أكرم القصاص - علا الشافعي

أسطورة ظهور إنسان برأس حيوان.. حقيقة علمية أم خرافة

الأربعاء، 21 أبريل 2021 04:42 م
أسطورة ظهور إنسان برأس حيوان.. حقيقة علمية أم خرافة إنسان برأس حيوان
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى حديقة "كراتشى"  بباكستان أصبح كائن على هيئة جسد ثعلب ووجه امرأة، أهم أشهر المعالم السياحية، وصار هذا الكائن الغريب مزارا مثيرا للتساؤل، وكعادة البسطاء فى كل مكان أثيرت حوله الحكايات والأساطير، ولقبه الناس بـ "الثعلب البشرى" .
 
هذا الكائن الغريب صار قفصه وفقا لما نشرته "سكاى نيوز" مزارا لمن تريد معرفة مصير زواجها، والطلاب يقصدونه ليعرفوا أسئلة الامتحان والنتائج قبل صدورها، وأصبح المزار الأكثر جذبا للناس، فى محاولة للوصول إلى إجابة أو تفسيرعن حقيقة هذا الكائن.
 
راس انسان جسم ثعلب
راس انسان جسم ثعلب
 
الأمر نفسه تكرر فى تايلاند منذ عدة سنوات، حين عثر الناس على حيوان برأس كبير مثل الانسان تمامًا، وله أطراف وذيل البقرة، كما جاء فى عدد من المواقع العالمية من بينها "50pix"، فتوافد أهل القرية بأكملها لمشاهدة هذه الحالة النادرة، بل وقام كبار المدينة بوضع البودرة على الحيوان الميت ليتم اشعال الشموع آملا فى تطهير المنطقة من الارواح الشريرة التى جعلت مثل هذه الأخطاء الجينية تحدث بينهم، وذلك على حسب معتقداتهم القديمة بأن الاشباح تبدأ فى الظهور على الحيوانات والنباتات تمهيدا لظهورها على سكان المدينة.
 
الواقعتان السابقتان حققنا شهرة وجدل كبير، وصار السؤال الأكثر تداولا عند الناس هل حقا هو حقيقة يستطيع تحقيق أمانيهم وتطلعاتهم، وهل هو حقيقة أم مجرد أسطورة، وهل هناك حقيقة علمية تؤكد ذلك.
 
راس انسان جسد بقرة تايلاند
راس انسان جسد بقرة تايلاند
 
العالم كله والمصريون خصوصا ارتبطوا بأساطير الإنسان صاحب جسد الحيوان، فى حضارتهم هناك تجسيدا لذلك وفى حياتهم اليومية كثيرا ما تجد عبارة تقال بشكل ساخر "إنسان برأس حيوان".
 
الحقيقة أن الواقعتين الماضتين لم يكونا إلا أسطورة خلقها الناس، فالأولى كانت للممثل البارع "ممتاز البيجوم"، البالغ من العمر 33 عاماً، حيث انتهز مهنة أبيه الذى قام بتمثيل نفس الدور قبل 16 عامًا، ليؤدى تلك الوظيفة لمدة تصل إلى 12 ساعة يوميًا، ومع أن هذه الوظيفة غريبة من نوعها فإن مراد متحمس لها للغاية خاصة أنه يسعد الأطفال والزوار إذ يقول: رؤية ابتسامة الزوار وسعادتهم تشعرنى بالسعادة."
 
أما الثانية فلم تكن رأس إنسان على جسد حيوان، بل هو مجرد خطأ فى الجينات الوراثية، فى مولود وضعته بقرة بإحدى قرى تايلاند، مما تسبب فى خروج المولود فى شكل رأس أقرب للإنسان لكنها غير ذلك.
 
ربما الحضارات القديمة كانت أكثر اتصاقا مع الفكرة، فالحضارة الفرعونية بها الكثير من الرسومات والتماثيل التى تجسد إنسان برأس حيوان، لكن الحقيقة المصريين كانوا يقصدون من هذا التجسيد شيئا دينيا، الفراعنة يرسمون بهذا الشكل الآلهة، ونفس الآلة له أكثر من شكل حسب ظروف الرسمة بما يتناسب مع طبيعة الاله.
 
أنوبيس
أنوبيس
فهناك الإله "أنوبيس" هو تمثال بوجه كلب أو ذئب وجسم إنسان. ويرمز للموت عند قدماء المصريين، بحسب دائرة المعارف البريطانية. يأخذ "أنوبيس" هيئة حيوان ابن آوى، أحد فصائل الكلاب، إذ يظهر كتمثال رخامى أسود رابض أمام المقابر.
 
ولعل من الخصائص المميزة للآلهة المصرية كانت رؤوس الطيور والحيوانات التى جرى تجسيدها، فكان الاعتقاد السائد عند الفراعنة أن الآلهة يمكن أن تتجسد فى هيئة الفصائل المقدسة من الحيوانات تماما كقدرتها على التجسد فى التماثيل والأصنام، حسبما جاء فى دراسة على بمركز الفكر الغربى.
 
وانتشرت عقائد تقديس الحيوانات وازدادت شعبيتها بشكل كبير فى الفترة المتأخرة  (800 قبل الميلاد وما تلاها) حيث جرى خلال تلك الفترة تحنيط الكثير من الحيوانات المقدسة ودفنها فى مدافن مخصصة لها فى أماكن مقدسة فى أنحاء مختلفة من البلاد.
 
بتاح
بتاح
وقد انحصر التقديس فى حالات معينة فى حيوان محدد، مثل عجل "آبيس" الذى حظى بالتقديس عند الأله "بتاح"، وفى أخرى كان يشمل سائر أعضاء فصيلة محددة من الحيوانات، فقرد الرباح مثلا وطائر أبو منجل كانا حيوانين مقدسين عند الإله "تحوت"، فى حين كانت القطط هى الحيوان المقدس عند الآلهة "باستت".
 
تحوت
تحوت
 
ويوضح كتاب "أقاليم مصر الفرعونية" للكاتب محمد على، أن منطقة مقابر تونة الجبل، تحتوى مقابر للحيوانات كانت يقدسها المصريين، مثل جبانة الإله "تحوت" وهى عبارة عن مقابر قردة "البابون" وطيور الإيبيس وبيضها وهى الحيوانات المقدسة للإله "تحوت"، إضافة جبانة مدينة "هيرموبوليس" ومقبرة الكاهن "بيتوسريس" "بيتوزيرس" الكاهن الأكبر للإله "تحوت" وكبير الكهنة من العصر اليونانى، والتى ترجع إلى عهد البطالمة، وأهم ما يميز تونة الجبل، سراديب الإله "تحوت" وهى السراديب التى تمثل مجموعة ضخمة من الممرات المنقورة فى الصخر فى باطن الأرض والتى كانت مخصصة لدفن طيور أبو منجل المقدسة، وكذلك القردة بعد تحنيطها وهما رمزى الإله "جحوتى" وأغلب عمليات تحنيط هذه الحيوانات والطيور تمت فى عصرى البطالمة والعصر الرومانى، وكذلك الساقية الرومانية.
 
ابو الهول
ابو الهول
 
وهو ما أكده م الآثار المصرية الدكتور زاهى حواس فى أكثر من مقابلة تليفزيونية، حيث أشار إلى أن أبوالهول على خلاف ما قدسوا القدماء، إذ كانوا يُصورون مقدساتهم على صورة طائر أو حيوان، أما أبو الهول فقد صُمم برأس إنسان وجسد أسد، والأسد معروف عنه القوة، والنزاهة، وكل هذا الكلام يدل على معرفة القدماء بالحيوان قبل تصويره حتى يأتى رمز لهرمس الهرامسة بهذا الوجه الإنساني، إذن فهو إنسان، ورأس الإنسان يشير أنه عاقل، مفكر، لديه منطق وترتيب، عنده علم وتراكم معرفي، مضيفًا «عمرنا ما شفنا حيوان عمَّر الأرض».
 
قنطور
قنطور
كذلك الحال مع الحضارات الإغريقية والهندية القديمة، مثل أسطورة قنطور، وهو هو مخلوق أسطورى آخر نصف رجل ونصف حصان من الأساطير الهندية ، ظهر فى العديد من النصوص القديمة والفنون والمنحوتات من جميع أنحاء الهند، يظهر على شكل حصان بجذع رجل حيث سيكون رأس الحصان، ويشبه القنطور اليوناني، وهو يشبه أسطورة الحصان المجنح المشهور؛ هو أسطورة إغريقية، واسمه "بيجاسوس"، جاء فى الأساطير الإغريقية أنّ "إله البحر"، بوسيدون، قام بإنشائه من جسد ميدوسا، الفتاة الملعونة، بعد أن قطع البطل الأسطورى بيرسيوس رأسها"، وأنه "ما إن وُلد حتى طار إلى السماء"، كما جاء فى أسطورة أخرى: أنّ "البطل بيليروفون كان يمتطيه فى معركته مع الوحش الخيميرا"، وجاء فى موضع آخر؛ أنّ "بيليروفون حاول أن يصعد للسماء على ظهر بيجاسوس، لكنّ الآلهة غضبت عليه ومنعته".
 
المستذئب
المستذئب
 
كما يوجد أسطورة المستذئب، وهى أسطورة مشهورة، تشاركت شعوب عديدة الاعتقاد بها، وراجت بشكل خاص فى الفلكلور والحكايات الشعبية الأوروبية، وتتلخص بالاعتقاد بأنّ هناك من البشر من يتحول عند اكتمال البدر إلى مخلوق هجين ضخم، يجمع بين قامة الإنسان، ووجه الذئب، وشعره، ومخالبه، وأنيابه، يجوب الغابات والسهول بحثاً عن الضحايا من البشر تحديداً، وعند شروق الشمس يعود إلى حالته الطبيعية البشرية كإنسان.
 
بعيدا عن الحضارات القديمة، فأن العلم لم يذكر أى حالات مشابهة لمثل الحالات التى ذكرت سالفا، بينما يبقى هناك التصور العلمى عن تطور الإنسان، حيث تشير العديد من الدراسات أن الإنسان العاقل الأول المعروف باسم "هومو سابينس" ليس من فيصلة القرود الحية اليوم، لكننا نشترك معهم فى التحدر من أسلاف مشتركين.
 
لقد انحرف المسار الحيوى لتطور البشر عن مسار تطور الشمبانزى والغوريلا منذ حوالى ستة ملايين عام، وهذا الأمر يجعل من القرود أبناء عمومة بعيدين لنا منذ عصور قديمة، وليس من أسلاف مشتركين خلال العصور المتأخرة، على الرغم من تشابه الحمض النووى بيننا وبينهم بنسبة 90 فى المئة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة