أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

نفحات الشيخ البرعي في مصر المأمنة بأهل الله

السبت، 12 سبتمبر 2020 01:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في دار السودان بالقاهرة كانت لنا ذكريات جميلة بين المكتبة التى تحتوى على كتب ومجلات نادرة، وبين قاعة الندوات والتي تستخدم أيضا للأفراح والمآتم ومختلف المناسبات، لكن أهم ما يميز الدار التي تجمع كل السودانيين من مختلف أطيافهم، أغنية "مصر المأمنة" التي كانت تملأ المكان " يَا صَاحِ أمَنَّا لِزِيَارَة أمَنَّا. مِصْر المأمنة بِأَهْل الله". وهو أوبريت من تأليف سماحة الشيخ عبد الرحيم البرعي (1923-2005)، أحد أقطاب الحركة الصوفية بالسودان وشيخ الطريقة السمانية، الكائن مسجده بمنطقة الزريبة، حيث الخلوات والفيوضات الروحانية.. كان الشيخ البرعي مولعا بمصر ومشايخها فكتب تلك القصيدة وهو مريض بالسودان يعالج بالمستشفى العسكري، مشتاقا لزيارة مصر وغناها مع الفنان السوداني الكبير شرحبيل، الفنانين المصريين على الحجار وإيهاب توفيق، وظلت تلك الأغنية رائجة تقدم في المهرجانات والاحتفالات، وينهل من فيوضها العارفون بعمق العلاقات المصرية السودانية.

 

دفعتني "مصر المأمنة" لقراءة تراث الشيخ البرعي وقصائده الصوفية، ومنها قصيدة "أحسن لمن عداك ومن يحبك"، والتي تحث على الإحسان لكل إنسان صديقا كان أم عدوا لك، استلهاما من النص القرآني الحكيم، "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ: (الصافات: 34).

آمن الشيخ البرعي بسداسية الإمام الشافعي:

‏أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ /سأنبيك عن تفصيلها ببيانِ

ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبُلغةٌ/ وصحبةُ أستاذٍ وطولُ زمانِ، فالإنسان الذكي هو الذي يفهم العلم والبليد لا يبلغ مكنون العلم اللادني، وكان يؤمن بأهمية الوقت في حياة الإنسان وأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وأن طالب العلم لا بد له من شيخ أو أستاذ، فمن ليس له شيخ فشيخه الشيطان.

كانت سيرة الشيخ البرعي ممتدة مملوءة بالمحبة والصفاء والتواضع وتربية المريدين على السمو الروحي والترفع عن الصغائر والتحلي بالرحمة والرأفة والإنفاق والتصدق على الفقراء، مؤمنا بحديث النبي الذي رواه أبو أمامة الباهلي "داووا مرضاكم بالصدقات" أي أن الإحسان للفقراء والمساكين، والتصدق عليهم قد يكون سببا في شفاء المريض، دون الاستغناء عن الذهاب للأطباء. وكان يؤمن بأن في ذكر الله منفعة للأرواح وتهذيبا للنفوس، وأن الإنسان يجب أن يتداوى من الذنوب أي الأمراض النفسية وصحتها الطاعة والذكر، حتى لا تصدأ القلوب كما يصدأ الحديد. وهناك آداب للذكر أي اتباع العارفين في أقوالهم وأفعالهم، وأن الذكر الخفي اقتداء بقوله تعالى في الحديث القدسي "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي" أو الذكر بالقلب، أو باللسان، فلكل جعلنا شرعة ومنهاجا.   

رحم الله الشيخ البرعي صاحب مصر المأمنة، و نفعنا بتراثه الصوفي وآثار المتصوفة في بناء الإنسان وإعلاء القيم الروحية في زمن المادية المفرطة.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة