أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

فيروز.. ماكرون يراهن على الثابت الوحيد فى معادلة لبنان المتغيرة

الأربعاء، 02 سبتمبر 2020 04:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زيارة جديدة يقوم بها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى العاصمة اللبنانية بيروت، بعد أقل من شهر واحد من زيارته الماضية، والتى أعقبت انفجار مرفأ بيروت، لتمثل امتدادا جديدا لاهتمام باريس بالوضع فى لبنان فى المرحلة الحالية، فى ظل رغبته فى تحقيق موقع متميز فى النظام الدولى الجديد، والذى تصب كل المؤشرات إلى اتساعه ليشمل عدة قوى دولية حاكمة، بعيدا عن الأحادية التى هيمنت على العالم منذ نهاية الحرب الباردة، في ظل سيطرة الولايات المتحدة على مقاليد العالم، بعد إزاحة الاتحاد السوفيتى وتفتيته في بداية التسعينات من القرن الماضى.
 
لكن بعيدا عن صراع النفوذ على الساحة الدولية، فإن زيارة ماكرون لبيروت، تحمل فى طياتها رسائل جديدة، للعديد من الأطياف فى الداخل اللبنانى، خاصة وأن الزيارة لا تقتصر على أبعادها السياسية والرسمية، وإنما امتدت لجوانب أخرى، أبرزها زيارته للسيدة فيروز، والتى وصفها الرئيس الشاب بأنها "موعد على فنجان القهوة"، فى انعكاس صريح للهدف الرئيسى وراء الزيارة، والذى يقوم فى جوهره على إنهاء حقبة الانقسام التى سادت لبنان لعقود طويلة، منذ الحرب الأهلية، حيث ارتبط اللبنانيون منذ سنوات طويلة باحتساء قهوتهم الصباحية، والتي تمتزج بذلك الصوت الجبلى، الذى يضفى عليها حلاوة ربما تتوارى معه مرارتها.
 
ربما يأتى اختيار ماكرون للقاء السيدة الفيروز، فى مستهل زيارته للبنان، باعتبارها ليس فقط الصوت الحقيقى للبنان، وإنما أيضا الثابت الوحيد فى المعادلة اللبنانية المتغيرة، والتى لم يتوحد اللبنانيون على أى من عناصرها فى تاريخهم، أكثر من توحدهم وراء صوتها، ولم يجتمعوا على أحد، كما اجتمعوا على حبها، باختلاف أحزابهم السياسية وطوائفهم، وديانتهم، فتجاوزت مجرد كونها فنانة استثنائية في تاريخ لبنان بل والأمة العربية بأسرها، إلى رمز وطنى نجحت عبر صوتها الهادر في تحقيق ما فشل الساسة في تحقيقه.
 
وهنا يمكننا القول بأن قهوة ماكرون مع فيروز بمثابة ترجمة حقيقية للشعار الذى رفعه ماكرون خلال الزيارة، والتي تقوم في الأساس على تحقيق الإصلاح، في الداخل اللبناني، حتى تتمكن بلاد الأرز من التقدم إلى الأمام في المستقبل، في ظل الفشل الذريع للساسة، من مختلف الأحزاب السياسية، في تحقيق أي قدر من الالتفاف الشعبى، بينما فشلوا تماما في تحقيق تطلعات اللبنانيين في حياة أفضل، طالما نادى بها المواطنون منذ سنوات، وهو الأمر الذى تسعى باريس إلى رعايته في المرحلة المقبلة، لتحقيق الاستقرار هناك.
 
وفى الواقع، فإن زيارة ماكرون لـ"جارة القمر"، ربما تقدم رسائل مهمة، ليس فقط للداخل اللبنانى، وإنما للعالم بأسره، تدور حول رسالة الفن الحقيقية، والتي لا تقتصر على مجرد تقديم أعمال فنية تلقى إعجاب وإشادة الجمهور، وإنما تمتد لتحمل قضايا الوطن، خاصة إذا ما وضع الفنان على عاتقه هموم وطنه مثلما فعلت السيدة فيروز طيلة تاريخها الناصع البياض، منذ أن وضعت لنفسها خطا وطنيا، بعيدا عن أى انتماءات سياسية، فكانت القضايا الوطنية، وليست الرؤى الحزبية أو السياسية، هي شغلها الشاغل، فتغنت بهموم وطنها وأمتها، فغنت لبيروت، واستغاثت بباريس، عندما سقطت في براثن الحرب الأهلية قبل 4 عقود من الزمان، بل وتجاوزت وطنها إلى نطاق أرحب، فصارت تغنى للقدس ولم تنسى مصر، وسوريا، فكان صوتها داعما للأوطان، متجاهلا الساسة، وأصحاب المصالح.
 
ماكرون، فى لقائه مع السيدة فيروز، ربما يبحث عن السبيل لتوحيد اللبنانيين، في استجابة لندائها الذى أطلقته قبل 41 عاما، على مسرح "الأولمبيا" بالعاصمة الفرنسية، عندما قدمت أسطورتها الغنائية "باريس يازهرة الحرية"، والتي كانت بمثابة صرخة حقيقية من "صوت لبنان" الحقيقى، إلى فرنسا، لإنهاء الانقسام والحرب بين الطوائف اللبنانية، والتي استمرت لأكثر من عقد، أكلت خلاله الأخضر واليابس، بينما مازالت تداعياتها قائمة حتى الآن.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة