أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

جرائم الإهمال والتقصير في مجتمعات الإسلام السياسي

الجمعة، 07 أغسطس 2020 05:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن المثل الشعبي الدارج "بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم"، إلا تعبيرا عن خطورة جريمة الإهمال والتقصير في حق الفرد والمجتمع، لما يترتب عليها من أضرار فادحة بالأنفس والأموال وغيرهما

ومن يطالع الأخبار الواردة في تفجيرات هنا وهناك وكوارث من صنع البشر، ووجود معلومات تشير إلى إهمال ولامبالاة، في مجتمعات يشكل الدين أساسا لبنية تلك المجتمعات وطبيعة تكوينها السياسي والاجتماعي والديمغرافي.   

بالرغم من أهمية ومكانة الدين في تلك المجتمعات، إلا أنها متناقضة في عدم تنفيذ مقاصد الشرائع والمبادئ السامية للأديان، بسبب التناحر والتنافس السياسي.

تضمن مفهوم الإهمال كما- يشير جواد البهادلي، معاني سلبية للامبالاة وعدم الانضباط وعدم الالتزام، والتفريط وعدم الاعتناء، وهو مصطلح يعني السلوك السلبي، الناشئ عن إخلال الجاني بواجبات الحيطة والحذر، التي تفرضها قواعد القانون أو الخبرة الإنسانية، وكان بإمكانه الحيلولة دون حدوثها".    

بَيَّنَ الْفِقْهِ الإسلامي خطورة الإهمال في حفظ المال العام، وشدد من عقوبة مرتكبها، فردا كان أم مجموعة من الأفراد. وجعلها تتساوى مع جرائم البغي والفساد في الأرض، ويشير الدكتور عبد الله النجار في دراسته عن حماية الصالح العام للدولة في التشريع الإسلامي، إلى أن حفظ الحق العام في ثقافة البعض لا يكون إلا للمال الخاص، أما المال العام فهو سائب لا يخص أحدا بعينه من الناس، وإنما يخص شخصا مفترضا هو الدولة أو دواوينها أو مرافقها العامة، ومن ثم تجد هذا المال في تعرض دائم للاستهانة به، والاستهتار في التعامل معه، مما يؤثر على الصالح العام، ويتطلب عقوبات رادعة لكل من يتورط في ذلك “.

وَتَبَيَّن الدِّرَاسَة أن الإهمال في الحفاظ على المال العام، فيه إهدار لحقوق الأجيال القادمة، لأن الترف أو الإسراف أو ضياع ذلك المال بالسبب في كوارث بشرية مدمرة، يحتاج إصلاحها لميزانيات أخرى، ثم تترك الأجيال القادمة للضياع، فتضيع بضياعهم مصالح البلاد والعباد.

ومن أهم التدابير الشرعية لحماية الحق العام، إقرار جملة من العقوبات التي تتواءم في طبيعتها وقوة ردعها مع قوة المصلحة التي تحميها، فإذا كانت المسؤولية في مجال الحق الخاص، يعنى مال وممتلكات الفرد، لا تخرج عن التعويض المدني، المحكوم بقدرة المسؤول على القيام به، أو الانتظار إلى حين ميسرة، فإن المسؤولية في مجال الحق العام جنائية، تتخذ اسما يليق بخطورتها وهو الغلول، الذي يمثل جريمة استيلاء ترد على حق عام أو حق من حقوق الله تعالى، إضافة إلى جرائم البغي والفساد في الأرض. والغلول تعني الخيانة وسرقة المال العام، سرقة عهدة أسواء كانت أموالا أو بضائع أو أية أشياء مادية أو عينية، ولو كانت كتابا معارا، وإذا كان النص القرآني خاطب نبي الإسلام محمد(ص) بقوله:" وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (آل عمران:161)، فما بالنا بعامة الناس من غير الأنبياء والرسل؟ كما توجه الخطاب القرآني لأولي الأمر من مسؤولين بقوله: "إَّن اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ". (النساء:58) وعن الحسن: أن نبيّ الله (ص) كان يقول: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك.

إن الإهمال والتقصير والتسيب جرائم كبرى، يجب مواجهتها وفضح من يقف وراءها، فما بالنا بجماعات وحركات تتخفى حول عباءة الدين.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة