سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 10 يوليو 1970..«هيكل» يكشف أسرار الجدل فى «الكرملين» بين عبدالناصر والقادة السوفيت حول «أسبوع تساقط الطائرات الإسرائيلية» بواسطة أبطال الدفاع الجوى المصرى

السبت، 10 يوليو 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 10 يوليو 1970..«هيكل» يكشف أسرار الجدل فى «الكرملين» بين عبدالناصر والقادة السوفيت حول «أسبوع تساقط الطائرات الإسرائيلية» بواسطة أبطال الدفاع الجوى المصرى جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة العاشرة والنصف صباح أول يوليو 1970، حين بدأت الجولة الثانية للمباحثات بين الوفد المصرى، برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر والقيادات السوفيتية، فى قاعة الاجتماعات الرسمية بالكرملين فى موسكو، وكانت المعارك البطولية لضباط وجنود قوات الدفاع الجوى المصرى التى بدأت ضد إسرائيل يوم 30 يونيو 1970 مصدرًا للفخر ومجالًا للحديث فى الاجتماع، وفقًا للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، فى مقاله «عن الشباب والحرب.. والفجر الذى ما زال بعيدًا»، المنشور بالأهرام، 10 يوليو، مثل هذا اليوم، 1970. 
 
بدأ «عبدالناصر» زيارته إلى «موسكو» يوم 29 يونيو 1970، يرافقه، على صبرى مساعد رئيس الجمهورية، والفريق أول محمد فوزى وزير الحربية، ومحمود رياض وزير الخارجية، ومحمد حسنين هيكل وزير الإرشاد القومى «الإعلام» ورئيس تحرير الأهرام، وفى 30 يونيو بدأ أول الاجتماعات مع القادة السوفيت، وكانت قوات الدفاع الجوى تبدأ فى تسجيل بطولاتها بإسقاط طائرات إسرائيلية، وتواصل ذلك طوال أسبوع، ووفقًا للكاتب الصحفى محمود عوض، فى كتابه «اليوم السابع، الحرب المستحيلة، حرب الاستنزاف»: «أسقطت القوات المصرية 15 طائرة خلال أسبوع واحد وأسرت تسعة طيارين أحياء، وسمى أسبوع سقوط الطائرات الإسرائيلية». 
 
يكشف «هيكل» ما دار حول ذلك فى الجلسة الثانية بقاعة الاجتماعات بالكرملين.. يذكر: «استهل الرئيس جمال عبدالناصر الجلسة بقوله: تلقيت بالأمس، بعد انتهاء اجتماعنا الأول هنا تقريرًا يحوى أخبارًا طيبة عن القتال فى الجبهة، لقد أسقط الدفاع الجوى المصرى أربع طائرات، اثنتان من طراز فانتوم، واثنتان من طراز سكاى هوك، وهناك ثلاثة من طيارى العدو أسرى فى أيدى قواتنا.. يضيف هيكل: «لاحظت من مكانى فى قاعة الاجتماع شيئًا بدا لى قريبًا لحظتها.. ران السكوت لحظة على مقاعد الوفد السوفيتى، والتفت «ليونيد بريجنيف» رئيس الوفد السوفيتى إلى المارشال «أندريه جريتشكو وزير الدفاع، وتبادلا معًا نظرة طويلة، خيل إلى أنها حملت بينهما شحنة من الاستغراب المتبادل، ثم جرت بين الاثنين كلمات باللغة الروسية، والتفت بريجنيف إلى عبدالناصر، وكان يجلس على المقعد المقابل له على مائدة المحادثات»، وقال:
 
ولكن يا صديقنا الرئيس ناصر.. إن رجالكم أسقطوا أمس، أكثر من أربع طائرات إسرائيلية، ووفق تقارير خبرائنا الذين تابعوا تطورات القتال من القاهرة فإن ما أسقطتموه أمس، هو ست طائرات وليس أربعا».. يؤكد هيكل: «عاد بريجنيف يلتفت ناحية المارشال جريتشكو، الذى كان على بعد أربعة مقاعد منه جلس عليها بالترتيب: بودجرنى، كوسيجين، وبوناماريوف، وجروميكو، ويقول له: ماريشال جريتشكو..هل تجىء إلى هنا لحظة، وتشرح لصديقنا الرئيس ناصر ما تلقينا من تقارير عن عمليات أمس».
 
وفتح «جريتشكو» ملفا كان أمامه، وسحب منه خريطة لمنطقة جبهة القتال المصرية، ثم نهض من مقعده وتقدم إلى رأس مائدة الاجتماعات، ووقف بين عبدالناصر وبريجنيف، ووضع الخريطة على المائدة، وراح يشرح ما تلقاه من المعلومات.. قال جمال عبدالناصر: ما تلقيته بالأمس كان يشير إلى إسقاط أربع طائرات بشكل مؤكد، وإلى إسقاط طائرتين أخريين، ويصبح المجموع ست طائرات.. ولكن بشكل محتمل، والحقيقة، أننى أدقق على الفريق فوزى دائمًا، فى الالتزام بإعلان ما هو مؤكد، إما عن طريق الصور، وإما عن طريق الحطام، ولعل تعليماتى هى المسؤولة عن التحفظ الشديد فيما لدينا من التقارير.
 
قال جريتشكو بإصرار: «الحقيقة كما أراها أمامى، من واقع ما لدينا من المعلومات، لا تستدعى أية تحفظات، من المؤكد أنكم أسقطتم ست طائرات إسرائيلية، وأعتقد أنكم تظلمون رجالكم حين تقولون بإسقاط أربع طائرات فقط، إن رجالكم بالأمس قاموا بعمل عظيم.. هذا واقع لا شك فيه، ولست أرى داعيًا للتحفظ فى شأنه يا سيدى الرئيس». 
 
جاء هذا التطور كنتيجة مباشرة لإنشاء شبكة الصواريخ المصرية بمساعدة السوفيت، حسب تأكيد إنجى محمد جنيدى فى كتابها «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل 1967- 1970».. يؤكد «عوض» أن القيادات الإسرائيلية أصبحت فى حالة هيستيريا بسبب نجاح الشبكة الصاروخية المصرية الجديدة.
يعلق «هيكل» فى مقاله: «عندما يكتب تاريخ هذه الفترة من الحرب، فإن فصلًا من أهم الفصول سوف يخصص على وجه التأكيد لقوات الدفاع الجوى على الجبهة المصرية.. جماعة من الضباط والجنود..كلهم من الشبان ومعظمهم من المهندسين، وسوف يقول التاريخ إن جهدهم كان عظيمًا، وتضحياتهم كانت أعظم، ومناى لو يكون هناك ذات يوم، المؤرخ العسكرى الذى يستطيع تقييم دور هؤلاء الشباب من أبناء مصر، ووضعهم على مكانهم الصحيح فى مقام الخالدين الذين أدوا، عبر تاريخ طويل، دورهم فى يقين الأنبياء، وصمت الشهداء».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة