمات الحكومية، وصولاً إلى تصريحات الرئيس حول بطاقات التموين، وخطط الحكومة لإزالة بعض العمارات فى الحى السادس بمدينة نصر، وذلك من خلال بث معلومات مغلوطة فى هذه القضايا والتضخيم منها بشكل يجعل هذه المعلومات المغلوطة هى الأساس المعرفى لدى المواطنين والذى يصعب بعد ذلك تصديق عكسه بعد نفيه من قبل مجلس الوزراء أو الدولة بوجه عام.
 
كما تعمد الجماعة الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعى إلى استغلال بعض التجمعات الرافضة لبعض الأمور -مثل تجمع بعض المواطنين الرافضين لهدم منازلهم فى مخططات تطوير مدينة نصر ومنطقة ألماظة مؤخًرا، وكذلك تجمعات العاملين فى مبنى الهيئة الوطنية للإعلام للمطالبة بمستحقاتهم المالية- والترويج لهذه المظاهر بأن الغضب وصل إلى منتهاه، وأن كل هذه التجمعات أو المظاهرات هى مؤشر على قرب حدوث ثورة ضد النظام السياسى فى مصر.
 
وبجانب ذلك تعمل اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان من خلال صفحات وحسابات متنوعة على مواقع التواصل الاجتماعى على بث الشائعات فى مختلف المجالات، والتشكيك الدائم فى صدق تصريحات المسؤولين الرسميين، وكذا التشكيك فى صحة البيانات الرسمية سواء حول الأوضاع الاقتصادية أو حول حجم الإنجاز فى المشروعات التى تنفذها الدولة. مع زعم التناقض بين بعض التصريحات سواء لنفس المسؤول أو بين المسؤولين وبعضهم البعض؛ وذلك بهدف خلق حالة من التشكيك الشعبى فى كل ما تقوم الدولة، ومن ثم خلق حالة انعدام ثقة بين المواطنين من جهة والمسؤولين وأجهزة الدولة من جهة أخرى.
 
وبالتوازى مع ذلك، يتم التشكيك فى المشروعات القومية التى تنفذها الدولة، وكذا المبادرات التى تطلقها مثل مبادرة حياة كريمة وصندوق تحيا مصر، والتشكيك فى كونهما يستهدفان المواطنين فعلًيا، والترويج لأكاذيب بشأنهما، مثل أن صندوق تحيا مصر يتم استخدامه فى غير أغراض الأعمال الخيرية والاجتماعية، وأن مبادرة حياة كريمة هى مجرد مشروع إعلامى غير ملموس وغير متحقق على أرض الواقع الا فى بعض المناطق القليلة من مجمل المناطق المستحقة.

التسويق لأكاذيب وأفكار غير موجودة

بعد تحديد الأساليب التى تلجأ لها الجماعة الإرهابية لبث الفتنة بين المصريين، يصل تقرير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى الأفكار الأساسية التى يجرى ترويجها والضخ المكثف باتجاهها، ويأتى فى مقدمتها الفكرة التى تعمل عليها الجماعة الإرهابية دائما وهى "تدهور الوضع الاقتصادي"، حيث تركز المنصات التابعة للجماعة على مواقع التواصل على الوضع الاقتصادى بشكل كبير جدا لكونه ملف محورى يتماس مع حياة المواطنين ومعيشتهم بشكل جوهرى ومباشر. وتعمد الجماعة إلى خلق رأى عام بأن الوضع الاقتصادى فى مصر مترٍد ومتدهور إلى أقصى حد، مع التركيز بشكل ضخم على ملف الديون، والحديث عن أن النظام السياسى المصرى لا يملك أى استراتيجية اقتصادية ولا يملك أى خطط اقتصادية سوى الاقتراض من المؤسسات الدولية والدول الصديقة والشقيقة، وأن هذا هو ما بنى عليه النظام بعد 30 يونيو من خلال المبالغ التى قدمتها الدول الخليجية، وهو أسلوب مستمر حتى الآن، بما يسهم فى ارتفاع الديون بشكل ضخم، وبلوغها نسبة عالية تفوق الناتج المحلى الإجمالى. وذلك للوصول إلى نتيجة مفادها أن الانهيار الاقتصادى لمصر وشيك للغاية، مع الاستشهاد ببعض الملفات المثارة مؤخًرا مثل انخفاض ما تمتلكه البنوك المصرية من عملة أجنبية، واقترابها من الإفلاس.
 
كما تركز العناصر التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية من خلال منصات التواصل على خلق حالة عامة من الاعتقاد لدى جموع المواطنين بأن كل الإجراءات التى تتخذها الدولة بكافة أجهزتها وقطاعاتها لا تهدف الا إلى سحق المواطنين، وتحصيل على كل ما يملكونه من مدخرات وأموال، والاعتماد عليهم كمصدر أساسى للتمويل إلى جانب الديون، ومن ثم الزعم بأن القيادة السياسية والحكومة تبنى "نجاحاتها الوهمية" على أكتاف المواطنين الذين يتحملون منذ عام 2014 الكثير والكثير من الأعباء دون أى عائد ملموس.
 
والمتابع لكل الخطاب الإعلامى للجماعة الإرهابية سيجد أنها دائما ما تردد فكرة أن مصر خاضعة تحت حكم عسكرى بناء على الزعم بأن ما حدث فى 3 يوليو 2013 هو انقلاب عسكرى، لذلك تحاول الأوساط الإخوانية الإيحاء للمواطنين بأن سبب كل المشكلات التى تعانى منها مصر حالًيا هو الحكم العسكرى، مع التأكيد على أن نظام الحكم القائم حالًيا هو امتداد للحكم القائم منذ ثورة يوليو 1952 الذى سمح بسيطرة العسكريين على كل مقاليد الأمور فى مصر وأدخل البلاد فى آتون من الفساد والتردى السياسى والاقتصادى، ويحاول الإخوان الترويج للمواطنين بأنهم لن يتمكنوا من تحقيق أى نجاح سياسى أو اقتصادى الا بالتخلص من هذا الحكم العسكرى.
 
ويتضمن هذا الإطار الحديث عن القوات المسلحة بزعم أنها المتحكم الأساسى فى كل الأمور داخل الدولة سياسًيا واقتصادًيا، مع الحديث عن دور الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى المشروعات التى تنفذها الدولة، وأن كل هذه المشروعات تسند بالأمر المباشر إلى الهيئة دون مراعاة دراسات الجدوى أو المناقصات التى نص عليها القانون. ويتم هنا الترويج للمزاعم التى يقولها المقاول الهارب محمد على، وكذلك لبعض الأحاديث الأخرى مثل تصريحات رجل الأعمال نجيب ساويرس حول مزاحمة القوات المسلحة للقطاع الخاص.
 
ويضاف إلى ذلك الكذبة الكبرى التى اخترعتها الجماعة الإرهابية والمسماة بالصراع بين الأجهزة والمؤسسات، وأن مصر دولة قمعية، حيث تروج العناصر الإخوانية من خلال منصات التواصل الاجتماعى وكذا القنوات التلفزيونية بشكل دائم إلى أن مصر بها آلاف المعتقلين والمختفين قسرًيا، والترويج لمظلوميتهم المزعومة فى هذا الإطار، وأن مصر دولة غير آمنة لا يأمن فيها المواطن على نفسه أو ماله أو أهله أو بيته، وأنها بيئة مثلى لانتهاكات حقوق الإنسان على كافة المستويات، بادعاء وجود معتقلين ومختفين قسرًيا ووجود تعذيب داخل السجون، وإساءة معاملة المسجونين، وعدم توفير الرعاية الطبية لهم. وتستغل فى هذا الإطار التقارير التى تصدرها بعض المنظمات الحقوقية مثل هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وبعض المنظمات المحسوبة على الإخوان فى الغرب، بالترويج لها بشكل ضخم ومكثف بوصفها تمثل الحقيقة المطلقة حول وضع حقوق الإنسان فى مصر، وكذلك تستغل بعض القضايا للناشطين المشهورين مثل قضية الناشط علاء عبد الفتاح ورامى شعث.

المذيعون وصفحات غير سياسية أو دينية أداة الإرهابية لترويج الشائعات

وصل التقرير إلى النقطة الأهم، وهى الأدوات التى تعتمد عليها الجماعة الإرهابية للترويج للشائعات والأكاذيب وبث الفتن، وهنا يأتى دور مذيعو القنوات الإخوانية، حيث تستغل جماعة الإخوان مذيعى قنواتها فى الخارج مثل الشرق ومكملين ووطن والحوار والتلفزيون العربى فى الوصول إلى شرائح أوسع من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال إما المتابعين الشخصيين لهؤلاء المذيعين على صفحاتهم وحساباتهم الخاصة، أو من خلال ترويج وتسويق المحتوى المقدم على هذه القنوات من خلال منصات التواصل الاجتماعى.
 
ورصد التقرير كيف استغلت الجماعة الإرهابية مجموعات متنوعة من المذيعين سواء من المقيمين فى إسطنبول أو الدوحة أو لندن مثل معتز مطر وحمزة زوبع وعبد الله الشريف وياسر العمدة وعماد البحيرى وأحمد عطوان وأحمد سمير وسيد توكل وعصام تليمة وأحمد موالنا وأسامة جاويش وأحمد البقرى وأحمد سميح وجمال سلطان، خاصة أن بعضا من هؤلاء يمتلكون متابعين على مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى وجه الخصوص معتز مطر الذى تحقق الحلقات التى يبثها من لندن على اليوتيوب وفيس بوك ملايين المشاهدات، وكذلك عبد الله الشريف ويوسف حسين اللذين تحقق حلقاتهما على يوتيوب ماليين المشاهدات.
 
ومن ضمن أدوات الجماعة الإرهابية الصفحات الإخبارية التى تحظى بمتابعة كبيرة، فيعمل عناصر جماعة الإخوان على تسويق أفكارهم ورؤاهم وحتى تأليب الرأى العام المصرى من خلال عدد من الصفحات الإخبارية المعروف أن توجهاتها معادية للدولة المصرية أو تابعة تماًما لجماعة الإخوان، لكنها فى الوقت ذاته تحظى بملايين المتابعات، مثل "شبكة رصد الإخبارية" وحسابات وصفحات بعض المواقع كـ "عربى بوست – نون بوست – عربى 21 – العربى الجديد"، وغيرها، إذ تلعب هذه الصفحات دوًرا كبيًرا فى تسويق الرواية الإخوانية للمواطنين بمختلف الأشكال والأساليب وبقوالب متنوعة من الأخبار والفيديوهات المصورة والانفوجرافات والفيديو جرافات.
 
وهناك أيضاً" صفحات غير سياسية أو دينية"، حيث لجأت لجان الإخوان إلى تأسيس صفحات غير سياسية أو دينية، تحمل أسماء تمس التراث الفنى والأدبى والفكرى للشعب المصرى، مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب، أو بعض لاعبى كرة القدم المعتزلين المهمين. بالإضافة إلى الصفحات الإخبارية فى مجال الرياضة، حيث لا يزال رهان تنظيم الإخوان على الحماسة الرياضية وتوظيفها فى روابط رياضية تعمل وقت الحاجة ضد الدولة فى إثارة الاضطرابات فى الشارع كما جرى فى سنوات الفوضى ما بين عامى 2011 و2013.
 
وأكد التقرير أن تنظيم الإخوان يدرك مدى اهتمام الرأى العام بالأخبار الفنية خصوًصا الساعية إلى الإثارة، مثل التركيز على فضائح الفنانين وملابس الفنانات والأعمال الفنية المثيرة للجدل. وتعمل هذه الصفحات لمدة سنوات تحت إدارة لجان الإخوان دون أن تبدى رأًيا أو ملحوظة واحدة فى الشأن السياسى العام، حتى تكتسب مصداقية لدى الرأى العام، وتحصد ماليين المتابعين، وهكذا يصادر التنظيم عملية تدفق الأخبار الفنية والأدبية والثقافية والرياضية لصالح أدواته إلى أن تأتى لحظة الصفر. 
 
ولحظة الصفر عادة ما تكون قضية إخوانية بحاجة إلى تحرك عاجل، حتى لو كان التحرك مجرد صناعة حالة من التعاطف، مثلما جرى مع خبر وفاة محمد مرسى، حيث صدر تكليف فورى لهذه الصفحات بنشر نعى موحد لمرسى، وهكذا وخلال ساعات تم توحيد البث والإرسال عبر ديباجة موحدة بين عشرات الصفحات التراثية والفنية والرياضية والثقافية فى القضية المستهدفة.
 
ومن حين لآخر تقوم تلك الصفحات بإثارة الجدل حول فنانة بعينها، أو ملابس فنانة، أو قضية أو عمل فنى محدد، والغرض من ذلك ليس إثارة الجدل والفتن والإيحاء بانحراف المجتمع فى غياب الإخوان على الساحة السياسية فحسب، ولكن أيضا اختبار مدى قدرة تلك الصفحات على التسخين وإثارة الجدل والفتن وجمع البيانات الكافية حول استجابة فئات الشعب المصرى لهذه القضايا.
 
كما يلعب تنظيم الإخوان على فكرة تفكيك ثقة المواطن فى مؤسسات الدولة، ومن ثم طرح أنفسهم كبديل، وبالتالى فإن كل مؤسسة من مؤسسات الحكومة المصرية لها لجان نوعية متخصصة فى ضرب ثقة المواطن بها. ومع بدء جائحة كورونا حدث تحول فى بعض الصفحات التى تقدم خدمات طبية وصحية استشارية عبر وسائل التواصل الاجتماعى، حيث بدأت تتبنى خطاًبا عنيًفا وصارًما ضد وزارة الصحة المصرية وتنشر أكاذيب وشائعات عن ملايين الضحايا ما بين مصاب ومتوفى جراء وباء كورونا، وتشكك فى اللقاحات ومدى قدرة القطاع الصحى فى مصر على الصمود أمام الجائحة.
ولاحقاً اتضح كذب كافة تلك الصفحات، التى مارست النصح الطبى والصحى بوقار واحترافية عبر سنوات، رغم أن هذا الإجراء ليس قانونًيا أو احترافًيا، ولكنها صفحات قدمت خدمة مجتمعية مجانية لسنوات، قبل أن يتضح أنها خاليا نائمة تنتظر ساعة الصفر فى محاولة لإسقاط النظام الصحى لمصر بالتزامن مع أشرس جائحة طبية تمر بها البشرية منذ مئة عام. هكذا تعمل بعض الصفحات على ضرب بعض المؤسسات دون الخوض فى القضايا الرئيسية، أى صفحات تعمل على القضايا الفرعية، عن مشروع الدولة الثقافى أو النشاط الرياضى، عن مؤتمرات الشباب أو مجهودات الدولة فى مكافحة التغير المناخى.

البرمجة الفكرية غير المباشرة

إذا كانت هناك صفحة ناجحة ال يملكها تنظيم الإخوان، يسعى التنظيم إلى دس أحد عناصره فى إدارة الصفحة، ليس مطلوب من هذا العنصر التحول بالصفحة من خطابها الخاص إلى الخطاب الإخوانية، ولكن زرع بعض الأفكار غير المباشرة فى خطاب تلك الصفحة لخدمة برمجة فكرية تخدم غرضا إخوانيا، مثال لذلك: حينما صنع تنظيم الإخوان تحرك المقاول الهارب محمد على، الذى ادعى أن هناك فساًدا فى بعض المشاريع القومية للدولة المصرية، قامت بعض الصفحات الدينية بنشر آيات قرآنية تحض على رفض الفساد، بينما قامت الصفحات الفنية بنشر صور من أعمال سينمائية مصرية ترفض فساد السلطة، وصولا إلى الصفحات الثقافية التى راحت تنشر بكثافة فى تلك الفترة اقتباسات من الأدب العالمى ترفض الفساد وتدعو إلى الثورة عليه بالتزامن مع دعوات المقاول الهارب للنزول إلى الميادين.
 
كما أصبحت مجموعات تطبيق واتس آب شيئا أساسًيا فى بيت كل أسرة مصرية، حيث يتم استخدامها للتنسيق بين العاملين فى الشركة الواحدة، أو القسم الواحد داخل الشركة، أو سكان عقار بعينه، أو أولياء أمور فصل دراسى بعينه، أو حتى مجموعة أصدقاء أو مجموعة دراسية. وقد وجد تنظيم الإخوان أن اختراق تلك المجموعات عبر عناصره، سواء المعروفين أو الخلايا الرقمية النائمة سوف يعضد من فكرة نشر الشائعات داخل البيوت، إذ أن الحياة يمكن أن تشغل بعض شرائح المجتمع عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعى. وقد لعبت هذه المجموعات دوًرا فى محاولة تنظيم الإخوان تشكيل رأى عام مناهض لخطة تحديث وإصلاح التعليم المصرى، إذ إنها كانت المصدر الرئيسى لكل الشائعات التى وجهت لهذه الخطة، بجانب أنها كانت المصدر الرئيسى لكافة الشائعات المتعلقة بوباء كورونا فى المجتمع المصرى.

كتائب يوتيوب.. أداة إخوانية لجذب متابعين

على ضوء عزوف الشباب عن القراءة الورقية وحتى الرقمية، ورفضهم لفكرة المقالات الطويلة والمنشورات التى بها معلومات وأرقام عبر وسائل التواصل الاجتماعى، أطلق تنظيم الإخوان أكثر من منصة رقمية تنتج برامج تلفزيونية عبر منصة يوتيوب بغرض مصادرة الوعى وأخونة التاريخ والسردية السياسية لصالح الرؤية الإخوانية. الملاحظ هو التمويل المرتفع والإنفاق الواضح على كتيبة اليوتيوب التى تبث من قطر وتركيا ولندن بكل حرية، حيث يتم "أخونة المعرفة"، بمعنى أن كل قضية تتعلق بالمعلومات العامة والمعروفة والثقافة، يتم وضع الإخوان بها وجعلهم الطرف المظلوم أو المنتصر، وصياغة القضية بما يتفق مع رؤية الإخوان ويهدم ثوابت الدولة المصرية حتى لو كانت قضية عامة أجنبية وليس للدولة المصرية عالقة بها، ولكن يتم توظيف المعلومة والمعرفة دائما من أجل خدم السرديات الإخوانية وتفكيك سرديات الدولة المصرية وتاريخها.
 
ولا ننسى وسط كل هذه الأدوات الظهير المدنى للإخوان، وهم شخصيات غير إخوانية تنتمى إلى التيارات السياسية الأخرى، الليبراليين واليسار، أو المجتمع المدنى والتيار الحقوقى، ولكنها تلتزم بالخط الإخوانى وديباجات لجان الإخوان على طول الخط. هذا الظهير المدنى للجماعات الإرهابية يلعب دور تمرير آراء وأفكار تلك الجماعات للرأى العام عبر صفحاته الشخصية الموثقة المتاحة مجاًنا من خلال منصات التواصل الاجتماعى.
 
ويضاف إلى كل ذلك تطبيق "كلوب هاوس"، الذى أصبح بمثابة راديو سوشيال ميديا، حيث استطاع هذا التطبيق تسويق فكرة الحوار مع الإرهابيين عبر غرف الشات، حيث يقوم اليسار والليبراليون باستضافة العناصر الهاربة من أجل شرح رؤيتهم للشعب المصرى.
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة