3 يوليو وانتصار الإرادة المصرية.. كيف نجحت الدولة فى مواجهة التحديات الخارجية بعد ثورة المصريين وعزل الإخوان.. دراسة ترصد كيف واجهت مصر بجيشها وقياداتها كل المخاطر للعبور بسفينة الوطن لبر الأمان

السبت، 03 يوليو 2021 02:00 م
3 يوليو وانتصار الإرادة المصرية.. كيف نجحت الدولة فى مواجهة التحديات الخارجية بعد ثورة المصريين وعزل الإخوان.. دراسة ترصد كيف واجهت مصر بجيشها وقياداتها كل المخاطر للعبور بسفينة الوطن لبر الأمان 3 يوليو
محمود العمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن قرار خروج المصريين فى 30 يونيو 2013 ضد حكم جماعة الإخوان وقرار الاستجابة له فى 3 يوليو 2013 سهلًا بكل المقاييس، والأمر ذاته بالنسبة لقرار انحياز القوات المسلحة لإرادة المصريين هذه فى يوم 3 يوليو بعد مشاورات ومحاولات لإقناع الجماعة بتلبية مطالب الشعب، وعدم الاستمرار فى التعالى على المصريين ومطالبهم الذى ميز تعاطى قيادات الجماعة مع مظاهرات 30 يونيو منذ مرحلة الدعوة إليها، وتتعدد أوجه صعوبة هذا القرار بين أوجه داخلية وخارجية تتضح خلال هذا التقرير، والذى رصدته دراسة حديثة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية.

 

مجتمع دولى لن يرحب
 

تبنت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما استراتيجية لدعم تيارات الإسلام السياسى فى منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات 2011 وتمكينهم من تولى مقاليد الحكم فى الدول التى شهدت هذه الموجة من الاحتجاجات والاضطرابات، ومنها مصر وتونس وليبيا وسوريا، وكانت الأداة الأهم فى هذه الاستراتيجية هى جماعة الإخوان التى كانت الأكثر تنظيمًا من بين كل القوى السياسية فى هذه البلدان.

ونجحت الإدارة الأمريكية حينها فى تمكين جماعة الإخوان من الوصول إلى الحكم فى هذه البلدان، وراهنت عليها لتكون بداية لتنفيذ استراتيجية جديدة تجاه مصر والمنطقة اعتمادًا على حكم طويل الأمد للجماعة. ومن ثم كان اتخاذ قرار مثل دعم ثورة المصريين فى 30 يونيو من الصعوبة بمكان لأنه سيحدث ردة فعل دولية غاضبة على إفشال هذه الاستراتيجية، وسيحتم على مصر خوض مواجهة دولية سياسية شرسة من أجل الانتصار لإرادة الشعب المصري.

وبدا الإصرار الغربى عمومًا والأمريكى خصوصًا على استمرار تجربة حكم الإخوان لمصر جليًا، حتى لو كان ذلك عن طريق إجراء إصلاحات جزئية تُظهر تلبية نسبية لمطالب المصريين، وهو ما ظهر فى تصريحات صحفية أصدرها مسؤولون أمريكيون واتصالاتهم مع المسؤولين المصريين، منها التصريح الذى قاله أوباما (1 يوليو 2013) إن “الولايات المتحدة لا تدعم أشخاصًا، وأن واشنطن شجعت الحكومة المصرية على التواصل مع المعارضة والعمل من خلال هذه القضايا فى عملية سياسية، فما قلناه هو قم بإجراء عمليات شرعية واحترم سيادة القانون.

والرسالة ذاتها أبلغتها وزيرة الخارجية الأمريكية –حينها- هيلارى كلينتون فى اتصالات مع وزير الخارجية المصري، واتصالات أجرتها السفيرة الأمريكية لدى القاهرة –حينها- آن باترسون مع الرئيس الأسبق مرسى مفادها ضرورة إتاحة مساحة أكبر للمعارضة فى إدارة شؤون البلاد.

وبينما اتخذت المواقف الأمريكية طابع النصح علنًا، فإنها كذلك اتخذت طابع التحذير سرًا للقوات المسلحة من التدخل فى الأزمة، وخاصة بعدما أمهل وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى –وقتها- جميع الفرقاء أسبوعًا لحل الأزمة. إذ أجرى وزير الدفاع الأمريكى وقتها تشاك هيجل اتصالات بالسيسى أكد له فيها أن تدخل الجيش سيُعد انقلابًا عسكريًا، وأن القانون الأمريكى يُحتِّـم قطع المساعدات الأمريكية، فى حالة حدوث انقلاب، وهو التلويح الذى قوبل بالتأكيد من قبل السيسى بأن القوات المسلحة واجبها الوطنى يحتم عليها الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين.

وبناء على ذلك، استلزم تحرك القوات المسلحة الداعم لمطالب المواطنين فى 30 يونيو أن تخوض مصر مواجهة سياسية دولية لتؤكد فيها حقيقة أن تحركها إنما جاء بناء على مطالب الشعب المصرى وتحقيقًا لها.

ثم أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما (16 أغسطس 2013) إلغاء التدريبات العسكرية طويلة الأمد مع الجيش المصرى الذى كان مقررًا إجراؤه فى شهر سبتمبر. وحثت مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكى من الحزبين الديمقراطى والجمهورى الإدارة الأمريكية على تعليق المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى مصر، واتخاذ خطوات عقابية أخرى مثل “حجب الدعم عن قرض من صندوق النقد الدولى أو وقف الشحنات.

وبعدها، قررت إدارة أوباما (9 أكتوبر 2013) تعليق المساعدات العسكرية إلى مصر، معلنة أنها “ستواصل تأجيل تسليم بعض الأنظمة العسكرية واسعة النطاق والمساعدات النقدية للحكومة فى انتظار إحراز تقدم موثوق نحو حكومة مدنية شاملة ومنتخبة ديمقراطيا من خلال انتخابات حرة ونزيهة.

ونجحت مصر فى هذه المعركة الدبلوماسية بدعم قوى من دول عربية، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، فأكد العاهل السعودى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز وقوف المملكة التام بجانب مصر، وأكد “الصف المصرى يتعرض لكيد الحاقدين فى محاولة فاشلة لضرب وحدته واستقراره”، وليعلم العالم أجمع أن السعودية شعبًا وحكومة وقفت وتقف مع أشقائها فى مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية فى عزمها وقوتها وحقها الشرعى لردع كل عابث أو مضلل لوسطاء الناس فى مصر، وليعلم كل من تدخل فى شؤونها الداخلية أنهم بذلك يوقدون نار الفتنة ويؤيدون الإرهاب الذين يدعون محاربته.

وقدم الملك عبد الله كل أوجه الدعم لمصر، وقام وزير الخارجية الأمير الراحل سعود الفيصل بجولة خارجية لإثبات صحة الموقف المصرى على الصعيد الدولي، وحذّر خلالها من استمرار المواقف الدولية السلبية تجاه مصر، وانتقد تشدّق المجتمع الدولى بحقوق الإنسان حسب ما تقضيه مصالحه وأهوائه، مشدّدًا على أن الدول العربية لن ترضى بأن يتلاعب المجتمع الدولى بمصير مصر، قائلًا “لتعلم كل الدول التى تتخذ المواقف السلبية تجاه مصر، بأن السعير والخراب لن يقتصر على مصر وحدها بل سينعكس على كل من ساهم أو وقف مع ما ينالها من مشاكل واضطرابات تجرى على أرضها اليوم”.

وشدد الفيصل على أن “حقيقة الأمر أن ما تشهده جمهورية مصر العربية الشقيقة اليوم يعبر عن إرادة ثلاثين مليون مصرى فى ثلاثين يونيو معربين عن رغبتهم فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إن انتفاضة ثلاثين مليون مصرى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن توصف بالانقلاب العسكرى إذ أن الانقلابات العسكرية تجرى تحت جنح الظلام، كما أن من تولى سدة الحكم فى مصر رئاسة مدنية وبما يتوافق مع الدستور المصري، وليعلم من يلوح بوقف مساعداته لمصر أن الأمة غنية بأبنائها وإمكاناتها ولن تتأخر عن تقديم يد العون لمصر”.

وقد ساهمت هذه المعركة الدبلوماسية المصرية وهذا الدعم الكبير لإرادة المصريين فى تغيير بوصلة مواقف الدول الغربية نحو الاعتراف بإرادة المصريين وقرارهم فى 30 يونيو، فقال وزير الخارجية الأمريكى –حينها- جون كيرى (1 أغسطس 2013) إن “الجيش المصرى كان يعيد الديمقراطية، فقد طُلب من الجيش التدخل لتنحية مرسى من قبل الملايين والملايين من المواطنين، وجميعهم يخشون الانحدار إلى الفوضى، والجيش لم يتسلم زمام الأمور فهناك حكومة مدنية”. وأعلنت الولايات المتحدة (23 أبريل 2014) تراجعها جزئيًا عن تعليق المساعدات العسكرية إلى مصر، ثم أعلنت (31 مارس 2015) إنهاء تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر تمامًا.

 

محيط إقليمى يعانى من الفوضى
 

أحد أوجه صعوبة اتخاذ قرار 3 يوليو الخارجية كان المحيط الإقليمى المضطرب الذى يحيط بمصر من كل جانب؛ فقد شهدت المنطقة فى 2011 وضعًا شديد التعقيد والفوضوية مثل تحديًا عميقًا لمنظومة الأمن القومى العربى وفى القلب منها الأمن القومى المصري. فهذه الأزمات العربية، وإن بدت منفصلة جغرافيًا، ومُتباينة من حيث طبيعتها وظروفها وهوية الأطراف الفاعلة فيها، ينتظمها ملمح عام وأفرزت عددًا من الصراعات الخطيرة، وبزغ فراغٌ خطير، من الناحية الأمنية والسياسية، فى قلبِ العالم العربى وأطرافه. وهذا الفراغُ هو محور الصراعات الجارية فى المنطقة.

وقد مثّل تعاطى النظام الإخوانى مع هذه الأزمات تحديًا أدى إلى تعميق المخاطر الناجمة عن هذه الفوضى الإقليمية على الأمن المصري، ومثال على ذلك دعوته إلى فتح الباب للجهاد فى سوريا، وتسهيل عمليات مرور المقاتلين للانضمام إلى الجماعات الإرهابية هناك.

وواجهت مصر فى ذلك الوقت تهديدات وجودية على اتجاهاتها الاستراتيجية المختلفة، فعلى الاتجاه الاستراتيجى الغربى كانت السيولة الأمنية هى الحالة العامة، على إثر الفوضى التى شهدتها ليبيا والتى اتسمت الأوضاع فيها بالتدهور والتسيب وانتشار الجماعات الإرهابية وتهريب كافة أنواع الأسلحة، ما شكل حالة من التهديد الحقيقى للأمن القومى المصرى بصورة مباشرة. وقد مثلت المليشيات المسلحة هناك تهديدًا خطيرًا للأمن القومى المصري، حيث امتلكت تلك الميليشيات مخازن ضخمة من الأسلحة على اختلاف أنواعها، وارتبطت بصلات قوية بتنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي، وكان لدى عناصرها معرفة بدروب وطرق التسلل والتهريب إلى داخل مصر، فضلاً عن وجود معسكرات تدريب لعناصر جهادية دولية فى مناطق قرب الحدود المصرية.

أما على الاتجاه الاستراتيجى الشرقى فكانت السيولة الأمنية وتدفق المقاتلين والأسلحة من قطاع غزة إلى سيناء لتمثل حالة تهديد خطيرة للأمن القومى المصري، أما على الاتجاه الجنوبى فكان هناك تحديان، الأول هو النظام الإخوانى الحاكم فى السودان والذى عمل على أن يكون السودان مرتكزًا للمقاتلين وقيادات جماعات الإخوان والهجرة غير الشرعية والإتجار فى البشر، مما يمثل تحديًا أمنيًا لمصر، أما الثانى فكان استغلال إثيوبيا لحالة الفراغ السياسى فى مصر فى 2011 وبدئها فى بناء سد النهضة وفرض الأمر الواقع دون موافقة مصر وبدعم ضمنى من نظام البشير الإخوانى فى السودان، وبإجراءات من النظام الإخوانى فى مصر ساهمت فى تعقيد الملف أكثر، وأبرز هذه الإجراءات الاجتماع الذى عُقد على الهواء مباشرة بين مرسى وقيادات الإخوان وناقش توجيه ضربة عسكرية لإثيوبيا.

وقد وضع مجمل هذه الحالة الإقليمية القيادة المصرية فى 30 يونيو أمام تحديين متناقضين فى آن واحد، إذ كان التحدى الأول هو أن استمرار حكم النظام الإخوانى يعنى استمرار وتعميق هذه التحديات والتهديدات الوجودية المحدقة بالدولة المصرية، أما الثانى فهو أن الإقدام على تغيير النظام استجابة لمطالب المصريين سيعنى احتمالات حدوث ردود فعل عنيفة انتقامية من الميلشيات المسلحة المتحالفة مع الإخوان والتى تتحرك بأمرها، وهو ما حدث بالفعل.

 

إرهاب داخلى غير مسبوق
 

أما داخليًا فقد كانت الحالة الإرهابية التى عمّقت من وجودها جماعة الإخوان تحديًا كبيرًا أمام صانع القرار فى ذلك التوقيت، لما يمثله ذلك من خطر محدق بالمصريين إذا ما تم تنفيذ مطالبهم بإزاحة حكم الجماعة؛ إذ قد يتسبب ذلك فى تعميق حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد منذ 2011 بدءًا من اقتحام السجون وحرق أقسام الشرطة، مرورًا بحوادث استهداف ضباط وجنود القوات المسلحة فى سيناء، واختطاف 7 جنود فى 16 مايو 2013 وهى الحادثة التى دعا فيها مرسى إلى الحفاظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين. ذلك وصولًا إلى ترهيب مؤسسات الدولة من خلال محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى والمحكمة الدستورية العليا، وارتكاب جرائم بحق المتظاهرين المعارضين لحكم الجماعة مثلما حدث فى أحداث الاتحادية فى ديسمبر 2012.

ووضعت هذه الحالة الأمنية الصعبة تحديات أمام القوات المسلحة، لا سيّما وأن هذه الحالة كانت مرشحة للتصاعد بشكل مطرد بعد اتخاذ قرار 3 يوليو، كرد فعل انتقامى من الجماعة، وهو ما حدث بالفعل أولًا فى شمال سيناء، وعبّر عنه القيادى الإخوانى محمد البلتاجى من داخل اعتصام رابعة العدوية المسلح بأن “هذا الذى يحدث فى سيناء -ردا على هذا الانقلاب العسكرى سوف يتوقف فى الثانية التى يعلن فيها عبد الفتاح السيسى أنه تراجع عن هذا الانقلاب”، ثم ثانيًا داخل المدن والمحافظات المصرية المختلفة.


 

وضع اقتصادى بالغ الصعوبة
 

إن أحد أهم دوافع ثورة يونيو لعام 2013 هو تردى الأوضاع الاقتصادية، اتسمت الفترة بين 2011 – 2013 بالتخبط والصراع بين أطراف متعددة للسيطرة على الحكم، تسبب ذلك الصراع فى خلق كيانات موازية لمؤسسات الدولة الرسمية تحمل أيديولوجية فكرية تنتمى لجماعة الإخوان وتعمل لهدف تحقيق مصلحة الجماعة دون اعتبار أى وجود لمصلحة الوطن.

وأدى هذا الوضع إلى تردى الوضع الاقتصادى المصرى بشكل عام فى جميع المؤشرات، وفشل الجماعة فى تحقيق أى مكاسب اقتصادية للمصريين الذين كان يقبع نحو نصفهم تحت خط الفقر، مع الغياب شبه التام للخدمات الأساسية من كهرباء ووقود وغيرها. ونتيجة لهذه السياسات المتخبطة والوضع المتردى لم تنجح الحكومة المصرية فى عهد الإخوان فى نيل ثقة صندوق النقد الدولى فى الاقتصاد المصرى والحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، فى وقت انخفض فيه الاحتياطى النقدى الأجنبى بشكل حاد إلى 15 مليار دولار، وهو الحد الذى وصفه البنك المركزى المصرى (ديسمبر 2012) بأنه يمثل الحد الأدنى والحرج الذى يتعين المحافظة عليه لتلبيه الاستخدامات الحتمية.

وتمثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة فى حد ذاتها عائقًا كبيرًا أمام متخذ القرار فى ذلك الوقت لإحداث تغيير؛ إذ إنه فى وضعى يعانى فيه الشعب من عدم القدرة على استيفاء احتياجاته الأساسية، واقتصاد ترفض المؤسسات الدولية مساندته. مما يشكل تحديًا خطيرًا يتعين رسم مسار لما بعد اتخاذ القرار بدعم ثورة المصرين من حيث توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، ومحاولة إنقاذ الاقتصاد المتدهور، حتى لا يتم الدخول فى مرحلة فوضوية جديدة، تصل بالاحتياطى النقدى إلى مرحلة أكثر حرجًا.


 

وضع مؤسسى معقد
 

أدت استراتيجية أخونة الدولة التى اتبعتها جماعة الإخوان خلال فترة حكمها إلى الوصول إلى وضع بالغ الصعوبة فى مختلف مؤسسات الدولة؛ إذ عمدت الجماعة إلى إضعاف كافة مؤسسات الدولة، وتركيز كافة المهام والصلاحيات فى رئاسة الجمهورية الخاضعة بطبيعة الحال إلى سيطرة مكتب الإرشاد، ومن ثم تفريغ كافة المؤسسات من مهامها وإيصالها إلى حالة شديدة الضعف والتردى والعجز عن قيام المهام المنوطة بها. فضلًا عن السيطرة شبه الكاملة على البرلمان المعبر عن الشعب المصرى بغرفتيه الشعب والشيوخ.

وعمدت الجماعة كذلك إلى تهديد المؤسسات التى أبت الانصياع لتوجيهاتها وأوامرها، فحاصرت عناصرها المحكمة الدستورية العليا وعطلت العمل بها، فضلًا عن حصار مدينة الإنتاج الإعلامى وتهديد العاملين فيها، وكذلك إصدار الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 الذى هدف إلى تحصين قرارات رئيس الجمهورية من أى طعن قضائي، وهو ما يقضى على فكرة مؤسسية الدولة واستقلاليتها.

ومثّلت هذه الحالة تحديًا أمام القيادة فيما يتعلق باتخاذ قرار 3 يوليو، لا سيّما وأن مؤسسات الدولة باتت فى أجزاء كبيرة منها خاضعة بحكم استراتيجية الأخونة إلى قرار الجماعة، فضلًا عن عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وعدم إقدام الجماعة على تنفيذ أى إصلاحات مؤسسية، ومن ثم راهنت القوات المسلحة على تماسك مؤسسات الدولة الصلبة وقدرتها على تخطى هذه المرحلة، ولم تركن إلى احتمالات الفوضى التى قد تعمد عناصر الإخوان إلى إحداثها فى الشارع من خلال التغلغل داخل المؤسسات المختلفة؛ ذلك أن استمرار الوضع القائم يعنى أن البلاد ستواجه مستقبلًا أكثر قتامة.

وارتكزت قيادة القوات المسلحة فى قرارها فى هذا المضمار على وحدة وتلاحم الشعب المصرى ومطالبه المشروعة فى إصلاح سياسى واقتصادى واجتماعى التى لم تجد أذنًا مصغية لدى الجماعة. وعمدت القيادة إلى التنسيق والتشاور مع النخب السياسية التى عبّرت عن رغبتها فى تنفيذ مطالب المصريين بإنهاء حكم الفاشية الدينية لمصر، خاصة مع تعمق حالة الاستقطاب والانقسام التى فرضتها الجماعة داخل المجتمع.

ورغم الصعوبات الدولية والداخلية السياسية والاقتصادية التى كانت تعترض الطريق أمام تغيير النظام الإخوانى فى مصر وتلبية مطالب المصريين فى ثورة 30 يونيو، إلا أن هذه الصعوبات الجمة والتحديات الخطيرة لم تثن الدولة المصرية عن تغيير نظام الجماعة الإرهابية وفقًا لإرادة المصريين، فتحدت بذلك كل هذه الصعوبات، واستطاعت أن تثبت للمجتمع الدولى شرعية ما قامت به.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة