قناة السويس الجديدة.. 6 سنوات من التحدي والإنجاز.. كيف استطاعت القناة مواجهة تداعيات كورونا وأزمة جنوح السفينة "ايفرجيفن".. النجاح أدهش العالم وأحبط المتربصين بالقناة والمشروعات الوهمية البديلة

الجمعة، 06 أغسطس 2021 07:00 م
قناة السويس الجديدة.. 6 سنوات من التحدي والإنجاز.. كيف استطاعت القناة مواجهة تداعيات كورونا وأزمة جنوح السفينة "ايفرجيفن".. النجاح أدهش العالم وأحبط المتربصين بالقناة والمشروعات الوهمية البديلة قناة السويس
تحليل يكتبه عادل السنهوري

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أرقام العائدات تؤكد تحقيق الأهداف المنشودة

اليوم تمر 6 سنوات على افتتاح قناة السويس الجديدة.. وهو اليوم الذي لم ولن تنساه الذاكرة المصرية، من بين أيام القناة المجيدة في يوم افتتاحها عام 1869 ويوم تأميمها في عام 1956. يأتي يوم السادس من أغسطس عام 2015 ليحفر بأسطر من ذهب تاريخا مجيدا ساطعا للقناة، يبقى مطبوعا في وجدان الشعب المصري، ومحفورا في ذاكرته بعد أن استطاع بعزمه وعزيمته وإصراره أن يحقق المعجزة بأمواله التي جمعها لحفر القناة الجديدة وبالإعجاز الهندسي الذى نفذته وأنجزته سواعد أبنائه من العمال والمهندسين والفنيين وفى عام واحد فقط.

 

اليوم ونجن نحتفل فيه بمرور 6 سنوات على افتتاح قناة السويس الجديدة، نتذكر أيام الكفاح والنضال والتحدي والإرادة المصرية في مواجهة كافة التحديات التي واجهت الأمة المصرية، منذ افتتاح قناة السويس، وأطماع الغزاة فيها، ثم أوهام المتربصين بها، ومحاولات تفريغ القناة من أهميتها بالحديث عن مشروعات وهمية بديلة، واستطاعت مصر بقيادتها الوطنية هزيمة كل هذه التحديات والانتصار على الأوهام والأطماع.

 

6 أغسطس هو رمز للتحدي والإرادة السياسية والاصطفاف الوطني قياسا بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي كانت تمر بها مصر عقب ثورة 30 يونيو، والمصاعب التي واجهتها والتحديات التي أحاطت بها من كل جانب. يومها نفضت مصر عن جسدها غبار الأحزان والجراح، وتعلن للعالم عزمها على حفر قناة جديدة بطول 72 كلم، ورمز للأمل والمستقبل الذى كان يولد من رحم الأحزان والصعوبات والتحديات التى كانت تواجه مصر والمصريين فى تلك الفترة.

 

فى تلك الأيام تساءل العالم بدهشة، كيف لهذا البلد فى ظروفه الاقتصادية والأمنية والسياسية الصعبة أن يحفر قناة جديدة بطول 72 كيلومتر وبأموال المصريين في أقل من أسبوعيين-64 مليار جنيه-.

 

يومها خابت كل الرهانات الحاقدة التي راهنت وتوقعت فشل القيادة في جذب الأموال لتنفيذ المشروع القومى المصري في القرن الجديد، والذي يمثل خصوصية تاريخية عزيزة على نفوس المصريين.

 

خابت كل الرهانات وسقطت تحت أحذية المصريين الذين توافدوا واندفعوا بالملايين لشراء شهادات استثمار قناة السويس، لتبلغ الحصيلة 8.2 مليار دولار فى ذلك الوقت وهى إجمالى تكلفة القناة الجديدة أو أموال تمويل المشروع الجديد. صورة الشعب المصري كانت الرد القاسي على كل الشامتين والمتربصين والحاقدين. فبدأ العمل ودارت عجلة الإنجاز وفى أقل من عام تم حفر القناة وسط اندهاش العالم واحباط أهل الشر.

 

ذات الأسئلة كانت تتردد في كل مرة يتم الإعلان فيها عن مشروع قومى، وكأنها كانت مجهزة ومعدة داخل غرف مظلمة، لتنطلق وتنتشر بين أفراد الشعب في توقيت واحد. ففي معزوفة عدائية منظمة تدور الأسئلة حول مشروع القناة "وما جدواه.. وهل هذا وقته.. أليس الأولى والأجدى أن تضخ هذه الاموال لتوفير الأكل والشرب للمصريين.. هل جمعت أموال المصريين لإهدارها فى الصحراء". وكلما اقترب المشروع من الإنجاز والحلم من التحقق كانت تعلو وتيرة الأكاذيب والشائعات حتى ولد فجر حلم القناة الجديدة في 6 أغسطس 2015. مثلما مارسوا ذات الطريقة أيضا مع تسليح الجيش وتعزيز قدراته العسكرية وتطويره.. ومشروعات الطرق والجسور والمدن الجديدة وغيرها.

 

الحلم أصبح حقيقة فى عام واحد فقط وشهد العالم برؤساء وملوكه وقادته وحكامه معجزة المصريين وهدية مصر للعالم.

 

المشروع الحلم الذى أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يكن مجرد إنشاء مجرى ملاحي جديد لقناة السويس، وتعميق المجرى الملاحي الحالي فقط، وإنما هو مشروع ضخم لتنمية محور قناة السويس بالكامل، بهدف تعظيم دور إقليم القناة كمركز لوجستي وصناعي عالمي متكامل اقتصادياً وعمرانياً ومتزنا بيئياً، ويسعى إلى جعل الإقليم محوراً مستداماً ينافس عالمياً في مجال الخدمات اللوجستية والصناعات المتطورة والتجارة والسياحة.

 

أيضا وبعد 6 سنوات يدرك العالم الآن أن الحفر لم يكن لقناة جديدة، وانما أيضا حفر 7 أنفاق أسفل قناة السويس للربط ما بين شرقها وغربها للسيارات والسكك الحديدية، 3 أنفاق ببورسعيد و4 بالإسماعيلية. وإقامة مجتمع عمراني على الطريق الإقليمي القاهرة-بورسعيد على أن يحدها من الجهة الشرقية المجرى الملاحي لقناة السويس أمام جزيرة البلاح، وتنقسم الضاحية لمناطق صناعية، سياحية، خدمية وسكنية.

 

وليس فقط قناة جديدة وإنما أيضا تطوير موانئ محور القناة، وتشمل ميناء شرق بورسعيد، ميناء غرب بورسعيد، ميناء السخنة، ميناء السويس، ميناء الأدبية وميناء السخنة الجوي

 في أقل من 6 سنوات راهنت إدارة القناة وفقا لرؤية القيادة- علاوة على تحويل المنطقة الى محور للتنمية الشاملة- على زيادة إيرادات القناة عقب افتتاح قناة السويس الجديدة وهو ما حدث بالفعل. ففى العام المالى 2014-2015 كان ايراد القناة 39 مليار جنيه ووصلت إلى نحو 5.1 مليار دولار في 2015 - 2016، وارتفعت إلى 5.6 مليار دولار خلال العام المالي 2017 - 2018. وخلال 2018 - 2019 ارتفعت إيرادات القناة، لتسجل نحو 5.9 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ القناة التي تعد أسرع ممر للنقل البحري بين أوروبا وآسيا، وأحد أهم مصادر "العملة الصعبة" للحكومة المصرية.

 

قبل القناة الجديدة كانت أقصى طاقة للقناة 49 سفينة.. الآن وحسب أرقام حديثة 81 سفينة، وبلغت الطاقة الاستيعابية 97 سفينة. ووصل عدد السفن التي عبرت القناة خلال تلك الفترة 70 ألف و679 سفينة بحمولات قياسية بلغت 4.268 مليار طن بضائع، كما حققت القناة أكبر رقم قياسي في تاريخها بعبور 81 بحمولات 6.1 مليون طن فى يوم واحد ونستعد لاستقبال أكبر سفينة حاويات في العالم فئة "Megamax 24" بطاقة 23 ألف حاوية.

 

كل ذلك لم يكن ليتحقق من دون القناة الجديدة، وإجراءات تتعلق بتسويق المجرى الملاحي وعودته لمكانته كأهم مجرى ملاحيا على مستوى العالم. والاهتمام بتعميق المجرى الملاحي أكثر من 56 قدم مقارنة بتلك الموجودة في عام 2014 والتي كان يصل عمقها 36 قدما، وذلك من أجل استيعاب (السفن العملاقة) والتي يتجه العالم نحوها بدلا من السفن الصغيرة والمتوسطة، لأنها تستوعب حاويات أكثر و بالتالي توفير الوقود و الرسوم الجمركية وغيرها. وأدى ذلك خفض زمن العبور من 22 ساعة إلى 11 ساعة فقط وتقليل زمن الانتظار بالمجرى الملاحي، وهو ما أدى الى زيادة عدد السفن المارة من المجرى الملاحي للقناة زاد من 2014 إلى 2018 بنحو 70%.

وحققت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إيرادات تصل إلى 3.6 مليار جنيه وهي منفصلة عن الإيرادات التي حققها المجرى الملاحي للقناة، وفي غضون سنوات قليلة سيتم استكمال مشروعات المنطقة الاقتصادية وتصل لـ25 مليار دولار حيث ساهم صياغة قانون لها في جذب استثمارات دولية.

وقد كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن قيمة إيرادات قناة السويس تخطت نصف تريليون جنيه خلال 10 سنوات لتبلغ 575.2 مليار جنيه خلال الفترة ما بين 2010-2020 . وبلغت الحمولة الصافية للسفن العابرة لقناة السويس 10.1 مليار طن خلال 10 سنوات، مسجلة 1.2 مليار طن خلال العام المالي المنصرم، بنسبة ارتفاع قدرها 3.1 % عن العام السابق عليه.

وسجل عدد السفن العابرة لقناة السويس 176.6 ألف سفينة خلال 10 سنوات، وأظهرت الإحصاءات ارتفاع أعداد السفن خلال العام المالي 2019 - 2020 إلى 19.3 ألف سفينة بنسبة 4.5 % عن العام السابق عليه.

القناة الآن بالمنطقة الاقتصادية تأتى ضمن أهم 15 منطقة حرة فى العالم. وخلال 2030-2035 ستبقى الأهم فى العالم مع تدفق الشركات الكبرى للاستثمار فى المنطقة الاقتصادية.

القناة الجديدة حافظت وبعد 152 عاما من افتتاحها –نوفمبر 1869-على أن تبقى الممر الملاحى الاستراتيجي الأهم فى العالم رغم كل المحاولات الفاشلة لاجهاض دورها فى حركة التجارة العالمية وتستحوذ حاليا على 12% من الحركة التجارية الملاحية وخلال سنوات قليلة سوف تتضاعف هذه النسبة.

وخلال العامين الماضيين اثبتت قناة السويس أنها قادرة على مواجهه أصعب التحديات واقسى الظروف سواء كانت تداعيات جائحة كورونا او ما حدث من جنوح السفينة البنمية ايفر جريفن

فما حدث في إدارة أزمة جنوح السفينة «إيفر جيفن» البنمية في قناة السويس المصرية كان بمثابة الإعجاز الحقيقي، فقد استطاع المصريون إنهاء الأزمة التي أربكت أسواق النفط العالمية وتكاليف النقل البحري.. فالممر العالمي الملاحي الذي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر بطول 193 كيلومتراً من السويس جنوباً وحتى بورسعيد شمالاً، وبعد افتتاح القناة الجديدة أيضاً بطول 30 كيلومتراً لتقليل المسافة الزمنية للعبور إلى النصف، أثبت أنه لا بديل له على الأقل في المستقبل القريب، رغم الأحاديث التي أوردها البعض في وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية عن إمكانية وجود بديل للقناة المصرية، وهو ما ردت عليه صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في تقرير رئيسي وموسع لها أثناء الأزمة، مؤكدة أن لا بديل عن القناة المصرية، لأن كافة البدائل الأخرى للملاحة البحرية بعيداً عن قناة السويس مكلفة للغاية، ومرعبة من حيث الوقت والتكلفة.

تصدر قناة السويس عناوين الصحف والفضائيات خلال أسبوع الأزمة، لم يكن له سوى معنى واحد، وهو أن العالم يدرك ويعرف قيمة القناة وحيويتها وأهميتها للتجارة العالمية.. وخاصة بعد الاهتمام بتطويرها وتوسعتها وتحويلها إلى منطقة لوجيستية عالمية، وليس مجرد ممر لتحصيل الرسوم فقط.

فحسب بيانات من مجلة «لويدز ليست» المختصة بالشحن، تقدر حركة المرور المتجهة غرباً عبر القناة بحوالي 5.1 مليارات دولار في اليوم، وحركة المرور المتجهة شرقاً بحوالي 4.5 مليارات دولار في اليوم. فالقناة تمثل شريان التجارة العالمية يمر منها 70 % من حجم التجارة البحرية و12 % من حجم التجارة الدولية بشكل عام.

بعض حملات التشكيك والدعاية السوداء ضد قناة السويس وتطويرها والتفريعة الجديدة للقناة، وللأسف عدد من خبراء الملاحة الدولية روّجوا بأن الأزمة لن ينجح خبراء هيئة قناة السويس في إنهائها قبل شهرين على الأقل.

ولذلك كانت المفاجأة أن ينجح رجال الهيئة بكل ما لديهم من خبرات تاريخية وكفاءات، في تعويم السفينة خلال خمسة أيام فقط، بعد أن بدأ العالم في حبس أنفاسه ووقف على قدم مع التعطل المؤقت لعبور السفن بالقناة بسبب جنوح السفينة العملاقة، وبدأت الدول تحسب حساب الخسائر، فقد ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية، وأعلنت شركات التأمين البحري رفع أسعارها، وفكرت بعض الشركات والدول الكبرى في مجال النقل البحري في البحث عن بديل، لكنها تراجعت بعد أن أدركت وأيقنت أن قناة السويس، ممر ضروري وحيوي بكافة المعايير والمقاييس البحرية العالمية.

«نيويورك تايمز»، الصحيفة الأمريكية الأوسع انتشاراً أوردت تقريراً في غاية الأهمية خلال الأزمة ذكرت فيه: عادة ما تستغرق الرحلة من قناة السويس في مصر إلى روتردام بهولندا - أكبر ميناء في أوروبا - حوالي 11 يوماً.

 

أما المغامرة في الجنوب حول رأس الرجاء الصالح في إفريقيا، فإن الرحلة تستغرق 26 يوماً آخر على الأقل، وتبلغ رسوم الوقود الإضافية للرحلة عموماً أكثر من 30 ألف دولار في اليوم، اعتماداً على السفينة، أو أكثر من 800 ألف دولار للرحلة الأطول.

«بي بي سي» البريطانية، قالت إن جنوح سفينة نقل الحاويات الضخمة في قناة السويس يعطل بضائع تقدر قيمتها بنحو 9.6 مليارات دولار كل يوم، بحسب بيانات الشحن، ويعادل هذا 400 مليون دولار من التبادل التجاري في الساعة على طول الممر المائي الذي يعد معبراً حيوياً بين الشرق والغرب.

ما حدث ربما كان الضارة النافعة، إذ كشف أن المشاريع الأخرى، أو بدائل قناة السويس، كلها وهمية، ولن تحقق المزايا التنافسية للقناة المصرية، وهذا من حسن حظ مصر وقدرها السعيد ونعمة من الله تعالى، وتقديراً لعرق ودماء مئات آلاف المصريين الذين حفروا القناة.

التحدي الآني للقناة هو المنافسة الذاتية لإجهاض أية مشروعات أخرى مستقبلية، فرئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، قال إن هناك خطة استراتيجية لتطوير الهيئة تستمر حتى 2026، من ضمنها تطوير الأسطول البحري، والذي يضم الكراكات والقاطرات ولانشات المرشدين.

ومع وصول الكراكتين الجديدتين «مهاب مميش»، و«حسين طنطاوي» وهما الأكبر بالشرق الأوسط، حيث يصل طول الواحدة منهما إلى 147 متراً، وتعمل في عمق 35 متراً، يتطور أسطول الكراكات الموجودة، علاوة على مشروعات توسعة جديدة لمواجهه أية أزمات محتملة قادمة

فالقناة شريان التجارة العالمية يمر منها 70% من حجم التجارة البحرية و12% من حجم التجارة الدولية بشكل عام وعرف العالم قيمتها. واكشفت المشاريع الوهمية الأخرى التي تحدثوا عنها هنا وهناك لمنافسة القناة وسحب البساط من تحت أقدامها.

6 أغسطس 2015 يوم لا ينسى ابدا ولا يسقط بالتقادم من الذاكرة. الرئيس السيسى يجلس بكل فخر واعتزاز وشعور وطني مستندا على اصطفاف شعبي غير مسبوق وسط 38 من رؤساء أوروبا وأفريقيا وآسيا والعالم العربي، ولحظة مرور أول سفينة تدفق الدموع من عيون الحاضرين فى لحظة شعورية وطنية نادرة.. فهذه هى مصر وهذا هو شعبها الذي تحدى المستحيل. الحلم تحول الآن إلى حقيقة. والحقيقة بعد 6 سنوات لم تعد مجرد مياه تتدفق بين شاطئين فقط بل أرقام تؤكد صحة الرؤية السياسية والتخطيط والانجاز للمستقبل. أرقام ترد بقوة وبحسم على من شككوا فى الحلم القومي للمصريين. 6 اغسطس هو يوم للإرادة والفخر والعزة والكرامة الوطنية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة