أكرم القصاص - علا الشافعي

د./ داليا مجدي عبد الغنى تكتب: الموت مرتين

الجمعة، 04 يونيو 2021 02:56 م
د./ داليا مجدي عبد الغنى تكتب: الموت مرتين د. داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الموت لا يأتي إلا مرة واحدة، هذا أمر طبيعي ومنطقي، فهو يزور الإنسان مرة واحدة من العمر، لذا فله هيبته التي لا يمكن أن يُنكرها أي إنسان مهما بلغ جبروته أو زادت قسوته، أو تُحاكي الناس بقوته.
 
ولكن أحيانًا يزور الموت الإنسان مرتين أو أكثر، والغريب أن هذا الأمر لا يحدث بسبب الحوادث أو الأمراض، لكن يقول: "لقد كُتِبَ لي عُمْر جديد"، بل يحدث وهو سليم وصحيح البدن، لا يُعاني أي أزمات صحية على الإطلاق.
 
فهل تذكرون مقولة الكاتب الكبير الراحل "أنيس منصور": "كي لا تموت مرتين لا تعود لمن خذلك"، فهذه حقيقة لا مراء فيها، فعندما يخذلك إنسان لأول مرة تشعر بأنك تموت، وهذه ليست كناية، فبالفعل تجد نفسك مُضطرب الوجدان، مذهول العقل، مُشتت الفكر، مكسور القلب، حزين النفس، مُضطرب الأنفاس، أعمى البصر، أبكم، أصم، تتوه منك الكلمات، وتتعثر الحُروف على لسانك، العبارات تخرج من فمك ثقيلة وغير مُرتبة، تشعر أنك تائه لا تعرف طريقك، ترى الوجوه ولا تُبصرها، تسمع الكلمات ولا تعيها، تسير الخطوات ولا تُدركها، تهزي كالمجانين، تأنّ وتصرخ كالطفل الرضيع، أحيانًا تزرف دُموعك بلا صوت، وكأن هناك ألف سجان يمنعونك من البكاء والنحيب، تخشى الناس ولا تثق في أيٍ منهم، تترك كل الأشياء حتى ما تُحبها منهم، تزهد كل الأمور حتى وإن كنت تتطلع وتطمح فيها منهم... تفقد كل حواسك في لحظات، رغم أن الطب يُؤكد لك أنك سليم مُعافى، لا تُعاني من أي شيء جسماني، تختلط لديك كل الأمور والمعاني والمفاهيم.
 
من الآخر، ستشعر أنك تموت موتًا حقيقيًا مُحتمًا، وللأسف، ستتكرر ذات الأحاسيس مرة أخرى، وربما بشكل أشد لو عُدت لمن خذلك، وخذلك مرة أخرى، وهكذا فمن الممكن أن يتكرر الموت في حياة الإنسان مرتين أو أكثر.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة