أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

جلسات منتدى شباب العالم.. رؤية مصرية منسجمة أمام ارتباك دولى

الخميس، 13 يناير 2022 02:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

العديد من القضايا الهامة، ناقشتها جلسات منتدى شباب العالم، المنعقد حاليا في شرم الشيخ، ربما تمثل أكثر التحديات التي تواجه العالم، أبرزها الوباء والتغيرات المناخية، إلا أنها في الوقت نفسه قدمت تجسيدا مهما لأولويات الدولة المصرية في المرحلة الراهنة، والتي باتت تعتمد نهجا يقوم على "تعميم" رؤيتها للأوضاع الدولية الراهنة، سواء فيما يتعلق بالصراعات القائمة، أو مسائل التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى الأزمات الجديدة، والتي تعد التهديد الأبرز الذى يواجه العالم، في ظل مخاوف كبيرة في عدم القدرة على السيطرة عليها، نظرا لنطاقها غير المحدود سواء جغرافيا أو زمنيا، والصعوبة الكبيرة في التنبؤ بتداعياتها، في المستقبل القريب، خاصة مع تضارب الرؤى، والنهج الدولي القائم على تبادل الاتهامات حول المسؤولية عما آلت إليه الأمور في السنوات الأخيرة.

لعل القراءة السريعة لعناوين الجلسات، التي عقدت خلال منتدى الشباب العالم، نجد أنها تلخص "النقاط العريضة" في السياسة المصرية، والتي تنطلق من التنمية الاقتصادية في الدول النامية، للخروج من حالة الفقر التي تهيمن عليها، عبر عرض "التجارب التنموية" مع مراعاة قواعد البيئة، في إطار تمهيد "الطريق من جلاسجو إلى شرم الشيخ"، استعدادا لقمة المناخ، المقرر انعقادها في مصر أواخر العام الجارى، والتي تهدف في الأساس إلى توحيد المواقف الدولية، فيما يتعلق بالأمور الخلافية حول الالتزام بتقليص الانبعاثات الكربونية، وهى الخلافات التى ثارت مجددا خلال القمة الأخيرة في أسكتلندا، عبر اعتماد مبدأ الشراكة الدولية مع "شركاء التنمية"، مع الاهتمام بـ"إعادة الإعمار" في الدول المنكوبة باعتبارها "مسؤولية دولية" ملقاه على عاتق المجتمع الدولي.

هكذا كانت جلسات المنتدى، تقدم نقاشا حول قضايا مختلفة، ابتعدت جزئيا عن الحديث عن الصراعات التقليدية، التي هيمنت على أروقة المنتديات الدولية وأعمال الاجتماعات والمنظمات لعقود طويلة من الزمن، إلا أنها في الوقت نفسه نجحت إلى حد كبير في تقديم وصياغة رؤية مترابطة في إطار موحد رغم حداثة القضايا التي يتم مناقشتها نسبيا، مما يمثل انعكاسا صريحا لرؤية الدولة في مجملها للواقع العالمي الراهن، وتحدياته وكيفية التعامل معه، ناهيك عن أولوياتها، في المرحلة الراهنة، عبر توسيع الشراكات الدولية، لتحقيق التنمية الاقتصادية، باعتبارها السبيل للخروج من الفقر، مع عرض التجربة المصرية، والاستماع إلى تجارب الدول الأخرى، لتبادل الخبرات، وهو ما يحمل في جزء منه جانبا من مبدأ الشراكة، الذى تسعى "الجمهورية الجديدة"، إلى ارسائه، بعيدا عن سياسة المعونات، والتي لعبت دورا رئيسيا في تقويض طموحات العديد من الدول النامية، لتحقيق التنمية بسواعد أبنائها، اعتمادا على المنح القادمة من القوى الدولية الكبرى.

وهنا نجد أن ثمة حالة من الانسجام تبدو واضحة، بين الرؤى المصرية في مختلف القضايا، إلى الحد الذى يلخص القضايا التي تناولتها جلسات منتدى شباب العالم، إلى قضية واحدة، أو بمعنى أدق مجموعة من القضايا المتكاملة والمترابطة، تحمل رؤية مصرية منسجمة، لا يشوبها تعارض أو تناقض، في الوقت الذى اتسمت فيه سياسات دولا، وصفت لعقود طويلة من الزمن بـ"العظمى" بعدم الاتساق في الكثير من الأحيان، وهو ما يبدو على سبيل المثال في الارتباك تجاه العديد من الملفات، التي تمثل أولوية قصوى للمجتمع الدولي، في ظل ما تفرضه من حالة أشبه بـ"الطوارئ" العالمية.

فلو نظرنا على سبيل المثال، إلى الموقف الأمريكي من المناخ، نجد أن الانسحاب الأمريكي من اتفاقية باريس، خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ثم العودة إليها مع وصول خليفته جو بايدن، يعكس ارتباكا تجاه أحد أخضر القضايا التي تواجه العالم، ويساهم في تقويض الثقة الدولية حول قدرة واشنطن على إدارة مثل هذا الملف، وهو ما تكرر سواء في الولايات المتحدة أو غيرها، مع تفشى وباء كورونا إثر عدم القدرة على مواكبة الأعداد الكبيرة في الإصابات في الداخل، وبالتالي التقاعس عن مد يد العون إلى الدول الأخرى، وهو ما يعنى الحاجة إلى تعظيم مبدأ "المسؤولية الدولية" عبر الشراكة مع "شركاء التنمية" دون تجاهل ملف التنمية من أجل القضاء على الفقر.

وهنا يمكننا القول بأن انسجام الرؤى المصرية، والتي تجلت بوضوح في مجرد قراءة عابرة لعناوين جلسات منتدى شباب العالم، يبقى في مواجهة حالة من الارتباك الدولي، والتي لم تقتصر على دول بعينها، وإنما امتدت إلى أعتى الدول نفوذا وقدرة، مما يعكس ثبات "الجمهورية الجديدة"، ومرونتها في مواجهة الصدمات، والتي تتجلى في الطبيعة الجديدة للتحديات التي تواجهها، ناهيك عن قدرتها منقطعة النظير في مواكبة التغييرات الجذرية التي تشهدها البنية الدولية في المرحلة الراهنة، وهو ما يؤهلها لدور أكثر فاعلية، ليس من منطلقات أنانية تتعلق بالرغبة في السطوة والنفوذ والسيطرة، وإنما أيضا فيما يتعلق بخدمة العالم، خاصة الدول التي تخوض نفس معركتها ضد الفقر في ظل تحديات كبيرة، وغير مسبوقة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة