أكرم القصاص - علا الشافعي

عادل السنهورى

المرأة التي هزمت "الإخوان"

الإثنين، 10 يناير 2022 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تعرف جماعة الاخوان الإرهابية جيدا المستشارة الجليلة الفاضلة تهاني الجبالي –التي ودعت دنيانا أمس- ولم تعرف تاريخها النضالي منذ أن كانت طالبة في كلية الحقوق بجامعة المنصورة 
في نهاية الستينات –وما أدراك ما الستينات-حتى تخرجها عام 73 وحصولها على الدراسات العليات في الشريعة الإسلامية والقانون الدستوري.
 
ولم تقرأ جماعة الشياطين الاخوانية تاريخ تلك السيدة المناضلة في الدفاع عن وطنيتها وعروبتها وحق شعوبها في الحرية والاستقلال والحياة الكريمة وأنها لم تساوم أبدا على الدولة الوطنية ولا على مبادءها التي أمنت بها منذ الستينات وتدرجها في المناصب الشعبية والرسمية وحتى وفاتها.
 
الجهل بسيرة هذه " المرآة الحديدية"- وهو اللقب الشعبي التي حصلت عليه – طوال عملها بالمحاماة والعمل النقابي المصري والعربي منذ السبعينات وحتى بداية الألفية الثانية دفعهم الى الصدام معها بعد أن اتخذوها عدوا مباشرا ولم يدركوا أنها امرآها بألف رجل أو أكثر وأن سلاحها هو الايمان بالله وبالوطن وبمبادئها وبالكلمة التي هي أمضى من أي سلاح وأقوى من أي تهديد
 
عملت السيدة تهاني الجبالي، بعد تخرجها في كلية الحقوق جامعة المنصورة، في مهنة المحاماة لمدة 30 عام، فكانت محامية في محكمة النقض والمحاكم العليا، حتى صدر قرار تعيينها كقاضية. ولمع نجمها في نقابة المحامين المصرية وكانت أول محامية يتم انتخابها دورتين على التوالي كعضو بمجلس نقابة المحامين المصرية منذ إنشاء النقابة عام 1912م، وتم انتخابها لتصبح أول عضوة في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، لتصبح بذلك أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المستوى بالاتحاد منذ تأسيسه في عام 1944م.
 
 وتولت فيما بعد لجنة المرأة في اتحاد المحامين العرب، لتمثل المرأة العربية، وأيضا رئاسة لجنة مناهضة العنصرية والصهيونية، بالاتحاد إلى جانب عملها كمحاضرة أساسية في مركز التدريب وتكنولوجيا المعلومات التابع للاتحاد. ثم عضوا بمجلس أمناء المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، بالإضافة إلى كونها خبيرا قانونيا في منظمة الأمم المتحدة ومحكم تجاري دولي ومحاضر في المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس، وعضو اللجنة التشريعية والسياسية بالمجلس القومي للمرأة.
 
ويأتي المنصب الأهم في حياتها بسبب جدارتها وكفاءتها العالية ومكانتها الدولية والعربية وهو صدور قرار جمهوري في 22 يناير 2003، بتعيينها نائب رئيس المحكمة الدستورية ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا، لتصبح بذلك أول قاضية مصرية، وصاحبة أعلى منصب قضائي تحتله امرأة في مصر.
هذا هو التاريخ المشرف الذي جهلته جماعة الاخوان قبل أن تقرر الصدام ومحاولة القضاء على المستشارة تهاني الجبالي فوقفت وحدها كالطود العتيد في وجه الجماعة برئيسها ومكتبها الارشادي في الوقت الذي توارت فيه الرجال وتركوا المر’ وحده وكانت قادرة على خوض المعركة وحده وبكل شراسة 
في 25 يناير2011 كانت في الصدارة –رغم حساسية منصبها- على الرغم من منصبها الرسمي، إلا وتواجدت في ميدان التحرير، وساهمت بالرأي عبر وسائل الإعلام والصحافة في كل ما يتصل بمسار المرحلة الانتقالية. وكانت من أوائل من طالبوا بوضع الدستور قبل بناء المؤسسات سواء التشريعية أو التنفيذية، ووضع بنية أساسية خلال الفترة الانتقالية، تمكن الثوار من الحريات العامة وتهيئة البيئة الحاضنة للديمقراطية.
 
لم يمنعها منصبها بالمحكمة الدستورية العليا في مهاجمة الاخوان والدفاع عن ثوابت الدولة المصرية الوطنية بنسيجها الوطني وحذرت من أخونة الدولة
وزادت من شراستها ضد الجماعة العربية بعد انتخاب مرسي وصرحت بقوة "بأنه ليس له خبرات في إدارة الدولة ومؤسسة الرئاسة" وطالبته بالانفصال التام عن جماعة الإخوان وعدم السعي لـ"أخونة الدولة".
هاجمها الاخوان وكتائب الجماعة الالكترونية ولم يكن أمام الجماعة سوى الاجتماع بليل واستبعاد المستشارة تهاني الجبالي من منصب نائب رئيس المحكمة الدستورية في حكم الرئيس المعزول من خلال نص دستوري قلص عدد قضاة المحكمة الدستورية من 19 إلى 11 عضواً، ونص انتقالي يقضي بعودة كل المستبعدين فور إقرار الدستور إلى مناصبهم السابقة على العمل بالدستورية.
 
لم يكن من المتصور أن تتحد جماعة سطت على دولة ضد امرآة لا تملك سوى قوة الكلمة وتعزلها من منصبها فأصبحت هي المنتصرة ضد الجماعة المهزومة والمغلوبة 
 
لم تتوقف المستشارة الجليلة عن معركتها ضد الاخوان فبعد الإعلان الدستوري الذي دعا لإقصائها عادت وهاجمت مرسي بشدة معلنة أنه فقد شرعيته كرئيس للجمهورية، وأن الإعلان الدستوري انقلاب على كل مكتسبات ثورة 25 يناير، لأنه إفشاء لدولة الحاكم بأمره ويمثل خطرا على مدنية الدولة، وتركت مقعدها بالمحكمة الدستورية بسبب مواقفها السياسية وخلافاتها مع الإخوان حتى لا يتشابك عملها السياسي مع دورها كقاضية.
 
معركة أخرى خاضتها المستشارة تهاني الجبالي، وذلك بعد حصار أنصار الجماعة الإرهابية محيط المحكمة الدستورية العليا، والتي وصفته بـ«يوم أسود في تاريخ مصر والدولة الوطنية المصرية". وأضافت أن حصار المحكمة الدستورية العليا كان نقطة في محيط من الانتهاكات التي تعرضت فيها رموز الدولة الوطنية المصرية، «نحن كنا في مواجهة من أجل حماية جيشنا وشرطتنا وقضائنا ودبلوماسيتنا العريقة وإعلامنا الوطني، كل ده كان في حالة دفاع شرعي عن النفس».
 
وفي 5 يوليو 2018 رفضت المحكمة الدستورية العليا، دعوى المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة السابق، المطالبة ببطلان دستور 2012، وعودتها قاضية بالمحكمة.
وطالبت القاضية السابقة في دعواها ببطلان الوثيقة الدستورية، التي صدرت باسم دستور 2012، فيما تضمنته من النص على تحديد عدد معين لأعضاء المحكمة الدستورية العليا، بهدف الإطاحة بها من عضوية المحكمة، وهو ما تعتبره الدعوى انحرافًا تشريعيًا ودستوريًا. وسبق أن أوصى تقرير هيئة مفوضي المحكمة، بعدم قبول الدعوى.
 
قبيل ثورة 30 يونيو دعت " الجبالي" لتأسيس حركة التحالف الجمهوري قبيل ثورة 30 يونيو لمواجهة ما أطلقت عليه الفاشية الدينية التي تحكم مصر وساندت الخطوات الداعمة لاستكمال خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها في 3 يوليو 2013. وشاركت الحركة في انتخابات برلمان 2015.
 
لم يرهب تهاني الجبالي يوما دعوات الإخوان الإرهابية باستباحة دمها، ولكنها أصرت على استكمال مسيرة الكفاح ضده، ولم تصمت عن قول الحق والدفاع عن الوطن. مؤمنة بأن " القاضي الدستوري لا يجوز أن يصمت حين تهدد أركان الدولة أو تهدد حقوق وحريات المواطنين، وبالتالي عليه أن يتحدث»، فالمواجهة التي حدثت مع الإخوان كانت مواجهة على أرضية الوطنية المصرية والدولة المدنية.
بعد قيام ثورة 30 يونيو صرحت تهاني الجبالي: " أن الرئيس السيسي أنقذ مصر من مخطط لإسقاطها، ويواجه التحديات والأزمات التي مرت بالدولة بعد 30 يونيو.
 
وفي تصريح تلفزيوني آخر لها أشادت بالمبادرة التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي حول الاهتمام بضرورة الوعي، قائلة إنه مبادرة الرئيس السيسي تساعد على الفهم الوطني والديني من خلال الامتثال بالقيم الأصيلة، مضيفة أن أي شعب لا يتذكر هويته الوطنية لا يستطيع قراءة المستقبل. ووجهت "الجبالي" التحية للرئيس السيسي، بعدما تدخل في إطار مسؤولياته الدستورية وحسم ملف تعيين المرأة في مجلس الدولة.
 
رحم الله المستشارة الجليلة تهاني الجبالي-71 عاما- والتي سيظل اسمها ونضالها عالقا في الأذهان ومسطورا في التاريخ بأحرف من ذهب. واظن انها تستحق تكريما من الدولة يليق بها وبنضالها وتاريخها.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة