أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

"المسامح كريم".. هل تكون رسالة ميقاتى للبنانيين؟

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2021 01:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حكومة جديدة، ظهرت إلى النور في لبنان، بعد حوالى عام من الفراغ، في عملية أشبه بالولادة المتعثرة، بدأت مع اندلاع الأزمات التي توالت واحدة بعد الأخرى، من نقص الوقود، وانقطاع الكهرباء، وتردى الأوضاع الاقتصادية، بينما كان انفجار مرفأ بيروت، بمثابة الطامة الكبرى، والتي تفجرت معها موجات غضب غير مسبوقة، شهدتها الشوارع في العاصمة اللبنانية، إلى حد الاستغاثة بالمجتمع الدولى، لوضع حد للمأساة التي يعيشها المواطن، لسنوات طويلة، وهو ما تجلى بوضوح في الزيارات التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، والتي شهدت تظاهرات من ألاف المواطنين يطالبون خلالها باريس بالضغط على الحكومة، حتى ينحى أعضائها خلافاتهم جانبا، ويلتفتون إلى أحوال اللبنانيين ومعاناتهم التي دامت، إثر استقطاب دولى حاد استمر لعقود طويلة، بينما كانت الكوارث المتتالية ليست أكثر من ثمرة لتلك الحالة السياسية.
 
ويبقى المشهد الجديد في حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتى، هو خلوها من السياسيين، على الأقل بالمعنى التقليدي، فعلى الرغم من توافق الأحزاب اللبنانية على أسماء أعضاء الحكومة، يبقى معظمهم من المتخصصين، أو المعروفين بـ"التكنوقراط"، على غرار وزير الصحة فراس أبيض، والذى كان يعمل كمدير مستشفى حكومي، وحقق نجاحا مشهودا له في التعامل مع أزمة كورونا، وناصر ياسين كوزير للبيئة، وقد عمل أستاذا جامعيا وباحثا لسنوات طويلة، ناهيك عن الإعلامى اللبناني الشهير جورج قرداحى والذى تولى حقيبة الإعلام، وهو ما يقدم رسالة تصالحية للمواطن اللبناني بعد سنوات طويلة من الارتباك، مفادها "المسامح كريم"، وهو نفس الاسم الذى حمله البرنامج الذى قدمه قرداحى لعدة مواسم.
 
ولعل السعي نحو مصالحة الشارع اللبناني تجلى بوضوح، ليس فقط في اختيار قرداحى، وإنما في الابتعاد عن الانتماءات السياسية الصريحة، وإن كان للتوافق الحزبى دورا كبيرا في اختيار الأعضاء الجدد، ولكن يبقى الاعتماد على المتخصصين، كل في مجاله، تطورا مهما في المشهد السياسى اللبناني، حيث يعكس أن ثمة رغبة حقيقية لدى ميقاتى في التعامل مع الأزمات في الشارع، بعيدا عن تعقيدات السياسة، وحالة الاستقطاب التي هيمنت على المشهد اللبناني لسنوات طويلة، والتي تعد السبب الرئيسى فيما آلت إليه الأمور في الآونة الأخيرة.
 
ويمثل تشكيل حكومة من "التكنوقراط" خطوة مهمة في طريق الحل، والذى مازال طويلا وربما شاقا، حيث أنها تفتح الباب على مصراعيه أمام خطوات مهمة طالما سعى إليها الشارع اللبناني، لسنوات، على غرار نظام "المحاصصة" الحزبية، والثلث المعطل، وغيرهما من القواعد التي هيمنت على نظام عمل الحكومات السابقة، والتي كان لها الدور الأكبر في تعقيد الأمور، لصالح الأحزاب، والتي كانت تسعى للهيمنة والسيطرة، ليس فقط لأهداف حزبية، بل امتدت في معظم الأحيان نحو خدمة قوى إقليمية ودولية، كانت تسعى لفرض نفوذها على الداخل اللبناني، للسيطرة على المنطقة بأسرها.
 
وهنا يمكننا القول بأن الحكومة اللبنانية الجديدة، بتشكيلها الحالي، تمثل، على الأقل نظريا، فرصة مهمة، إذا توفرت لديها الرغبة الحقيقية، والإرادة السياسية، لفرض سيادة لبنان، وإعلاء مصلحته، بعيدا عن الرؤى الحزبية الضيقة، وما ورائها من صراعات إقليمية، سعت أطرافها، لتجريد بيروت من استقلال قرارها السياسى، لتحقيق أطماعها في المنطقة، عبر الأراضى اللبنانية، وهو ما يضع الحكومة الجديدة أمام اختبار صعب، يمكنها إن نجحت في اجتيازه، أن تكتب اسمها بحروف من نور على أوراق "الأرز"، بينما ستكون الطامة الكبرى إذا حدث العكس، وهو ما يعكس حجم المسؤولية الملقاه على عاتق ميقاتى ورفاقه في المرحلة المقبلة، حيث يجب أن تكون الأولوية لديهم إنهاء الأزمات الحياتية للمواطنين، والعمل جديا على استرضائهم، بعد سنوات الفوضى التي مرت بهم، والتي دفعوا فيها الثمن الأكبر لخلافات الساسة، في الداخل، وصراعات القوى الإقليمية في الخارج.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة