أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

عبقرية مصر وحركة التنوير

السبت، 16 يناير 2021 12:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأهم في كتاب"عبقرية مصر:صفحات مضيئة من تاريخ التنوير"، للدكتور رامي عطا صديق، هو أن مصر صناعة المصريين، فبالرغم من دور الثقافات الوافدة في تعرف المصريين على أنماط جديدة من الحياة، لم تعهده من قبل.
 
مثل دور الحملة الفرنسية 1798 في تأسيس المجمع العلمي المصري، وغيره من الاكتشافات العلمية والأثرية، إلا أن رفاعة رافع الطهطاوي وغيره من المثقفين الذين تأثروا بالتنوير الفرنسي، قاموا بتمصيره وجعله رافدا من روافد الحضارة المصرية بكل تنوعاتها.
 
فكان اهتمام المصريين بترجمة المعارف والعلوم وآداب الشعوب الأخرى، سبيلا للتقدم وخروجا عن التبعية التي أرادها العثمانيون والفرنسيون و البريطانيون وغيرهم من الغزاة. ففي فصل بعنوان"العلم حياة الأمم"، يرصد الكاتب ويحلل افتتاح الجامعة الأهلية المصرية 1908. التي تغيرت إلى جامعة القاهرة، ويشير إلى أن تلك الجامعة نشأت بجهود رواد الحركة التنويرية مصطفى كامل، وقاسم أمين، وسعد زغلول واحمد لطفي السيد، وجورجي زيدان وآخرين. وتشير وثيقة نشرها الكتاب،إلى دور ميخائيل عبد السيد في الدعوة لإنشاء جامعة بأسلوب البلاد الأوروبية و الأمريكية. تضم المدرسة الطبية ومدرسة الحقوق والزراعة والمهندسخانة وغيرها.
 
يكشف كتاب عبقرية مصر ان الدعوة لإنشاء جامعة أسوان بدأ منذ عام 1949 على يد جريدة الصعيد الأقصى، لصاحبها عبد الكريم ناصر ومحمد مكي، لتوفير مشقة السفر والاغتراب، والانتفاع بمواهب اهل أسوان المهندسين ورجال التجارة والقانون و التعليم.
 
ورغم أن الأمنية لم تتحقق إلا عام 2012، إلا أنها ظلت من صفحات التنوير في صعيد مصر..يرتبط التنوير في مصر بالعمل الأهلي و المجتمع المدني وليس الخيري فقط، فقد عرفت مصر الجمعيات والمؤسسات الأهلية قبل الكثير من دول المنطقة، ولعبت الجمعيات الأهلية التي تصدرت قيادتها  المرأة المصرية دورا مهما في  بناء المدارس والمستشفيات ودور إيواء الفتيات وتعليمهن الفنون والصناعات اليدوية.
 
ومن بين تلك المؤسسات جمعية المرأة الجديدة 1919 ومبرة محمد علي، وجمعية تحسين الصحة، وسيدات الهلال الأحمر، وصديقات الطفولة، ورابطة نساء الشرق والغرب. و برصد كتاب الدكتور رامي عطا صديق تلك المساحة الهائلة من التنوع الثقافي الذي جعل الشوام والأرمن جزءا مهما من حركة التنوير في مصر، وعلامة على التسامح المصري مع مختلف الجاليات. فلم يقل أحد عن أدب وترجمات وفنون وصناعات الشوام والأرمن  إلا أنه مصري.. فقد كان هؤلاء مصريو الهوى والهوية. 
 
 ظلت جريدة الأهرام التي أسسها سليم وبشارة تكلا مصرية الثقافة، وظل إبداع أديب إسحق وجورجي زيدان، وآسيا وماري كويني و بديعة مصابني واسمهان وفريد الأطرش إبداعات مصرية. ولم يسأل أحد عن أصولهم وجذورهم إلا بعد سنوات من رحيلهم. إن إحياء تراث التنوير المصري وإعمال العقل واستخدام العلوم الحديثة، يتطلب الاهتمام بنشر الوعي وترسيخ قيم المواطنة بين الشباب، وزيادة الاهتمام بالترجمات وبرامج  التواصل مع الجامعات الأجنبية في مشاريع بحثية. .خصوصا في الطب والصيدلة والهندسة والصناعات التكنولوجية وغيرها.
 
وليكن ميراث التنوير دروسا من الماضي من أجل تطوير الحاضر وبناء المستقبل.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة