القارئة نهى حمزة تكتب: رحلتى بين جبال الهجرة

الثلاثاء، 25 أغسطس 2020 10:00 م
القارئة نهى حمزة تكتب: رحلتى بين جبال الهجرة هجرة الرسول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يحتاج قلمى لكثير من تأملى واسترجاع الذكريات كى أكتب عن هجرة الحبيب، ما ينحاز له قلمى فى هذه السطور هو الرؤية الفلسفية العميقة عن هجرة سيد الخلق نبينا الكريم.. محمد صلوات ربى وسلامه عليه، أتكلم عن حدث وذكرى.. الحدث كبير يحمل تحولات ذات دلالات ومعانى... فقد شكل منعطفا وتحولا هو الأبرز فى تاريخ الإسلام والمسلمين.. فالإسلام والرسالة السماوية نزلت على رسولنا الكريم وهو فى مكة وسط عتاة الجاهلية وعمالقة قريش بكل جبروتهم وقوتهم، شاء الرحمن لرسوله أن يهاجر برسالته من مكة إلى المدينة، وهاجر الرسول ناقلا الإسلام كعقيدة وفكر جديد إلى معترك التدافع الحضارى بين الأمم الكبيرة التى وجدت فى هذا العصر.

كانت هجرته بمثابة تطور فكرى ومجتمعى ألزمه الله به، وقد بدأ الرسول بوضع اللبنة الأولى لدولة صارت فيما بعد مترامية الأطراف قوية مؤثرة فى الحضارة الإنسانية.

وهنا يجدر بى أن أذكر عندما كنت أغادر مدينة مكة بعد أن انتهيت من أداء مناسك الحج متوجهة إلى المدينة المنورة التى تعددت أسماؤها بين (يثرب، طيبة، مدينة الرسول، مدينة الأنصار) وكانت وسيلتنا للرحلة مركبة حديثة مكيفة ومريحة تسير وكأنها تحاول أن تشق هذه الجبال أو بالفعل شقت الجبال لتجد مركبتنا طريقا تسير فيه وبصحبة بعض من أفراد أسرتى وشقيقتى (رحمة الله عليها)، انشغلت معظم الوقت بالنظر يمينا ويسارا على جبل أشم وآخر صامت يذكرنى بقوله تعالى.. (والجِبَالَ أَرْسَاهَا)، (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً)، (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) كل هذه الآيات تداعت الى رأسى لتذهلنى.. كيف سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الدرب الوعر ولا طريق شق ولا مهد للسير فيه.. راكبا ناقته يحمل زادا يقينيا برسالته السماوية التى خصه بها رب العالمين تاركا خلفه أهله وبلده يرافقه الصديق، وجهتهم ما أمر به الله.

علت روحى وتسامت فوق كل حوارات المرافقين.. أتخيل كيف واصل الرسول رحلته ومسيره فى هذا الحر القائظ ووعورة الطريق وخلوه من ظل أو شجرة.. فعلى امتداد البصر لا ترى إلا جبالا تخفى وراءها صحراء قاحلة قد ترى بعض الشجيرات الصغيرة جدا التى صارت كالحطب من شدة الشمس وحرارة المكان وانعدام المياه.

ظللت طوال الرحلة التى استغرقت ساعات منشغلة بفلسفة الرسالة التى صدقها نبينا الكريم وحملها بكل أمانة متحملا من الصعاب والمشقة الكثير مهاجرا بها لا لنشرها مجردة.. بل بكل ما تحويه من حداثة وفكر جديد وعلى أساسها تم بناء مجتمع حضارى يكون هو اللبنة الأولى للدولة المنظمة التى تحكم بمنهج ودستور.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة